ستشعرون بعجلة أقل لو تبرعتم بقدر أكبر من وقتكم

4 دقائق
shutterstock.com/Jes2u.photo

النتائج: إمضاء الوقت في مساعدة الآخرين يجعل الناس يشعرون كما لو أنهم يمتلكون وقتاً "أكثر"، وليس أقل.

البحث: في مجموعة واسعة من الدراسات أوكلت كيسي موغيلنير إلى بعض المشاركين في التجارب مهمة مساعدة شخص آخر – مثل كتابة رسالة إلى طفل مريض، أو تنقيح مقالة كتبها أحد الطلاب – وطلبت من مجموعة أخرى من المشاركين في الدراسات فعل شيء آخر. في إحدى الدراسات، أضاعت المجموعة الأخرى الوقت في عد المرات التي ظهر فيها الحرف اللاتيني (e) في نص معين، وفي دراسة أخرى، فعلوا شيئاً ما يخصهم، وفي دراسة ثالثة غادروا المختبر الأكاديمي باكراً بكل بساطة. في كل تجربة من هذه التجارب، شعر الناس الذين مدوا يد العون إلى الآخرين كما لو أنهم يمتلكون وقتاً أطول بالمقارنة مع الناس الآخرين.

التحدي: هل يجعلك التبرع بوقتك تشعر حقاً وكأنك تمتلك المزيد منه؟ هل يكمن السر في الإنتاجية في أن يكون المرء خيراً أكثر؟

أستاذة موغيلنير..

دافعي عن بحثك العلمي.

موغيلنير: تظهر النتائج أن منح وقتك للآخرين يمكن أن يجعلك تشعر وكأنك شخص "لديه فائض في الوقت" ولا يشعر بضيق في وقته أو يضيعه وبالتالي يمكنك تمضية هذا الوقت مع نفسك أو حتى الحصول على فسحة زمنية حرة. توصلتُ أنا وزملائي في التجربتين الأولى والثانية إلى أن الناس الذين كتبوا رسائل إلى طفل مريض أو خصصوا بعض الوقت صباح يوم الجمعة (أي في بداية عطلة نهاية الأسبوع) لمساعدة شخص آخر كانوا أكثر ميلاً بالمقارنة مع المشاركين في الدراسة الأخرى إلى القول إنهم يشعرون أن آفاق المستقبل "مفتوحة أمامهم". وفي التجربة الثالثة، كان الناس الذين ساعدوا في تنقيح مقالات لطلاب المدرسة الثانوية المعرضين للخطر أقل ميلاً إلى النظر إلى الوقت بوصفه نادراً، وأميل إلى القول إنهم يمتلكون حالياً بعض الوقت الإضافي الذي يستطيعون تخصيصه للآخرين. كما أنهم أقرنوا هذه المشاعر بالفعل. فعندما سألنا المشاركين في التجربة الذين ساعدوا الطلاب عن حجم الوقت الذي يمكن أن يخصصوه للمشاركة المأجورة في استبيانات تملأ عن طريق الإنترنت، التزموا بمعدل وسطي يبلغ 38 دقيقة، أي أكثر بتسع دقائق من الناس الذين سُمح لهم بالمغادرة باكراً. وفي الأسبوع التالي، أمضى الأشخاص الذين شاركوا في تنقيح المقالات وقتاً أطول في ملء الاستبيانات بالمقارنة مع المجموعة الأخرى، إذ أنهم أمضوا وسطياً 7 دقائق أكثر في ملء الاستبيانات.

يمكن لقضاء مدة لا تزيد على 10 دقائق في مساعدة الآخرين أن يجعلك تشعر بضغط أقل على وقتك.

هارفارد بزنس ريفيو: كيف تفسرون هذه المفارقة؟ طرحت أنا وزميلاي المشاركان في إجراء الدراسة زوي تشانس من كلية الإدارة في جامعة ييل ومايكل نورتون من كلية هارفارد للأعمال بضع نظريات قبل إجراء البحث. فقد اعتقدنا أن الرابطة الاجتماعية، أو المعنى، أو المتعة المقترنة بمساعدة الآخرين هي ما جعل المشاركين في دراستنا يشعرون باسترخاء أكبر تجاه وقتهم. لكن التفسير الذي ظهر في نتائجنا هو أن الناس الذين يمنحون الوقت للآخرين يشعرون أنهم أكثر قدرة وثقة وفائدة. وهم يشعرون أنهم قد أنجزوا شيئاً ما وبالتالي فإنهم يستطيعون إنجاز المزيد في المستقبل. وهذه الفاعلية الذاتية تجعلهم يشعرون بفائض الوقت.

لكي نكون واضحين، أنتِ تقولين أن الناس يشعرون كما لو أنهم يمتلكون وقتاً أكبر لكنهم ليسوا كذلك. في الحقيقة هم لديهم وقت أقل، بما أنهم قد تبرعوا ببعض وقتهم أصلاً. ففي نهاية المطاف ليس هناك أكثر من 24 ساعة في اليوم الواحد. نعم، من الناحية الموضوعية هم لديهم وقت أقل. لكنهم يشعرون بفعالية أكبر، وهذا الشيء يعزز إنتاجيتهم. بالتأكيد إذا كنتِ تمنحين الكثير من وقتك للآخرين إلى الحد الذي يمنعك من إنجاز المهام الأخرى، فإن هذه السياسة لن تكون ناجعة. لكن بحثنا يشير إلى أن التبرع ولو بقدر ضئيل من وقتك إلى شخص يجب أن يجعلكِ تشعرين أنكِ قادرة على الاستفادة أكثر من الوقت المتاح لديك. في تجربة يوم السبت التي أجريناها طلبنا من بعض الناس إمضاء 10 دقائق في مساعدة الآخرين وطلبنا من البعض إمضاء 30 دقيقة، ووجدنا أن المدة لم تحدث فرقاً كبيراً في حجم التحسن الذي شعروا به تجاه المستقبل بالمقارنة مع الناس الذين أمضوا عوضاً عن ذلك 10 دقائق أو 30 دقيقة مع أنفسهم. وهذا متوافق مع بحث حول منافع المال أظهر أن هذه المنافع ترتبط بمطارح إنفاق المال أكثر من ارتباطها بحجم المبلغ المُنفق.

ألن يشعر الأشخاص الذين يمنحون وقتهم للآخرين بذات الفعالية لو جلسوا ببساطة وأنجزوا عملهم؟ ربما. لكننا جميعاً نماطل، وكلنا بحاجة إلى استراحات، ولاسيما عندما نشعر بالتوتر. فإذا ما أخذتِ استراحة لتمتعي نفسك وتستغرقي في شيء لا يحتاج إلى تركيز ذهني مثل مشاهدة التلفزيون، فإنك قد تستمتعين به، لكنه يستهلك وقتك إدراكياً وموضوعياً. وهو لن يجعلك تشعرين أنك معرضة لضغوط أقل. والأفضل لك أن تختاري نشاطاً، مثل مساعدة الآخرين، يجعلك تشعرين أنك قادرة على الاستفادة أكثر من يومك.

هل يمكن تصنيف إجراء هذه المقابلة نيابة عن زميل متكاسل ضمن هذه الخانة أيضاً؟ بالتأكيد. أي شيء ينطوي على إمضاء الوقت لصالح شخص آخر هو أمر مفيد. ربما يكون شخصاً تعرفينه أو قد يكون شخصاً غريباً، مثل التطوع في طهي الطعام للمشردين أو طهو الطبق المفضل لشريك حياتك.

هل هناك أي تقنيات أخرى يمكن للقراء تجريبها لكي يشعروا بضغوط أقل على وقتهم؟ نعم، فالأبحاث تُظهر أن التفكير في اللحظة الراهنة عوضاً عن المستقبل يمكن أن يجعلك تشعرين بتعجل أو اندفاع أقل، لأنه يُبطئ المرور المتخيل للوقت. وحتى التنفس بعمق أكبر يمكن أن يعطي نتيجة مشابهة أيضاً. في إحدى الدراسات، تخيل المشاركون الذين طُلب منهم أخذ أنفاس طويلة وبطيئة لمدة خمس دقائق أن نهارهم أطول وشعروا أن هناك وقتاً أطول متاحاً أمامهم لإنجاز المهام بالمقارنة مع المشاركين الآخرين الذين طلب منهم أخذ أنفاس قصيرة وسريعة.

ما الذي جعلك تهتمين بالوقت؟ بدأت بدراسة السعادة والرفاهية ولاحظت أن الكثير من الأبحاث الحالية كانت تركز على المال وكيفية إنفاقه بفعالية أكبر. لكنني لاحظت - بالتأكيد في حياتي الشخصية - أن الوقت هو بنفس أهمية المال إن لم يكن أهم منه حتى. فهو أساس تخطيطنا اليومي، وتفكيرنا، وسلوكنا، وهو لا يعوض. ونحن جميعاً نشعر بضغط كبير على وقتنا إلى درجة أننا نصبح بخيلين بوقتنا إلى حد لا يصدق. لكن ذلك لا يجعلنا نحس بشعور أفضل. أجرت زوي بعض الأبحاث التي يبدو أنها تظهر أن الناس يشعرون بغنى أكبر عندما يتصدقون بالمال. اعتقدنا أنه سيكون من المثير للاهتمام أن نلاحظ تأثيراً مشابهاً لدى الناس الذي يتصدقون بوقتهم.

ألم يسبق أن قال لك أحد أن الوقت يساوي المال؟ بالتأكيد - بنجامين فرانكلين قال ذلك الكلام. لكن برأيي هذا الكلام غير صحيح. بطبيعة الحال، يقال لنا في دروس الاقتصاد أن نعطي قيمة نقدية للوقت عند التفكير في تكاليف الفرص البديلة، وهناك أشخاص يتقاضون أجورهم بالساعة. لكننا نرى بصورة متزايدة المشاكل التي تنشأ عندما يضع الناس الوقت في كفة موازية للمال.

تظهر دراسات أخرى أجريتها أن الناس الذين يتعرضون لكلمات متعلقة بالمال - من خلال تمرين يقوم على تركيب جملة من كلمات مبعثرة - يقضون وقتاً أطول في العمل ويشعرون بسعادة أقل بالمقارنة مع الأشخاص الذين يتعرضون لكلمات متعلقة بالوقت. والناس الذين طلب منهم التفكير بالوقت يتفاعلون اجتماعياً بشكل أكبر مع أصدقائهم وأفراد عائلاتهم وهم تالياً أسعد. لم نشهد هذا التأثير في المختبر فحسب، وإنما أيضاً على أرض الواقع في أحد المقاهي، حيث لم يلاحظ الناس الذين أنجزوا مهمة تركيب الجمل المبعثرة وأجابوا عن أسئلتنا أننا كنا نراقب سلوكهم بشكل سري.

إذن التفكير في الوقت يجعل الناس أسعد. نعم، والتصدق بالوقت يجعلهم يشعرون بفعالية أكبر.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي