3 سمات تميّز الشغوفين بعملهم وتجعل وظيفتهم مصدراً للسعادة

3 دقيقة
العمل
shutterstock.com/ImageFlow

العمل ضرورة مادية للجميع تقريباً، وقد يتطلب تضحيات أحياناً. يمكن أن يكون العمل مرهقاً ومملاً، ولكنه قد يكون ممتعاً ومثيراً أيضاً. يمكن أن تكون المنافسة في العمل محفزة، ويمكن أن يكون العمل نفسه جزءاً مهماً وإيجابياً في حياتنا.

تعلمت الكثير عن هذا الموضوع من إيمي جشنيفسكي وأبحاثها حول "تصميم الوظائف". تصف إيمي 3 مواقف تجاه العمل: الوظيفة والمسار المهني والشغف، تعكس مدى رضا الأفراد في مكان العمل. في هذا الصدد، يمكن أن يساعدك تحديد منظورك تجاه العمل على تحديد ما تحتاج إليه أو ترغب فيه في حياتك المهنية.

يعمل أصحاب عقلية "الوظيفة" من أجل المال ويفضلون قضاء أقل وقت ممكن في العمل، ويميل كل من عرفتهم بهذا الموقف إلى عدم الرضا، ولا يجدون معنى كبيراً فيما يفعلون، وعادة ما يبحثون عن فرص جديدة.

يعمل أصحاب عقلية "المسار المهني" من أجل التقدم والراتب والمكانة. لقد لاحظت مستويات مختلفة تماماً من السعادة والرضا بين أصحاب هذه العقلية. إذا كانوا يعتقدون أنهم ناجحون فسيكونون سعداء، لكن البعض الآخر يقلقون من عدم التقدم بالوتيرة المرغوبة أو لأنهم ليسوا في الدور الذي يستحقونه. وعلى الرغم من أنهم لا يشعرون بعدم الرضا كلياً، تنتابهم الشكوك إن كانوا يتلقون معاملة منصفة أو يبحثون عن فرصة أفضل في الخارج.

أما أصحاب عقلية "الشغف" فهم مختلفون. فهم ينظرون إلى عملهم بصفته غاية إيجابية في حد ذاته، ويشعرون بالرضا عما يفعلونه. يبذلون جهداً أكبر في عملهم ويحصلون على الكثير في المقابل.  وإليك سراً عن أصحاب عقلية الشغف: ليسوا سعداء وراضين فحسب، بل غالباً ما يكونون ناجحين جداً، ويحققون في بعض الأحيان مكاسب مادية.

يختلف أصحاب عقلية الشغف عن غيرهم بسبب الأولويات الفريدة التي يضعونها في عملهم. تتميز أهدافهم بثلاثة جوانب:

1. يركزون على خدمة الآخرين

مساعدة الآخرين هي أولوية قصوى لأصحاب عقلية الشغف. يتطلع بعضهم إلى تحقيق أهداف نبيلة مقتدين بالقادة في المجال الديني أو الخدمة العمومية أو العمل الخيري، ويسعى الآخرون من خلال إدارة أعمالهم إلى خدمة أسواقهم بطريقة تعود بالنفع على العملاء.

أحمد (ليس اسمه الحقيقي) مثال جيد على ذلك. بعد نيله ماجستير إدارة الأعمال، حصل على وظيفة براتب عالٍ في صندوق استثمار مشترك يراعي المسؤولية الاجتماعية. لقد أعجبته غاية الصندوق، لكنه لم يشعر بترابط كبير بين عمله ورغبته في إحداث تأثير إيجابي في العالم. ثم خطرت له فكرة؛ توفير فئة جديدة من المنتجات الغذائية من شأنها تحسين عادات الأكل الصحية، وعلى الرغم من اقتراب ولادة طفله الثاني، خاطر لتحقيق ذلك، فغادر الصندوق ليؤسس شركته الخاصة، مدركاً تماماً أنه سيعتمد على مدخراته. وجد أحمد شغفه الحقيقي، وبعد مرور عقد من الزمان، ومع توافر منتجاته على رفوف العديد من متاجر التجزئة، لا يزال يجد متعة في عمله وطريقة قضاء وقته وإفادة الناس. هذا هو الشغف الذي يحفزه.

2. يركزون على الإتقان

يتميز أصحاب عقلية الشغف بما أسميه "الإتقان" في العمل. يسعون لإحداث فرق وتحقيق التميز في مجالاتهم، ليس فقط بسبب فرص الترقية المحتملة في شركاتهم، بل لأنهم يؤمنون بأن هذه المساعي مجزية في جوهرها.

خذ على سبيل المثال المدير التنفيذي لشركة تصنيع، مروان. يركز عرض القيمة الشخصية لمروان بشدة على ما يجيده؛ قيادة شركات التصنيع التي تحتاج إلى تحسين كبير في العمليات. يتمتع مروان بقدرة فائقة على تحديد التعقيدات في العمليات التشغيلية قبل الآخرين. في مناصبه الرفيعة، لم يكن عليه تعلم كيفية تجاوز دوره بصفته مفكراً فحسب، بل أيضاً تعلم كيف يحفّز الآخرين ويعلمهم. هذا هو النوع الوحيد من المناصب التي يفكر فيها، سواء للحفاظ على أدائه العالي أو لتعميق خبرته. مروان هو مثال على صاحب عقلية الشغف الذي يتميز بالإتقان.

3. يقللون من أهمية المال

لا يركز أصحاب عقلية الشغف على الاعتبارات المالية عند اتخاذ قرارات مهنية، بل على ما يقدمه الدور الجديد إلى جانب العائد المادي. لم أقابل أي شخص بعقلية الشغف يعتبر الدخل من أهم أهدافه المهنية.

يعد أيمن مثالاً رائعاً على ذلك. لقد حل تركيزه على خدمة المجتمع والإنجاز مكان حاجته إلى راتب كبير. ازداد شغفه بالتعليم منذ الصغر، وعززت دراسته الجامعية هذا الشغف عندما رأى التحديات التي تواجه الأطفال في المدارس الحضرية. فأصبح معلماً في مدرسة بمنطقة ذات دخل منخفض وكان متحمساً لرؤية التأثير الذي يحدثه في طلابه وعائلاتهم. لقد رفض الترقيات في النظام المدرسي التي كانت ستزيد من أجره، ولكنها كانت ستبعده عن هؤلاء الطلاب في الوقت نفسه. حتى إنه لم ينتقل إلى المقر الرئيس إلا عندما أتاح له الدور الجديد تأثيراً واسعاً في مجال التعليم في مدارس متعددة. وبعد ذلك بعامين، رقّته الدائرة التعليمية إلى منصب مدير وهو ما يزال في التاسعة والعشرين من عمره فقط.

يسعى معظم الأشخاص إلى الرضا الوظيفي الذي ينبع من امتلاك "شغف" في العمل. إذا كنت ترى عملك مجرد وظيفة أو مسار مهني، فقد يكون الوقت قد حان لإعادة تقييم وجهة نظرك أو أولوياتك. قد يكون أحد الحلول إعادة تعريف مهامك أو تغيير نظرتك إلى عملك لتزيد التركيز على خدمة الآخرين والإتقان. إذا استطعت إعادة تنظيم عملك بهذه الطريقة، فقد تكتشف "شغفك"، أو على الأقل ستجد قدراً أكبر من المعنى والسعادة في عملك. أما إذا لم يكن ذلك ممكناً، فقد يكون الوقت قد حان للبحث عن وظيفة أخرى.

في الختام، فكر في الجوانب الأخرى التي يجب عليك التركيز عليها أو التقليل من أهميتها لتعزيز رضاك الوظيفي؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي