يتمتع الأشخاص الذين يحققون إنجازات متميزة بقدرة استثنائية على التحمل، فهم يسعون دائماً للتطور حتى لو كانوا أصلاً في قمة تألقهم، ويحافظون على شغفهم بالعمل حتى لو كان ذلك يتطلب منهم التضحية، كما أنّ التزامهم يبقى ثابتاً حتى عندما تنفتح أمامهم طرقاً أسهل. نحن نسمي هذه التوليفة الرائعة من نقاط القوة "العزيمة"، فكيف يمكن تحويل الشغف إلى أداء متميز بشكل صحيح؟
يُتوقع من الأشخاص الذين يتمتعون بالعزيمة أنهم سينجحون بتحقيق الأهداف التي تعد أكثر تحدياً. ويُظهر بحث تم إجراؤه في "ويست بوينت" (West Point) (الأكاديمية العسكرية الأميركية) على سبيل المثال؛ أنّ العزيمة تعتبر مؤشراً أفضل لتمييز الطلاب الذين سينجحون في المستقبل بعد تلقي التدريب، مقارنة بالمؤشرات الأخرى مثل درجات اختبار التحصيل والقدرة الرياضية. ومن خلال هذا المؤشر أيضاً يمكن التنبؤ بالأشخاص الأكثر احتمالاً لاجتياز المرحلة الثانوية بنجاح والتخرج من الكلية وتقديم أفضل أداء في المجالات الوظيفية المجهدة مثل المبيعات. ونعتقد أيضاً أنّ العزيمة تدفع بالأشخاص لأعلى المستويات القيادية في العديد من المجالات المتطلبة.
في قطاع الرعاية الصحية، لطالما اعتمد المرضى على العزيمة الفردية للأطباء والممرضين. لكن تقديم الرعاية الممتازة في الطب الحديث أصبح أمراً معقداً جداً ولا يمكن لأي مقدم رعاية أن يقوم بجميع الأمور بمفرده؛ مهما كان متحمساً لأداء عمله. إذ تتطلب الرعاية المتميزة اليوم تعاوناً كبيراً ومجموعة فرق من الطواقم الطبية التي تتسم بالعزيمة وتسعى للتطور باستمرار. كما يتطلب الأمر أكثر من ذلك، فعلى مؤسسات الرعاية الصحية أن تعزز ثقافة العزيمة عبر نظام الخدمة بالكامل.
تحويل الشغف إلى أداء متميز
في هذا المقال، واستناداً إلى خبرة توماس التي امتدت لعقود من الزمن كطبيب وقائد في قطاع الرعاية الصحية، وإلى الدراسات المؤسسية التي قامت بها أنجيلا على محور العزيمة، قمنا بإدماج البحوث النفسية على المستوى الفردي مع وجهات النظر المعاصرة حول الثقافات المؤسسية والرعاية الصحية. كما سنُظهر من خلال النموذج الجديد للعزيمة في قطاع الرعاية الصحية، والذي جسدته مؤسسات رائدة مثل مستشفى "مايو كلينك" (Mayo Clinic) ومستشفى "كليفلاند كلينك" (Cleveland Clinic)، فإنّ شغف رعاية المريض والمثابرة في السعي لتحقيق هذا الهدف يصبحان معيارين اجتماعيين يمتدان على مستوى الفرد والفريق والمؤسسة. ويعتبر قطاع الرعاية الصحية نموذجاً مثالياً للعثور على أمثلة تجسد العزيمة المؤسسية؛ نظراً لأنه يجذب العديد من أصحاب الأداء النخبوي ويعتمد على العمل الجماعي. ولكن، يمكننا تطبيق المفاهيم الواردة هنا على قطاعات الأعمال الأخرى أيضاً.
تطوير الأفراد
بالنسبة للقادة، فإنّ بناء ثقافة التحلي بالعزيمة على مستوى المؤسسة يبدأ باختيار وتطوير أفراد من أصحاب تلك العزيمة. إذاً، ما الذي يجب أن تبحث عنه المؤسسات؟ يجب أن تبحث المؤسسات عن عنصرين أساسيين، وهما الشغف والمثابرة. وينبع الشغف من اهتمامك الحقيقي بمهنتك ومن إحساسك بالهدف، وقناعتك بأنّ عملك بنّاء ويساعد الآخرين. وتتخذ المثابرة شكل القدرة على الصمود أمام الظروف الصعبة والتفاني الذي لا يتزعزع من أجل تحقيق التطور المستمر.
يتطلب هذا النوع من التصميم الموجه والذي يتسم به الأفراد الأكثر عزيمة؛ وضع أهداف هرمية متسقة وواضحة. لنأخذ مثالاً، ما قد يبدو عليه التسلسل الهرمي بالنسبة لأخصائي الأمراض القلبية: في أسفل الهرم، يكون هناك مهام محددة في قائمة الأهداف قصيرة الأجل، مثل حضور الاجتماعات لاستعراض حالات مرضية. وإنّ هذه الأهداف المتواضعة هي وسيلة لتحقيق غاية، ألا وهي المساعدة في تحقيق الأهداف على المستوى المتوسط، مثل تنسيق عملية رعاية المرضى مع أخصائيين آخرين ومع أعضاء الفريق. في أعلى الهرم، سيكون هنالك هدف مجرد وعريض وهام، مثل تحسين مستوى جودة حياة المرضى وزيادة متوسط أعمارهم. سيعطي هذا الهدف الأسمى المعنى لكل ما يقوم به أي فرد يتحلى بالعزيمة وسيكون بمثابة بوصلة ترشده. (انظر إلى مخطط "التسلسل الهرمي للأهداف أخصائي الأمراض القلبية"). في المقابل، فإنّ الأشخاص الذين لا يتحلّون بهذه العزيمة يكون التسلسل الهرمي لأهدافهم أقل تماسكاً، وغالباً ما يكون هنالك الكثير من التضارب بين تلك الأهداف على جميع المستويات.
من الجدير بالذكر، أنّ تشكيل مجموعة من الأشخاص الذين يتحلون بالعزيمة لا يؤدي بالضرورة إلى خلق مؤسسة تتبنى ثقافة العزيمة، بل يمكن أن يؤدي ذلك إلى حشد أفراد مندفعين بشكل غير منظّم، فيكون لدى كل شخص منهم شغف منفصل. فإذا لم تكن أهداف الجميع متسقة، لن تكون ثقافة المؤسسة مبنية على العزيمة، وأنّ الأمر يتطلب بذل الجهد لتحقيق ذلك التوافق؛ كما سنناقش بالتفصيل لاحقاً.
لنأخذ مثالاً مستشفى "مايو كلينك"، إذ إنه مستشفى ملتزم على نحو متسق بهدفه الأسمى والذي يتمثل بوضع احتياجات المرضى أولاً. ويُظهر المستشفى هذا الهدف من خلال رسالة المؤسسة الخاصة ويعمل بجدية على تعزيزه عند التوظيف، إذ يراقب مستشفى "مايو كلينك" المرشحين للعمل من خارج أقسامه ومراكزه لمدة يومين أو ثلاثة وهم يتدربون ويدرّسون، ولا يقوم بتقييم مهاراتهم فقط؛ بل أيضاً القيم التي يحملونها وتحديداً ما إذا كان لديهم رسالة سامية تتمحور حول خدمة المريض. وبمجرد توظيف الأطباء الجدد فإنهم يخضعون لفترة تقييم مدتها ثلاث سنوات، ويتم تعيينهم بشكل دائم بعد أن يثبتوا أنّ لديهم الموهبة والعزيمة المطلوبة، بالإضافة إلى اتساق هدفهم الخاص مع هدف المستشفى.
كيف يمكنك توظيف العزيمة؟ تُعتبر الاستبانة أداة مجدية لأغراض إجراء البحوث وتعزيز الوعي الذاتي (انظر إلى العمود الجانبي "قياس مدى تحليك بالعزيمة")، ولكن نظراً لسهولة التلاعب بها، فإننا لا نوصي باستخدامها كأداة لأغراض التوظيف، بل نوصي بمراجعة السجل المهني لمقدم الطلب بعناية عوضاً عن ذلك. قم بالبحث تحديداً عن الالتزام المهني على مدى السنوات، وعن أدلة موضوعية تثبت تطور المرشح وإنجازاته، ولاحظ في المقابل تنقلاته الأفقية المتكررة، مثل الانتقال من تخصص إلى آخر. وعند التحقق من مصادر رسائل التوصية، استمع إلى الأدلة التي تشير إلى كيف قام المرشحون باستعادة توازنهم بعد فشلهم في الماضي، وكيف أظهروا مرونة في التعامل مع الصعوبات غير المتوقعة واستمروا في تطوير أنفسهم. والأهم من ذلك كله، ابحث عن مؤشرات تدل على أنّ أولئك الأشخاص مدفوعين بهدف سام يتماشى مع رسالة مؤسستك.
يقوم مستشفى "مايو كلينك" مثل العديد من المؤسسات التي تتبنى ثقافة التحلي بالعزيمة؛ بتطوير مواهب الأفراد الذين يعملون معه. فأكثر من نصف الأطباء الذين يعملون في مقر المستشفى الرئيس في روتشيستر بولاية مينيسوتا على سبيل المثال، هم خريجو كلية الطب أو برامج التدريب التابعة لها. وأخبرنا أحد القادة هناك أنّ تلك البرامج تُعتبر بمثابة "مقابلة عمل لمدة ثماني سنوات" وعند التوسع إلى مناطق أخرى، تفضل كل من "مايو كلينك" و" كليفلاند كلينك" نقل الأطباء المدربين داخل أنظمتهما بدلاً من تعيين أطباء محليين قد لا تتماشى معاييرهم الخاصة مع ثقافة المستشفى.
إنّ خلق بيئة مناسبة يمكن أن تساعد المؤسسات على تطوير عزيمة موظفيها. (قد تبدو فكرة إثارة الشغف والمثابرة لدى البالغين ساذجة، لكن تُظهر الكثير من البحوث أنّ شخصية الإنسان تبقى في حالة تطور طوال حياته). وتكون البيئة المثالية للمؤسسات عادة متطلبة وداعمة في نفس الوقت، إذ يُتوقع من الموظفين تلبية توقعات كبيرة، والتي يتم تحديدها بوضوح وفاعلية من خلال مواجهة التحديات. وسيوفَر لهم في المقابل الشعور بالثقة والسلامة النفسية، بالإضافة إلى الدعم الملموس الذي سيحتاجون إليه لتحمل المخاطر، وارتكاب الأخطاء، ومواصلة التعلم والنمو.
في "كليفلاند كلينك"، يتم تعيين الأطباء الجدد بعقد لمدة عام واحد، ويتوقف تجديده على أساس نتائج مراجعة الأداء المهني السنوي (APRs). والتي تشمل إجراء نقاش رسمي حول أهدافهم المهنية. وقبل الخضوع لهذه المراجعة، يقوم كل طبيب في "كليفلاند كلينك" والبالغ عددهم 3,600 طبيب باستكمال تقييم عبر الإنترنت يعكس تقدمه على مدى العام الماضي، ويقوم الطبيب من خلاله بطرح أهداف جديدة للعام التالي. وخلال الاجتماعات، يتفق الأطباء ومشرفوهم على أهداف محددة، مثل تطوير مهارات التواصل أو تعلم تقنيات جديدة. وتقدم المستشفى بعد ذلك دورات تثقيفية أو برامج تدريبية ذات صلة، إلى جانب الدعم المالي و "الوقت الكافي" الذي قد يحتاجه أولئك الأطباء لإكمال تدريباتهم. ولا يتم تشجيع التطور من خلال مكافآت الأداء، بل من خلال تقديم تقييم مفصل حول أدائهم بالاستعانة بمجموعة من المقاييس، بما في ذلك مستوى الكفاءة بما يتعلق بإجراءات محددة وتحسين تجربة المرضى. والافتراض الأساسي، هو أنّ الأطباء يريدون التطور والمستشفى والمشرفون على وجه الخصوص يريدون دعم جهود أولئك الأطباء بشكل كامل للوصول إلى أهداف قد يستغرق تحقيقها سنة أو أكثر.
بناء فرق العمل
تمتلك الفرق التي تتصف بالعزيمة إجمالاً نفس السمات التي يمتلكها الأفراد أصحاب العزيمة: الرغبة في العمل الجاد والتعلم والتطور، والمرونة في مواجهة العقبات، والإحساس القوي بالهدف والأولويات.
في قطاع الرعاية الصحية، غالباً ما يتم تعريف الفرق من قبل الأشخاص الذين تقدم لهم الرعاية (مرضى سرطان الثدي على سبيل المثال) أو من قبل المسؤولين في المواقع التي يعملون فيها (مثل وحدة العناية المركزة لأمراض القلب). وقد يكون لدى كل عضو من أعضاء الفريق الذي يتصف بالعزيمة أهدافه الهرمية الخاصة، لكن كل واحد منهم سوف يتبنى هدف الفريق الأسمى، والذي يكون محدداً مثل "تحسين نتائج مرضى سرطان الثدي لدينا"، وهذا بدوره من شأنه أن يدعم الهدف الرئيس للمؤسسة.
يرتبط العديد من الأشخاص في قطاع الرعاية الصحية بالتزامات الفريق ويفقدون بالتالي استقلاليتهم، وهو أمر يعتبر سلبياً، ولكن الأشخاص الذين يتمتعون بالعزيمة ينظرون إليه على أنه فرصة لتقديم رعاية أفضل لمرضاهم. فهم يرون أنّ التعاون يحقق نتائج أفضل ويدركون أنهم يستطيعون تحقيق الإنجازات من خلال العمل كفريق؛ أكثر مما قد يحققونه من خلال العمل كأفراد.
في قطاع الأعمال التجارية، أصبحت الفرق مشتتة وافتراضية على نحو كبير. لكن فرق الرعاية الصحية الأكثر عزيمة التي رأيناها تؤكد على أهمية التفاعل المباشر. إذ يجتمع الأعضاء باستمرار من أجل استعراض الحالات المرضية، ووضع أهداف للتطور، ومتابعة التقدم الذي يحرزونه. وفي كثير من الأحيان، يناقش الفريق بأكمله حالة كل مريض جديد من خلال عقد اجتماعات تعزز الإحساس بالهدف والالتزام المشترك وتساعد الأعضاء على التعرف على بعضهم البعض أكثر وبناء الثقة، والتي تعتبر سمة أخرى للفرق الفعالة.
لقد أتت تلك الرؤية التي يمتلكها العديد من قادة قطاع الرعاية الصحية من خلال دراسة وصف التدريب الأسطوري لقوى "سيل" البحرية (Navy SEAL) والذي يمتد لستة أشهر ويستند إلى قواعد "أفضل الفرق" التي وضعها الجنرال ستانلي ماكريستال. وكما يشير، فإنّ الهدف من التدريب هو "ليس من أجل إعداد جنود عظماء، بل من أجل بناء فريق عظيم" ويضيف: "إنّ تشكيل فرق 'سيل' ليس قائماً على إعداد الأفراد لتنفيذ الأوامر بحذافيرها، بل يهدف أكثر إلى تطوير الثقة والقدرة على التكيف ضمن مجموعة صغيرة". إنّ مثل هذه الثقافة تسمح للفرق بأن يكون أداؤها متميزاً باستمرار، حتى في مواجهة التحديات غير المتوقعة.
يُعتبر الالتزام بهدف مشترك، والتركيز على التطور المستمر، والثقة المتبادلة من السمات المميزة لوحدات العمل المتكامل (IPUs)؛ والقاعدة الذهبية التي تتبعها فرق الرعاية الصحية. إذ توفر هذه الوحدات متعددة التخصصات دورة كاملة من الرعاية لمجموعة من المرضى، والذين عادة ما يكون لديهم نفس الحالة أو حالات مشابهة. ونظراً لأنّ وحدات العمل المتكامل تركز على فئات محددة من المرضى ذوي الاحتياجات المماثلة، يمكن جمع بيانات هامة عن تكاليف تلك الوحدات ونتائجها. وهذا يعني أنّ القيمة التي تخلقها الوحدة يمكن قياسها وتحسينها. بعبارة أخرى، يمكن للوحدات جمع الملاحظات التي تحتاجها من أجل الاستمرار في التطور.
تعد وحدة العمل المتكامل لزراعة الكلى في جامعة كاليفورنيا - لوس أنجلوس (UCLA) مثالاً ممتازاً. فبعد مرور عامين على صدور القانون الوطني لزراعة الأعضاء في العام 1984، والذي اشترط على برامج زراعة الأعضاء جمع البيانات وإصدار التقارير حول النتائج مثل معدلات النجاح في العام الواحد، تواصلت إدارة مستشفى كايزر برماننت (Kaiser Permanente) مع جامعة كاليفورنيا للتعاقد بشأن زراعة الكلى، إذ سيعمل صندوق العلاج الطبي التابع لمستشفى كايزر برماننت والذي يُعتبر مسيطراً، على زيادة عدد إحالاته إلى جامعة كاليفورنيا إذا قبلت بدورها سعراً ثابتاً لتغطية سلسلة الرعاية بأكملها ("دفعة مقطوعة"). بعد قبول العرض، كان على جامعة كاليفورنيا أن تحرص على تحقيق نتائج عظيمة (أو أنها سوف تتحمل مخاطر الفشل العلني وخسارة الإحالات) وأن تكون فعالة (أو تخاطر بخسارة الأموال بموجب ذلك العقد).
وقد نما الفريق ليكون واحداً من أكبر الفرق في الولايات المتحدة، وكانت معدلات نجاحه (حسب معدل الخطر على حياة المريض وبُقيا الطعم) أعلى بكثير من المعايير الوطنية في كل عام تقريباً. ومع التقدم الطبي والاستفادة من صدور التقارير العامة، ارتفعت معدلات نجاح زراعة الكلى في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ولكن بقيت جامعة كاليفورنيا في المقدمة.
ثقافة العزيمة في المؤسسات
إذا كان مقدراً على الأفراد والفرق التي تتمتع بالعزيمة تحقيق النجاح، فإنّ المؤسسات بدورها بحاجة إلى تطوير ثقافات تجعلها بمثابة العالم المصغر الذي يقتضي به أفضل فرقها وأفرادها.
لذلك، من الضروري أن تعمل المؤسسات على جعل التسلسل الهرمي لأهدافها واضحاً. فإذا أعلنت المؤسسة أنّ لديها رسائل متعددة، ولا يمكنها من ناحية ثانية تحديد أولوياتها فإنها ستواجه صعوبة في تحديد خيارات استراتيجية جيدة.
وهناك تهديد آخر يتمثل في ترويج المؤسسة لهدف طموح قد لا يتبناه الموظفون. فإذا كان خفض التكلفة أو تحقيق نمو في الحصة السوقية من أولويات المؤسسة في قطاع الرعاية الصحية، من غير الوارد أن يلقى ذلك صدى لدى مقدمي الرعاية الشغوفين في تحسين النتائج التي تتعلق بالمرضى.
من خلال خبرتنا، رأينا أنّ كل مؤسسة تتبنى ثقافة العزيمة في قطاع الرعاية الصحية لديها هدف رئيسي وهو وضع مصلحة المرضى في مقدمة أولوياتها. في الواقع، نحن نعتقد أنه لا يمكن لمؤسسة رعاية صحية أن تتبنى ثقافة العزيمة إذا لم تضع هذا الهدف قبل أي هدف آخر. (انظر مخطط "مواءمة الأهداف المؤسسية"). وعلى الرغم من صعوبة الإشارة إلى أنّ الاحتياجات الأخرى (مثل تلك الخاصة بالأطباء أو الباحثين) تأتي في المرتبة الثانية أو الثالثة، إلا أنّ احتياجات المرضى إذا لم تكن في المقدمة، تميل القرارات حينها إلى أن تكون قائمة على السياسات وليس على استراتيجية أصحاب المصلحة الذين يتنافسون على الموارد. هذا لا يعني أنّ المؤسسة لا يمكنها تحقيق أهداف أخرى، إذ تعطي "مايو كلينك" على سبيل المثال قيمة للبحوث والتعليم والصحة العامة، لكنها تعتبر هذه الأمور تابعة لأولوياتها في رعاية المرضى.
وبالطبع، حتى عندما يكون الهدف الأعلى واضحاً ومناسباً، فإنّ الكلام وحده لن يكون كافياً للترويج له، بل يمكن أن يؤتي بنتائج عكسية. وإذا كان القادة لا يأخذون بعين الاعتبار هدف المؤسسة في اتخاذ قراراتهم، سيؤدي ذلك إلى تقويض مصداقيتهم.
لنأخذ مثالاً كيف استجابت إدارة مستشفى "كليفلاند كلينك" عندما علمت أنّ حدوث تأخر في موعد قد تسبب في معاناة مريض لديه صعوبة في التبول لساعات من الزمن. إذ بدأت المستشفى تطلب من الأشخاص الذين يريدون أن يتم معاينتهم تحديد موعد مسبق، ونجم عن ذلك تغيّرات معقدة ومكلفة في كيفية إنجاز العمل، لكنه وضع احتياجات المرضى أولاً بشكل واضح. وعندما تم تطبيقه، تمت مكافأة هذا التغيير بارتفاع كبير في الحصة السوقية، ولا أحد ينكر أنّ لذلك الأمر وقع سعيد، لكنه لم يكن الهدف الرئيسي وراء التغيير.
يوحّد الموظفون جهودهم في المؤسسات التي تتبنى ثقافة العزيمة لتحقيق هدف مشترك هام. في العام 1942، دخلت النساء مصنع كرايسلر لتصنيع القنابل في شيكاغو لكي تعملن من أجل دعم جهود قوات التحالف.
وكما تُبين هذه القصة، فإنّ الوضوح بشأن الأهداف العليا يمكن أن يكون ميزة تنافسية في السوق بالإضافة إلى الأثر القيّم داخل المؤسسة نفسها. وتُظهر البيانات الواردة من شركة "برس غاني" (Press Ganey) أنه عندما يتبنى الأطباء والموظفون الآخرون التزام مؤسستهم بمعايير الجودة والسلامة، وعندما تعكس أهداف المؤسسة أهدافهم الخاصة، فإنّ ذلك لن يؤدي فقط إلى تقديم رعاية أفضل بل أيضاً سيؤدي إلى نتائج أعمال أفضل على حد سواء.
ولكن كيف يمكن للقادة المساعدة في ترجمة الهدف المؤسسي الأسمى إلى أنشطة عملية تقوم بها الفرق والأفراد؟ قبل سبع سنوات، اتخذ مستشفى "كليفلاند كلينك" خطوة مهمة ساعدته في تحديد ثقافته وتوجهه. إذ كان توبي كوسغروف، الرئيس التنفيذي للمستشفى في ذلك الوقت، قد جعل جميع الموظفين يشاركون في برنامج "التحري التقييمي" لمدة نصف يوم، وكان الموظفون بمختلف أدوارهم يجلسون على طاولات وضمن مجموعات مشكلة من حوالي 10 أشخاص ويناقشون حالات تلقى خلالها المريض رعاية جعلتهم يشعرون بالفخر. كانت وجهات نظر الأطباء والممرضين وعاملي النظافة والإداريين متداخلة، وكان التركيز على أمثلة إيجابية من واقع أفضل تجارب "كليفلاند كلينك".
وكان السؤال المطروح: ما الذي جعل الرعاية التي قدموها ممتازة في تلك الحالات، وكيف يمكن أن يجعل "كليفلاند كلينك" هذا يحدث دائماً؟ وقدرت تكلفة تلك التدريبات بـ 11 مليون دولار، لكن كوسغروف يعتبرها إحدى أهم الطرق التي ساعدت المستشفى على التماشي مع رسالته.
هناك أسلوب آخر، وهو وضع معايير اجتماعية تدعم الهدف الأسمى. فالمعيار الاجتماعي للأطباء في "مايو كلينك"، هو الاستجابة للمرضى على الفور، إذ إنهم مثلاً لا ينتظرون حتى يصلوا إلى وجهتهم خلال تنقلهم لكي يستجيبوا للمريض، بل يكلمونه على الفور ويرون ما هي حاجته. ولا ينتظرون حتى إنهاء كتابة رسالة إلكترونية أو محادثة، بل إنهم يعتذرون ويلبون المريض.
سألنا العديد من الأشخاص في "مايو كلينك": "ماذا يحدث إذا لم تجيب على جهاز نداء المرضى على الفور؟" أجابنا العديد منهم: "إنك لن تكون قد فعلت الصواب هنا". وقال آخر ممازحاً: "ستنشق الأرض وتبتلعك". وقال ثالث: "آخر ما تريد أن يقوله الآخرون عنك هو أنك لا تستجيب لنداء المرضى". إنّ هذا جزء من صورة أكبر، فهناك أكثر من مجرد الالتزام بزي رسمي يصف "أسلوب عمل مايو كلينك"، بل هناك الاستجابة لجهاز النداء على الفور، والعمل ضمن فرق، ووضع احتياجات المرضى أولاً.
ومن السمات الأساسية الأخرى للمؤسسات التي تتبنى ثقافة العزيمة هو القلق بِشأن الوضع الراهن والسعي الدؤوب للتطور. إنّ تعزيز ذلك الشعور بالقلق في مؤسسة الرعاية الصحية هو اختبار حقيقي للقيادة، لأنّ هناك الكثير من الأشخاص في قطاع الرعاية الصحية المتدربين جيداً والذين يعملون بجد، لكنهم غالباً ما لا يتقبلون سماع أنّ التغيير ضروري. ومع ذلك، فإنّ الهدف المتمثل في "الحفاظ على تميزنا" ليس حجة مقنعة للتغيير أو عامل جذب للموظفين الذين يتحلون بالعزيمة. ويجب التركيز عوضاً عن ذلك على العملاء الحقيقيين للرعاية الصحية، وهم المرضى، وليس فقط تقديم "خدمة" مرضية، بل السعي اللامتناهي لتلبية احتياجاتهم الطبية والعاطفية.
كما أنه من الجيد الترويج داخل المؤسسة لما تسميه كارول دويك، وهي عالمة نفس في جامعة ستانفورد، "عقلية النمو"، وهو الاعتقاد بأنه يمكن تطوير القدرات من خلال العمل الجاد والتقييم، وأنّ التحديات والعقبات توفران فرصة للتعلم. ومن المؤكد، أنّ ذلك يتطلب من القادة قبول المشاكل والأخطاء، والحديث عنها بشكل علني، وهو أمر لا يحدث دائماً بسهولة في قطاع الرعاية الصحية. ولكن القادة الذين يتكلمون بوضوح حول الحاجة إلى تحمل المخاطر المحسوبة، والتقليل من الأخطاء، والتعلم المستمر يميلون إلى أن يكونوا هم الذين يحفزون النمو الحقيقي في مؤسساتهم.
عندما تحدث الأزمات، فإنها توفر فرصاً استثنائية للنمو، وتعزز الثقافة على وجه الخصوص. وقد وجدت المؤسسات التي قدمت الرعاية بعد الكوارث الطبيعية أو الاعتداءات الإرهابية أنّ التجربة تقوي الروابط وتعزز الإحساس بالهدف، والرغبة في التفوق، والالتزام المتجدد بالأهداف المؤسسية.
عندما ضرب إعصار كاترينا مدينة نيو أورلينز الأميركية في العام 2005 على سبيل المثال، واجه مستشفى محلي تابع لنظام أوكسنر الصحي سلسلة من التحديات الهائلة، بما في ذلك انقطاع التيار الكهربائي والفيضانات والازدحام الشديد ونقص في الطعام والمستلزمات. ولكن على الرغم من ذلك كله، بقيت الروح المعنوية مرتفعة لأنّ الموظفين جميعاً تعاونوا وقاموا بأداء مهام خارج أدوارهم الوظيفية المعتادة، فقدم الأطباء وجبات الطعام، وقامت الممرضات بتنظيف الوحدات. قال نائب رئيس قسم سلاسل التوريد وخدمات الدعم في المستشفى لمجلة "ريبيرتوار" (Repertoire) "إنّ الفريق الذي كان حاضراً هنا خلال العاصفة كان متماسكاً بطريقة لا يمكن أن تراها إلا بين الجنود على أرض المعركة، وقد أظهروا الكثير من الاحترام والثقة المتبادلة".
إلا أنّ الاستجابة للأزمات النفسية قد تكون أكثر صعوبة، ولكن في هذه الحالة، يمكن لقصص المرضى أن تكون دافعاً قوياً للتطور، خاصة إذا كانت تلك القصص محرجة جداً وتتحدث عن "فرد بيننا". في النظام الصحي لمستشفى هنري فورد على سبيل المثال، يشاهد كل موظف جديد فيديو يصور تجربة طبيب وهو في وحدة الرعاية المركزة. كان الفيديو لمريضة تدعى رنا أوديش، والتي كادت أن تموت وهي تنزف في وحدة العناية المركزة في العام 2008 عندما انفجر ورم في كبدها بشكل مفاجئ. وقد كانت في حالة صدمة شديدة وأصابتها جلطة دماغية، وكانت أيضاً حاملاً في الشهر السابع ولم ينجو جنينها من الموت.
وبينما كانت حالتها تتفاقم، سمعت زملاءها يقولون: "إنها تموت بين أيدينا"، و"ستموت من شدة النزيف"؛ أمور قد قالتها هي نفسها خلال عملها في نفس وحدة العناية المركزة. وعندما سمعها زملاؤها وهي تصف تجربتها؛ جعلهم ذلك يدركون أنّ أطباءها ركزوا على المشكلة فقط وليس عليها كإنسان، وربما كان ذلك يحدث كثيراً داخل "هنري فورد". أدت تلك التجربة إلى جعل القادة يلتزمون بهدف التعامل مع كل مريض بالتعاطف طوال فترة علاجه. واليوم، كل موظف في مستشفى "هنري فورد" قد شاهد الفيديو، والهدف الذي يتمثل في جعل الموظفين متعاطفين للنهاية أصبح مفهوماً بشكل واضح. إنّ مشاركة قصة رنا أوديش مع الموظفين هو أحد الإجراءات التي قامت بها "هنري فورد" من أجل الدفع بعجلة التطور، وخلال الحملة التي أعقبت ذلك، شهدت المؤسسة تحسناً في معظم تدابير الأطباء المتعلقة بتجربة المريض بنسبة تتروامح بين 5 إلى 10 نقاط مئوية.
القائد الذي يتسم بالعزيمة يستطيع تحويل الشغف إلى أداء متميز
أشار الفيلسوف رالف والدو إمرسون أنّ المؤسسات هي عبارة عن انعكاسات لقادتها. فمن أجل جذب موظفين وبناء فرق وتطوير ثقافة مؤسسية؛ تكون جميعها متحلية بالعزيمة، يتوجب على القائد أن يجسد الشغف والمثابرة، وأن يكون نموذجاً بارزاً وموثوقاً يقتدى به في المؤسسة. وخلال تعاملاته الشخصية مع الآخرين، يجب أن يكون متطلباً، أي يحافظ على المعايير عالية، وداعماً في نفس الوقت.
بالعودة إلى الرئيس التنفيذي السابق لمستشفى "كليفلاند كلينك" توبي كوسغروف، الذي كان طالباً مجتهداً ولكن نظراً لأنه كان يعاني من اضطراب عسر القراءة الذي لم يتم تشخيصه حتى منتصف الثلاثينيات من عمره، كان سجله الأكاديمي ضعيفاً. ومع ذلك، كان يطمح للدراسة في كلية الطب وتقدم إلى 13 جامعة، والتي رفضت جميعها طلبه باستثناء واحدة وهي جامعة فرجينيا. وأخبرنا كوسغروف وهو يستعيد ذكرياته: "لقد عزز عسر القراءة لدي تصميمي وثباتي، إذ كنت مضطراً لأن أعمل لساعات أكثر من أي شخص آخر لأتمكن من الحصول على النتيجة نفسها".
في العام 1968، انقطع كوسغروف عن فترة تدريبه في الجراحة عندما تم تجنيده. وقد خدم لمدة عامين كجراح في القوات الجوية الأميركية في الفيتنام. وعند عودته إلى بلده، أكمل تدريبه ثم انضم إلى مستشفى "كليفلاند كلينك" في العام 1975. ويقول: "لم ينصحني أحد بأن أختص بالجراحة القلبية، لكنني قمت بذلك". في الواقع، أجرى كوسغروف عمليات جراحية للقلب أكثر من جميع زملائه (حوالي 22,000 عملية)، ويعتبر من رواد التقنيات والابتكارات الجراحية، بما فيها تطوير جراحة الصمام التاجي (المِترالي) بالحد الأدنى من التدخل الجراحي، وحصل على أكثر من 30 براءة اختراع.
يؤخذ تطور كوسغروف كجراح على مستوى العالم كحالة للدراسة على موضوع العزيمة. ويقول لنا: "تم إخباري بأنني كنت الشخص الأقل موهبة خلال فترة تدريبي، لكن الفشل معلم عظيم. لقد عملت بجد من أجل صقل نفسي، واستبدلت الطرق التي كنت أعمل بها مع مرور الوقت. واعتدت أن أقوم بما أسميه "رحلات ابتكار"، وهي رحلات إلى جميع أنحاء العالم من أجل مشاهدة ما يقوم به جراحون آخرون والتعرف على تقنياتهم؛ تعلمت منهم وقمت بدمج ما تعلمته بعملي. لقد كنت في سعي دائم لإيجاد طرق جديدة لكي أقوم بالأمور بشكل أفضل".
تم تعيين كوسغروف بمنصب الرئيس التنفيذي لمستشفى "كليفلاند كلينك" في العام 2004. وقد تم اختبار الشغف والمثابرة، اللتين جعلتاه ينجح كجراح وكرئيس فريق العناية القلبية، في دوره الوظيفي الجديد الذي شغله كقائد لأكثر من 43,000 موظف. يعود كوسغروف بالزمن ويقول: "قررت أن أدرس فن القيادة، وكان لدي الكثير من الكتب تتكلم حول هذا الموضوع، فعندما أعود إلى المنزل في كل ليلة، كنت أجلس في مكتبي الصغير وأبدأ بالقراءة. ثم قمت بالتواصل مع مايكل بورتر، وهو أستاذ في كلية هارفارد للأعمال"، ويعتبره الكثيرون أباً للمدرسة الاستراتيجية الحديثة، الذي قام بدعوة كوسغروف لزيارته. يقول كوسغروف: "تحدث معي لمدة ساعتين، ودعوته بعد ذلك إلى زيارة "كليفلاند كلينك"، وبدأنا منذ ذلك الحين نتشارك الأفكار". ساعده بورتر على فهم أنه كرئيس تنفيذي يجب أن يكون أكثر من جراح مشهور وقائد متحمس، وأنه بحاجة إلى تطوير استراتيجية المؤسسة مع التركيز على كيفية خلق قيمة للمرضى وتحقيق ميزة تنافسية من خلال هذه العملية.
قام كوسغروف بتدقيق مدى جودة بيانات "كليفلاند كلينك"، وما إذا كانت إحصائيات الوفيات مشابهة لتلك الخاصة بالمؤسسات الطبية الرائدة الأخرى. إلا أنّ الأداء على أساس المقاييس الأخرى لم يكن مرضياً، وخاصة بما يتعلق بتجربة المريض، ويقول: "لقد أظهر الناس الاحترام لنا، لكننا بالتأكيد لم نعجبهم". ثم قام في العام 2009 بتوظيف جيم مرلينو كرئيس تنفيذي لتجارب المرضى، وهو طبيب شاب كان قد غادر المستشفى بحزن بعد وفاة والده هناك، وطلب منه كوسغروف أن يعالج جميع الأمور التي دفعته إلى المغادرة.
دعم كوسغروف العديد من أفكار مرلينو المبتكرة، ومن بينها إخضاع جميع الموظفين لتدريب "التحري التقييمي"، وصنع فيلماً داخلياً لأغراض التدريب، وهو عبارة عن "فيديو عاطفي" مؤثر للغاية، والذي شاهده الكثيرون خارج المستشفى وحصل على أكثر من 4 ملايين مشاهدة على موقع يوتيوب. وكنتيجة لهذه الجهود المبذولة وغيرها، انتقلت "كليفلاند كلينك" من المستوى الأدنى من حيث تجربة المريض إلى القمة.
إنّ التغييرات المؤسسية التي قام بها كوسغروف وفريقه كثيرة جداً، ولكننا سنذكر بعضها هنا: تبديل أماكن مواقف السيارات بحيث يكون المرضى، وليس الأطباء، هم الأقرب إلى مداخل المستشفى عند دخولهم، نقل السجلات الطبية من النسخة الورقية إلى التخزين الإلكتروني، تطوير طرق الرعاية النموذجية لضمان التوافق وتحسين جودة الرعاية، رفض توظيف المدخنين، ومؤخراً، في استجابة للأزمة الوطنية لتعاطي المواد الأفيونية، يتم إجراء اختبارات عشوائية لجميع موظفي "كليفلاند كلينك"، بما فيهم الأطباء والمدراء التنفيذيين.
لم تحظ هذه التغييرات دائماً بالقبول عندما كان يتم الإعلان عنها. ولكن كان كوسغروف يواصل طريقه عندما كان يعلم أنه على حق. وقد احتفظ بملاحظة على مكتبه تذكره بالفكرة القائلة: "ما يمكن أن يتصوره العقل يمكن إنجازه".
من الصعب الحديث عن النتائج التي تحققت خلال فترة شغله لمنصب الرئيس التنفيذي على مدى 13 عاماً. إذ إنه بالإضافة إلى التحسينات بما يتعلق بتجربة المريض، ارتفعت الإيرادات من 3.7 مليار دولار في العام 2004 إلى 8.5 مليار دولار في العام 2016، وارتفع إجمالي الزيارات السنوية للمستشفى من 2.8 مليون إلى 7.1 مليون. كما ارتفعت الجودة على كل المقاييس تقريباً وإلى أعلى المستويات في قطاع الرعاية الصحية في الولايات المتحدة. عندما ألقى كوسغروف أول خطاب له كرئيس تنفيذي، قام بتقديم 40,000 "شارة دبوس مشبك" للموظفين كُتب عليها "المرضى أولاً". سألناه عما إذا قام بعض زملائه بالتذمر، فأجاب: "نعم، لقد فعل الكثير منهم ذلك، لكنني اتخذت قراراً بالتظاهر بأنني لم أرهم".
أظهر كوسغروف العزيمة، وقاد مؤسسة أصبحت انعكاساً لشخصيته بسبب تحويل الشغف إلى أداء متميز بشكل صحيح.
اقرأ أيضاً: