تستعرض سلسلة تقارير "5 قوى من أجل المستقبل" الصادرة عن شركة "وولترز كلوير" (Wolters Kluwer) تصوراً جديداً للرعاية الصحية وسبل التخفيف من نقاط الضعف وعدم الربط المنهجي التي ظهرت آثارها خلال الجائحة من أجل غد مشرق. يمكنك قراءة المقال وتنزيل السلسلة كاملة من هنا.
استدعت الاستجابة لجائحة "كوفيد-19" ضرورة مواصلة الابتكار ومواكبة المستجدات على الساحة فيما يخص طريقة تقديم الرعاية في الخطوط الأمامية في شتى المناطق الجغرافية وعبر مختلف مراحل سلسلة الرعاية. فكان لا بد من إعادة النظر في كيفية تقديم معلومات موثوقة للأطباء وإرشادهم خلال مسارات صناعة القرار في مجال الرعاية الصحية، وإعادة تدريب العشرات من العاملين في القطاع الذين أعيد توزيعهم، والعمل في الوقت ذاته على سد الفجوات بين ما كانوا يواجهونه على أرض الواقع وما تشير إليه المعلومات الحالية.
لقد وصلنا إلى ما وصلنا إليه بسبب هذه الأزمة الرهيبة، لكن أمامنا اليوم فرصة غير مسبوقة لاغتنام هذه اللحظة الفارقة لإصلاح ما انكسر وما لم نستطع إنجازه بالسرعة الكافية لعدد كافٍ من الناس. وهذه القوى الخمس، التي يشكِّل كل منها بمفرده قوة جبارة للتغيير، ضرورية للتعامل مع المستقبل. لكن إذا استطعنا الجمع بينها، فيمكننا حينئذ إحداث تحوّل جذري على مستوى منظومة الرعاية الصحية، هذا التحوّل الذي لم نرَ منه حتى الآن سوى بصيص ضئيل.
رعاية افتراضية تصل إلى من هم أكثر عرضة من غيرهم
أدت جائحة فيروس كورونا إلى تسريع وتيرة انتشار الرعاية الافتراضية واعتمادها بشكل كبير. فقد اضطرت مؤسسات الرعاية الصحية تحت ضغط الضرورة الملحة وبدافع التركيز على أولويات السلامة الصحية إلى اعتماد نماذج لا تتقيد بوجود منشآت أو مبانٍ طبية بمفهومها التقليدي. ومن هنا أدرك قادة مؤسسات الرعاية الصحية أثر الرعاية الافتراضية على إدارة الحالات المزمنة بصورة أفضل وبطريقة توفر إمكانية الوصول إلى خدمات الرعاية لشريحة أوسع من المرضى.
الشفافية والثقة هما الركيزتان الأساسيتان للمعلومات الآنية الموثوقة
يحتاج الأطباء في الغالب إلى نصائح علاجية يمكنهم الوثوق بها، وهو ما لم يتوافر بعد في الأدبيات الموثّقة. ولا أدل على ذلك مما حدث إبان جائحة "كوفيد-19" حينما أدت آليات العمل المستحدثة إلى تسريع دورة نشر المعلومات الموجهة إلى الأطباء، والإسهام في توجيه قراراتهم المتعلقة بالرعاية الصحية، وسد الفجوة بين ما يواجهه الأطباء على أرض الواقع وما تتوصل إليه الأبحاث الجديدة.
ويستند نهج التحسين الحقيقي من خلال أفضل الأدلة الآنية إلى الأبحاث الجديدة ووفرة الإنتاج الفكري المستحدث لتسخير المعلومات المستخلصة بوتيرة سريعة، ومواءمة الرعاية وفق أفضل الممارسات، بل والعمل كنظام إنذار مبكر للمخاطر التي تهدد الصحة العامة.
الذكاء الاصطناعي يدعم المراقبة بالسرعة القصوى
ظلت أنظمة المراقبة الطبية لسنوات تقدم تحديثات للمرضى وتقدم للأطباء والمسؤولين تنبيهات علاجية آنية في الوقت الحقيقي، ولكن مع توجيه كل التركيز إلى حالات محددة عادة. تتوقف إمكانية تحقيق أقصى استفادة ممكنة من أنظمة المراقبة على التوسع الشامل في استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي وتحسينها باعتبارها إحدى أحدث الأدوات المتاحة في ترسانتنا.
وقد أثبت الذكاء الاصطناعي في البيئات الطبية الحقيقية أنه يمتلك قدرة مذهلة على التنبؤ بالعدوى المكتسبة في المستشفيات، مثل تعفن الدم. وبمقدور الأنظمة الصحية استخدام المراقبة الطبية المدعومة بالذكاء الاصطناعي للوقوف على كم كبير من الحالات الصحية الحادة والمزمنة وتشخيصها بشكل أسرع وبدقة أكبر من أي وقت مضى. يسمح هذا الأسلوب للأطباء بتحديد المرضى المعرضين للخطر في مراحل مبكرة حتى يتمكنوا من اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة، وهو ما يؤثر بشكل كبير على نتائج المرضى وتكاليف علاج العدوى المكتسبة في المستشفيات، خاصة تلك التي تمثل خطراً داهماً على المرضى.
يمتلك الذكاء الاصطناعي إمكانات واعدة في التخصصات الطبية التالية:
- داء السكري بنسبة 66%.
- مرض السرطان بنسبة 63%.
- أمراض الجهاز العصبي بنسبة 56%.
- الأمراض المعدية بنسبة 46%.
- أمراض القلب بنسبة 63%.
الاستعداد لتحويل قوة العمل في قطاع الرعاية الصحية
أجبرت جائحة فيروس كورونا الأنظمة الصحية على الاستعانة بالأطباء حديثي التخرج والأطباء المتقاعدين منذ عهد قريب والأطباء المقيمين خارج مدنهم على وجه السرعة، وإعدادهم للتحولات الجذرية التي شهدها مجال العمل. وازدادت الأدوار المنوطة بهم في ظل ازدياد مسؤوليات فرق العمل والمسؤوليات التي لا تحتاج إلى تخصصات دقيقة، بالإضافة إلى المزيد من الأدوار الافتراضية والأدوار التي تعتمد على البيانات.
ويجب أن تواكب الاستراتيجيات المستقبلية لقوة العمل أحدث التطورات. وسيكون التحدي الماثل أمامها هو تصميم نماذج جديدة تعزز البقاء على رأس العمل والتطوير المهني والرعاية الذاتية المجددة للنشاط، فضلاً عن المجالات الجديدة تماماً مثل تعليم المهارات الشخصية التي تزداد أهميتها في ظل وجود خيارات جديدة لأداء العمل ونماذج مستحدثة للرعاية.
مفتاح التغيير بكافة أشكاله: القدرة المطلقة على الوصول إلى البيانات الصحيحة
أثبتت جائحة "كوفيد-19" ضعف الروابط بين الصحة العامة والإعدادات الطبية، ولكنها أثبتت أيضاً وجود طريقة لتقوية هذه الروابط على جناح السرعة. ويمكن القول إن كل مبادرات التغيير في قطاع الرعاية الصحية خلال العقدين الماضيين كانت تهدف في المقام الأول إلى تحسين البيانات الصحية وتنسيقها، إلا أن الكثير من البيانات الأساسية ظلت معزولة أو غير منظمة أو متضاربة أو مملوكة حصراً لجهات معينة دون الإفصاح عنها حتى الآن.
وقد أفضت الأزمة إلى دحض معظم الآراء المناهضة لهدم الجدران التي تفصل بين البيانات بحجة الحفاظ على الخصوصية والأمن والصحة العامة باعتبارها أولويات لا يمكن التنازل عنها. وتدعم القوانين هذا الزخم لأنها تجعل أصحاب المصلحة مسؤولين عن قابلية التشغيل البيني. ولكن البيانات تعتبر كالدماغ والجهاز العصبي المركزي الذي يوجه عملية صناعة القرار، لذا يجب علينا أولاً توسيع نطاق الوصول إلى البيانات خارج الأطر التقليدية لمرضى الأقسام الداخلية والعيادات الخارجية بالمستشفيات.
ويوفر الذكاء الاصطناعي أنسب السبل لدمج البيانات الجديدة على وجه السرعة، حيث يتيح اتساع نطاق الوصول إلى البيانات سهولة التفاعلات الوثيقة عبر منظومة الرعاية الصحية. في المقابل، يمكننا تحسين تنسيق الرعاية الصحية بشكل كبير والاقتراب من نموذج يتمحور حول المريض قولاً وفعلاً.