دراسة: ترتيب مكتبك يساعد في تعزيز إنتاجيتك

3 دقيقة
مكاتب فوضوية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ربما يوحي تراكم الأوراق وأكواب القهوة المبعثرة عشوائياً على مكتبك بأنك تعمل بأقصى طاقتك، لكنه في الواقع ربما يعوق تقدمك. وجدنا أن الأشخاص الذين يجلسون في مكاتب فوضوية يكونون أقل كفاءة ومثابرة وأكثر إحباطاً وإرهاقاً من أولئك الذين يجلسون في مكاتب مرتبة.

لكنك ربما تقول: “لا يمكن لأي شخص يعمل أكثر من أسبوع في مكتب مزدحم بالأنشطة والأعمال أن يحافظ على مكتبه مرتباً بسبب سرعة تدفق العمل وحجم المهام”. أو ربما تعبر عن رغبتك في الاحتفاظ بالفوضى في مكتبك، لأنها تعطيك شعوراً بالراحة بالطريقة نفسها التي يوفرها العش الصغير والدافئ للطائر. وبالتالي، نقول نعم، قد يكون الحفاظ على مكتب منظم ومرتب أمراً صعباً، وبالتأكيد، يمكن أن تكون الفوضى مريحة وتعطي شعوراً بالحرية إلى حد ما؛ إذ لا داعي للقلق من أن تصبح الأشياء أكثر فوضوية لأنها لم تكن مرتبة أصلاً.

لكن لنلقِ نظرة على البيانات:

في إحدى التجارب التي أجريناها، تعرّض أكثر من 100 طالب جامعي إما إلى مساحة عمل مرتبة وإما إلى مساحة فوضوية، حيث كانت الأوراق والمجلدات والأكواب متناثرة على الرفوف والمكتب والأرضية على النحو التالي:

قياس تأثير الفوضى. المصدر: بويون (غريس) تشاي وروي (جولييت) تشو
قياس تأثير الفوضى. المصدر: بويون (غريس) تشاي وروي (جولييت) تشو

بعد ذلك، انتقل المشاركون إلى غرفة أخرى، وطُلب منهم تنفيذ مهمة وُصفت بأنها “صعبة”، لكنها في الحقيقة كانت مستحيلة الحل؛ إذ كانت تتمثل في رسم شكل هندسي دون إعادة رسم أي خطوط أو رفع القلم عن الورقة. أظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين عملوا في بيئة مرتبة أمضوا نحو 1,117 ثانية في محاولة تنفيذ المهمة قبل أن يقرروا التوقف، في حين أمضى المشاركون الذين عملوا في بيئة فوضوية 669 ثانية فقط. أظهرت التجارب الأخرى نتائج مماثلة.

تُعد المثابرة على مواصلة المهام المحبطة مقياساً “تقليدياً” لما يُسمى “الانضباط الذاتي”، وهو في الأساس قدرتك على توجيه نفسك لأداء مهمة تعرف أنها مُهمة ويجب عليك تنفيذها. يمكن أن يؤدي استنفاد الموارد العقلية إلى إضعاف التنظيم الذاتي، وهذا بالضبط ما نعتقد أنه كان يحدث. شكلت الفوضى تهديداً، إلى حد ما؛ إذ هددت الشعور بالقدرة على التحكم الذاتي لدى المشاركين. أدى التعامل مع هذا التهديد الصادر عن البيئة المادية المحيطة إلى استنفاد موارد هؤلاء المشاركين العقلية، ما تسبب بدوره في فشل التنظيم الذاتي.

يقدم جانب آخر من التجربة دليلاً على ردود الأفعال التسلسلية هذه: عندما كتب المشاركون عن قيمهم الشخصية، وهي ممارسة معروفة بأنها تستعيد الموارد العقلية، لم يكن للبيئة الفوضوية أي تأثير على إصرارهم على إكمال المهمة الصعبة.

لذلك، على الرغم من أن بعض الناس يجدون الراحة في البيئة الفوضوية، فإنها يمكن أن تعوق قدرتهم على التركيز وإنجاز المهام؛

إذ نعتقد أن الفوضى التي تصنعها بنفسك قد تؤثر عليك أكثر من الفوضى التي يسببها شخص آخر، على الرغم من أننا لا نملك بيانات تدعم هذا الاعتقاد. يمكن أن تصبح الفوضى التي يصنعها الفرد بنفسه مربكة ومرهقة لأنها تُعد دليلاً على عدم قدرته على التحكم في بيئته.

نحن نعلم أن بعض الباحثين الآخرين وجدوا إيجابيات للبيئة الفوضوية؛ إذ يبدو أنها تساعد الناس على الخروج عن المألوف وأن يكونوا أكثر إبداعاً. وجد فريق بقيادة عالمة النفس كاثلين فوس من جامعة مينيسوتا أن الأشخاص الموجودين في غرفة مليئة بالأوراق المبعثرة على الطاولة والأرضية توصلوا إلى أفكار إبداعية لاستخدامات جديدة لكرات تنس الطاولة أكثر بـ 5 مرات مما توصل إليه الأشخاص الموجودون في غرفة أخرى حيث كانت الأوراق والأقلام مرتبة بعناية.

لا تُعد النتائج المتعلقة بالمجموعتين متناقضة بالضرورة. في الواقع، من الممكن أن يكون سبب ذلك هو أن تأثير استنفاد الموارد العقلية الناجم عن الفوضى يمكن أن يدفع الأشخاص إلى الانخراط في التفكير العاطفي أو التباعدي في المقام الأول، ما يسهم في تعزيز الإبداع.

على أي حال، دفعنا بحثنا إلى التفكير في عوامل أخرى في العمل قد تستنفد الموارد العقلية للموظفين، وبالتالي تضعف قدرتهم على التنظيم الذاتي والمثابرة. أحد الاحتمالات التي تتبادر إلى الذهن هو الوعي الذاتي الشديد؛ أي التفكير المستمر في تصورات الآخرين. قد يشعر الموظفون بالإرهاق بسبب التفكير المستمر والتساؤل عما يعتقده الناس عنهم، مثل كيف ينظر الناس إليّ؟ ما رأيهم بجودة عملي؟ ما رأيهم بمظهري؟ من المحتمل جداً أن يؤثر هذا النوع من التفكير سلباً على الأداء.

ربما يكون من الصعب إيقاف اجترار الأفكار، وبالمقابل، فإن حل مشكلة البيئة الفوضوية يُعد أمراً سهلاً نسبياً. بفضل بحثنا، أصبحنا ندرك قيمة البيئة المرتبة بصورة أكبر. تحرص كلتانا على تنظيم مكتبها وترتيبه، وتحرص تشاي على الحفاظ على ترتيب المنزل أيضاً، ويعود سبب ذلك إلى أن بيئة المنزل المرتبة تسمح لها بالتوجه إلى العمل في بداية الأسبوع وهي تشعر بالنشاط والحيوية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .