هل تكفي عبارة “بابي مفتوح دائماً لكم” لتشجيع الموظفين على التعبير عن آرائهم؟

5 دقيقة
التعبير عن الآراء

ملخص: يظن القادة عادة أنه يسهل جداً على موظفيهم التحدث إليهم بصراحة، لكن دراسة بحثية امتدت لعامين سلطت الضوء على نقطة مبهمة تماماً في هذا الشأن، وذلك بعد مقابلة أكثر من 60 من كبار المدراء التنفيذيين وتنظيم ورش عمل وإجراء دراسات حالة. قد يمثل التعبير عن الرأي مخاطرة كبيرة للأفراد، وهو أمر يجهله العديد من القادة، فكيف يمكنك إذا كنت قائداً، أن تدرك التفاوت في القوة وتشجع موظفيك بصدق على التعبير عن آرائهم؟ اطرح على نفسك 5 أسئلة رئيسية: هل أنت مهتم بآراء الآخرين؟ هل أخذت في الاعتبار أن التعبير عن الرأي يمثل مخاطرة كبيرة لهم؟ هل تعي ماهية الصراعات السياسية في المؤسسة؟ ما هي التسميات التي يطلقها الأفراد عليك وما هي التسميات التي تطلقها عليهم والتي تحدد قواعد ما يمكن قوله؟ وأخيراً، ما الذي عليك فعله وقوله على وجه التحديد لتمكن الأفراد من التعبير عن آرائهم؟

إذا كنت في منصب مؤثر فقد سبق لك غالباً أن قلت لمن تؤثر فيهم: "باب مكتبي مفتوح دائماً لكم"، من المحتمل أنك كنت تقصد ما تقول بكل صدق وربما ترى نفسك شخصاً ودوداً جداً وأن بإمكان الآخرين التحدث إليك عن مشكلاتهم والتعبير عن أفكارهم بأريحية.

قد يكون هذا صحيحاً

لكنه على الأرجح ليس كذلك.

يظن القادة عادة أنه يسهل جداً على موظفيهم التحدث إليهم بصراحة، لكن دراستنا البحثية التي امتدت لعامين سلطت الضوء على نقطة مبهمة تماماً في هذا الشأن، وذلك بعد مقابلة مع أكثر من 60 من كبار المدراء التنفيذيين وتنظيم ورش عمل وإجراء دراسات حالة، إذ خلصنا إلى أن القادة يجهلون أن التعبير عن الرأي يمثل مخاطرة كبيرة للأفراد.

وسبب ذلك هو أن السلطة بالنسبة إلى صاحبها تعتبر من البديهيات، فمن يكون عضواً في مجموعة داخلية تتمتع بامتيازات، ينسى ماذا يعني أن يكون الفرد عضواً في مجموعة خارجية تتمتع بامتيازات أقل.

تتضمن عبارة "بابي مفتوح دائماً لكم"، عدداً من الافتراضات أولاً أن على الأفراد مقابلتك في مكتبك لا في مكاتبهم وثانياً أنك تتمتع بامتياز وجود باب لمكتبك، وأخيراً أن بإمكانك اختيار متى تغلق هذا الباب ومتى تفتحه.

إنها تفاصيل صغيرة ولكن مهمة. تستخدم الأنظمة المؤسسية العديد من القواعد غير المباشرة لتشجع الموظفين على الامتثال، ومن أبرز الأمثلة، حينما يطلب أحد أصحاب السلطة في المؤسسة من الموظفين أن يعارضوه، ثم يعاقب أولئك الذين تجرؤوا على ذلك، وهو سلوك يولد حالة كبيرة من اليأس، وقد أشار إلى ذلك المنتج السينمائي الأميركي المعروف سام غولدوين حينما قال: "لا أريد أن يعمل معي أشخاص يوافقونني على الدوام، أريد من كل واحد أن يخبرني بالحقيقة ولو كلفه ذلك عمله".

ما يزال القادة حتى اليوم يعانون بشدة هذا التناقض الظاهري، عندما أجرينا مقابلة مع الرئيسة التنفيذية لشركة عالمية، وافقت بحماس قائلة: "أريد أن يكون الأفراد على طبيعتهم"، لكنها سرعان ما استطردت: "لكن في ذهني قائمة بأولئك الذين لا أراهم مؤهلين".

يتمتع معظمنا بقدرة عالية على استشعار الخطر، إذ نعرف إذا كانت في ذهن من نتحدث إليه قائمة مماثلة لذا نعقل ونلتزم الصمت، لكن هذا الصمت يمثل خطراً على أي مؤسسة أو قائد.

مخاطر الصمت معروفة، فإذا كان لدى الموظفين الكثير من الأفكار حول تقديم خدمات أفضل للعملاء أو عقد صفقة أفضل مع مورّد ما، فيجب أن تعرف هذه الأفكار. لكن إذا لم يتجرأ الموظفون على التعبير عن أفكارهم، فإنك لن تعي المشكلات التي قد تمنعك من تحقيق أهدافك وتؤدي إلى فشل فريقك وحتى المؤسسة برُمتها، وتمثل فضيحة الانبعاثات في شركة فولكس فاغن وفضيحة حساب البيع بالتجزئة في شركة ويلز فارغو وغيرهما الكثير، أمثلة على على النتائج الكارثية التي يمكن أن يؤدي إليها الصمت.

القادة على علم بما سبق ويجب أن يكونوا كذلك، إذ يعرف معظمهم أن عليهم تسهيل وصول الموظفين إليهم وتشجيعهم على التحدث، لكن ما يفعله القائد في النهاية هو أنه يجلس مع الموظفين خلال استراحة الغداء ويقول لهم: "بابي مفتوح دائماً لكم"، ثم يتساءل مع شعور ببعض الارتياح أحياناً: "لمَ لا يقصدني الموظفون كثيراً؟".

فكيف يمكنك إذا كنت قائداً، أن تدرك التفاوت في القوة وتشجع موظفيك بصدق على التعبير عن آرائهم؟ يشير بحثنا إلى ضرورة طرح 5 أسئلة:

أولاً، هل أنت مهتم فعلاً بآراء الموظفين؟ 

وإذا كنت كذلك، فمن هم الموظفون الذين يهمك سماع آرائهم بالدرجة الأولى، ومن هم أولئك الذين تتحيز ضدهم؟ ما هي البيانات التي تهمك أكثر من غيرها، وما هي البيانات التي تتجاهلها (البيانات المالية، البيانات المتعلقة بالأفراد والعواطف)؟ إظهار الفضول الصادق حيال وجهات النظر الأخرى يتطلب منك التحلي بالتواضع، الذي قد لا يتوافر لديك بما فيه الكفاية عندما ترأس التسلسل الهرمي المؤسسي. وكما اعترف لنا الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات قائلاً: "أتوقع أن غروري يمنعني أحياناً من سماع الآراء التي ينبغي أن أستمع إليها". قبل أن تجزم بعدم وجود مشكلة لديك في هذه الناحية، تحقق من ذلك من خلال طرح السؤال الآتي على نفسك: "كيف أعرف أن الآخرين يعتبرونني شخصاً يتقبل تغيير رأيه؟".

ثانياً، هل أخذت في الاعتبار أن التعبير عن الرأي يمثل مخاطرة كبيرة للأفراد؟ 

يمكنك التحقق من هذا بصورة أعمق من خلال تأمل استجابتك عادة عندما يعارضك الأفراد. ربما تقبلت وجهات النظر المعارضة باهتمام وفضول عدة مرات، ولكنك مررت بيوم عصيب في المرة الأخيرة فلم تتمكن من منع نفسك من مقاطعة الشخص والاختلاف معه بغضب، وهذه المرة بالتحديد هي التي سيتحدث عنها الجميع في المؤسسة، وستبقى في الذاكرة لسنوات. وربما كنت في الوقت نفسه تحكم على من يعبّر عن رأيه، وهذا جزء من الطبيعة البشرية، وربما كنت من يحدد نتائج تقييم أدائه، لذلك، يجب أن تكون متيقظاً أكثر للإشارات التي ترسلها عندما يتشجع أحدهم ويعبر عن رأيه بصراحة. نمر جميعاً بأيام عصيبة، وعندما يحدث معك ذلك وتهين شخصاً ما، فيجب أن تعتذر له علناً.

ثالثاً، ما مدى درايتك بالصراعات السياسية في المؤسسة؟

السياسة جزء لا يتجزأ من الحياة المؤسسية، إذ إن للأجندات الشخصية دوراً دائماً فيما يختار الأفراد قوله لك، ولا سيما حينما تشغل منصباً مؤثراً وكما قال أحد الأشخاص الذين أجرينا معهم مقابلات: "عندما يسمعون أنك الرئيس التنفيذي، يقولون ما يظنون أنك تريد سماعه، وهو أمر محبط للغاية". يتطلب تمكين الآخرين من التحدث فهم سبب قول هذا الشخص ما يقوله أو سبب التزامه الصمت، واتخاذ خيار مستنير حول إظهار تلك الأجندة من عدمه، أو تقليل المخاطر حتى يتحدث الشخص أو توسيع دائرة الأفراد الذين تستمع إليهم وتضمين أولئك الأقل اهتماماً بالصراعات السياسية في المؤسسة.

رابعاً، ما التسميات التي يطلقها الأفراد عليك وما التسميات التي تطلقها عليهم والتي تحدد ما يسمح أن يقال؟ 

عندما نلتقي الآخرين فإننا نصنفهم، بوعي أو بغير وعي. على سبيل المثال، نصنف فرداً بأنه "رئيس تنفيذي" أو "مستشار" أو "امرأة" أو "شاب" أو "مستجد" أو "موظف مبيعات"، وتختلف معاني هذه التسميات من شخص لآخر باختلاف السياقات، لكن جميعها يشير حتماً إلى المكانة، والمكانة تحكم القواعد الضمنية حول مَن يمكنه التحدث ومَن يلقى آذاناً مصغية. ليس من السهل ملاحظة المزايا الضمنية خاصة إذا كنت تنتمي إلى المجموعة الداخلية، لكن هذا لا يعني ألا تحرص على الانتباه إلى الأثر الضار لهذا التصنيف وتعمل على تخفيفه.

وأخيراً، ما الذي عليك فعله وقوله على وجه التحديد لتمكن الأفراد من التعبير عن آرائهم؟ 

قد يشمل ذلك تقليل التفاوت في المكانة من خلال ارتداء ملابس غير رسمية مثلاً، أو اتباع أسلوب في اجتماعات اللجنة التنفيذية يسمح للآخرين بإبداء آراء مخالفة، أو كبح رغبتك في الكلام حتى تتيح لهم فرصة التعبير عما لديهم. ولا يمكن بناء هذه الأساليب إلا على أساس متين من الوعي الذاتي، يستند إلى إجابات الأسئلة الأربعة أعلاه.

إذا كنت تتساءل لماذا لا يتحدث الآخرون أكثر، فاسأل نفسك أولاً كيف تسكتهم عن غير قصد.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي