كيف تستخدم تحليلات بياناتك الخاصة بشكل جيد؟

5 دقائق
استخدام تحليل البيانات

يبدو أنّ المختصين في البيانات والتحليلات سيجدون أنفسهم في قلب السباق القادم الكبير للتنقيب عن المواهب. في عام 2015، كان هناك فائض في عدد أصحاب مهارات علم البيانات والآن أمسى هناك نقص جسيم في عددهم. وتتوقع شركة آي بي إم زيادة الطلب بحلول عام 2020 على أصحاب مواهب التعامل مع البيانات والتحليلات ليصل عدد الوظائف التي يشغلونها إلى 2.7 مليون وظيفة في الولايات المتحدة وحدها. فماذا عن استخدام تحليل البيانات لاستقطاب المواهب؟

وسيكون التنافس على أصحاب المواهب محموماً خاصة بين الشركات التي تُشكّل التحليلات المتقدمة جزءاً محورياً من أعمالها مثل الشركات العملاقة في مجال التجارة الإلكترونية وصناديق التحوط ومهندسي النظم المعقدة. بالنسبة لهؤلاء، من الضروري وجود فريق مقيم من خبراء البيانات.

كيفية استخدام تحليل البيانات في الشركات

ولكن ماذا عن بقية التفاصيل المتعلقة بموضوع استخدام تحليل البيانات في أي شركة؟ ليست أخبار سارة. فبالنظر إلى النتائج التي خلصت إليها الدراسة الاستقصائية لشركة ريكسر أناليتكس (Rexer Analytics) التي صرح فيها ما يربو على ثلث المختصين في تحليل البيانات بأنّ شركتهم لم تستغل تحليلاتهم، أو استغلتها بين الحين والآخر فقط لا غير. ويلقي ذلك بظلال الشك على الطابع العملي لتمرير التحليلات على فِرَق عمل مركزية ينصب تركيزها على تحديات فهم الصورة الكبيرة.

اقرأ أيضاً: كيف تساعد فريقك على معرفة التوظيف الصحيح للبيانات؟

دمج تام مع الأعمال من أجل استخدام تحليل البيانات

في ضوء خبرتنا الشخصية، لا تحتاج غالبية الشركات إلى جيش صغير من علماء البيانات أو أحدث التقنيات التحليلية، وإنما تحتاج إلى تحليلات تحل المشكلات التجارية والعملياتية الأساسية. والنبأ السار هو أنّ أدوات إنجاز ذلك متاحة بالفعل وغير مكلفة نسبياً. والشيء نفسه ينطبق على قوة معالجة تلك التحليلات. وفي ذات الوقت، تخزن الغالبية العظمى من الشركات بالفعل كميات ضخمة من البيانات التجارية الطابع (غير أنها لا تُحللها)، وتجمعها بمعدل أسرع من ذي قبل.

وما ينقصنا، في أغلب الأحيان، هو استراتيجية واضحة ونموذج عملياتي لاستخدام هذه القدرات بأساليب محددة تفي بمتطلبات أعمال الشركات. وتعتمد مثل هذه الجهود على ثلاثة مكونات أساسية:

  • أشخاص لديهم القدرة على المزج بين خبرتهم التجارية والأساليب والتطبيقات التحليلية المتقدمة بطريقة فعالة.
  • نهج قائم على الأدلة يُترجم الدراية والمعرفة التحليلية، وفهم مشكلات الأعمال التجارية وتحويلها إلى رؤى وأفكار قابلة للتنفيذ.
  • فريق صغير من المختصين في  التحليلات (وليس علماء بيانات بالضرورة) لتطوير أدوات وتقنيات تحليل مناسبة وتمكين المؤسسة من تعميمها عن طريق التدريب الداخلي والاستشارات.

وتمثل هذه المكونات معاً أساساً متيناً لسد الفجوة بين المهارات الفنية والتفكير التجاري، بحيث تستطيع الشركات استخلاص القيمة من التحليلات.

بناء القدرات الداخلية من أجل تحليل البيانات

إذاً، كيف يمكننا البدء؟ نقترح عليك الاسترشاد بالشركات التي سلكت هذا الدرب من قبل.

ابدأ على نطاق محدود. استهدف مشكلة واحدة محورية أو جانباً مهماً (ولكن ليس محدوداً) من جوانب العمل يمكن أن يكون للتحليلات التنبؤية أثر عظيم بالغ القيمة ومباشر عليه. وبعد ذلك، استخدم النتائج لخلق مصداقية وإثارة وزخم.

فقد سلكت إحدى أكبر شركات صناعة المشروبات والعصائر هذا الدرب عندما قررت إتاحة البيانات والتحليلات لوحدات العمل فيها. ولإدارة المخاطر، حافظت الشركة على تواضع استثماراتها المبدئية في هذا الاتجاه. وبهذه الطريقة، استطاعت الشركة بسهولة النأي عن الإخفاقات والتوسع في تعميم الأدوات والأساليب التي أتت ثمارها.

اقرأ أيضاً: تحليل بيانات الناس لا يكشف كل شيء عنهم

حافظ على الطابع التجاري. اربط بين التحليلات وجوهر العمل التجاري والعملياتي في مؤسستك. (إذا لم تُعالج التحليلات حاجة تجارية جوهرية، فمن الممكن أن تكون عقبة أكثر منها عوناً). وبينما تنهمك في القيام بهذا الربط، اجعل القدرة التحليلية في متناول المسؤولين عن التفكير التجاري قدر الإمكان. على سبيل المثال، مكّنت شركة زالاندو (Zalando) الواقعة في مدينة برلين وحدات عملها بأن أمدتها ببنية تحتية للتحليلات بنظام الخدمة الذاتية يدعمها محللون مدمجون ينصب تركيزهم على تطوير المنتجات. والنتيجة؟ بوسع فِرَق العمل بداية من متجر الأزياء وحتى فريق الخدمات اللوجستية الآن استخلاص الرؤى والأفكار المستندة إلى البيانات التي يحتاجون إليها لاتخاذ قرارات ذكية تتماشى مع أهم أولويات العمل الخاصة بالشركة.

حدّد قدراتك التحليلية الحالية والمحتملة. لدى كثير من الشركات بالفعل وظائف مُكرسّة للاستراتيجية أو التخطيط المالي أو رؤى الأعمال، وكذلك أفراد يستخدمون التحليل لحل مشاكل الأعمال. وأسّس على هذه الأصول بتزويدها بقدرات جديدة. لا يتطلب الأمر مؤهلات خاصة، بل يقتضي فقط القدرة (والرغبة) على أن تكون مُلماً بالبيانات وبارعاً في الأدوات التي تختارها.

عندما اكتشفت شركة جاغوار لاند روفر وجود ضرورة لنشاط تحليلي ذاتي الخدمة في أقسامها، بدأت الشركة في تقديم تدريب داخلي لموظفيها على التحليلات. وشُغلت الدورة التدريبية الأولى التي استوعبت 60 موظفاً عن آخرها. وفي العام الماضي، أصبح بين 1,800 و2,500 موظف من "المحللين المقيمين"، أي مستخدمي أعمال ابتكروا تحليلاتهم الخاصة لتكون جزءاً من عملهم اليومي.

قم بإنشاء مجموعة أدوات. شجّع مستخدمي الأعمال على الاستفادة من التحليلات بأدوات ذاتية الخدمة تغني عن الحاجة إلى تعلم البرمجة. وأكثر هذه الأدوات فعالية تضم خوارزميات مدمجة للتنقل بين بيانات الشركة وإنشاء رسوم بيانية ولوحات معلومات وتقديم رؤى وأفكار للجماهير على اختلاف أطيافهم.

جمعت شركة نايكي مجموعة مخصصة من الأدوات البرمجية المتعلقة بذكاء الأعمال وتحليلاتها ورسوماتها الإيضاحية بغية تقليص القيود الفنية وإمداد مستخدميها في الشركة بالرؤى المتعمقة. وكان لا بدّ أن تغطي تلك المجموعة من الأدوات النطاق الكامل لمتطلبات مستخدميها، بداية ممن يريدون فقط استخلاص لوحات معلوماتية وحتى الباحثين عن أكبر كم ممكن من البيانات لإجراء تحليلاتهم "الاستكشافية" الخاصة. ويستفيد جميع المستخدمين من فريق مركزي يكفل لهم الحوكمة الضرورية لضمان بيئة متزنة وآمنة ومواكبة لأحدث التطورات.

اقرأ أيضاً: استخدام البيانات لتوفير رعاية صحية أفضل للمشردين

كون مناصرين. لا تدع مستخدمي الأعمال يتوصلون للقيمة التجارية للتحليلات من تلقاء أنفسهم، بل اعرضها عليهم عبر شبكة من المناصرين في شتى أرجاء المؤسسة. ومن خلال هؤلاء المناصرين، تستطيع الشركات استحداث القدرات المتاحة بشكل استباقي في العمل، وتقديم دعم من ذوي الخبرة لهؤلاء الذين يتلمسون طريقهم.

وهذا بالضبط ما فعلته سلسلة متاجر سينسبري الإنجليزية حين شكلت فريقاً داخلياً قوامه ستين موظفاً وأطلقت عليه اسم "المحللون البشر". ماذا كانت مهمة الفريق؟ الوقوف على فرص التحسن المستندة إلى البيانات، كالتنبؤ بردود أفعال المتسوقين تجاه استراتيجيات التسعير الجديدة، وفي الوقت نفسه غرس الإيمان في قلوب مستخدمي الأعمال كثيري الشكوك.

استغلال ما لديك من أجل معرفة خطوات تحليل البيانات

حيثما بدأت رحلتك، ضع ما يلي نصب عينيك: إسباغ الطابع الديمقراطي على التحليلات عملية متكررة حتماً. تتطلب كل خطوة إلى الأمام نظرة إلى الوراء للتأكد من وجود الضوابط المناسبة وآليات التدريب والتنفيذ في مكانها، وأنها تعمل على النحو الذي يجب أن تعمل به. وبحسب الملاحظة المأثورة لفولتير، القوة الهائلة تجلب في طياتها مسؤولية هائلة.

إنها أيضاَ فكرة سديدة عندما تحاكي حرفياً هؤلاء الذين يخوضون مواقف شبيهة بمواقفك. استغل دراسات الحالة وثيقة الصلة استغلالاً سخياً. وحدد أولويات الرؤى التي تخلق منافع تجارية. وعندما ترفع تقريراً داخل مؤسستك، ركز على النتائج والأثر بدلاً من النماذج الكامنة. كن للآخرين مصدر إلهام والتمس إلهامهم.

وأخيراً ومن أجل استخدام تحليل البيانات في شركتك، لا تستسلم لضغوط تشكيل فرق عمل عظيمة قوامها أخصائيين نادرين ذوي أجور عالية دون أن تتوصل إلى ما هو منطقي لعملك. فلا شيء أكثر خصوصية بشأن التحليلات يجعل من الواجب حفظها بمنأى عن الذين هم على دراية وثيقة بالمشاكل التي تحتاج إلى حلها، ويعملون لديك بالفعل. وينبغي أن تُمكّن التحليلات بطبيعتها أي شخص يمتلك سبل فهمها واستيعابها. وبتعبير آخر، فإنّ تحليلات البيانات تناسب الجميع، لا قلة من الأشخاص فقط.

اقرأ أيضاً: كيف تحدد أي مشاريع علم البيانات التي عليك استهدافها؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي