ابتكر نظاماً للنمو: 5 عناصر تسمح لشركتك بتحقيق النجاح المستمر

10 دقيقة

يعد تحقيق النمو المستدام من أصعب الأمور على الشركات، إذ يمكن لفكرة رائعة أو ابتكار منتج أن يخلق نمواً عرضياً، لكن قلة من الشركات تواصل النمو عاماً بعد عام، خاصة وسط الاضطرابات وحالة عدم اليقين في الاقتصاد التي نشهدها منذ عام 2020 وحتى الآن. وعلى الرغم من ذلك، تمكنت شركات من اكتشاف كيفية تحقيق نمو مستدام واكتسبت القدرة على توقع أرباحها للربع القادم بدقة. لفهم القيمة التي يخلقها النمو المستدام للشركات، أجرينا مع زميلنا بريت دافيدسون دراسة شملت 2,142 شركة أميركية مدرجة في البورصة تتجاوز أرباحها السنوية 200 مليون دولار.

قسمنا الشركات إلى أربع فئات متساوية بناء على معدل النمو السنوي المركب لخمس سنوات خلال الفترة بين عامي 2018 و2022، وركزنا على شركات الربع الأعلى التي حققت أعلى معدلات نمو وقد بلغ عددها 535 شركة. أطلقنا على هذه الشركات اسم "الشركات الرائدة في النمو"، ثم رتبناها حسب نمو الإيرادات لكل عام خلال هذه الفترة، وحددنا الشركات التي كانت في النصف الأعلى كل عام وبلغ عددها 234 شركة، ولأنها حققت نمواً مستداماً ملحوظاً، فقد أطلقنا عليها اسم "الشركات بطلة النمو".

حققت هاتان المجموعتان من الشركات في الربع الأعلى معدل نمو سنوي مركب مماثلاً مع مرور الوقت، لكن "الشركات بطلة النمو" أظهرت نمواً مستمراً كانت له قيمة سوقية أعلى، إذ زادت قيمتها على 4 أضعاف إيراداتها في حين بلغت قيمة "الشركات الرائدة في النمو" نحو 3 أضعاف إيراداتها، أما الشركات في الأرباع الثلاثة الدنيا فقد بلغت قيمتها نحو ضعفي إيراداتها.

بعد ذلك، سعينا إلى اكتشاف ما سمح "للشركات بطلة النمو" بتحقيق أرباح تصاعدية باطراد، فهل كان السبب هو نماذج أعمالها؟ هل كانت ببساطة أسرع في تقديم حلول مختلفة للعملاء؟ هل كان لعمليات الاستحواذ دور في تعزيز النمو المستمر؟ لا شك في أن هذه العوامل مهمة، لكن دراستنا أكدت ما لاحظناه في عملنا على مدى سنوات: المؤسسات الأعلى أداءً هي التي استثمرت في نظام النمو، وهو مجموعة متكاملة من القدرات والأصول حفزت نموها على المديين القصير والطويل.

يختلف هذا النهج بصورة جوهرية عن طريقة إدارة النمو التي تتبعها الشركات عادة، حيث تبذل جهوداً مضنية دون تحقيق أي تقدم، ذلك أنها تحاول تحقيق النمو في المجالات التي لا تتمتع فيها بأي ميزة تنافسية أو حتى يكون وضعها فيها غير مؤاتٍ. لذا حتى لو تمكنت من زيادة أرباحها فإن التكلفة غالباً ما تكون باهظة.

وفي أقصى الحالات، تشدد الشركات التركيز على النمو إلى درجة أنها ترى في اكتساب كل عميل غاية حاسمة يؤدي عدم تحقيقها إلى مخاطر كبيرة، ومن ثم فإنها تبذل قصارى جهدها لتحقيق النمو القصير الأمد من خلال زيادة التخفيضات أو العروض الترويجية لإدارة دوران العملاء المستمر، أو تقديم ابتكارات جديدة تؤدي إلى تراجع إيرادات المنتجات السابقة، أو إطلاق العشرات من المبادرات التي تعرف أنها تفتقر إلى التمويل الكافي، أو تستهدف مجالات ليست لدى الشركات عروض متميزة فيها، ما يؤدي إلى إضعاف قدرتها التنافسية.

أظهرت الشركات بطلة النمو نمواً مستمراً كانت له قيمة سوقية أعلى، إذ زادت قيمتها على 4 أضعاف إيراداتها.

لتحقيق النمو المستمر بمرور الوقت، يجب على الشركات أن تتوقف عن بذل الجهود التي لا تؤدي إلى التقدم، الأمر الذي يتطلب تحولاً كبيراً في العقلية: على القادة تخفيف التركيز على أساليب تحقيق النمو القصير الأمد، وزيادة التركيز على إنشاء نظام أساسي للنمو الطويل الأمد.

العناصر الخمسة لنظام النمو

يُظهر بحثنا، الذي يتضمن مقابلات ودراسات حالة، أن نظام النمو له 5 مكونات، سنصفها أدناه من خلال منظور 5 شركات ناجحة بنت أنظمة نمو فعالة، وهي توست (Toast) وإيكيا (IKEA) وفيرتكس (Vertex) وأدوبي (Adobe) وروبلوكس (Roblox). لم تعمل أي من هذه الشركات التي درسناها على تطوير العناصر الخمسة بأفضل ما يمكن، ولكنها تتمتع بقدرة قوية على فهم أنظمة النمو لديها وتحديد كيفية تحسينها بمرور الوقت.

تحديد نتيجة مقنعة للعملاء.

أساس نظام النمو هو تقديم عرض متميز ومقنع للعميل، أي التزام واضح ومناسب وفريد يحدد ما ستقدمه الشركة ومن سيتلقاه. لنأخذ شركة توست مثلاً، وهي شركة رائدة في مجال التكنولوجيا المالية حققت نمواً مستمراً من خلال تقديم حلول دفع مخصصة للمطاعم. تختص شركة توست بمساعدة موظفي المطاعم على إسعاد الزبائن من خلال التركيز على الطعام والضيافة بدلاً من الخدمات اللوجستية للدفع، إذ تعمل الشركة على تحسين عروضها باستمرار من خلال ابتكارات مثل أكشاك الدفع للخدمة الذاتية وتكنولوجيا إدارة برامج الولاء التي تسهل على المطاعم تصميم برامج مكافأة العملاء وإطلاق حملات تسويقية موجهة عبر البريد الإلكتروني لتعزيز مشاركة العملاء. صممت شركة توست نظام نمو يركز على تقديم حلول ضرورية وفريدة للمطاعم، الأمر الذي أكسبها مكانة قوية في سوق مزدحمة فصار من الصعب على الشركات الأخرى التي تقدم حلول الدفع العامة منافستها.

تصميم القدرات المناسبة.

تضع "الشركات بطلة النمو" مخططات عمل محددة تتضمن تفاصيل حول كيفية تكامل قدرات نظام النمو لديها لابتكار المنتجات والحلول والخدمات التي تحقق النتائج المرغوبة للعملاء، وتشبه هذه المخططات إلى حد كبير مخططات الأبنية المعقدة، إذ تحدد الموارد والتكنولوجيا والبيانات والإجراءات المطلوبة لإتمام العمل. تستثمر "الشركات بطلة النمو" بقوة في هذه القدرات وتأخذ موارد من مصادر أخرى حسب الضرورة، كما أنها تعتمد أيضاً على شركائها في المنظومة التجارية لمساعدتها على إنشاء العناصر الرئيسية لمخطط العمل. تبذل هذه الشركات جهداً تنفيذياً في تصميم نظامها وتنفيذه، فهوية المؤسسة تتحدد به وليس بالمنتجات والخدمات التي تتغير بمرور الوقت.

وضعت شركة إيكيا نظام نمو واضحاً يتميز بقدرات محددة للغاية تحقق الوعد المتمثل في تقديم أثاث منزلي يمكن للجميع تحمل تكلفته. يتضمن نظامها قدرة تصميمية فائقة مقترنة بمعرفة عميقة حول كيفية التحكم في التكلفة والسعر. صممت شركة إيكيا كل جانب من جوانب قطعة الأثاث بعناية بحيث يكون جزءاً من عملية التصميم الشاملة، ابتداء من أبعاد القطعة وحتى خيارات المواد المستخدمة وعملية تجميع المنتج من طرف العميل والتغليف المسطح الفعال. توزان الشركة عند شراء مواد التصنيع بين التركيز على المدى القصير المتمثل في تحقيق أهداف التكلفة، والمدى الطويل المتمثل في تحقيق الاستدامة. ولتحسين تصاميم منتجاتها، استثمرت الشركة في قدرة "الرؤى المتميزة" لمعرفة كيف يمارس العملاء حياتهم اليومية (يشمل ذلك التعاون مع العملاء للحصول على رؤى من الكاميرات الموضوعة في منازلهم) حتى تتمكن من إنشاء عروض مبتكرة تهدف إلى حل مجموعة أوسع من التحديات التي يواجهونها. هناك عامل أساسي آخر يتمثل في تصميم متجر إيكيا الذي يعمل على تحسين تجربة التصفح والتسوق للعملاء من خلال تنظيم مجموعات البضائع بكفاءة. بفضل هذه القدرات المصممة بعناية، وسعت إيكيا عروضها عالمياً وزادت مبيعاتها مع عملائها الحاليين.

ابتكار نموذج التشغيل المناسب.

تؤدي نماذج التشغيل إلى تقييد النمو عندما تعزز العزلة بين الأقسام الرئيسة مثل التسويق والمبيعات وتطوير المنتج والتسعير وخدمة العملاء. في العديد من الشركات، يبتكر كل قسم نموذج التشغيل الخاص به، ما يعرقل التعاون. ولبناء التكامل اللازم في نظام النمو، يجب أن تعيد الشركات النظر في الأسلوب الذي تتبعه لتنظيم الأقسام الأهم فيها، فتنشئ فرقاً متعددة الوظائف تركز على النتائج وتتمتع بالخبرات المناسبة.

فيرتكس هي شركة عالمية تعمل في مجال التكنولوجيا الحيوية، وقد نمت من خلال تحقيق هدفها المتمثل في توفير علاجات جديدة في مجالات الأمراض التخصصية -مثل التليف الكيسي والسكري وفقر الدم المنجلي والألم الحاد- إذ صممت نموذج تشغيل جديداً شاملاً يعمل على كسر العزلة بين المجموعات الداخلية (مثل البحث والتطوير والتنفيذ السريري والتنفيذ التجاري) والمكونات الخارجية (مثل الباحثين الأكاديميين، وشركات التكنولوجيا الحيوية الأصغر حجماً، ومجموعات الدفاع عن المرضى والمستشفيات، وشركات التأمين وشركاء التصنيع)، بهدف تسريع اكتشاف الأدوية وتطويرها.

تستثمر الشركة باستمرار في النموذج وتعمل على ضبطه مع النمو، على سبيل المثال، مع توسع شركة فيرتكس واتجاهها أكثر نحو اللامركزية، أنشأت سبلاً جديدة لتشجيع الابتكار، مثل إجراء المسابقات وإطلاق برامج التدريب وتيسير المحاضرات التي يلقيها كبار العلماء. ولتحسين علاجاتها المتطورة للتليف الكيسي، تعمل مع مقدمي الرعاية الصحية لتحسين مسارات الرعاية من مراكز المستشفيات إلى منازل المرضى، ما يخلق تجارب ونتائج أفضل للمرضى. ولتوسيع نطاق إنتاج الأدوية مع الحفاظ على الجودة، فإنها تعمل مع شركاء تصنيع مختارين لتطوير تكنولوجيا التصنيع المستمر (أول برنامج من نوعه يحصل على موافقة إدارة الغذاء والدواء). يتضمن نموذج تشغيل فيرتكس أيضاً ثقافة تشجع على تغيير الوضع الراهن والتعلم من الفشل، وهو أمر أساسي لتطوير علاجات جديدة وتقديم نتائج أفضل للمرضى ودفع النمو.

تبني الشركات بطلة النمو قدرات متطورة للتعامل مع عملائها والتعرف إليهم في أي فرصة متاحة، بدءاً من الطلب والتسليم وحتى تفاعلات ما بعد البيع مثل الدعم المشمول بالضمان.

تجديد الرؤى باستمرار.

تتوقع "الشركات بطلة النمو" تأثير الاتجاهات على العملاء وعلى توليد العائدات، في الوقت الحالي ومستقبلاً. تدرك هذه الشركات أن التوقيت مهم، إذ من الضروري اكتشاف الاتجاهات المناسبة مبكراً لوضع خطط الاستثمار وتعديل عروض المنتجات. لكن يجب الانتباه هنا إلى أننا لا نتحدث عن تحليل الاتجاه العام، فأنظمة النمو لا تستند إلى جانب واحد وهي لا تقتصر على إطار زمني محدد كما أنها لا تعتمد على استطلاعات رضا العملاء المحددة، بل تبنى على دمج التفاعلات المباشرة مع العملاء في عملية خلق القيمة، ومن ذلك إنشاء حوار مفتوح مع الناس حول ما يعجبهم وما لا يعجبهم خلال عملية تطوير المنتج ودورة الاستخدام. تسعى الشركات التي تعمل على بناء قدرات اكتساب المعلومات المتقدمة هذه إلى اغتنام كل فرصة للتفاعل مع عملائها ومعرفة آرائهم، بدءاً من طلب المنتجات والخدمات وتسليمها وحتى تفاعلات ما بعد البيع مثل دعم الضمان. تستخدم الشركات صاحبة أنظمة النمو هذه المعلومات لتحديد الفرص الجديدة في المجالات غير المستكشفة من السوق، فتعمل على تحسين الميزات وتضبط نماذج تقديم الخدمات وتحلل الإجراءات التي تتبعها الشركات المنافسة لتعزيز وعي العملاء بالعلامة التجارية وزيادة إنفاقهم عليها.

يرتبط نظام مشاركة العملاء في شركة أدوبي ديناميكياً بتجربة استخدام برمجيات الشركة. يقدم العديد من برامج الشركة، مثل برنامج فوتوشوب، ميزات هائلة، لكن تعقيد هذه البرامج قد يرهق المستخدمين. لذلك، ضمّنت أدوبي تكنولوجيا تقدم ملاحظات ونصائح فورية للمستخدمين وفقاً للمشكلة التي يحاولون حلها، وتعرف أدوبي في الوقت نفسه القسم الذي يقضي فيه المستخدمون وقتهم والمشكلات الاستثنائية التي يواجهونها والقدرات التي يودون توفرها مستقبلاً لحل هذه المشكلات. أظهرت دراستنا أن مجرد الحصول على المعلومات باستخدام أبحاث السوق مثلاً، لا يمثل طريقة ناجحة عادة لتحقيق النمو، فالشركات التي تصمم العمليات بهدف إشراك العملاء تكتسب معلومات أكثر عن مستخدمي منتجاتها وتخلق قيمة تحفز ولاء العملاء الحقيقي وتؤدي مباشرة إلى تحقيق النمو.

قياس العائد وإعادة تخصيص الاستثمار.

تعمل الشركات ”بطلة النمو” على تخصيص الموارد اللازمة للقدرات التي تساعدها على تحقيق نتائج متميزة للعملاء وهي تعيد استثمار الأرباح في هذه الموارد. كما أنها تقيس بعناية العلاقة بين المدخلات (الاستثمارات) والنتائج (الأداء). في حين أن المقاييس الرئيسية تشمل نمو البحث والتطوير ونمو الأصول ونمو الإيرادات ونمو الهامش ورضا العملاء والعائد على رأس المال المستثمر، وإجمالي عوائد المساهمين على مدى فترة زمنية مدتها 5 سنوات، فإن أحد أهم المقاييس لهذه الشركات هو ببساطة مقدار تمويلها لنظام النمو. تواجه غالبية الشركات صعوبة في توجيه استثماراتها إلى القدرات الأهم للنمو، وذلك لأن إعداد الميزانية يكون عادة بناء على عملية سنوية يركز فيها كل قسم على احتياجاته بمعزل عن الآخر، ويتطلب دفع نظام النمو معرفة مقدار الميزانية الذي يخصص لهذه القدرات، ومعرفة إذا كانت الشركة تحرز تقدماً نحو أهداف كل جزء من نظام النمو لديها.

تتبع منصة تطوير ألعاب الفيديو والمحتوى، روبلوكس، طريقة منهجية في قياس التقدم المحرز نحو هدفها المتمثل في ربط مليار شخص على مستوى العالم. تستثمر الشركة في البحث والتطوير لتمكين الأفراد والمؤثرين الاجتماعيين والمسوقين والمشاهير من إنشاء محتوى يتوسع باستمرار. يستخدم منتجو الفعاليات منصة روبلوكس لإنشاء حفلات موسيقية افتراضية لترويج الجولات الموسيقية لفرقهم، ويمكن للجهات الراعية وضع إعلانات فيها، كما يمكن للمشاهير والمؤثرين الاجتماعيين إنشاء صور رمزية ثلاثية الأبعاد مخصصة ونابضة بالحياة مدعومة بأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، ويمكن لمطوري ألعاب الفيديو إنشاء تقويمات ومنتديات مجتمعية وميزات الاتصال بين مستخدم ومستخدم ضمن المنصة لتوسيع المشاركة. تبحث روبلوكس أيضاً عن طرق لتضمين منصتها في الأجهزة التي تضم مجموعات نشطة من اللاعبين، مثل بلاي ستيشن من سوني، وفي المجالات الناشئة مثل نظارات الواقع الافتراضي. عندما يستخدم الأشخاص هذه الأصول، ينشئون عملة داخل اللعبة قابلة للتحويل بسهولة، تسمى روباكس (Robux)، ما يتيح لروبلوكس ربط عدد المستخدمين النشطين يومياً وساعات المشاركة بنمو الإيرادات، وهذا بدوره يساعد الشركة على تحديد المجال التالي الذي ستستثمر فيه من أجل النمو.

نظام النمو الشامل

ليس من السهل تصميم نظام نمو شاملاً، وتعد شركة سيلزفورس، وهي من "الشركات بطلة النمو" في دراستنا، خير مثال على تحقيق النجاح المستمر من خلال ابتكار نظام كهذا. تركز الشركة بصورة مكثفة على تحقيق النتائج المرغوبة للعملاء وتنويع عروضها للاستجابة للسوق المتطورة وتعزيز الابتكار في الجوانب التي تهم العملاء، وهو أمر كانت بعض شركات التكنولوجيا المنافسة أبطأ في تنفيذه.

على مدار العقد الماضي، عززت شركة سيلزفورس قدراتها الرائدة في مجال إدارة علاقات العملاء (CRM) من خلال خدمات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، بينما استحوذت أيضاً على شركة تابلو (Tableau) للتحليلات المرئية وبرنامج سلاك للمراسلة الفورية. تجمع سيلزفورس رؤى العملاء باستمرار من خلال منصتها آيديا إكستشينج (IdeaExchange)، التي تسمح للمستخدمين باقتراح ميزات جديدة أو تغييرات على المنتجات. تريل هيد (Trailhead) هي منصة تعلم تابعة لسيلزفورس تتفاعل مع المستخدمين من خلال التدريب والموارد المصممة على هيئة لعبة، وكان لها دور فعال في بناء مجتمع مستخدمين واسع المعرفة والكفاءة، وتعزيز الابتكار وزيادة الإيرادات. يعمل نموذج التشغيل الأساسي لشركة سيلزفورس، حيث يدفع العملاء رسوم الاشتراك، مع زيادة الرسوم كلما زاد استخدامهم لبرامجها، على مواءمة نمو الإيرادات مع نجاح العملاء، إذ تهدف الشركة إلى تسهيل استخدام العملاء لمنتجاتها، وخلال ذلك، تنمو الإيرادات لكل عميل ويزداد عدد الحسابات التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات بصورة طبيعية. علاوة على ذلك، فإن إيرادات سيلزفورس ثابتة على نحو ملحوظ، وذلك بفضل اتفاقيات الاشتراك المتعدد السنوات. ينشئ نموذج البرمجيات كخدمة (SaaS) أيضاً بصورة طبيعية بيانات حول كيفية استخدام العملاء للبرنامج ومقداره، وهو مقياس رئيسي لقياس عائد الاستثمار، ومع ازدياد عدد العملاء الذين يستخدمون منتجات الشركة فإن نظام النمو لا يؤدي فقط إلى زيادة مبيعات المنتجات الجديدة وزيادة البيع المتقاطع، بل يؤدي أيضاً إلى معدل احتفاظ مرتفع، وهو رقم تنشره سيلزفورس لتعزيز التزامها بنجاح العملاء.

إذاً كيف يمكن للشركة تأسيس نظام نمو؟

خلال دراسة الشركات التي نجحت في بناء عناصر نظام النمو، لاحظنا 4 سلوكيات تساعد على خلق الزخم، أولاً: تحظى الشركات صاحبة نظام النمو بالدعم الكامل من الرئيس التنفيذي الذي يحفز العمل غالباً ويؤدي دوراً مهماً في الحصول على قبول واسع النطاق في الشركة. كما تشهد هذه الشركات تعاوناً حقيقياً بين أعضاء الفريق التنفيذي الذين يبدون التزاماً ببناء نظام النمو معاً بدلاً من أن يركز كل منهم على مجاله الفردي.

ثانياً: تعي هذه الشركات أن بناء أنظمة النمو وتوسيعها يتطلب سنوات من العمل. يمنح المسؤولون التنفيذيون أولوية للاستثمار في نظام النمو حتى خلال سعيهم إلى تحقيق الأهداف القصيرة الأمد، وكما يقول الرئيس التنفيذي السابق لشركة فيليبس، فرانز فان هوتن: ”يتمحور الأمر حول التركيز على الأداء والتحول معاً، إذا ركزنا على التحول فقط لكننا أهملنا الأداء فلن نحقق مكاسب في الحاضر، وعلى العكس إذا ركزنا على الأداء وأهملنا التحول فلن نحقق مكاسب في المستقبل، لذا فإن تقييم الأهداف يشمل الجانبين ونناقشهما معاً خلال المراجعات، وتتضمن الأهداف القصيرة الأمد التي أضعها للمسؤولين التنفيذيين دائماً بعضاً من أهداف التحول”.

ثالثاً: تنشئ هذه الشركات جدولاً زمنياً مدته 3 إلى 5 سنوات، مع إدراج المراحل الرئيسية والمنجزات في مقابل المخطط، كما تحرص على تحفيز فرقها لإنشاء القدرات الأكثر تميزاً وقيمة بغية تطوير نظام النمو على المدى الطويل. ولا يمثل هذا تنبؤاً مالياً بل خارطة طريق مدروسة جيداً لكيفية تطور مجموعة المنتجات والخدمات والقدرات التي يجب تطويرها لتحقيق أهداف النمو الحالية والمستقبلية.

وأخيراً، يقدم قادة "الشركات بطلة النمو" الدعم المستمر والمخصص. لا يمكن أن يكون هذا العمل وظيفة جانبية لعدد قليل من أصحاب الأداء العالي؛ ويجب أن يكون محور التركيز الرئيسي للشركة، وأن يكون هناك هيكل إداري يدعمه إضافة إلى اتباع نهج منتظم في تقديم التقارير إلى فريق القيادة حول التقدم المحرز.

المسؤولون التنفيذيون مرهقون من السعي المستمر نحو النمو. إذا كان فريقك يقضي وقته في تحديد أساليب زيادة الإيرادات، فيجب التمهل وفهم تأثير نظام النمو. يمكن للابتكار العظيم أن يخلق سوقاً جديدة ويمكن للرؤى العظيمة أن تكشف عن الفرص الجديدة، وينبغي ألا تنتظر الشركات ظهور الأسواق أو زعزعتها. حتى عندما تصبح المنتجات والخدمات قديمة، يمكن توسيع قدرات نظام النمو أو إعادة توظيفها لتشكيل مستقبل الشركة وتغييره.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي