تعرفوا على تجربة “تصميم الأيام الشهرية المميزة” في عصر العمل الهجين

7 دقائق
العمل الميداني
ويست إند61/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: إذا أردت لم شمل الموظفين في المقر الرسمي للعمل، لفترة من الوقت أو طوال الوقت أو في أي وقت، فعليك أن تضع خطة لتصميم يوم لا يريد الموظفون تفويته. ومن الأهمية بمكان، على أقل تقدير، أن تتوخّى الدقة في كيفية التخطيط لأيام العمل في المقر الرسمي لشركتك، ليس فقط من خلال إضافة الحافز، ولكن أيضاً من خلال جعل الأمر يستحق وقت موظفيك وشركتك. وتستعرض كاتبة المقالة خبرتها في العمل لدى شركة متخصصة في تصميم “الأيام الشهرية المميزة” للعمل حضورياً، وتقدم 3 عناصر للنجاح في العمل الميداني.

 

هل تتذكر العمل خارج المقر الرسمي للشركة؟ تلك الأيام التي كنا نلتقي فيها مرة واحدة كل سنة، أو ربما مرة كل ربع سنة، من أجل دراسة الخطة التفصيلية لاستراتيجية العمل، حيث ننشئ مسرحاً خشبياً نتدلى عليه بالحبال وننهمك في دراسة أساليب التطوير المهني، ثم نتسكع في المكان ونتعرف على زملائنا وعملائنا؟ في حين أننا كنا نحب هذه التجمعات ونتطلع إليها في الأيام الخوالي، فإن الكثير من الموظفين لا يريدون القدوم إلى المكتب هذه الأيام، ولا الذهاب إلى الأماكن المفتوحة خارج المقر الرسمي للشركة.

إذا أردت لم شمل الموظفين في المقر الرسمي للعمل، لفترة من الوقت أو طوال الوقت أو في أي وقت، فعليك أن تضع خطة لتصميم يوم لا يريد الموظفون تفويته. ومن الأهمية بمكان، على أقل تقدير، أن تتوخّى الدقة في كيفية التخطيط لأيام العمل في المقر الرسمي لشركتك، ليس فقط من خلال إضافة الحافز، ولكن أيضاً من خلال جعل الأمر يستحق وقت موظفيك وشركتك.

ومنذ الأيام الأولى للجائحة، كنت أدخل في شراكة مع الرؤساء التنفيذيين وكبار قادة الموارد البشرية لمساعدتهم على تنفيذ الأعمال الإدارية، بل والازدهار خلال هذه الحقبة المشوبة بالاضطرابات. ومع إعادة فتح المقرات المكتبية ببطء، طلب مني بعض القادة مساعدتهم على تصميم أيام العمل “الميداني” حضورياً من أجل لمّ شمل فرقهم بطرق جديدة ومؤثرة في بيئة العمل الهجين.

وقد حصلت على إذن من روبن دانيلز، الشريك الإداري في شركة “إي أيه ماركتس” (EA Markets)، لنشر تفاصيل عملنا معاً عندما تم تكليفي بمساعدة الشركة على تصميم “الأيام الشهرية المميزة” للعمل حضورياً. ويمكن أن تسهم تفاصيل دراسة هذه الحالة في توجيه قادة الشركات، أياً كان القطاع الذي تعمل فيه وأياً كان حجمها، لاستغلال مواردها بأفضل طريقة ممكنة عند إقدامها على تصميم تجارب العمل حضورياً مع أخذ عنصر “العائد على الاندماج” في الحسبان.

إذ يُعد العمل الميداني إحدى الطرق المهمة للاستثمار في اندماج موظفي شركتك. ويمكن أن تكون لهذا الاستثمار آثار إيجابية على المحصلة النهائية لأعمال الشركة، ولكن لا يتم تصميم كافة أشكال العمل الميداني بصورة متساوية. ونورد فيما يلي 3 عناصر تسهم في نجاح تصميم العمل الميداني:

مراعاة القيم في تصميم العمل الميداني

يجب أن يكون الهدف النهائي لكل ما يفعله القادة هو التمسك بقيمهم، كأفراد بالطبع، ولكن مع مراعاة قيم شركاتهم أيضاً. وينطبق الأمر نفسه على تصميم العمل الميداني. ومن المهم أن تتعرّف على الفارق بين قيمك النظرية والعملية، ويُعد العمل الميداني طريقة رائعة لفعل ذلك.

وقد قرّر دانيلز خلال الجائحة التخلص من الحيز المكتبي للشركة وتطبيق أسلوب “العمل من أي مكان”. لكنه كان يعلم أن موظفيه ما زالوا بحاجة إلى بعض الوقت للعمل حضورياً، حتى يستطيعوا إكمال المهمات الموكلة إليهم والإبداع في عملهم والتواصل فيما بينهم. وتوصلت شركة “إي أيه” إلى أن حل هذه المعضلة الشائعة هو استخدام طريقة “الأيام الشهرية المميزة” التي تُقام في حيز مكتبي مستأجر.

وعندما تحدثنا عن كيفية تصميم البنية الهيكلية لهذه الأيام، أوضح لنا دانيلز القيم المهمة للشركة، وبذلك عرفتُ كيفية تصميمها بطريقة تتسق مع قيم شركة “إي أيه”.

كان دانيلز قد أشار، على وجه التحديد، إلى أهمية الصحة والثروة والنمو باعتبارها أهم 3 محاور يجب التركيز عليها في أثناء انتقال الشركة إلى طريقة جديدة للعمل. ومن هنا عملنا معاً على تقسيم محتوى هذه الأيام المميزة إلى الفئات الثلاث التالية:

  • الصحة، وتتضمن وجود خيارات مرنة للعمل المكتبي والانتقالات وبناء الفريق، بالإضافة إلى الاهتمام برفاهة الموظفين.
  • الثروة، وتشمل عقد اجتماعات بين التخصصات المختلفة وجلسات تنظيم مراحل العمل ووجبات الغداء والفعاليات الجماعية.
  • النمو، وهو الوقت المخصَّص للتطور الشخصي والمهني.

ومن خلال تحديد هذه الأهداف المستندة إلى القيم في وقت مبكر، تأكدنا أن تصميم “اليوم المميز” يتسق مع الفكرة الأساسية لرسالة الشركة.

وعندما تفكر في تصميم الأيام التي تمارس فيها العمل حضورياً، احرص على إجراء اختبار “مفترق الطرق”. فعندما تواجه قراراً، مثل: هل يجب أن نحضر في تمام الساعة 8 صباحاً، أو يمكننا أن نسمح للموظفين بالمجيء تباعاً في الوقت المناسب لكلٍّ منهم؟ وهل يجب أن نتناول الغداء معاً؟ وهل يجب أن نبقى لوقت متأخر لحضور حفل مصغَّر؟ وما إلى ذلك، فاسترشد بقيمك لكي تتعرَّف على المسار الذي يجب أن تسلكه. وإذا وجدت أن قيمك لا تسعفك في توجيه هذه القرارات، فربما كان حرياً بك أن تعيد النظر فيها من جديد. وإذا وجدتَ أن القيم تفيدك في هذا السياق، فاحرص على الاسترشاد بها في أثناء اتخاذ كافة القرارات التي يتعين عليك اتخاذها.

تعامل مع التطوير المهني باعتباره مسألة شخصية

يريد كل الموظفين أن يحققوا النمو في عملهم، وظيفياً وفنياً ومهارياً. ويريدون أن يتأكدوا أن الطريق مفتوح أمامهم للترقي في المناصب، ويخشى الكثيرون منهم أن يؤدي العمل عن بُعد إلى حرمانهم من فرص عدة للحصول على الترقيات.

ويُعتبر التطوير المهني أمراً بالغ الأهمية لوقف موجة الاستقالة الكبرى. فقد توصل استقصاء أُجري مؤخراً وشمل أكثر من 2,000 موظف إلى أن 92% منهم يعتقدون أن تحقيق التطوير المهني أمر مهم أو بالغ الأهمية. ليس هذا فحسب، ولكن الموظفين الذين يحصلون على فرص التطوير المهني يكونون أكثر اندماجاً بنسبة 15% ويفضلون البقاء على رأس العمل أكثر من أولئك الذين لا يحصلون عليها بنسبة 34%.

وقد عملنا في شركة “إي أيه” على تصميم “الأيام المميزة” على نحو يمزج التطوير المهني في هيكل اليوم بالطريقة الصحيحة. ولا يمكن اعتبار النمو فكرة لاحقة أو شيئاً لا يمكن للموظف فعله إلا في وقته الخاص، لذا حرص الموظفون خلال جلسة العمل على توليد الأفكار التي تضمنت: التعلم خلال تناول الغداء، وإجراء مقابلات شخصية مع كبار القادة حول مساراتهم المهنية، وجلب متحدثين خارجيين، واستضافة نوادي القرّاء.

وعندما تشرع في إنشاء موقع العمل الميداني، ابدأ بتحليل فرص التطوير المهني التي تتيحها شركتك حالياً والأطراف القادرة على الاستفادة منها. فقد انخفضت فرص المشاركة بعد أن تشوشت ظروف الموظفين، ولم يعودوا يرغبون في إضافة المزيد من الأعباء إلى أيامهم الطويلة بالفعل. وهذا هو بالضبط السبب وراء الحاجة إلى جهود التطوير المهني في موقع العمل أكثر من أي وقت مضى. ولإعادة تدوير العجلة مرة أخرى، احرص على تخصيص وقت محدَّد كل أسبوع أو شهر يتوقف فيه الجميع لبعض الوقت وينخرطون في أنشطة التطوير الشخصي أو المهني. يمكن أن تتمثّل هذه الأنشطة في نشاط مشترك أو تخصيص ساعة لدراسة مادة من اختيارك. المهم أن يتعلم الجميع على مدار الساعة.

اعتمد على الطقوس المشتركة أو أنشئ طقوساً جديدة

يمكن استغلال الطقوس، مهما كانت بساطتها، في لمّ شمل الموظفين بطرق سحرية. وتعتبر الطقوس ذات أثر قوي في العمل بسبب ما أسميه العوامل الأساسية الثلاثة؛ فهي تُزيد من الشعور بالأمان النفسي والإحساس بالغرض، ما يؤدي بدوره إلى رفع مستوى الأداء.

تجدر الإشارة هنا إلى أن لدينا جميعاً طقوساً روتينية، ولكن قد يكون من الصعب ملاحظتها بوضوح. وأحب أن أعرّف الطقوس بأنها شيء نؤديه دون سبب عملي وبإيقاع منتظم. على سبيل المثال: غالباً ما يلتقي الموظفون لتناول الغداء معاً. قد لا يُصنّف البعض بالضرورة هذا السلوك ضمن الطقوس، لأن الجميع يأكلون الطعام في كل الأحوال. ولكن عندما يبدأ أعضاء الفرق في تغيير جداول مواعيدهم للالتقاء في وقت محدد، ويتناوبون على طلب الوجبات من القائمة نفسها، ويشعرون بالخسارة عند تفويت وجبة غداء، يتحول هذا السلوك إلى طقس اعتيادي. وتساعدنا الطقوس على الشعور بأنفسنا كبشر وبأننا جزء من مجموعة.

وقد أردتُ أن ينظر الموظفون في شركة “إي أيه” بعين التقدير لطقوسهم، حتى يتمكنوا من حمايتها والمداومة عليها خلال “الأيام المميزة”. لذا طرحت عليهم هذا السؤال المهم: متى يشعر الموظفون بأنهم جزء لا يتجزأ من شركة “إي أيه”؟

ومن المثير للاهتمام أن غالبية الموظفين توصلوا إلى الإجابة نفسها. “لقد شعرنا على مدار الواحد والعشرين شهراً الماضية بأننا جزء لا يتجزأ من شركة “إي أيه” خلال اجتماعنا صباح يوم الخميس في الساعة 9 صباحاً”.

وكان أول ما خطر على بالي آنذاك: “يا للعجب! ما الذي يحدث صباح يوم الخميس؟”.

وقد اتضح لي أن موظفي شركة “إي أيه” كانوا يلتقون دائماً في الساعة 9 صباحاً لمناقشة حالة العمل. وبعد أن طبّقت الشركة نظام العمل عن بُعد، حوّل دانيلز اجتماع يوم الخميس من التركيز على سير العمل في الشركة إلى التركيز على العلاقات بين العاملين في الشركة. حيث يدور اجتماع يوم الخميس حول سؤال واحد لكسر الجمود، مثل: “إذا كانت لدى شركة ’إي أيه‘ تميمة، فماذا ستكون؟” أو “كيف نتخلص من الضغوط بعد يوم حافل بالتوترات؟” أو “أخبرونا عن شيء سار على ما يرام هذا الأسبوع”. ووفقاً لما جاء على لسان بيرلا بيرنشتاين، رئيسة موظفي شركة “إي أيه”، فقد أصبح هذا الوقت المشترك الذي يقضونه معاً من الطقوس المهمة التي يتعرّف فيها الموظفون بعضهم على بعض ويتواصلون كأصدقاء وينهون أسبوع العمل بطريقة مبهجة. بعبارة أخرى، يمكن اعتبار مثل هذا الوقت البسيط نوعاً من الغِراء الذي يربط بين الأفراد.

وقد ناقشنا كيفية الاستعانة بـ “الأيام المميزة” لإتاحة فرص لخلق طقوس جديدة (أصبح “اليوم المميز” نفسه طقساً اعتيادياً). وشددتُ على أهمية الحفاظ على اللقاء المعتاد صباح يوم الخميس لكسر الجمود، هذا اللقاء الذي بدا من الواضح أنه قد تحوّل إلى وقت مهم خلال الأسبوع لتعزيز علاقاتهم معاً.

وعندما تفكِّر في كيفية ومكان وزمان التقاء الموظفين معاً في عام 2022 وما بعده، ستجد أن الطقوس تعد طريقة رائعة للبدء. اسأل نفسك وفريقك: متى تشعر بأنك جزء لا يتجزأ من ـــــــــــــــــ؟ ستمنحك إجابة هذا السؤال رؤية ثاقبة للتعرّف على بعض الطقوس الموجودة بالفعل في شركتك وكيفية البدء في وضع خريطة طريق لطقوسكم. وإذا لم يكن لدى أي شخص إجابة عن هذا السؤال، فهذا يشي بشيء مهم أيضاً، وربما كان حرياً بك اعتبار عام 2022 عاماً لتعزيز الروابط.

سيقاوم بعض القادة فكرة أن الواجب يملي عليهم إغراء الموظفين بالعودة إلى المقرات المكتبية. لكن، وكما ورد في تقرير “ديلويت” لعام 2021، فقد “تخلى القادة خلال العام الماضي عن تفكيرهم التقليدي حول العلاقة بين المؤسسة وقوة العمل”. ولكي نتمكن من حل المشكلات التي يصعب تخيلها والتي يواجهها كل عمل تجاري، فقد حان الوقت لنا جميعاً لإيجاد طرق جديدة للتفكير.

وفي واقع الأمر، فإن معدّي تقرير “ديلويت” يقولون إن الحرص على تحقيق المواءمة بين أيام العمل حضورياً وقيمنا، والتعامل مع التطوير المهني باعتباره مسألة شخصية، والاعتماد على الطقوس، “لن ينتقص من أهداف المؤسسة وأولوياتها، ولكنه سيؤدي بدلاً من ذلك إلى خلق قوة عمل أكثر تفاعلاً ونجاحاً وقدرة على إنجاز عملهم بشكل أفضل”. وهذا يعود بالنفع على الجميع.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .