تقرير خاص

كيف تحوّل الشغف بالاستدامة إلى نموذج أعمال ناجح في المملكة؟

6 دقيقة

ملخص: تجسد شركة آفاق البيئة قصة نجاح سعودية في قطاع الخدمات البيئية، عبر تقديم حلول متكاملة تسهم في بناء منظومة مستدامة تدعم مستهدفات رؤية المملكة 2030. في هذا الحوار، يشارك الرئيس التنفيذي أمين محمد علي رؤيته حول القيادة، والابتكار، وتمكين الكفاءات الوطنية.

  • رحلة قيادية من الصناعة إلى الاستدامة: بدأ مسيرته في قطاعات حيوية كالحديد والطاقة والتعدين، قبل أن يوجّه خبرته نحو مواكبة التحول الوطني إلى اقتصاد مستدام.
  • حلول بيئية متكاملة: تقدم الشركة خدمات في مجالات إدارة الكربون، والاستدامة والحوكمة (ESG)، ودراسات الأثر البيئي، وإدارة النفايات الصناعية والخطرة، والتأهيل البيئي للمناطق المتدهورة، والرصد البحري والساحلي.
  • شعار "إننا نكترث" كنهج استراتيجي: يعكس التزاماً وطنياً وأخلاقياً تجاه الإنسان والبيئة، ويتجاوز كونه شعاراً تسويقياً ليصبح ثقافة مؤسسية داخل الشركة.

في ظل التحولات الكبرى التي تشهدها المملكة العربية السعودية نحو اقتصاد أكثر استدامة وابتكاراً، تبرز شركات وطنية رائدة أسهمت في دعم هذا التوجه عبر مبادرات نوعية واستثمارات مسؤولة. ومن بين هذه الكيانات، تأتي شركة آفاق البيئة التي أصبحت خلال السنوات نموذجاً وطنياً في تقديم حلول بيئية متكاملة، تسهم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 وتعزز مفهوم الاقتصاد الدائري.

في هذ الحوار الخاص مع هارفارد بزنس ريفيو العربية، يتحدث الرئيس التنفيذي لشركة آفاق البيئة، أمين محمد علي، عن مسيرته المهنية ورحلته القيادية، ورؤيته في بناء منظومة بيئية مستدامة، وكيف تحوّل شعار الشركة (إننا نكترث) إلى نهج استراتيجي يعكس التزاماً وطنياً وفكراً رائداً في حماية البيئة.

1. هل يمكنكم أن تطلعونا بإيجاز على مسيرتكم المهنية؟ وكيف تطوّر أسلوب قيادتكم على مرّ السنوات؟

ارتكزت مسيرتي المهنية على مبدأ تحويل التحديات إلى فرص ذات قيمة مضافة. بدأت رحلتي في قطاعات حيوية مثل صناعة الحديد، والملاحة، والمحروقات، والصناعات التحويلية، والتعدين، وهي تجارب ساعدتني في صقل مهاراتي القيادية وتطوير رؤيتي الاستراتيجية وفهم التحديات البيئية الحقيقية التي تواجهها الأنشطة الصناعية بالمملكة. ومع مرور الوقت، نما اهتمامي بالاستدامة البيئية وأهمية توافق الأعمال مع أهداف التنمية الوطنية، وهو ما دفعني للانتقال إلى قطاع الخدمات البيئية وتولي دفة القيادة لشركة آفاق البيئة.

أسلوبي في القيادة تطور من التركيز على التنفيذ إلى التمكين والابتكار، فأنا أؤمن بأن القيادة ليست مجرد إدارة، بل هي إلهام وتمكين للأخرين لتحقيق الأثر وبناء فرق عمل قادرة على إحداث التغيير الايجابي الذي يمتد إلى المجتمع والبيئة.

2. حدثنا عن شركة آفاق البيئة وخدماتها، وأي فجوة في السوق كنتم تسعون إلى سدّها؟

تأسست شركة آفاق البيئة برؤية واضحة وطموحة لتقديم حلول بيئية عالمية المستوى مصممة خصيصاً لتلبية احتياجات المنطقة، واستجابة لحاجة السوق إلى كيان يجمع بين الخبرة التقنية العالمية والإلمام العميق بالتحديات والتشريعات المحلية. وقد واكبنا تطور المنظومة البيئية في المملكة العربية السعودية منذ المراحل الأولى، من الرئاسة العامة مرورا بهيئة الأرصاد وحماية البيئة إلى إنشاء المراكز الوطنية المتخصصة بموجب قرار مجلس الوزراء عام 2019.

تشمل خدماتنا حلول استشارية وخدماتية متنوعة ومتكاملة تلبي احتياجات السوق المحلي وتمتد الى المناطق المجاورة والأسواق العالمية، حيث تشمل هذه الحلول وضع استراتيجيات ادارة البصمة الكربونية للمؤسسات والمنتوجات والمشاريع (بما يشمل جرد غازات الدفيئة (GHG)، وتخطيط خفض انبعاثات الكربون، وتحسين كفاءة الطاقة)، إلى جانب خدمات الاستدامة والحوكمة (ESG) التي تتضمن وضع الأطر والسياسات، إعداد تقارير الإفصاح، وتقييم دورة الحياة (LCA/S-LCA) لدعم اتخاذ القرار القائم على البيانات.

كما نقدّم خدمات إعداد دراسات تقييم الأثرين البيئي والاجتماعي (EIA & ESIA)، ودراسات إعادة التأهيل والاستصلاح للمناطق المتدهورة، والمراجعة والتدقيق البيئي، إلى جانب تقييم المخاطر وإعداد خطط الطوارئ البيئية. كما نقدم حلول إدارة النفايات الصناعية والخطرة عبر الجمع والنقل والمعالجة والتخلص الآمن، مع التركيز على حلول إعادة التدوير والتثمين والاستثمار في النفايات والدفع نحو الاستبعاد عن المرادم.

كما نوفّر خدمات متخصصة في إدارة الرماد الكربوني ومادة الأسبستوس عالية الخطورة وفق أعلى معايير السلامة، والاستجابة السريعة لحالات الطوارئ البيئية في البر والبحر (احتواء الانسكابات النفطية والكيميائية وحماية الأوساط البيئية المحيطة من التلوث). وتمتد خبراتنا إلى الدراسات البحرية والساحلية، بما في ذلك المسوحات البيئية، ونقل الشعاب المرجانية، ومراقبة التنوع الأحيائي، وتتبع التلوث البحري، والنمذجة الهيدروديناميكية وتشتت الملوثات والانتشار الحراري لمياه التبريد.

كما نستثمر في تطبيق أحدث التقنيات في إعادة التدوير وإدارة الموارد، مما جعلنا شريكاً موثوقاً للمؤسسات الصناعية والجهات الحكومية في تحقيق أهداف الاستدامة.

3. شعاركم (إننا نكترث) أصبح معروفاً وشائعاً في القطاع، ماذا يمثل هذ الشعار بالنسبة لكم؟

بالنسبة لنا (إننا نكترث)، ليس مجرد شعار، بل هو تعبير عن التزامنا العميق تجاه المجتمع والوطن. نكترث لكل تفصيل يؤثر في الإنسان والبيئة، نكترث لجودة الهواء الذي نتنفسه، وللمياه التي نشربها، وللأجيال القادمة التي تستحق أن ترث بيئة نظيفة وآمنة.

ننظر إلى حماية البيئة كواجب ديني ووطني قبل أن تكون مسؤولية مهنية، وهذا المبدأ يوجّه قراراتنا واستثماراتنا، ويجعل كل مشروع ننفذه يحمل أثراً يتجاوز الأرقام إلى القيم.

4. ما الدور الذي تلعبه التقنية والابتكار في أعمالكم؟

الابتكار هو حجر الأساس في نموذجنا التشغيلي، حيث نتبنى في شركة آفاق البيئة منهج تطوير مستمر لجميع حلولنا الاستشارية والخدماتية، بما يلبي احتياجات السوق المتغيرة وما يتماشى مع أحدث التطورات التقنية والتكنلوجية والمعرفية التي يشهدها العالم في مجالات البيئة والاستدامة. نستخدم أنظمة رقمية متقدمة لمراقبة الانبعاثات وجودة الهواء والمياه، ونظم المعلومات الجغرافية (GIS) والأستشعارعن بعد لتقييم المواقع البيئية وإدارة البيانات.

كما نمتلك أسطولاً حديثاً من الناقلات المجهزة بأنظمة تتبع رقمية وحساسات بيئية ذكية، تتيح مراقبة فورية للانبعاثات ومستوى السلامة أثناء النقل ومتابعة المركبات بشكل لحظي. كما نمتلك مختبرات متنقلة متطورة تُجرى فيها التحاليل الميدانية بسرعة ودقة، ما يمكّننا من اتخاذ قرارات فورية مبنية على البيانات.

وتغطي عملياتنا جميع مناطق المملكة، عبر شبكة تشغيلية متكاملة تتيح الاستجابة السريعة وتقديم الخدمات بكفاءة عالية في المواقع الصناعية والبيئية على حد سواء.

5. تمكين الكفاءات الوطنية جزء من التزامكم الوطني، كيف تجسدونه عملياً؟

نؤمن أن تمكين الكفاءات الوطنية هو محور التحول البيئي الحقيقي. من هذا المنطلق، أنشأنا مركز آفاق البيئة للتدريب لضمان نقل المعرفة التطبيقية العملية التي تم اكتسابها على امتداد قرابة العقدين من الزمن، لتأهيل الكفاءات الوطنية في في المجالات التي نعتقد انها اساس المرور الى منوال تنموي مستدام يخدم توجهات المملكة ويحقق مستهدفات رؤية 2030، الا وهي "البيئة"، "السلامة"، "الطاقة" و"الاستدامة"، نتطلع عبر هذا المركز الى تقديم تدريب تخصصي يمكّن المتدربين من تحصيل المعرفة اللازمة والاطلاع على أحدث التقنيات والمعدات الميدانية، مما يعزز من كفاءة الأداء ويرسخ مبدأ توطين المعرفة والتقنية.

هذا الى جانب دعم وتمكين عدد من المبادرات والابتكارات الوطنية في مجالات البيئة والطاقة سواء كانت لشركات سعودية ناشئة او كفاءات وطنية شابّة، عبر دعمهم ماديا وتأطيرهم وتوجيههم وتوفير سبل النجاح لهم.

6. ما هي أبرز التحديات التي واجهتكم في توسيع أعمال الشركة، وكيف تجاوزتموها؟

من أبرز التحديات في بداياتنا كانت نظرة السوق إلى الخدمات البيئية على أنها التزام مكلف أكثر من كونها استثماراً. تجاوزنا هذا التصور عبر التوعية المستمرة، وتقديم نتائج ملموسة تثبت أن الاستدامة تخلق قيمة اقتصادية حقيقية.

كما واجهنا تحديات في مواكبة التطورات التنظيمية السريعة، فقمنا بإنشاء قسم متخصص بالتشريعات، واستقطبنا كفاءات وطنية متمكنة. أما على صعيد التقنية، فقد استثمرنا في تحالفات دولية قوية لتوطين الحلول البيئية المبتكرة بما يخدم رؤية المملكة 2030.

التحديات بالنسبة لنا لم تكن عوائق، بل كانت منصات للنمو وصقل الفكر المؤسسي بالشركة.

7. كيف ترون مستقبل قطاع الخدمات البيئية في المنطقة؟

القطاع يشهد تحولاً استراتيجياً كبيراً في المنطقة على المستوى التنظيمي والتكنلوجي وتطور احتياجات ومتطلبات السوق، يأتي ذلك مع التزام الحكومات بأهداف الحياد الكربوني وما تمليه الالتزامات الدولية بخصوص القضايا الحارقة المتعلقة بالتغير المناخي، مكافحة التصحر والحفاظ على التنوع الحيوي وحماية الانواع المهددة بالانقراض. نتوقع على ضوء ذلك نمواً متسارعاً، ولكن نوعيا، في الطلب على خدمات الاستدامة من تقارير افصاح ووضع استراتيجيات رفع الأداء البيئي والاجتماعي لمختلف الانشطة الاقتصادية، الى جانب خدمات إدارة النفايات مع التركيز على حلول اعادة التدوير واستخلاص المواد وحلول خفض الانبعاثات، مع أهمية تعزيز التحول الرقمي في مراقبة وتقييم الأثر البيئي وتطوير نماذج الاقتصاد الدائري. المستقبل سيكون للشركات القادرة على الابتكار والتكيّف وتقديم نتائج قابلة للقياس تعكس قيمة حقيقية للاستدامة.

8. ما هي طموحاتكم المستقبلية لشركة آفاق البيئة؟

طموحنا أن يكون لريادتنا في مجال الخدمات والاستشارات البيئية اثر ملموس في تطوير هذه المنظومة محلياً وإقليمياً، وأن نكون مساهمين فاعلين في إنجاح وتحقيق مستهدفات المملكة ضمن رؤية 2030 والمبادرات الوطنية المنبثقة منها.

كما نسعى لتوسيع أعمالنا في مجالات الطاقة المتجددة والرصد البيئي الذكي. و نعمل على تصدير الخبرة والابتكارات السعودية في مجال البيئة الى المنطقة والعالم، مع إطلاق مبادرات فكرية وتقنية تجعل من المملكة مركزاً إقليمياً للابتكار البيئي.

9. ما هي الرسالة التي توجهونها لرواد الأعمال الراغبين في دخول قطاع الخدمات البيئية؟

أنصحهم أن ينظروا إلى البيئة كفرصة وليس تحدياً. هذا القطاع يكافئ من يجمع بين الابتكار والمسؤولية والأخلاق، ومن يدرك أن حماية البيئة ليست مجرد عمل تجاري، بل التزام وطني وإنساني. الثبات على الهدف والإيمان بالرسالة هما ما يصنعان الفارق.

خاتمة – إننا نكترث

في شركة آفاق البيئة، نؤمن أن الاستدامة ليست هدفاً مؤقتاً بل أسلوب حياة، وأن حماية البيئة واجب ديني ووطني قبل أن تكون مسؤولية مهنية.

من هذا الإيمان وُلد شعارنا (إننا نكترث) ليعبر عن هويتنا: نكترث لأننا نؤمن أن الأثر الحقيقي هو الذي يمتد إلى الإنسان والبيئة معاً. نكترث لأننا نرى في كل مشروع فرصة لصناعة مستقبل أخضر يقوده الوعي والمسؤولية، وتفخر شركة آفاق البيئة بأنها جزء من هذا التحول الوطني نحو التنمية المستدامة.

 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي