اسألوا المدراء المسؤولين عن تطوير التجارة العالمية عن كيفية تحديدهم لقدرات شركاتهم على النمو عند دخولهم أسواقاً دولية جديدة، أو تمتع هذه الشركات بما يلزم لتغدو شركة عالمية، وسيستشهد معظمهم بمجموعة من العوامل الإيجابية خارج مؤسساتهم، أشياء مثل التوجهات الاقتصادية والسوقية الخاصة بكل بلد وارتفاع الناتج المحلي الإجمالي وزيادة حجم الطبقة الوسطى وارتفاع معدلات الدخول وتزايد الطلب على البضائع والخدمات عالية الجودة بشكل ملحوظ. اسألوا هؤلاء المدراء ذواتهم بعد الانطلاق إلى أسواق دولية جديدة عما إذا كانوا قد حققوا أهداف أدائهم، وسيجيب الكثير منهم بعبارات مثل: "ليس تماماً" أو "لا، على الإطلاق".
وعلى الرغم من مؤشرات السوق الإيجابية والتخطيط الدقيق، فغالباً ما تكون مبادرات الدخول للأسواق الدولية قاصرة. ومن بين العلامات التجارية البارزة التي أدت توسعاتها العالمية إلى ضياع علاماتها التجارية "سنابيل" (Snapple)، و"كيلوغز" (Killogg's)، و"وول مارت" (Walmart) وغيرها الكثير. عند سؤالهم عن سبب فشل استراتيجياتهم، يشير المدراء الذين كانوا واثقين جداً من العوامل الخارجية الإيجابية في العمل إلى عوامل خارجية سلبية لم يتوقعوها تماماً، مثل تغيير ظروف السوق وتعقيد قنوات البيع غير المتوقع والمنافسين العدوانيين.
الشروط السبعة للتوسع الدولي
وقد تلعب هذه العوامل الخارجية بالفعل دوراً، لكن أبحاثنا تُظهر أن السبب الحقيقي لهذا الفشل غالباً ما يكون أقرب إلى العوامل الداخلية.
بعد عقود من العمل مع أكثر من 100 مؤسسة عالمية، شهدنا العديد من الحالات التي يتوق فيها المدراء وشركاتهم إلى الدخول إلى الساحة العالمية قبل التأكد من أن جميع العناصر الداخلية الصحيحة موجودة. فالعوامل الخارجية تهيئ فقط الأرضية لاقتناص فرصة دولية؛ حيث إنها مجرد عنصر واحد -وليس بالضرورة العنصر الأكثر أهمية- لنجاح التمدد العالمي للشركات. وبينما تدرك الشركات الحاجة إلى قدرات داخلية مثل مهارات التكيف اللغوي والثقافي في سوق جديدة، فإنها تميل إلى التغاضي عن المتطلبات الداخلية الأخرى الأقل وضوحاً، لتكتشف لاحقاً وبعد فوات الأوان أنها غير مستعدة لما ينتظرها.
لمساعدة الشركات على تحديد القدرات الداخلية التي ستحتاجها للنجاح على المستوى الدولي ومراجعتها، طورنا أداة تشخيصية يمكن أن تكشف عن نقاط القوة والضعف للشركة في كل مجال من المجالات السبعة، ما نسميه "الشروط السبعة للتوسع الدولي، التي توضح أبحاثنا أهميتها الكبرى للنجاح على المستوى العالمي. وتشمل هذه الشروط "سلوك" الشركة (إعطاء الأولوية للتوسع العالمي)؛ "الاستعداد" (المعرفة والمهارات)؛ "الحجم" (القدرة على مواءمة الفرص مع القدرات)؛ "حرية العمل والاختيار" (القدرة على التكيف)؛ "الاستقامة" (الممارسات القانونية والأخلاقية)؛ "الدقة" (التسامح في حالة عدم اليقين)؛ و"الثبات" (الالتزام بالمبادرات العالمية).
تتكون الأداة من 28 عبارة، أي أربع عبارات لكل شرط من الشروط السبعة. لكل مبادرة خارجية تؤخذ بعين الاعتبار، يقيِّم المشاركون في الاستبانة على مقياس من 1 إلى 5 مستوى اتفاقهم مع عبارات مثل "الفرصة الدولية تتماشى بشكل استراتيجي مع قدراتنا ومواردنا"، "سوف تتحمل الجهات الفاعلة الرئيسة المخاطرة المهنية لتحويل مبادرة جديدة في الخارج إلى نجاح"، و"الشركة مستعدة لتعديل دعم ما بعد البيع وتقديم ضمانات محلية مخصصة".
وبعد الانتهاء من الدراسة الاستقصائية، يحصل المشاركون الذين خضعوا للدراسة على درجة تقيس استحقاق الشركة في كل مجال وتكشف عن الاستعداد الداخلي للتوسع الخارجي. وبالتالي، يمكن للأداة أن تكون بمثابة اختبار واقعي استباقي لقدرات الشركة قبل متابعة مشروع دولي.
اختبرنا الأداة على أرض الواقع مع أكثر من 300 متخصص في مجال الأعمال، 38% منهم كانوا في مستوى نائب الرئيس أو أعلى، ويتمتعون بخبرات دولية واسعة وخبرات مباشرة في مبادرات توسع خارجية حديثة. توسَّعَ هؤلاء المسؤولون التنفيذيون في المجالات الوظيفية والقطاعات الصناعية، بما في ذلك السلع الاستهلاكية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والمنتجات الصناعية والخدمات والمواد.
لتحديد العوامل الداخلية التي تميز المشروعات الناجحة وغير الناجحة، ثم وزعنا المشاركين على مجموعتين: الفائزون، الذين حققت جهودهم التوسعية أهداف أداء الأعمال مثل المبيعات والربح والحصة السوقيةـ والخاسرون الذين فشلت جهودهم في تحقيق الأهداف. بعد التأكد من عدم وجود فروق مهمة في خصائص الشركات أو المشاركين في المجموعتين، قارنا قدرات المستجيبين على تحقيق الشروط السبعة.
وكما يظهر من الشكل التوضيحي، كان المدراء في الشركات الفائزة أكثر ميلاً إلى حد كبير إلى الموافقة أو الموافقة بشدة على العبارات التي تميز كل عامل من العوامل السبعة، حيث كان هذا الاستنتاج ثابتاً وقوياً عبر القطاعات ومواقع المقرات الرئيسية، وأسواق التوسع الدولية، وأحجام الشركات. ببساطة، فإن الشركات التي حققت أعلى معدلات النجاح الدولي كان لديها عمليات داخلية أكثر مرونة ورؤية أوضح للتوسع الدولي وتصميم أكبر على التغلب على التحديات التي تنتظرها.
أهم ما يميز الشركات العالمية الناجحة عالمياً
في المتوسط، وافق 77% من المشاركين في الشركات الفائزة -و31% فقط من الشركات الخاسرة- على أن شركتهم تفوقت في المبادئ السبعة. وبالخوض في سلوكيات هذه الشركات الفائزة، وجدنا أن قادتها يدعمون بقوة الشروط السبعة بطرق محددة.
- مراجعة المبادرات الدولية في جميع الاجتماعات الداخلية الرئيسة
- التأكد من أن المدراء والقادة العالميين لديهم ألقاب تعبر عن أهمية مناصبهم
- تبادل المواقع بين المقر الرئيس والقيادة الدولية
- تدريب الموظفين بجدية
- التعاقد مع أصحاب مجموعات المهارات الخارجية المطلوبة
- مزج خبراء الشركة الداخليين مع الفريق الدولي
- التأكد من فهم جميع أصحاب المصلحة أن الفرص الدولية غالباً ما يختلف حجمها في الأسواق ضمن المحفظة الاستثمارية الحالية
- ضمان الوعي الداخلي بالأهداف والمشاريع الاسترشادية
- ضبط البصمة الجغرافية للمبادرة لضمان الأهمية الداخلية أو لتجنب إغراق المؤسسة
- تثقيف المقر الرئيس بالمعايير السائدة للسوق المستهدفة
- تدريب أصحاب المصلحة وتوعيتهم حول الاختلافات الثقافية
- إثبات "الجدوى التجارية" للمبادرة على الرغم من المعايير والممارسات الخارجية المختلفة
- قياس الممارسات التنافسية في البلد لضمان الاستعداد للمنافسة
- تشجيع المناقشة المفتوحة للقضايا المعروفة المحتملة
- توضيح الأهداف و"عوامل إلغاء الصفقة" قبل دخول السوق الخارجي
- النظر في الأهداف الاستراتيجية مقابل الأهداف المالية فقط
- إدراك أن نجاح السوق قد يكون له تأثير متواضع فقط على مجمل الأعمال
- تذكُّر أن الانحرافات عن التوقعات أمر متوقع عند التنقل في منطقة غير مألوفة
- التأكيد المستمر والواضح على الالتزام بالاستراتيجية الدولية
- تعزيز الأهداف المعلنة وتأكيدها
- تجنب "العقاب العلني" للجهات الفاعلة في المبادرات الفاشلة
يمكن تنفيذ بعض هذه الممارسات على المدى القصير وتقديم مكاسب سريعة -على سبيل المثال، التأكد من تقديم المبادرات الدولية ومراجعتها في جميع الاجتماعات الداخلية الرئيسة. سيحتاج الآخرون إلى مزيد من التخطيط المدروس والوقت للتنفيذ (على سبيل المثال، توظيف أصحاب مجموعات المهارات المطلوبة أو الوصول إلى فهم داخلي مشترك فيما يتعلق بالأهداف الاستراتيجية مقابل الأهداف المالية). لا يزال بعض الشركات الأخرى قد تتطلب تغييراً جوهرياً في الثقافة المؤسسية، والعمليات، أو في كليهما. إذا كشفت أداة التشخيص الخاصة بنا عن وجود عجز يتطلب استثمارات طويلة الأجل للتصدي لها، فقد ترغب الشركة في تجاوز فرصة خارجية حالية لإجراء التغييرات المطلوبة أولاً.
ستؤدي الاستثمارات التي أجريت في تحسين هذه الشروط السبعة إلى تحقيق مكاسب على المدى القصير والمدى الطويل على حد سواء من خلال مساعدة الشركة على تطوير الثقافة والقدرات اللازمة للنجاح العالمي وتعزيزها. باستخدام أداة الشروط السبعة، سيكون المدراء في وضع أقوى لتجنب الفخاخ وسد الفجوات التي يمكن أن تحدث فرقاً بين الفشل والنجاح في الأسواق الخارجية. ما سيؤدي بالتالي إلى تحقيق ما يلزم لنجاح الشركة عالمياً.