تنفق الشركات الملايين سنوياً للتدريب على تخفيف التحيز ضمن الفريق على أمل امتلاك قوى عاملة أكثر شمولية واندماجاً، وبالتالي أكثر ابتكاراً وفاعلية. وتُظهِرُ الدراسات أن المجموعات المتنوعة الخاضعة لإدارة جيدة تتفوق في الأداء على الفرق المتجانسة، وهي تُبدي التزاماً أكبر، وتمتلك ذكاء جماعياً أعلى، ناهيكم عن أنها أقدر على اتخاذ القرارات وحل المشاكل. لكن الأبحاث المتعلقة بموضوع تخفيف التحيز ضمن الفريق تُظهِرُ أيضاً أن برامج مكافحة التحيز نادراً ما تعطي النتائج المرجوة منها. كما أن بعض الشركات لا تستثمر في هذه البرامج على الإطلاق. بالتالي كيف يمكنك، كقائد، ضمان احتواء فريقك لأكثر الآراء تنوعاً والاستفادة منها إلى أقصى درجة؟ هل يُصلِحُ شخص بمفرده ما تعجز مؤسسة بأكملها عن فعله؟
اقرأ أيضاً: المديرة التنفيذية لإحدى وكالات الأمم المتحدة تتحدث عن إدارة مؤسسة غير ربحية بعقلية الشركة
رغم أن التحيز بحد ذاته هو أمر من الصعب جداً القضاء عليه، لكن ليس من الصعب التخفيف من وطأته. ففي العقود التي أمضيناها في إجراء الأبحاث وتقديم المشورة إلى الناس حول تخفيف التحيز ضمن الفريق وكيفية بناء مجموعات عمل متنوعة وإدارتها، حددنا طرقاً يمكن للمدراء الاستعانة بها لمواجهة هذا التحيز دون الاضطرار إلى تخصيص وقت طويل – أو إلى إنفاق رأسمال رئيس.
كيفية تخفيف التحيز ضمن الفريق
تتمثل الخطوة الأولى في فهم الطرق الأربع المميزة التي يتجلى بها التحيز في الحياة العملية اليومية: (1) إثبات النفس مجدداً: فبعض المجموعات مضطرة إلى إثبات نفسها أكثر من مجموعات أخرى. (2) الحبل المشدود: هناك نطاق سلوكيات أضيق يُقبل من بعض المجموعات بالمقارنة مع ما هو مقبول من غيرها. (3) حائط الأمومة: تتعرض النساء اللواتي لديهن أطفال إلى تشكيك في التزامهن وكفاءتهن أو يواجهن حالة من عدم الرضى بسبب تركيزهن المفرط على مسيراتهن المهنية (4). شد الحبل: تجد المجموعات المهمشة نفسها في مواجهة بعضها بعضاً بسبب استراتيجيات الدمج المختلفة – أو بسبب رفضها لهذه المواجهة.
تتمثل الخطوة الثانية في معرفة متى وأين تظهر هذه الأشكال من التحيزات في حياتنا اليومية. وفي غياب التوجيهات من المؤسسة، من السهل تركها تستفحل دون معالجة. وهذا خطأ. إذ ليس بوسعك أن تكون مديراً عظيماً دون أن تصبح شخصاً يجيد التقليل من التحيّز. وإليكم الطريقة التي تسمح لكم بفعل ذلك.
اختيار موظفيكم
ثمة توثيق شامل يثبت التحيّز في عملية التوظيف. ففي إحدى الدراسات، كان "جمال" بحاجة إلى ثماني سنوات أكثر من الخبرة مقارنة مع "غريغ" لكي يُنظر إليه على أنه يتمتع بكفاءات مكافئة. وتوصلت دراسة أخرى إلى أن الرجال المنحدرين من خلفيات نخبوية تلقوا اتصالات أكثر للخضوع لمقابلات عمل وبمقدار 12 ضعفاً مقارنة مع مرشحين مطابقين لهم لا ينحدرون من خلفيات نخبوية. ووجدت دراسات أخرى أن النساء والمتحولين جنسياً والأشخاص ذوي الإعاقة والمحجبات وغيرهم يتمتعون باحتمالات توظيف أقل بالمقارنة مع أقرانهم.
ليس الإنصاف في التوظيف سوى الخطوة الأولى باتجاه تحقيق التنوع، لكنها خطوة مهمة جداً. وفيما يلي أربعة إجراءات بسيطة سوف تقود إلى توظيف أفضل المرشحين من خلال استبعاد المزايا المصطنعة:
1- أصرّوا على وجود مجموعة متنوعة من المرشحين. سواء كنتم تتعاونون مع جهات معنية بالتوظيف أو تتولون عملية تعيين الموظفين بأنفسكم، أوضحوا منذ البداية أنكم تريدون تنوعاً حقيقياً من أجل تخفيف التحيز ضمن الفريق وليس فقط مرشحاً واحداً من النساء أو الأقليات. تُظهِرُ الأبحاث أن احتمال توظيف امرأة هو أعلى بمقدار 79 ضعفاً إذا كانت هناك سيدتان على الأقل في المجموعة النهائية من المرشحين، في حين أن احتمال تعيين مرشح من غير ذوي البشرة البيضاء يزداد بمقدار 194 ضعفاً إذا كان هناك شخصان على الأقل من الأقليات في القائمة النهائية للمرشحين. فعلى سبيل المثال، عندما أسست كوري كارو "معهد شوك للباحثين" (Shook Scholars Institute) في مكتب المحاماة "شوك وهاردي وبيكون" (Shook, Hardy & Bacon)، صممته لاستقطاب مزيج متنوع من الطلاب إلى مكتب المحاماة وتقديم فرص للتطوير المهني والإرشاد. وقد شجّعت هذه المبادرة العديد منهم على تقديم طلبات لشغل مناصب مؤقتة في المكتب خلال فصل الصيف.
اقرأ أيضاً: القائد الفذ عليه أن يكون معلماً وموجهاً
2- ضعوا معايير موضوعية، وعرّفوا "التأقلم الثقافي"، وطالبوا بتطبيق مبدأ المسؤولية. غالباً ما تقود التحيزات الثقافية المتعلقة بالتأقلم الثقافي إلى حالة من الانسجام. وغالباً ما يتعلق الأمر بخلفيات واهتمامات مشتركة لن يمتلكها من ينتمون إلى مجموعات خارجية، ولاسيما الاختصاصيون من الجيل الأول (المقصود بهم أول من يحصل على مؤهل مهني بعد دراسة جامعية في عائلاتهم). لذلك من المهم وضع معايير موضوعية لأي منصب مفتوح وتقويم جميع المتقدمين وفق المقياس ذاته. عندما بدأت شركة للتأمين باتباع هذه الطريقة عند تعيين الموظفين، انتهى بها المطاف وقد قدّمت وظائف إلى عدد أكبر من المرشحين من الأقليات وبواقع 46% زيادة عما سبق. وحتى لو لم تشترط مؤسستكم استعمال هذه المقاربة، حاولوا أن تضمنوا استعمال كل أعضاء فريقكم لها. دوّنوا المؤهلات المحددة المطلوبة لشغل منصب معيّن بحيث يكون بمقدور الجميع التركيز عليها عند مراجعة السير الذاتية وإجراء المقابلات. فعلى سبيل المثال، عندما كانت أليشيا باول الاستشارية الأولى في "بي إن سي بنك" (PNC Bank)، بذلت جهداً لكي تضع قائمة بالصفات التي ستُنْجِح أعضاء الفريق الجدد في مناصبهم ألا وهي أن يكونوا من الاستباقيين في إدارة المخاطر، ويتمتعون بالانضباط الذاتي، ويتحلّون بالصبر، ويركزون على الزبائن، ويتمتعون بالاستقلالية. أبلغت باول هذه المعلومات إلى بقية أعضاء الفريق والمرشحين، لتضمن وجود حالة من التفاهم بين الجميع. وأنتم أيضاً يجب أن تُخضِعُوا الموظفين للمساءلة بالطريقة ذاتها. لا تتنازلوا عن المعايير إلا فيما ندر، واطلبوا تقديم تفسير لهذه الاستثناءات، ثم تتبّعوا الاتجاهات التي تتخذها هذه الإعفاءات المقدّمة على المدى البعيد. تُظهِرُ الأبحاث أن القواعد الموضوعية تميل إلى أن تطبّق بصرامة على المنتمين إلى المجموعات الخارجية ولكن بشيء من التساهل في حالة المنتمين إلى المجموعات الداخلية.
3- قيّدوا التوظيف بناءً على مبدأ الإحالة. إذا كانت مؤسستكم متجانسة، فإن التوظيف من داخلها أو من دائرة المعارف الاجتماعية للموظفين لن يؤدّي إلا إلى ديمومة هذه الحالة. لذلك تواصلوا مع مجموعات النساء والأقليات. دخلت جوجل في شراكة مع كليات كانت تعرف تاريخياً أنها كليات لذوي البشرة السوداء مثل "سبيلمان" و"فلوريدا آي & إم يونفيرسيتي" ومع مؤسسات تعمل على خدمة السكان من أصول هسبانية مثل جامعة "نيو مكسيكو ستيت" وجامعة "يونيفرسيتي أوف بورتوريكو، ماياغوير". وبوسعك أنت كقائد أن تعمل مع المؤسسات ذاتها أو تعيّن من مؤسسات مشابهة في قطاعك أو مجتمعك المحلي.
4- اطرحوا أسئلة تتعلق بالمهارات خلال مقابلات العمل. اطرحوا على كل شخص يخضع للمقابلة الأسئلة ذاتها وتأكدوا من أن يكون كل سؤال على صلة مباشرة بالمعارف والمهارات المطلوبة التي حددتموها. صنّفوا الأسئلة مباشرة – فذلك سيسمح لكم بإجراء مقارنة مُنْصِفة بين المرشحين بناء على معيار محدد مسبقاً ويحول بالتالي دون حصول محاباة. كما يجب عليكم أيضاً استعمال تقويمات المهارات: فعوضاً عن طرح السؤال التالي: "ما مدى ارتياحك لاستعمال برنامج "إكسل" (Excel)؟ قولوا: "إليك مجموعة البيانات التالية. كيف تستطيع العثور على (س)؟" في حالة المهارات الأعقد، مثل إدارة المشاريع، اطرحوا مشكلة أو مهمة قد يواجهها المرشح على الأغلب أثناء أدائه للوظيفة واطلبوا منه أن يصف بالتفصيل كيف سيتعامل معها.
لا تتنازلوا عن المعايير إلا فيما ندر. فالأبحاث تُظهرُ أن القواعد الموضوعية تميل إلى أن تطبّق بصرامة على المنتمين إلى المجموعات الخارجية ولكن بشيء من التساهل في حالة المنتمين إلى المجموعات الداخلية.
الإدارة اليومية من أجل تخفيف التحيز ضمن الفريق
يقع القادة البارعون حتى في بعض الأحيان في فخ العادات السيئة عندما يتعلق الأمر بالإدارة اليومية لفرقهم في سبيل تخفيف التحيز ضمن الفريق الواحد. تفيد النساء أنهن ينجزن كمية من "الأعمال المكتبية الرتيبة" تزيد بنسبة 20% على ما ينجزه نظراؤهم من الذكور، سواء تعلّق الأمر بأعمال رتيبة بالمعنى الحرفي للكلمة (مثل الترتيب لوجبة غداء أو التنظيف في أعقاب اجتماع)، أو مهام إدارية (العثور على مكان للاجتماع أو تحضير عرض باور بوينت)، أو جهد عاطفي ("فلان منزعج، هلا تولّيتِ أمره؟")، أو عمل لا يحظى بالتقدير الكافي (إرشاد المتدربين خلال فترة الصيف). ويصحّ هذا الأمر تحديداً في أماكن العمل المرموقة وذات الأهمية العالية. تفيد المهندسات أنه ينُتظر منهن أن يكنّ بمثابة "نحلات عاملات" بمعدلات أعلى بالمقارنة مع المهندسين ذوي البشرة البيضاء، في حين تفيد المهندسات ذوات البشرة غير البيضاء أن ما يُتوَّقعُ منهن في هذا المجال أعلى مما هو متوقع من السيدات ذوات البشرة البيضاء. في غضون ذلك، يذهب العمل البرّاق الذي يقود إلى فرص لتكوين العلاقات والحصول على الترقية، مثل قيادة المشاريع والعروض التقديمية إلى الرجال البيض بشكل غير متناسب مع عددهم. عندما حللت شركة الاستشارات "غاب جمبرز" (GapJumpers) مراجعات الأداء لدى إحدى الشركات التكنولوجية العملاقة التي تتعامل معها توصّلت إلى أن الموظفات كنّ أكثر ميلاً بنسبة 42% من زملائهن الموظفين إلى أن يقتصر ما يُعطى لهن على مشاريع ذات أثر أدنى، لذلك فإن قلة أقل منهن فقط تمكّنت من الارتقاء إلى مناصب أعلى.
اقرأ أيضاً: القادة العظماء يدركون أهمية الإيماءات الصغيرة
تُعدُّ الاجتماعات مجالاً إشكالياً آخر. فالأبحاث تُظهِرُ أن الرجال أكثر ميلاً من النساء إلى الهيمنة على المحادثات، وأنه على الرغم من نزوع الرجال ذوي الخبرة إلى امتلاك نفوذ أكبر، إلا أن النساء ذوات الخبرة أقل نفوذاً نوعاً ما. وتوصّلت دراستنا التي شملت محامين إلى أن نصف النساء قلن إنهن تعرّضن للمقاطعة في الاجتماعات بوتيرة أعلى مقارنة مع نظرائهن المحامين. ووجدت دراسة أخرى أنه في الاجتماعات التي كانت تضم رجالاً أكثر من النساء (وهو سيناريو شائع)، فإن مشاركة النساء كانت أقل بنسبة 25% مقارنة مع مشاركة زملائهم في العمل من الرجال.
تظهر المعايير المزدوجة والصور النمطية إلى السطح كلما اجتمعت الهويات المتنوعة معاً. هل "المرأة" عاطفية، أو الرجل الأسود البشرة "غاضب"، في حين أن الذكر الأبيض "شغوف"؟ في إحدى المرات أخبرتنا عالمة أنها تعرضت لانتقادات حادة بوصفها "عدوانية" عندما تطرّقت إلى وجود عيب في تحليل أحد زملائها الذكور، بعد ذلك شعرت أن كل ما تحتاج إليه هو مجرد "إحضار بعض الحلويات المنزلية والتصرف كشخص يحظى بقبول الجميع". وقالت لنا إحدى التنفيذيات اللواتي نعرفهن وهي من ذوات البشرة السوداء وتعمل في شركة تكنولوجية إنها حضرت اجتماعاً لم تتح لها الفرصة لقول الكثير فيه، في حين تحدثت المرأة الأخرى في الاجتماع، وهي أميركية من آصل آسيوي، مطولاً. لكنها سمعت لاحقاً إن الناس كانوا يعتقدون إنها "هيمنت" على الحوار في حين أن زميلتها الأميركية الآسيوية كانت "صامتة جداً".
هل أنتم غير واثقين ما إذا كان هذا الشيء يحصل في فريقكم؟ كل ما عليكم فعله هو البدء بتتبّع المهام وأوقات الاجتماعات. بوسعكم استعمال بعض الأدوات التي نوفرها على الإنترنت مجاناً باللغة الإنجليزية (على العنوان التالي: (http://biasinterrupters.org/toolkits/orgtools/)) لتحددوا أي من الأعمال التي تنجزها مجموعتكم مهمة أم غير مهمة ومُنْ يُنجِز ماذا. بالنسبة للاجتماعات، انتبهوا إلى ما يلي: من الذي يجلس إلى المائدة؟ من الذي يتحدث؟ هل هناك من يدوّن الملاحظات بينما هو أو هي قادران على قيادة الحوار؟ إذا عثرتم على ديناميكية إشكالية، فيما يلي بعض الطرق التي تساعدكم على تغييرها:
1- حدّدوا طريقة للمداورة بين الموظفين في إنجاز الأعمال الرتيبة ولا تطلبوا متطوّعين. "أنا دائماً ما أعطي هذه المهام إلى النساء لأنهن غالباً ما يبرعن في إنجازها/يتطوّعن". هذه واحدة من اللازمات الشائعة. تعكس هذه الديناميكية بيئة لا يعاني فيها الرجال من عواقب كثيرة عندما يتجاوزون الأعمال ذات القيمة المتدنية أو لا يجيدون أداءها، في حين أن النساء اللواتي يفعلن الشيء ذاته يُنظر إليهن على أنهن مزاجيات وعديمات الكفاءة. وبالتحديد عندما يكون عدد الموظفين المسؤولين عن الأمور الإدارية محدوداً، فإن المداورة تساعد في إيجاد مساحة منصفة للجميع وتوضح أن الجميع يجب أن يسهم في إنجاز الأعمال الرتيبة في المكتب. إذا طلبتم متطوعين، فإن النساء والأشخاص ذوي البشرة غير البيضاء سيشعرون بضغط قوي ليثبتوا أنهم "يجيدون العمل الجماعي" من خلال رفع أيديهم.
2- تأنّوا في تصميم المشاريع ذات القيمة العالية وفي إيكال مهمة العمل فيها إلى الموظفين. في بعض الأحيان، نسمع الجملة التالية: "هذا صحيح، أنا أظل أوكل المشاريع المرغوبة إلى مجموعة صغيرة – لكنهم هم فقط من يمتلك المهارات المطلوبة لأدائها!" وفقاً لجويس نورسيني، وهي المستشارة العامة السابق لشبكات نوكيا سيمنز، إذا لم يكن لديكم إلا فئة تضم مجموعة صغيرة من الأشخاص الذين تثقون بهم لإنجاز الأعمال المهمة، فأنتم في ورطة. وتتلخص نصيحتها بما يلي: أعيدوا النظر لتحديد من يستطيع إنجاز ما تحتاجه هذه الوظائف المهمة، أغلب الظن أن يكون هذا الشخص ليس موجوداً على قائمتكم المعتادة. ربما قد تحتاجون إلى الخروج من منطقة راحتكم وإلى أن تكونوا أكثر انخراطاً في بادئ الأمر، لكن امتلاك مجموعة أوسع نطاقاً من الموظفين المدرَّبين سيكون أفضل لكم في نهاية المطاف.
3- اعترفوا بأهمية الإسهامات الأقل شأناً. ربما يتأخر الموظفون الذين عُيّنوا بسبب "التنوع" عن أقرانهم الذين ينتمون إلى الأكثرية لأنهم يُنجزون مهام إضافية لا يحصلون بموجبها على أي شكر إضافي. فإذا ما كانت مؤسستكم تعطي الأولية حقاً للدمج وإشراك الجميع، فإنها يجب أن تُقرِن الأقوال بالأفعال. لكن العديد من المدراء الذين يقولون إنهم يقدّرون برامج التنوع وتقديم الإرشاد في مجال التنوع لا يأخذونه بالحسبان عندما يأتي وقت الترقيات أو التعويض. إن إدماج هذه الإسهامات ضمن عمليات تحديد الأهداف الفردية وتقويمها أثناء مراجعة الأداء هو مجرّد بداية بسيطة. ولا تخشوا من التفكير بأفكار كبيرة: فقد أبلت إحدى الشريكات اللواتي نعرفهن في مكتب محاماة بلاء عظيماً في إدارة مبادرة للنساء كان مكتبها قد توسّل إليها للبقاء لمدة عام آخر فيها. وهي قبلت تولي المهمة إذا ما أدخلها مدراء الشركة كشريكة في رأس المال فوافقوا على طلبها.
4- عالجوا مشكلة المعايير المزدوجة، والصور النمطية، ومقاطعة الرجال للنساء أثناء الكلام، وسرقة أفكار النساء، وذوي البشرة غير البيضاء. انتهبوا انتباهاً دقيقاً إلى الطريقة التي يتحدث بها أعضاء فريقكم عن أقرانهم وكيف يتصرّفون عندما يكونون ضمن مجموعات. فعلى سبيل المثال، يميل الرجال إلى مقاطعة النساء أكثر بكثير مما تقاطع النساء الرجال، كما أن إبداء الثقة والمباشرة يقللان من نفوذ النساء لكنهما يزيدان من نفوذ الرجال. فإذا ما كانت هناك قلة من الناس تهيمن على الحديث في اجتماع ما، تعاملوا مع الموضوع مباشرة. ضعوا سياسة تخص المقاطعة أثناء الحديث وطبقوها. راقبوا الأشخاص الذين يطغون على الآخرين وتحدثوا إليهم على انفراد بخصوص الأمر، واشرحوا لهم أهمية سماع إسهامات الجميع. وعلى المنوال ذاته، عندما ترون حالات تلجأ فيها أغلبية من أعضاء مجموعة ما إلى سرقة أفكار النساء، وسرقة أفكار ذوي البشرة غير البيضاء أو عندما يُنسب الفضل في هذه الأفكار إلى هذه المجموعة – تصدّوا لها. نعرف سيدتين في مجلس إدارة شركة عامة تعاهدتا على ما يلي: عندما يحاول رجل ما نسب الفضل عن فكرة معيّنة من أفكارهن لنفسه، فإن الأخرى ستقول شيئاً من قبيل: "نعم، أنا أيضاً أعجبت بفكرة ساندرا، وسعيدة أنك قد أعجبت بها أيضاً". بعد أن لجأت السيدتان إلى هذه الممارسة بصورة متسقة، توقفت عملية سرقة أفكارهن.
5- اطلبوا من الموظفين أن يدلوا بدلوهم. تفيد النساء كما يفيد الأشخاص المنحدرون من أصول آسيوية والاختصاصيون من الجيل الأول أنهم قد تربّوا على "واجب التواضع" الذي يمكن أن يقودهم إلى الاحتفاظ بأفكارهم لأنفسهم أو الحديث بطريقة فيها شيء من التردد والاحترام. واجهوا هذا الأمر من خلال توجيه دعوة: "كاميلا، هل لديك خبرة بهذا – ما هو الشيء الذي يجب أن نفعله برأيك ولم نفعله؟ هل هذه هي أفضل طريقة للعمل؟
6- رتبوا الاجتماعات بطريقة تضمن إشراك الجميع. يجب أن تحصل الاجتماعات في المكتب وليس في ملعب للغولف، أو في النادي الاجتماعي، أو في مكانكم المفضل المخصص للحفلات. وإلا فإنكم بذلك تعطون ميزة مصطنعة للأشخاص الذين يشعرون بارتياح أكبر في هذه الأماكن أو للأشخاص الذين تتداخل اهتماماتهم الشخصية مع اهتماماتكم أنتم. التزموا بساعات العمل كلما كان ذلك ممكناً، وإلا فإنكم تخاطرون بوضع الموظفين الذين لديهم أشخاص يعتنون بهم والآخرين من ذوي الحياة الشخصية الشاقة في موقع ليس في مصلحتهم. لاحظت جوان مرة أنه لم تكن هناك أمهات يشاركن في عملية تعيين أعضاء الهيئة التدريسية لأن جميع الاجتماعات كانت تعقد عند الخامسة والنصف مساءً. وعندما أشارت بهذه النقطة إلى الشخص الذي كان يديرهم، حلّت المشكلة على الفور. هذا الزميل كانت لديه زوجة لا تعمل وبالتالي لم يكن ببساطة قد فكّر في الأمر.
7- اضمنوا التساوي بين الجميع بشكل استباقي. قد يجتمع المدراء مع بعض الموظفين بانتظام أكبر بالمقارنة مع موظفين آخرين، ولكن من المهم ضمان أن يكون ذلك الأمر مرتبطاً بمتطلبات العمل واحتياجات الفريق وليس نتيجة لما يريده الأفراد أو يتوقعونه. قد يشعر الرجال البيض بارتياح أكبر تجاه فكرة الدخول إلى مكتبكم أو طلب الوقت. والأمر ذات قد يصح في حالة الأشخاص الذين يشاركونكم اهتماماتكم. عندما أدركت إيميلي كود سوليفان، التي كانت تتولى وظائف لها علاقة بقانون العمل في شركتين لتجارة التجزئة مدرجتين على قائمة "فورتشن 500" (Fortune 500)، أنها كانت تقبل دعوات روتينية "لاجتماعات تعقد سيراً على الأقدام" من أحد أعضاء الفريق الذي كان مثلها مهتماً باللياقة البدنية، بذلت جهداً في التواصل مع الآخرين لضمان التساوي في المعاملة.
تطوير فريقكم
لا يتمثل واجبك كمدير في الحصول على أفضل أداء ممكن من فريقك فحسب، وإنما في التشجيع أيضاً على تطوير كل عضو في الفريق. هذا يعني إجراء مراجعات أداء منصفة، والتساوي في احتمالات الحصول على المهام التي تنطوي على إمكانيات عالية، والترقيات، وزيادات الأجور لمن يستحقونها. لكن المؤسف في الأمر، كما لاحظنا، هو أن بعض المجموعات مضطرة إلى إثبات نفسها أكثر من الأخرى، وغالباً ما تكون هناك مجموعة أوسع من السلوكيات المقبولة من الرجال البيض. فعلى سبيل المثال، تُظهِرُ أبحاثنا أن الحزم والغضب غير مقبولين بذات الدرجة من الأشخاص ذوي البشرة غير البيضاء، كما أن التوقعات التي تشير إلى أن النساء يجب أن يكنّ متواضعات وهادئات ولطيفات غالباً ما تؤثر على تقييمات الأداء. توصلت إحدى الدراسات إلى أن 66% من مراجعات أداء النساء احتوت على تعليقات حول شخصياتهن، في حين لم يزد الرقم في حالة الرجال عن 1%. يمكن لهذه المعايير المزدوجة أن تترك أثراً حقيقياً على النتائج فيما يخص المساواة. فقد وجدت شركة "باي سكيل" (PayScale) أن احتمال حصول الرجال ذوي البشرة غير البيضاء على زيادة في الراتب تقل بنسبة 25% مقارنة مع نظرائهم من ذوي البشرة البيضاء عندما كانوا يطالبون بهذه الزيادة. كما أن معايير النوع الاجتماعي تعيق المسيرة المهنية للنساء. فقد وجدت "باي سكيل" أنه عندما يبدأ النساء والرجال مسيراتهم المهنية على الدرجة ذاتها من السلّم المهني، فإنهم عندما يَصِلُون إلى منتصف الطريق (بين عمر 33 و44 عاماً)، فإن 47% من الرجال يكونون في مرتبة مدير أو أعلى، في حين لا تزيد النسبة في حالة النساء عن 40%. وهذه الأرقام تصبح أسوأ فحسب مع مرور الوقت: فنسبة لا تزيد عن 3% فقط من النساء تصل إلى الإدارة التنفيذية العليا، مقارنة مع 8% في حالة الرجال.
حددوا مواعيد الاجتماعات خلال ساعات العمل كلما كان ذلك ممكناً، وإلا فإنكم تخاطرون بوضع الموظفين الذين لديهم أشخاص يعتنون بهم والآخرين من ذوي الحياة الشخصية الشاقة في موقع ليس في مصلحتهم.
اتخذوا الخطوات التالية لتجنب الأفخاخ الشائعة في عمليات التقييم والترقية:
1- أوضحوا معايير التقييم وركزوا على الأداء وليس على القدرات الكامنة. لا تضعوا تصنيفاً معيّناً دون التفكير في المقاييس المحددة سلفاً التي استعملتموها للوصول إلى هذا التصنيف. يجب أن يشمل أي تقويم ما يكفي من البيانات ليفهم الآخرون مبرر التصنيف. كونوا محددين. عوضاً عن "هي تجيد الكتابة"، قولوا "هي قادرة على كتابة طلب استرحام بفاعلية حتى لو كانت المهلة النهائية قصيرة جداً".
2- افصلوا الأداء عن القدرات الكامنة والشخصية عن مجموعات المهارات. عادة ما يُحكم على الأشخاص الذين ينتمون إلى المجموعات الداخلية بناء على قدراتهم الكامنة، كما تُلتمسُ لهم الأعذار، في حين أن الأشخاص المنتمين إلى مجموعات خارجية مضطرون إلى إثبات براعتهم. إذا كانت شركتكم تثمّن القدرات الكامنة، فإنها يجب أن تخضع لتقويم منفصل، على أن تُبيّن العوامل بوضوح للمُقيّمين والموظفين على حد سواء. بعد ذلك راقبوا الأمر وحددوا ما إذا كان هناك نمط يشير إلى الأشخاص ذوي "القدرات الكامنة". إذا كان هذا هو الحال، حاولوا الاعتماد على الأداء لوحده فقط بالنسبة للجميع أو حاولوا قياس أشياء ملموسة أكثر. ولا يختلف الأمر بالنسبة للتعليقات الخاصة بالشخصية، احذروا المعايير المزدوجة التي يمكن أن تؤثر على النساء والأشخاص من غير ذي البشرة البيضاء عندما يتعلق الأمر بإظهار العواطف أو إبداء سلوك ودّي. إن ممارسة دور الشرطي على النساء ودفعهن نحو الأنوثة بالقوة لا يفيد أحداً، عدا عن أن ذلك، وكما أثبتت المحاكم، هو دليل مباشر على التمييز الجنسي. إذا لم يكن ذلك يشكّل دافعاً كافياً، فإن المقومين يمكن أن تفوتهم مهارات مهمة إذا ما ركّزوا على الشخصية. فقولنا إن موظفة ما تجيد التعاون بقوة وقادرة على إدارة المشاريع التي تشمل عدة أقسام أقيم وأدق من قولنا "هي ودودة وحسنة المعشر مع الجميع".
3- افسحوا مجالاً متساوياً أمام الجميع لكي يروجوا لذواتهم. يمنع واجب التواضع المذكور أعلاه العديد من الناس ممن لا ينتمون إلى المجموعة الداخلية من كتابة تقويمات ذاتية فاعلة أو الدفاع عن أنفسهم عندما يحين وقت المراجعة. واجهوا ذلك من خلال منح كل من تديرونهم الأدوات التي تتيح لهم تقويم أدائهم. أوضحوا أن من المقبول، لا بل من المنتظر، أن يروّج المرء لنفسه. يمكن لتقرير بسيط من صفحتين أن يساعد في التغلب على واجب التواضع وأن يوجه غالبية الرجال (الميالين إلى الثقة المفرطة) إلى تقديم براهين ملموسة على مزاعمهم.
4- اشرحوا الطريقة التي ستتخذ بها قرارات التدريب، والترقيات، وزيادة الأجور، واتبعوا هذه القواعد. وضعت إحدى السيدات التي نعرفها وبوصفها رئيسة مبادرة للنساء أطلقتها شركتها، استراتيجية لضمان حصول كل المرشحات للترقية على معاملة عادلة في هذه العملية. وقد بدأت بمخطط واضح لما هو مطلوب للمضي قدماً ثم وضعت كل موظفة مؤهلة (علماً أن أسماء كل الموظفات قد كانت مغفلة) في واحدة من ثلاث مجموعات: الخضراء (تلبي المعايير الموضوعية)، والصفراء (قريبة من تلبيتها)، والحمراء (لا تلبيها). ثم عرضت القائمة المرمزة بالألوان على بقية أعضاء فريق التقويم. بلجوئها إلى إغفال الأسماء عند طرح البيانات وترتيب المرشحات مسبقاً بحسب كفاءاتهن، ضمنت عدم نسيان أي سيدة أو تزكيتها بسبب الميل إليها كونها من أعضاء المجموعة.
اضطر جميع المقومين إلى الالتزام بمعايير القياس المحددة سلفاً من أجل تخفيف التحيز ضمن الفريق الواحد، ونتيجة لذلك، فإنهم تمكنوا من الاستفادة من أفضل المرشحات. (قدّمت نصائح إلى السيدات اللواتي كنّ في المجموعة الصفراء حول كيفية الانتقال إلى المجموعة الخضراء). وعندما يتعلق الأمر بالترقيات، قد تكون هناك قيود بخصوص ما يمكنك فعله كمدير، لكنك يجب أن تدفع باتجاه الشفافية في المعايير المستعملة. فعندما تكون هذه المعايير صريحة، سيكون من الأصعب تطويع هذه القواعد لتناسب أعضاء المجموعة الداخلية.
التغيير المؤسسي هو أمر ضروري جداً، لكنه لا يحصل بين عشية وضحاها. ولحسن الحظ، بوسعكم البدء بتطبيق هذه التوصيات المتعلقة بموضوع تخفيف التحيز ضمن الفريق اعتباراً من اليوم.
اقرأ أيضاً: القادة العظام يتمتعون بفكر ثاقب وعميق ولا يتسرعون في ردود أفعالهم