ملخص: إنهاء الصفقات يسبقه في العادة عدة خطوات مثل اكتشاف العملاء، وتأهيل العملاء المحتملين منهم، وإدارة أداء فريق المبيعات. عملت شركة فريموورك آي تي على تحسين عملية البيع من خلال تأهيل العملاء المحتملين، وفهم احتياجات أصحاب المصلحة الرئيسيين، وترويج عوامل التميز في الشركة، ما أدى إلى زيادة حجم الصفقات ورضا العملاء. لذلك، من الضروري الاهتمام بالاختيار الاستباقي للعملاء وتأهيل العملاء المحتملين لتحقيق نمو مربح والحفاظ على الميزة التنافسية للشركة.
البيع فن يعتمد على النتائج، ولهذا تركز غالبية النصائح المتعلقة بتحقيق الأداء الجيد في عملية البيع على النتيجة المنشودة، وهي إتمام الصفقة. ولكن إتمام الصفقة ما هو إلا نتيجة لخطوات وقرارات تحدث في بداية العملية حين يقرر مدراء المبيعات ومندوبو المبيعات أين يخصصون الوقت والمال والجهد.
على فرق المبيعات تحديد حجم الجهد الذي ستبذله في اكتشاف العميل (فهم ما الذي تبيعه ولمن)، وتأهيل العملاء المحتملين (التأكد من جديتهم وقدرتهم على الشراء)، وإدارة أداء فريق المبيعات (الوقت المستغرق في التدريب والمراجعات والأنشطة الأخرى التي تخلق ثقافة التحسين المستمر).
تزداد أهمية هذه العناصر عندما تجبر أسعار الفائدة المرتفعة ودورات البيع الطويلة فِرق المبيعات على العمل بكفاءة أكبر واستثمار وقتها في الأنشطة التي تحقق إيرادات. نناقش في هذا المقال أسلوب إحدى الشركات في تحسين عملية توزيع الجهد في هذه المجالات، وأثر هذا الأسلوب في تحقيق نمو مربح للعديد من الشركات الأخرى.
اتباع طرق أكثر ذكاءً لاكتشاف العملاء وتأهيل العملاء المحتملين
عادة ما يتطلب بيع منتج أو خدمة طرح عدة أسئلة والإجابة عنها، مثلاً: ما هي المشكلة التي يقدم منتجنا حلاً لها؟ هل يجد العملاء المحتملون هذه المشكلة مهمة ومُلحة؟ من هم أفضل العملاء المحتملين (مَن الشركات وما هو حجمها، وما هي القطاعات التي تعمل فيها)؟ أي قسم في تلك الشركات يواجه صعوبة في حل هذه المشكلة؟ وكيف تنفذ هذه الشركات عملية الشراء؟ يمكن استخدام أبحاث السوق ومجموعات التركيز وغيرها من الأدوات للإجابة عن هذه الأسئلة، ولكن في أسواق التعامل التجاري بين الشركات (B2B)، فإن اكتشاف العملاء يحدث عادةً خلال محادثات المبيعات مع العملاء المحتملين.
وأحد أدوار إدارة المبيعات الأساسية هو مساعدة فرقها على استثمار الوقت المحدود في هذه الأنشطة بفعالية، فمن دون مبادئ توجيهية عملية يستخدمها مندوبو المبيعات في البحث عن العملاء وجذب العملاء المحتملين وتأهيلهم، تصبح العملية غير فعالة وتعتمد على الحظ دون توافر استراتيجية واضحة. على سبيل المثال، لنفترض أن لدينا عميلين محتملين حقيقيين (دون ذكر اسميهما). يقدّم مندوب المبيعات الداخلي العميل المحتمل الأول إلى المهندس المسؤول عن المبيعات في شركة تبيع أجهزة وبرامج لمراكز الاتصالات، فيقول له:
"سأقدم لك عميلاً محتملاً مهتماً بالشراء، تواصل معنا عبر الخط الساخن. سيفتتح هذا العميل مركز اتصال جديداً، ولا يملك حالياً أي أجهزة. سيبدأ بـ 30 موظفاً ويخطط للوصول إلى 60 موظفاً. يحتاج العميل إلى أنظمة كتابة نصوص (سكربت) المكالمات، وإعداد التقارير، وجدولة مكالمات متابعة العملاء، والقدرة على تعديل الاستراتيجيات التسويقية والمراقبة الكاملة لأداء الوكلاء. الموعد النهائي لتقديم العرض هو 11 يونيو/حزيران، ومن المتوقع اتخاذ القرار النهائي بحلول 18 يونيو/حزيران. يريد أن يكون جاهزاً للعمل بحلول نهاية يوليو/تموز ويرغب في مناقشة الصفقة في أسرع وقت ممكن".
أما العميل المحتمل الثاني فهو من قسم الأجهزة في مستشفى كبير، وأرسل رسالة إلى شركة أجهزة طبية عبر البريد الإلكتروني يقول فيها:
"أرجو تقديم عرض سعر لـ 100 مضخة حُقن سرنجة محاليل مماثلة لنموذج (New Era 1000) بسعة تتراوح من 0.73 إلى 2,011 مل/ساعة. يجب استلام العرض بحلول 15 نوفمبر/تشرين الثاني من أجل النظر فيه".
قد يفترض المرء أن العميل المحتمل الأول أكثر ميلاً للشراء من العميل المحتمل الثاني، لأنه يشير إلى مشروع ممول مع حاجة زمنية مُلحة، في حين يبدو أن العميل الثاني يطلب عرض أسعار (RFQ) يعتمد القرار فيه على السعر.
لكن عند دراسة العميلين المحتملين بدقة، نجد أن العميل الأول يشير إلى فترة أسبوع واحد فقط بين طلب عرض الأسعار واتخاذ قرار الشراء. هل هذا واقعي؟ وإذا كان كذلك، فهل يشير إلى أن هذا العميل المحتمل قد اختار المورّد بالفعل ويستخدم العروض الأخرى للتفاوض مع المورّد المفضل لديه؟ أما العميل الثاني، فعلى الرغم من تركيزه الشديد على السعر، يبدو أنه يسعى للحصول على أفضل عرض من عدة موردين، ولكن قد تكون هذه فرصة جيدة للشركة لإبرام صفقة أولى مع عميل جديد مهم.
هذه كلها تكهنات، وللأسف، تعتمد الشركات عليها في غياب معايير قابلة للتنفيذ. وعادة ما تُوظف إمكانات قسم المبيعات لمتابعة كلا العميلين، ما يؤدي إلى زيادة تكاليف البيع ووقوع آثار جانبية سلبية على الموارد الأخرى. في المقابل، فإن تحسين معايير اكتشاف العملاء وتأهيل العملاء المحتملين يعززان ممارسات التوظيف والتدريب، ومعدلات إنهاء الصفقات، وخدمات ما بعد البيع، والتدفق النقدي. والسؤال الذي يواجه فِرق المبيعات هو: كيف يمكنهما معرفة إن كان العميل المحتمل يستحق بذل الوقت والجهد اللازمين لتحديد مدى ملاءمة المنتج أو الخدمة له، أو المتطلبات المخصصة المحتملة، أو السعر المناسب؟
كيف حسّنت إحدى الشركات أداءها؟
فريموورك آي تي (Framework IT) هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المُدارة (MSP) المتميزة بأسعار مرتفعة تقدم خدمات الحوسبة السحابية والأمن السيبراني ودعم مكاتب الدعم الفني وإدارة مشاريع تكنولوجيا المعلومات. لا تقدم شركة فريموورك آي تي حلول التكنولوجيا المنفردة أو مجموعة محددة من البرمجيات، بل تصبح في الأساس هي قسم تكنولوجيا المعلومات في الشركة التي تتعاقد معها (أو تمثل امتداداً لقسم تكنولوجيا المعلومات فيها). تعمل الشركة في سوق تتسم بتكنولوجيا سريعة التغير وبمنافسة شديدة من شركات كثيرة تقدم مستويات مختلفة من الجودة والأسعار. (إفصاح: قدّم سكوت، أحد مؤلفي هذا المقال، استشارات لشركة فريموورك بين عامي 2020 و2022).
لم تؤهّل شركة فريموورك العملاء المحتملين بدرجة كافية، ما أدى إلى إضاعة الكثير من الوقت في إعداد مقترحات غير مجدية وفي توقعات المبيعات، حيث تسببت تقلبات المبيعات في تعقيد عملية التوظيف والتدريب والخدمات المقدمة بعد البيع. علاوة على ذلك، كانت شركة فريموورك تعتمد بشدة على مندوبي المبيعات الأعلى خبرة وتكلفة لإنهاء الصفقات، ما قلل من الوقت المتاح للبحث عن عملاء جدد وأدى إلى رفع مستويات الإحباط والدوران الوظيفي بين المندوبين الجدد وأصحاب الخبرة على حد سواء.
إليك ما فعلته الشركة لمعالجة هذه المشكلات:
جمع بيانات العملاء وتحليلها
ليس كل العملاء جيدين، وغالباً ما تتجاهل الشركات الإشارات التي تظهر على قاعدة عملائها الحالية. درست شركة فريموورك أنواع العملاء للتعرف على الأكثر ربحية والأقل ربحية منهم، ومَن هم أصحاب أعلى احتمالات تجديد العقود وأقلها، والعوامل الديموغرافية، وعوامل أخرى تشير إلى احتمالية إنهاء الصفقات، بالإضافة إلى العلامات التحذيرية التي تميّز بيئات العمل التي لا يمكن للشركة إدارتها بكفاءة أو بربحية.
معرفة مَن يشتري ولماذا
الشركات لا تشتري، لكن موظفيها المسؤولين عن قرار الشراء هم مَن يفعلون ذلك. يلبي الشراء في معظم الشركات حاجات أقسام مختلفة ويمثل مصالح ومخاطر مختلفة، سواء على الصعيد المهني أو الصعيد الشخصي. حددت شركة فريموورك أصحاب المصلحة الأساسيين المشاركين في اتخاذ قرارات الشراء لدى العملاء المطلوبين. على سبيل المثال، وجدت الشركة أن نسب النجاح كانت أعلى والشراكات بعد البيع حققت نجاحاً أكبر عندما كان عدد كبير من مسؤولي الإدارة التنفيذية العليا مشاركين في عملية البيع منذ البداية. فحددت شركة فريموورك تفاصيل دقيقة عن الشخصيات الرئيسية المعنية مثل الرئيس التنفيذي والرئيس التنفيذي للشؤون المالية ومدير إدارة العمليات وقائد فريق تكنولوجيا المعلومات، وتضمنت تلك التفاصيل المشكلات المستعصية الخاصة بكل دور وأدوات تخفيفها والمعايير المناسبة لها والآثار المترتبة عليها كي تتمكن شركة فريموورك من مناقشة مختلف جوانب عرض القيمة الذي تقدمه مع كل هذه الشخصيات. أسهم ذلك في تحويل التركيز في محادثات المبيعات من عروض الأسعار التنافسية وتوجيهه نحو الرسائل التي تستند إلى القيمة بناءً على معايير العائد على الاستثمار المتفق عليها.
توضيح الفوارق التنافسية وتعزيزها
ساعدت التحليلات السابقة في تحديد مواصفات العميل المثالي للشركة (ICP). ولكن ما الذي يدفع هؤلاء العملاء للشراء منك؟ تميزت شركة فريموورك بعدة عوامل، أهمها عرض القيمة المبني على الحوافز المشتركة ونموذج التسعير. على سبيل المثال، حددت شركة فريموورك بمرور الزمن أفضل الممارسات التي أثبتت جدواها لتجنب فترات التوقف عن العمل وتحسين عمليات تكنولوجيا المعلومات لدى الشركات المتعاقدة مع تقليل تكاليف تقديم الخدمة. أظهرت بيانات شركة فريموورك أن العملاء الذين يستخدمون التخزين السحابي والتطبيقات السحابية أبلغوا عن مشكلات تحتاج إلى دعم فني أقل بنسبة 30% مقارنة بالعملاء الذين لديهم أنظمة ضمن مقر الشركة، وأن المشكلات التي يبلغون عنها يمكن حلها بطريقة أسرع بنسبة 25%. كما أن ممارسات الأمن السيبراني الأساسية جعلت احتمال تعرض العميل لتهديد سيبراني أقل بنسبة 50%. زادت هذه الممارسات من كفاءة تكنولوجيا المعلومات وإنتاجية الموظفين في الشركات المتعاقدة، وخفضت التكلفة الإجمالية للخدمات المدارة.
لعرض هذه الفوائد بصورة أوضح، أنشأت شركة فريموورك أداة تقييم للتكنولوجيا ودمجتها في عملية المبيعات الخاصة بها، واستخدمت هذه الأداة لتضمين خطة توجيهية مخصصة في عروضها توضح الثغرات في أفضل الممارسات بالشركة وتوصيات متسلسلة حول كيفية سد هذه الثغرات. بعد ذلك، قدّمت شركة فريموورك أسعاراً شهرية مخفضة للعملاء الذين اعتمدوا هذه الممارسات، ما حفّز العملاء على تأهيل أنفسهم وأدى إلى شراكات مربحة للطرفين بناءً على اتفاق حول العمليات الأساسية.
التواصل حول مواصفات العميل المثالي والآثار المترتبة على العرض المقدم له
يعتمد البيع الفعال أساساً على السلوكيات. دمجت شركة فريموورك التحليلات المحوسبة الخاصة بدراسة العملاء في دليل المبيعات الخاص بتدريب الموظفين الجدد وإعدادهم، وفي المبادئ التوجيهية الخاصة باجتماعات تأهيل العملاء المحتملين والجدول الزمني للتواصل مع العملاء المحتملين ورسائل التواصل معهم، وكل ذلك في موقع شيربوينت (SharePoint)، الذي يتضمن قوالب جاهزة وأسئلة شائعة حول الخدمات المقدمة وبيانات الصفقات ودراسات الحالة، وغيرها من الموارد لنشر أفضل الممارسات وتقليل عدد العملاء غير المؤهلين.
كان من الضروري إبلاغ فرق المبيعات بالأسباب المنطقية لهذه التغييرات، بالنسبة للمندوبين الذين يحاولون تحقيق حصة مبيعات محددة، بدا أثر التغييرات على المدى القصير غير منطقي، إذ تبيّن بعد المحادثات الاستكشافية الأولية أن أكثر من 50% من العملاء المحتملين غير مؤهلين، وذلك بقرار إما من شركة فريموورك وإما من العميل نفسه. وقد أدى ذلك إلى تخفيض عدد العملاء المحتملين، ما جعل من الصعب على فريق المبيعات تحقيق أهدافه.
لكن البيانات الناتجة أظهرت خلاف ذلك، ففي السنة التالية، شهدت شركة فريموورك زيادة بنسبة 30% في حجم الصفقات وزيادة بنسبة 50% في إيرادات العقود السنوية الجديدة، ما يعني أن الشركة كانت تعقد صفقات مع عملاء أكبر وأفضل. كما تحسنت مستويات الرضا بين العملاء وفرق المبيعات، إذ شهدت الفِرق زيادة بنسبة 50% في الصفقات التي وصلت إلى مرحلة العرض، كما ارتفع صافي نقاط الترويج بنسبة 50%. وقد أدت التغييرات أيضاً إلى تحسين النتائج النهائية، إذ ازداد هامش الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك وإهلاك الدَّين بنسبة 40% منذ تنفيذها.
وكانت هناك فوائد إضافية للشركة؛ بالنسبة للموارد البشرية، فقد تحسّن الوقت اللازم لعملية إعداد مندوبي المبيعات الجدد واستيعابهم بفضل قدرة الشركة على التركيز على مبادرات التدريب. إذ أصبح المندوبون يتعلمون على نحو أفضل من خلال ملازمة زملائهم المتميزين وهم يؤدون المهام الرئيسية، وهذا ما يسميه الباحثون "نمذجة السلوك". فهم يتعلمون كيفية تحديد المؤشرات والدلائل المهمة حول كيفية اكتشاف المشكلات التي يواجهها أصحاب المصلحة، وكيفية إلقاء العروض المقنعة والرد على المخاوف أو الأسئلة التي قد يطرحها العميل المحتمل وإظهار الميزة التنافسية، وغيرها من جوانب عمليات البيع في السوق المستهدفة. أدى تركيز شركة فريموورك الجديد وانضباطها إلى توفير مزيد من الوقت لمندوبيها أصحاب الخبرة للتفاعل مع عملاء محتملين أكبر وأفضل، وزيادة قدرتهم على تدريب زملائهم وتسريع تعلمهم ونموهم.
بالنسبة لفريق الخدمة في شركة فريموورك، ساعد اعتماد العملاء المحتملين المؤهلين بدرجة أعلى على أفضل الممارسات لتحسين تقديم الخدمات المدارة الجارية مع خفض تكلفة تقديم الخدمة على الشركة. كما أصبح لدى فريق الإدارة العليا في الشركة نموذج مبيعات قابل للتوسع وعملية لتكييف هذا النموذج في ظل التغيرات السوقية الحتمية، حيث دمجت معايير اختيار العملاء في أنشطة تطوير المنتجات والتخطيط الاستراتيجي.
إن الدروس المستفادة هنا تتجاوز تجربة شركة فريموورك، فمعظم المسؤولين التنفيذيين يعترفون بأن أي شركة لا تستطيع تلبية احتياجات كل عميل في سوق مزدحمة بالمنافسة. ومع ذلك، تفشل غالبية الشركات في جعل عملية اكتشاف العملاء ومعايير تأهيل العملاء المحتملين جزءاً صريحاً ومنظماً من عملية تطوير أعمالها، لذلك يبيع مندوبي المبيعات لأي شخص يمكنهم الوصول إليه وبأسعار مخفضة لتحقيق أهداف المبيعات. ومن ثم، تقدم الشركة خدمات بجودة متفاوتة لأنواع مختلفة من العملاء، ما يؤدي إلى فقدان العلامة التجارية مكانتها وقدراتها المميزة. من الأفضل أن تكون استباقياً، لأن كثيراً من أعمال الشركات يعتمد على اختيار العملاء، مثل تكلفة تقديم الخدمة ودورات التحويل النقدي، بالإضافة إلى القرارات المتعلقة بالمنتجات الأساسية والنمو.