كيف تتغلب على التأثير السلبي لتردد العملاء في اتخاذ قرار الشراء؟

8 دقائق
الوضع الراهن للعملاء

ملخص: على مدى عقود من الزمان، تم تعليم مندوبي المبيعات أن هناك سبباً واحداً محتملاً لخسارة المبيعات، وهو أن مندوبي المبيعات قد فشلوا في التغلب على "الوضع الراهن للعملاء". فقد لا يقدّر العميل بالكامل المشكلة التي صُمم منتجهم لحلها، أو لعله لا يرى بوضوح أفضلية منتج الشركة على المنتج المنافس. لذلك، يلجأ مندوبو المبيعات إلى مخزونهم من الأدوات ليثبتوا للعميل الطرق العديدة التي ستساعده فيها حلولهم على الفوز. وعندما يفشل كل شيء آخر، فيستخدمون طريقة "إف يو دي"؛ أي الخوف وعدم اليقين والشك، ليستغلوا خوف العميل من أن يفوته شيء. ولكن، تظهر الأبحاث أن هذه التقنيات القديمة لم تعد تعمل جيداً كما كانت من قبل. وإنها في الواقع ليست غير مُجدية فحسب، بل إنها قد تؤدي إلى نتائج عكسية بدلاً من أن تبعد العميل عن عتبة التردد. بدلاً من ذلك، يجب على مندوبي المبيعات التركيز على تردد العميل، وعلى وجه التحديد عليهم تطبيق إطار عمل جديد على المواقف التي كان فيها التردد هو العائق الأكبر أمام عملية الشراء.

 

يمكنك سؤال أي مندوب مبيعات وسيخبرك أنهم من المرجح أن يخسروا صفقة بسبب "عدم اتخاذ العميل للقرار" أكثر من أن يخسروها بسبب منتج منافس. ووفقاً لدراسة واسعة النطاق شملت أكثر من 2.5 مليون محادثة مبيعات مسجلة -شملت كلاً من العمليات التجارية والمبيعات المعقدة- وجدنا أن ما بين 40% و60% من الصفقات اليوم لا تتم في نهاية المطاف مع العملاء الذين يعبرون عن نيتهم في الشراء لكنهم لا يتصرفون حيال ذلك. فغالباً ما يمر هؤلاء العملاء بعملية البيع بأكملها، ما يستهلك وقت البائع الثمين والموارد التنظيمية، كما أنهم قد يخوضون في مراحل تجريبية طويلة أو تجارب إثبات المفاهيم، لينتهي بهم الأمر بعدم عبور خط النهاية وإتمام عملية الشراء.

على مدى عقود من الزمان، تم تعليم مندوبي المبيعات أنه يوجد سبب واحد محتمل لهذه النتيجة، وهو أنهم قد فشلوا في التغلب على الوضع الراهن للعملاء. ويجوز التفكير في أن العميل لربما لا يقدّر بالكامل المشكلة التي صُمم منتج مندوب المبيعات لحلها. أو لعله لا يرى بوضوح أفضلية منتج الشركة على المنتج المنافس. لذلك، يلجأ مندوبو المبيعات إلى مخزونهم من الأدوات ليثبتوا للعميل الطرق العديدة التي ستساعده فيها حلولهم على الفوز. وعندما يفشل كل شيء آخر، فيستخدمون طريقة "إف يو دي"؛ أي الخوف وعدم اليقين والشك، ليستغلوا خوف العميل من أن يفوته شيء. فهم يوضحون للعميل ما قد يخسره إذا لم يتخذ أي إجراء، واستمر على وضعه الحالي، ولم يقم بعملية الشراء هذه اليوم.

ولدعم المندوبين في هذا الجهد، أنفقت مؤسسات المبيعات كميات لا حصر لها من الوقت والمال على التدريب على المبيعات، والتدريب المهني، والتمكين. فهي تجهز ممثليها بنصوص أفضل لمكالمات المبيعات، وعروض قيمة ذات رسائل أقوى، ودراسات حالة حول العملاء، ومراجعات، وشهادات، ونقاط إثبات، وحسابات للعائد على الاستثمار، وتقنيات للتعامل مع الاعتراضات التي قد تكون لدى العميل، وكلها مصممة لمساعدة العميل على اتخاذ الخطوة والقبول بعروضهم ورفض الاستمرار دون تغيير الوضع الراهن.

ولكن، تظهر أبحاثنا أن هذه التقنيات القديمة لم تعد تعمل جيداً كما كانت من قبل. وإنها في الواقع ليست غير مُجدية فحسب، بل إنها قد تؤدي إلى نتائج عكسية بدلاً من أن تبعد العميل عن عتبة التردد. حيث وجدنا أن ألفة العميل مع وضعه الراهن، والتي تعلم مندوبو المبيعات أن يعتبروها عدوهم الأكبر، إن لم يكن الوحيد، ليست كذلك على الإطلاق. فعلى الرغم من أن تفضيل العميل للوضع الراهن يمثل عقبة كبيرة يجب على كل مندوب مبيعات التغلب عليها إذا أراد بيع أي شيء، فهناك عقبة ثانية أكثر خطورة ويصعب التغلب عليها ويجب على مندوبي المبيعات مواجهتها، وهي عدم قدرة العميل على اتخاذ قرار.

ما الذي يجعل تردد العميل أمراً خطِراً جداً؟

يُظهر بحثنا، بالإضافة إلى عدة عقود سابقة من البحث في علم النفس البشري والاقتصاد السلوكي، أن التردد له تأثير أقوى على ذهن العميل من تفضيل الوضع الراهن الذي قد يكون لديه. فالأخير مدفوع بمجموعة من التحيزات البشرية التي، ببساطة، تدفع العملاء إلى الرغبة في بقاء الأشياء على ما هي عليه، حتى عند مواجهة بدائل أفضل. لكن تردد العملاء مدفوع بتأثير نفسي مختلف ومميز يُدعى تحيز الإغفال، وهو في هذا السياق، يعني رغبة العميل في تجنب اتخاذ الإجراءات التي قد تقود إلى الخسارة. ومن بين هذين العائقين، فإن تحيز الإغفال هو الذي يمثل العقبة الأكثر صعوبة أمام مندوب المبيعات ليتخطاها. في دراستنا، 56% من الخسارات التي تحدث بسبب "عدم اتخاذ قرار" كانت تتبع لتردد العميل بالمقارنة مع 44% من الحالات التي نشأت عن تفضيل العميل للوضع الراهن. وكما يتضح، فإن العملاء قلقون بشأن إخفاقهم أكثر مما هم قلقون بشأن تفويت أمر ما.

من الصعب للغاية على مندوبي المبيعات الكشف عن التردد لدى العملاء. ففي حين أن هؤلاء العملاء يشعرون بالراحة للتعبير عن تفضيلهم للوضع الراهن، فإن هذا الأمر لا ينطبق على حالة التردد. حيث إن التردد ليس شيئاً يمكن للعميل مناقشته بانفتاح مع مندوبي المبيعات لأنه مدفوع بمخاوف شخصية دفينة. وفي الواقع، غالباً ما يكون العملاء أنفسهم غير مدركين أنهم يعانون منه على الإطلاق. إلا أن أبحاثنا تُظهر أنه أمر منتشر بكثرة. فقد وجدنا أن 87% من فرص المبيعات تتضمن مستويات مرتفعة أو متوسطة من تردد العملاء. وهذا أمر سيئ، فمع ارتفاع معدلات التردد، تنخفض معدلات الربح.

تزداد دوافع التردد سوءاً مع تغير بيئة الشراء لدى العملاء. فعلى عكس تفضيل العميل للوضع الراهن، فإن التردد له مجموعة من الدوافع النفسية المنفصلة التي تغذيها عوامل بيئية خارجة عن إرادتنا. ويُظهر بحثنا أن أكبر ثلاثة دوافع لتردد العميل هي مشاكل التقييم (أي عندما يعاني العملاء في اختيار أحد الخيارات أو الحزمات أو التكوين)، ونقص المعلومات (أي عندما يشعر العملاء أنهم لم يقوموا بالبحث والاستطلاع بما يكفي)، وعدم اليقين في النتيجة (أي عندما يخشى العملاء من أنهم قد لا يتلقون الفوائد التي يتوقعونها من الشراء). ومع ازدياد عدد الخيارات المتاحة أمام العملاء، وازدياد كمية المعلومات المتاحة للبحث في هذه الخيارات، واستمرار ارتفاع تكاليف حلول الموردين ومخاطرها، يزداد أيضاً ميل العملاء إلى أن يصبحوا مترددين، وألا يفعلوا شيئاً في نهاية المطاف.

قد يكون السبب الأخير الذي يجعل التردد يشكل هذا التحدي الهائل أمام مندوبي المبيعات اليوم هو السبب الأكثر إثارة للقلق، فمندوبو المبيعات أنفسهم يسهمون في المشكلة عن غير دراية. ونظراً لأن الفكر السائد هو أن الوضع الراهن يمثل أكبر منافس لمندوب المبيعات، فقد تم إرسال المندوبين إلى المعركة مع قاعدة واحدة فقط للعب: التغلب على الوضع الراهن. إلا أن التغلب على التردد يتطلب نهجاً مختلفاً كلياً. ففي حين أن تجاوز الوضع الراهن يتعلق برفع مستوى الخوف من عدم الشراء، فإن التغلب على التردد يتعلق بالتخلص من الخوف من الشراء. وإذا ما تم تطبيق القاعدة الخطأ في عملية ما، فيظهر بحثنا أنها قد تعود بنتائج سلبية إلى حد كبير.

وجدنا في دراستنا أن البائع إذا استخدم الدليل الإرشادي المتعلق بالوضع الراهن بينما يكون العميل في الحقيقة يعاني من التردد، فهو يجعل العميل أكثر تردداً، ما يخفض نسب الفوز بمعدل 84% ويرفع بشكل كبير احتمال أن ينتهي الأمر بتعطيل الصفقة في اللحظة الأخيرة أو مماطلتها بشكل كبير. وبالنسبة لمندوب المبيعات الذي تعلم أن الوضع الراهن هو عدوه الحقيقي الوحيد، يصبح هذا الدليل الإرشادي سلاحه الوحيد مع الأسف وكل عميل يبدو أنه يحتاج إلى القليل منه.

إلا أن البحث أظهر بعض الأخبار الجيدة أيضاً. فعلى عكس النهج المستخدم الشائع، كشف بحثنا أن مندوبي المبيعات الأفضل قد طوروا بأنفسهم دليلاً إرشادياً جديداً للتغلب على تردد العميل والتمكن من اتخاذ قرار بشأن عملية البيع، بالرغم من أنه لم يتم تعليمهم ذلك على الإطلاق. ونحن لا نتحدث عن تطبيق تقنيات المبيعات المعيارية على مستويات أعلى. بل على العكس من ذلك، فالكثير من هذه التصرفات تتناقض مع ما هو وارد في الدليل الإرشادي للتعامل مع الوضع الراهن، والذي تم تعليمه ضمن دورات التدريب على المبيعات لسنوات.

طريقة جولت (JOLT)

يتألف هذا النهج من أربعة سلوكيات مختلفة والتي أطلقنا عليها اسم طريقة جولت (JOLT). أولاً، يقوم مندوب المبيعات المتميز "بالحكم على مستوى التردد لدى العميل". في المقابلات التي أجريناها مع مندوبي المبيعات ذوي الأداء العالي، وجدنا أنهم يصنفون الفرص إلى مؤهلة وغير مؤهلة حسب "قدرة العميل على الشراء" بالإضافة إلى "قدرته على اتخاذ قرار". فهم يبحثون بنشاط ويستمعون إلى إشارات التردد التي يمكن أن تعرقل صفقة ما منذ التفاعل الأول مع العميل خلال عملية البيع. فإذا ما بدا العميل متردداً بشكل وسطي فقط، فقد يتوقعون أن الفرصة لن تعود سانحة في وقت قادم. ولكن في الحالات حيث يكون العميل متردداً بشكل كبير، يعلم مندوبو المبيعات هؤلاء أن هذا العميل غير مؤهل وينتقلون إلى الحسابات الأخرى.

ثانياً، يحاول مندوبو المبيعات المتميزون أن "يقدموا توصياتهم"، ما يساعد على نقل المحادثة من سؤال العميل عما يريد شراءه إلى إخباره عما يستحسن به شراؤه. ويعلم هؤلاء المندوبون الموهوبون أن تقديم الكثير من الخيارات للعملاء يمكن أن يكون مفيداً في وقت مبكر من عملية البيع عندما يكون العملاء يستكشفون جميع الاستخدامات والفوائد المحتملة لمنتج البائع، ولكن غالباً ما تؤدي كثرة الخيارات لاحقاً إلى مشاكل في تقييم وانتقاء الخيار الأفضل. وهذا النهج يتناقض بشكل كبير مع ما تم تعليمه للبائعين على مدى سنوات: أن مفتاح إتمام الصفقات هو تشخيص احتياجات العملاء. فعندما كان المندوبون يعتمدون فقط على مهاراتهم التشخيصية (ولم يقدموا أي توصيات)، كانت معدلات النجاح أقل من المتوسط، حوالي 14%. ولكن عندما كانوا قادرين على الدمج بين تشخيص الاحتياجات والتوصيات القوية، كانت معدلات النجاح 36%.

ثالثاً، يسعون إلى "تقييد مرحلة الاستكشاف". يعرف المندوبون أصحاب الأداء العالي أنه كلما زادت المعلومات التي يتلقاها العميل، قل احتمال أن ينتهي به الأمر بالعثور على الإجابات التي يبحث عنها. وفي الواقع، وجدنا أنه عندما يستمر المندوبون في الانغماس في طلبات العملاء للحصول على معلومات إضافية خلال فترة البيع، تكون معدلات النجاح في نطاق 16% فقط. ومن أجل إقناع العميل بأنه في أيدٍ أمينة، وأن مندوب المبيعات سيوجههم إلى أفضل قرار ممكن، يتطلع أفضل المندوبين إلى إظهار خبرتهم ومصداقيتهم (على سبيل المثال، من خلال تجنب إغراء تقديم خبراء موضوعيين إضافيين إلى محادثة المبيعات ومن خلال توقع اعتراضات العملاء التي لم يعبروا عنها ومعالجتها) مع البحث في الوقت نفسه عن طرق للتغلب على معضلة الوكالة، أو اعتقاد العميل بأن مندوب المبيعات يحاول المبالغة في بيع المنتج (على سبيل المثال، من خلال إخبار العميل بما يجب عليه عدم شرائه). وتساعد هذه السلوكيات في منع طلبات المعلومات الزائدة عن الحاجة وتؤدي إلى معدلات ربح تزيد على 42%.

أخيراً، لجعل العملاء يلتزمون بالصفقة، يبحث مندوبو المبيعات عن طرق "للتخلص من احتمال المخاطرة" من خلال تقديم خيارات لشبكة أمان إبداعية تجعل العملاء يشعرون أن لديهم بعض الضمان على النجاح. ووجدنا في بحثنا نطاقاً واسعاً من الأمثلة، من شروط الانسحاب البسيطة إلى العقود المعقدة والمخصصة، ولكن جميعها كان لها نفس التأثير: تعزيز ثقة المشتري في قراره والتخفيف من عدم اليقين بشأن النتائج الذي يشعر به العديد من العملاء قبل التوقيع على عقد الصفقة. فعندما لا يقدم مندوبو المبيعات أي خيار للحد من مخاطر الفشل، فإنهم يواجهون معدلات فوز في نطاق 22% مقارنة بمعدل تحويل يبلغ 46% عندما يفعلون ذلك.

عندما ننظر إلى هذه السلوكيات بشكل إجمالي ونقارن نتائج مندوبي المبيعات الذين يستخدمون هذا النهج مع تلك الخاصة بأقرانهم ذوي الأداء المتوسط، فإن اختلاف معدل النجاح يكون أمراً مدهشاً، مع مختلف مستويات تردد العملاء. ففي حين أن جميع المندوبين يبلون جيداً في الفرص مع العملاء الحاسمين، فإن أصحاب الأداء العالي يبلون بشكل أفضل من أقرانهم (بمعدل نجاح يبلغ 69% بالمقارنة مع 39%). ولكن يبرز تميز أصحاب الأداء العالي في الفرص حيث يُظهر العملاء مستويات تردد متوسطة أو مرتفعة. فمع العملاء المترددين بشكل متوسط، يقوم أصحاب الأداء العالي بتحويل 57% من الصفقات في حين أن أصحاب الأداء المتوسط يربحون 26% فقط من الوقت. ومع العملاء المترددين للغاية، لا يزال أصحاب الأداء العالي يقومون بتحويل نسبة أعلى بكثير من المتوسط من الصفقات بمعدل 31%، بينما يكافح متوسطو الأداء، حيث يحققون 6% فقط من فرصهم.

إن تكلفة التردد هائلة على البائع العادي وعلى الفريق ومؤسسة المبيعات. ومن المرجح أن تتفاقم دوافع التردد عندما يمتلك العملاء عدداً متزايداً من الخيارات ويمتلكون كميات هائلة من المعلومات، وأيضاً مع زيادة تكلفة حلول الموردين ومخاطرها. وإن مشكلة "عدم اتخاذ القرار" هي مشكلة تستحق الحل بالنسبة لقادة المبيعات والمدراء ومندوبي المبيعات. ويجوز القول إن اكتشاف طريقة للتغلب على تردد العملاء، لسد الفجوة بين "أريد أن أفعل" و"لقد فعلت"، تمثل الفرصة الأعظم لإحداث النمو في العمل التجاري.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي