3 خطوات لتحويل الإخفاقات المهنية لنجاح باهر

4 دقيقة
الانتكاسات
shutterstock.com/Black Salmon

في لحظة ما من حياتنا المهنية، سوف تواجهنا بعض العثرات؛ فلعل ترقيةً تفوتنا، أو نُخفِق في الحصول على العمل الذي أردناه، أو حتى نُكرَه على الاستقالة. ولأن مثل هذه التجارب تزعزع ثقتنا في ذواتنا وتجعلنا نرتاب في كفاءتنا؛ فإننا بحكم الغريزة نحاول حماية أنفسنا منها. ولكن ماذا لو أننا أغفلنا الجانب المشرق لتلك الانتكاسات بالتركيز على الجوانب السلبية الظاهرة منها فحسب؟

لقد كشفت الأبحاث أن الانتكاسات على خطورتها في المدى القريب، فإنها على غير المتوقع تحض على العمل. في عام 2017، نشر ولفغانغ وزميله المؤلف المشارك هيو غَنز ، عرضاً موجزاً للنقاشات التي دارت حول الدراسات المهنية بين علماء الموارد البشرية والتنظيم والإدارة. وتؤكد النقاشات، في جميع التخصصات، أن أفضل تشبيه للحياة المهنية هو أن نفهم أنها رحلة تستمر مدى الحياة، وأن المنعطفات والمسارات غير المألوفة أمور طبيعية بل في كثير من الأحيان تكون نافعة.

تدعم الأبحاث الأخيرة التي أجريناها معاً هذا الرأي. ففي دراسة نُشرَت هذا العام، أجرينا مقابلة شخصية مع 42 موظفاً من صغار الموظفين في عدة قطاعات بدءاً من المبيعات إلى التصنيع والتصميم والضيافة بغرض المضاهاة بين الموظفين الذين أصابتهم بعض الانتكاسات وأمثالهم من الذين لم تصبهم أي انتكاسات. وعندما تحدثنا إلى المدعوين إلى المقابلة عن خياراتهم المهنية وعن الفرص التي ظنوا أنها كانت متاحة أمامهم؛ وجدنا أنّ الموظفين الذين مروا ببعض الانتكاسات تغيرت نظرتهم للأمور تغيراً إيجابياً على الرغم من شعورهم في بادئ الأمر بالخروج عن المسار الصحيح. إن صدمة الانتكاسة دفعتهم إلى إعادة النظر في حياتهم المهنية والتخطيط لها من جديد على نحو جعلهم صادقين مع أنفسهم، فأصبحوا أكثر نجاحاً من ذي قبل. وعلى النقيض منهم، كان الموظفون الذين لم تصبهم أي انتكاسات مهنية يسعون غالباً خلف المسارات التقليدية مدفوعين إلى ذلك بالخيارات الآمنة؛ فخفيت عليهم ولم تجذبهم كثرة الفرص الوظيفية المتاحة.

فإن كنت قد تعرضت أنت أيضاً لبعض الانتكاسات، فستعينك الممارسات الثلاث الآتية على النمو والازدهار بعدها:

استكشف أهدافك المهنية، وهل هي حقاً تلائم طموحاتك الحالية

أولاً، عليك أن تدرك أن القرارات التي قادتك إلى مسارك الحالي قد اتخذتها أنت نفسك في طَور مبكر من حياتك لما كنت أقل خبرةً. ارجع خطوة للخلف واسأل نفسك، هل هذه الأهداف لا تزال تناسب مهاراتي الكثيرة وخبراتي الكبيرة وفهمي لحقيقة النجاح المهني؟ كيف أُحَدِّث هذه المهارات والخبرات حتى أُحسن فهم كل ما يهمني الآن؟

ثانياً، فكِّر جيداً فيما تحتاج إليه لتحقيق أهدافك بعد تعديلها. فسوف يساعدك هذا في تحديد بعض الأشياء التي تبحث عنها في وظيفتك القادمة. في كتابهما الفَيْئات (Comebacks) ، تقص علينا أندريا ريدموند وباتريشيا كريسافولي، قصة مسؤول تنفيذي راوده شك في قدراته فترة من الزمن حين طلبت منه شركته الاستقالة عقب خلافه مع رئيسه. فدفعته هذه الواقعة لأن يُدرك أنه في حاجة إلى وظيفة تمنحه مزيداً من الاستقلالية. أحسّ المسؤول التنفيذي أنّ رئيسه الذي كان يوماً ما موجِّهاً له لا يتوقف عن دس أنفه في قراراته، فأوجد هذا صدعاً في العلاقة بينهما. فأقسم المسؤول التنفيذي جيمي دايمون ألا يُقهَر مرة أخرى، وكان دقيقاً في مقابلات العمل التي أجراها في التأكد من توضيح مساحة السلطة الممنوحة له في اتخاذ القرارات في أي منصب، وكان يتعمد التفاوض على مساحة أكبر من الاستقلالية. ولقد ساعده هذا الأمر، في نهاية المطاف، على أن يقرر قبول عرض لإدارة بنك وان (Bank One) الذي كان في حاجة إلى تغيير جذري. وبعد مرور عدة سنوات، استحوذ بنك جيه بي مورغان (JPMORGAN) على بنك وان، وسرعان ما أصبح دايمون رئيساً تنفيذياً للشركة المندمجة.

انفتح على الفرص المختلفة المتاحة في تخصصك الأكبر

ينظر كثير من الناس نظرة ضيقة جداً إلى الوسائل التي تحقق النجاح المهني. وهذا يستلزم، عادةً، الصعود إلى الدرجة التالية من درجات السلم المؤسسي. ولكنك بمجرد ما إنْ تتخلص من الحواجز التي تحيط نفسك بها فسوف تنفتح أمامك السبل.

اسأل نفسك عن أكثر الجوانب التي تستمتع بها في عملك، وما الأماكن الأخرى تصلح لها مجموعة المهارات التي تتحلى بها. وهنا فإنّ حديثك مع الآخرين داخل تخصصك -وخارجه أيضاً- سيساعدك على اكتشاف خطوات غير تقليدية، بما في ذلك التنقل بين مهام الموظفين ومهام خطوط العمل، أو بين مهام المدراء والخبراء، أو حتى استحداث مهام جديدة.

أحد صغار المهندسين، في الدراسة التي أجريناها، وجد نفسه محبَطاً، يكافح حتى يواكب متطلبات مهنته في شركة ضخمة للهندسة الكهربائية. ولكنه أدرك بعد مرور بعض الوقت أن الجانب العملي هو أكثر الجوانب التي يحبها في عمله؛ ومنها بناء المكونات الكهربائية واختبارها بدلاً من إنشاء التصميمات بمساعدة الكمبيوتر الذي هو عمله المعتاد غالباً. فشرع في البحث عن فرص تمكنه من استخدام مهاراته في مكان يغلب عليه الجانب العملي. وبعد أن انهمك في دورات تدريبية مختلفة، التحق بالعمل في مؤسسة لتوليد الطاقة مملوكة للدولة حيث تفرض عليه وظيفته أن يجد حلولاً للمواقع التي انقطع فيها التيار الكهربائي الرئيسي؛ وهي الوظيفة التي كان يستهين بها سابقاً ولكنها أصبحت بعد ذلك تحقق ذاته.

بناء عادات جديدة تعكس عقلية النمو

لقد وجدنا أن الموظفين الذين أصابتهم انتكاسة كانوا أوفر حظاً إذ كانوا لا يتوقفون عن إعادة تقييم أهدافهم وتنقلاتهم الوظيفية، حتى بعد زمن طويل من التعافي من انتكاستهم. إن هؤلاء الأفراد أظهروا أيضاً إقبالاً على التعلم فتسارعت وتيرة حياتهم المهنية وتفوقوا على أقرانهم الذين لم يتعرضوا لأي شدائد أبداً.

بمجرد عودتك إلى المسار الصحيح، لا تتوقف عن البحث عن سبل النمو والازدهار. مثلاً، إذا أخفق الناس في الحصول على وظيفة كانوا يرغبون فيها، فإنّ الكثيرين سوف يستعلِمون مؤسساتهم عن السبب. ولكنّ أولئك الذين يتحلون بعقلية النمو سيفكرون فيما هو أبعد من ذلك، فسوف يعقدون المحادثات حول طرق الاستعداد التام للظفَر بالوظيفة المقبلة.

إحدى السيدات التي قابلناها كانت تعمل مساعدة شخصية في شركة باليه، فأصيبت بالصدمة لما أخبرها رئيسها أنها لا تملك المهارات اللازمة لأداء العمل وطلب منها أن تستقيل. وبعد أن عملت مساعدةً مرة أخرى في شركة استشارات كبرى هذه المرة، كانت تطلب نصيحة رؤسائها بانتظام فيما يتعلق بتقدمها المهني والمؤهلات التي قد تكون نافعة جداً للمؤسسة. كانت مؤثِّرةً، وتحلَّت بمهارات التعامل مع الآخرين، واستوعبت العمل في مجال الاستشارات فبرزت أمام مدراء المؤسسة. في نهاية الأمر عرضوا عليها العمل مستشارةً، وهي ترقية استثنائية لم تكن شائعة في قطاع الاستشارات.

إذا كنت مديراً فتذكر دائماً أن المناهج الثلاثة التي ذكرناها قد تنفع زملاءك وموظفيك الذين مروا بتجارب محبِطة. وفي إمكانك، إذا وجَّهت انتباههم إلى ما هو ممكن على المدى البعيد، أن تساعدهم على الإحساس بالقوة والسيطرة.

خلاصة القول، إذا أصابتك مصيبة في مهنتك فإياك أن تُطيل التفكير فيما فات ولا تحاول الابتعاد عن المخاطر، وابحث بدلاً من ذلك عن فرص جديدة. تمهَّل واغتنم الوقت في التفكير والتأني في إعادة تقييم مسارك المهني؛ وحدد المهام الممتعة في مجالك بعيداً عن المسارات المتعارف عليها؛ ثم أنشئ عقلية النمو وداوم على العمل في سبيل تحقيق الأهداف الطَموحة الجديدة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي