تخيّل أهدافك حتى تُحققها

3 دقيقة
ترجمة الرؤية إلى واقع
shutterstock.com/tomertu
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يقول الخبير الشهير على مستوى العالم في مجال القيادة، وارين بينيس: “القيادة هي القدرة على ترجمة الرؤية إلى واقع”. قد يبدو هذا التعريف للوهلة الأولى بسيطاً، لكنه يحمل في طياته دلالات أعمق لها العديد من الآثار المهمة إذا ما تعمقنا فيه. إذا كانت القيادة هي القدرة على ترجمة الرؤية إلى واقع ملموس، فما الطريقة لتحقيق ذلك؟ وفقاً لأحدث الأبحاث، تتمثل إحدى الطرق في استخدام عقولنا لتعزيز فرص نجاحنا.

ثمة الآن دليل قاطع على أن تخيّل حركة ما يحفز المناطق المسؤولة عن الحركة في الدماغ. يستخدم الأطباء هذا الأسلوب في العلاج التأهيلي لمرضى السكتة الدماغية لمساعدتهم على استعادة قدرتهم على الحركة ومساعدة الرياضيين النخبة على تحسين أدائهم قبل خوضهم المنافسات. من الأمثلة الحديثة على ذلك استخدام المتزلجة الأولمبية، ميكايلا شيفرين، أسلوب التصور التفصيلي الذي ساعدها على الفوز بالميدالية الذهبية لسباق التزلج المتعرج الأولمبي للسيدات. استناداً إلى هذه الأدلة، يمكنك تحقيق أهدافك من خلال 3 خطوات: كتابتها أولاً، ثم تحديد الطرق المختلفة لتحقيقها، وأخيراً أغلق عينيك وتخيل نفسك وأنت تنفذها. يهيئ التخيل الأجزاء الحركية في الدماغ ويحفز عقلك على العمل، ويمكن أن يكون هذا الأسلوب مفيداً على وجه الخصوص إذا كنت تعاني المماطلة أو تشعر بأنك عالق.

مع ذلك، وبقدر ما يبدو مفهوم التخيل سهلاً، قد يكون مجرد إغلاق عينيك وتخيل نفسك وأنت تحقق هدفاً ما أو تقود فريقاً لذلك أمراً صعباً لأسباب مختلفة. على سبيل المثال، سألني العديد من عملائي: “ماذا لو لم أشعر بالثقة الكافية لتخيل النجاح؟ ماذا لو لم أحقق أهدافي لعدة أرباع، وكانت محاولة تخيل تحقيق هدفي هذه المرة تسبب لي الشعور بالقلق؟”.

أولاً، أثبتت الأبحاث أن هناك أشكالاً عدة من التخيل مفيدة في الحد من القلق، وبالتالي فإن فعل التخيل يمكن أن يساعد فعلاً في تخفيف الشعور بالقلق.

ثانياً، يمكنك تعزيز ثقتك بنفسك من خلال استخدام أحد أنواع التخيل المفيدة ويُدعى “الإتقان التحفيزي العام” (motivational-general mastery)، الذي ينطوي على التركيز على هدفك مع تخيل التغلب على العقبات أو الانتكاسات. تتناقض تقنية الإتقان التحفيزي العام مع الصورة الثابتة لتخيل أنك قد حققت هدفك بالفعل فقط، مثل رفع كأس الفوز ببطولة ما. في الواقع، يبدو أن التصور الفعلي لطريقة تغلبك على العقبات في سبيل تحقيق أهدافك طريقة أكثر فعالية لتعزيز ثقتك بنفسك. لفعل ذلك، حدد معاييرك بوضوح، ثم حدد وضعك الحالي ومتى تتوقع تحقيقها أو حتى تجاوزها وكيف ستفعل ذلك. مثّل ذلك على الورق فعلياً حتى تتمكن من استخدام هذا النص لمساعدتك على إنشاء صورتك الذهنية.

السؤال التالي الذي غالباً ما يطرحه الأشخاص هو: “كيف يمكنني تخيل تجاوز أهدافي إذا لم يكن لدي أي فكرة عن كيفية تحقيقها فعلياً؟” من المهم أن تتذكر أنك عندما تقول إنه “ليس لديك فكرة” فإنما تعني أنه ليس لديك فكرة واعية حول الطريق للمضي قدماً. مع ذلك، كشفت مراجعة حديثة لـ 75 تقريراً بحثياً أن التخيل يمكن أن يكون مفيداً بعدة طرق، فهو لا يساعدك فقط على تركيز انتباهك من خلال تنشيط المناطق المسؤولة عن الانتباه في دماغك فحسب، بل يمكن أن يساعد دماغك أيضاً على رسم خريطة طريقك إلى هدفك بعيداً عن نطاق إدراكك الواعي. بعبارة أخرى، ينشّط التخيل مناطق الدماغ التي يمكنها أن ترسم طريقك إلى النجاح دون وعي منك. لا يمثل عدم معرفة كيفية الوصول إلى أهدافنا مشكلة في الواقع، لأن دماغنا سيعمل على اكتشاف ذلك بمجرد أن تدعه يعرف هدفك بوضوح.

كيف يحدث ذلك؟ عندما تزود نظام الملاحة في سيارتك بوجهتك، يعمل بسرعة على اكتشاف أفضل طريق يوصلك إليها، وبالمثل، يتمتع دماغك بالقدرة على رسم مسارك نحو هدفك بمجرد أن تحدد لنفسك ما هو ذلك الهدف. بالإضافة إلى ذلك، يساعدك تخيل رحلتك نحو الهدف أيضاً على إبقاء دماغك على المسار الصحيح لأنه سيرجع باستمرار لهذا التصور الذهني وسيحدّث رحلتك بسهولة أكبر مما لو لم تقدم له هذه المعلومات.

يستخدم العديد من الأشخاص والفرق التي دربتها هذه الطريقة لتوجيه مساراتهم نحو النجاح. فبدلاً من وضع خطة عمل ببساطة، يصنعون فيلماً ذهنياً لها إن صح التعبير. عندما تكون لديك رؤية لحياتك وعملك، فمن المفيد أن تجعلها ملموسة ومحددة قدر الإمكان.

ابدأ بتحديد هدفك، ثم اجعله ملموساً وحتى مُصوراً. ابحث على الإنترنت عن صورة مناسبة تمثل هدفك واطبعها، أو يمكنك قضاء بعض الوقت كل يوم في تخيل صورة عالية الدقة تمثل هدفك. اجعل من هذه الممارسة عادة يومية، ويُفضل أن تكون في الصباح، وانظر إلى ذلك على أنه تغذية لدماغك بالمعلومات الرسومية حتى يتمكن من مساعدتك على رسم طريقك نحو أهدافك. من خلال ممارسة هذه الطريقة باستمرار، يمكنك الحفاظ على موارد الدماغ بفعالية لأن الممارسة تولّد أنماطاً تلقائية في الدماغ تقلل الحاجة إلى إشراك مناطق الدماغ المرتبطة بالجهد الواعي.

يخبرنا علم الدماغ بأن صورة تساوي ألف كلمة لأنها تعمل مثل دليل لتركيز الانتباه ومحفز للدماغ وخريطة له يمكن أن تساعدنا على التغلب على العقبات والنجاح في تحقيق أهدافنا أو حتى تجاوزها. الآن بعد أن فهمت كيفية تحويل رؤيتك إلى واقع، ما الذي يعوقك عن تحقيق أهدافك؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .