كيف تخفف من توترك عندما تتلقى تقييماً من الآخرين؟

3 دقائق
تخفيف التوتر بسبب التقييم

تشمل معظم الأعمال التي أقوم بها بصفتي مدرباً شخصياً للمدراء التنفيذيين، ومدرساً في كلية الأعمال للدراسات العليا في جامعة "ستانفورد"، مساعدة الآخرين على تحسين قدراتهم في مجال تقديم آرائهم وتقييم الآخرين بفعالية أكبر. فكيف يمكن تخفيف التوتر الناتج عن التقييم؟

هذه واحدة من المهارات الأساسية والمهمة، خاصةً للقادة في المؤسسات الكبيرة التي يعتبر إعطاء الأوامر فيها أمراً غير مجدٍ ويقود إلى نتائج عكسية، وكذلك لأي شخص يحتاج إلى إدارة أشخاص آخرين يشغلون مناصب أعلى منه كمدرائه أو مواقع نظيرة له مثل الزملاء والأقران.

لكن محادثة دارت بيني وبين أحد زملائي جعلتني أدرك أنني كنت أهمل الطرف الآخر من هذه المعادلة: كيف يمكن تلقي آراء الآخرين بشكل فعال وتقييمها؟

أولاً، نحن بحاجة إلى الاعتراف بأن تقبّل آراء الآخرين هو تجربة تنطوي بطبيعتها على قدر كبير من التوتر بالنسبة لنا. وهذا الأمر يصح حتى في المؤسسات التي تقدم فيها الآراء بطريقة تتسم بالود، ويكون الأمر أسوأ في البيئات التي يكون تقديم الآراء فيها متقطعاً ومفاجئاً.

فنحن البشر طورنا عبر العصور طريقة للتجاوب مع التهديدات، وهي عبارة عن مجموعة من الاستجابات الفيزيولوجية والعاطفية والإدراكية التي تحصل عندما نتخيل وجود نزاع. ونحن نشير عادة إلى هذه المجموعة من ردود الأفعال على أنها "استجابة القتال أو الهروب أو الجمود". وأظهرت البحوث التي جرت في مجال العلوم العصبية أن أدمغتنا وأجسادنا يمكن أن تتجاوب مع بعض الأوضاع التي نتفاعل فيها مع الآخرين بنفس الطريقة التي نستجيب بها للتهديدات الفعلية التي تشكل خطراً على سلامتنا الجسدية. ويشير علماء النفس إلى هذه التجارب بعبارة "التهديدات الاجتماعية".

فعندما نقابل أشخاصاً أصحاب مقام رفيع، وعندما نشعر بحالة من عدم اليقين تجاه أمر معين، وعندما نشعر بقدر أقل من الاستقلال الذاتي أو الحرية في الاختيار، وعندما نشعر بأننا أقل ارتباطاً مع الأشخاص الذين من حولنا، وعندما نشعر بأن أمراً ما فيه شيء من عدم الإنصاف لنا، فإننا على الأرجح سنشعر بحالة "التهديد الاجتماعي" هذه. لذلك لا عجب في أن تقديم الآخرين لآرائهم يمكن أن يكون تجربة تخلق التوتر بالنسبة لنا.

المفاتيح الأساسية لتلقي آراء الآخرين بفاعلية

وبناء على هذه الاعتبارات والمعطيات، فإننا نقدّم فيما يلي المفاتيح الأساسية لتلقي آراء الآخرين بقدر أكبر من الفعالية:

1. حاول النظر إلى التجربة من زاوية مختلفة

 ففي سياق محادثة يقدم فيها شخص آخر رأياً بخصوص أدائك، ينبغي أن تذكر نفسك بالمعطيات التالية:

- إن تصورك بأن الرأي المقدم ينطوي على تهديد هو أمر له أساسه في الآليات العصبية والنفسية التي باتت مفهومة تماماً من الناحية العلمية. فشعورك بأنك معرّض للخطر لا يعني تلقائياً أنك تواجه خطراً حقيقياً وفعلياً.

- الشخص الذي يقدّم إليك رأيه أو تقييمه حول أدائك أو شخصيتك لا يفترض بالضرورة أنه يحتل مقاماً أرفع أو يحاول أن يلقي بثقل مقامه الرفيع عليك. ففي معظم الحالات، هذا الشخص لا يقصد سوى مساعدتك على تحسين أدائك – حتى لو كان يفعل ذلك بطريقة غير مجدية.

- حتى لو شعرت أنك مكره شخصياً على المشاركة في هذه المحادثة، فإن لديك الخيار بالتجاوب مع هذه الضغوط، ولديك القدرات الذهنية التي تسمح لك بذلك.

- إذا شعرت بأن التقييم والآراء المقدمة فيها شيء من عدم الإنصاف والعدل، تذكّر أنك ربما تسيء فهم دوافع من يقدم هذه الآراء ومقاصده. وربما يكون هذا الشخص قد انطلق أيضاً من مجموعة افتراضات خاطئة بخصوصك أنت. إذا كان هذا هو الحال، فحاول أن تعبّر عن نواياك الحقيقية وأوضح مدى اختلاف هذه النوايا عن تلك التي افترضها الشخص الذي يقدم رأيه فيك.

2. اعمل على بناء العلاقات

 فمع مرور الوقت، بوسعك تطوير علاقات تتمتع بالثقة مع الناس الذين من المرجح أن يقدموا آراءهم وتقييمهم إليك، وبمقدورك أيضاً بناء الثقة معهم. فهذا الأمر سيساعدك على الشعور بقدر أكبر من الارتياح.

3. حاولوا تطوير ثقافة تغنيها عملية تقديم الآراء والتقييم

صحيح أن هناك الكثير الذي بوسعنا القيام به بمفردنا وفي علاقات عملنا من أجل تحسين التجربة، ولكن عملية تقديم الآراء والتقييمات وتلقيها، ستتأثر دائماً بالثقافة المحيطة بنا والسائدة في مؤسستنا. لذلك يجب أن نعمل بجد لخلق ثقافة تقود فيها محادثات تقديم الآراء والتقييم إلى قدر أقل من التوتر لجميع أعضاء المؤسسة. ومن بين مجموعة واسعة من الخطوات الأخرى، يمكن، على سبيل المثال، اللجوء إلى تقديم الآراء والتقييم بوتيرة أكثر دورية بحيث تصبح هذه العملية جزءاً طبيعياً من الحياة ضمن المؤسسة، وبحيث يصبح من الوارد تأجيل هذا النوع من المحادثات إلى وقت أفضل، وكذلك ضمان التزام كبار القادة بوعودهم الكلامية من خلال تقديم الآراء المباشرة وتلقيها بصورة منتظمة مع القدرة على تخفيف التوتر بسبب التقييم.

اقرأ أيضاً: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي