نحتاج إلى أشخاص يمكنهم التواصل بفعالية!
كم مرة سمعت هذه العبارة أو قرأتها؟ في الواقع، من المحتمل أنك سمعتها كثيراً لدرجة أنها أصبحت بلا معنى. بصفتي مدرباً مهنياً ومدرساً، أعتقد أن التواصل بفاعلية مثل الغراء، فهو عنصر حاسم في الحفاظ على سلاسة عمل المؤسسة وتماسكها. إنه الوسيلة التي تتيح لنا تبادل الأفكار والتعلم، وربما الأهم من ذلك، التواصل فيما بيننا.
وفقاً لاستقصاء أجرته شركة هاريس إنتراكتيف (Harris Interactive) بالاشتراك مع صحيفة وول ستريت جورنال، تأتي مهارات التواصل مع الآخرين والتعامل معهم على رأس قائمة أولويات القائمين على التوظيف عند تقييم المرشحين من كليات إدارة الأعمال.
فلماذا إذاً ننتظر أن تظهر المشكلات الناتجة عن سوء التواصل لندرك أهميته؟ ربما كان أحد الأسباب هو أننا لا نفكر كما يجب فيما يتطلبه التواصل الفعال بوضوح.
لهذا السبب أقدّر المقابلة التي أجراها آدم براينت في صحيفة نيويورك تايمز مع الرئيس التنفيذي لشركة دلتا إيرلاينز (Delta Airlines)، ريتشارد أندرسون، الذي حدد فيها توقعاته للتواصل الفعال.
1. افهم أساسيات التواصل الفعال
يقول أندرسون: "يجب أن يكون الناس حقاً قادرين على التواصل الفعال من خلال اللغة المكتوبة والمنطوقة". بعبارة أخرى، يجب أن تكون قادراً على التعبير عن نفسك بفعالية شفهياً أو كتابياً أو عبر البريد الإلكتروني. قد يؤدي الفشل في التواصل بصورة واضحة ومتماسكة إلى ارتباك الموظفين وعدم تيقّنهم مما يُطلب منهم.
2. فكر بوضوح فيما ستقوله
لا يفضل أندرسون استخدام برنامج باوربوينت للتواصل، إذ يعتقد أن التعداد النقطي الذي لا يحتوي على موضوع وفعل ومفعول به لا ينقل الأفكار الكاملة بفعالية. المشكلة بحسب أندرسون ليست في البرنامج بحد ذاته، بل بالمسؤولين التنفيذيين الذين يستخدمونه وسيلة لاختصار عملية التفكير الدقيقة، فالكثير من المدراء يستخدمونه لتوضيح الأفكار بسرعة بدلاً من إبلاغها على أفضل وجه وتطويرها.
3. استعد للاجتماعات
يجب توزيع وثائق الاجتماعات مسبقاً، ويجب أن تكون هذه الوثائق واضحة وموجزة لتسهيل فهم محتواها، ويوصي أندرسون أيضاً ببدء الاجتماعات في الوقت المحدد، وهذه كلها جوانب حاسمة في عملية التحضير للاجتماع. غالباً ما تصبح الاجتماعات غير مثمرة حتى قبل أن تبدأ لأن المشاركين فيها من مدراء وموظفين لا يأخذون الوقت الكافي للتفكير فيما يريدون قوله مسبّقاً.
4. شارك في المناقشات بفعالية
يقول أندرسون: "يجب إجراء نقاش مفتوح وصادق داخل المؤسسة؛ ينبغي أن تسمع وجهة نظر الجميع، لذلك من المهم طرح الأسئلة بدلاً من مجرد الإدلاء ببيانات لتعزيز المناقشات المثمرة". في كثير من الأحيان، لا يعبّر المسؤولون التنفيذيون بفعالية عن رغبتهم في سماع وجهات نظر متنوعة، إما بسبب ضيق الوقت وإما لأنهم يشعرون أن آراءهم أهم. يؤدي مثل هذا النهج إلى "التفكير الجماعي" لأنه لا أحد يعبّر عن رأيه وأفكاره الحقيقية خوفاً من مخالفة رأي الأغلبية.
5. استمع إلى الآخرين
المناقشات لا معنى لها إذا لم يستمع إليها أحد بفعالية. ينزعج أندرسون عند رؤية المدراء وهم يعبثون بهواتفهم المحمولة في أثناء الاجتماعات، ويقول إن ذلك يُظهر عدم التركيز، وهو تصرف غير لائق وأشبه بقراءة صحيفة في أثناء الاجتماع. قد لا نولي مهارات التواصل الشفوية والكتابية الاهتمام الكافي، لكن اهتمامنا بتحسين مهارات الاستماع أقل في الواقع. يؤدي ذلك إلى ضعف اطلاع المدراء، وبالتالي عدم استعدادهم للتعامل مع القضايا التي تتحول لاحقاً إلى مشكلات أكبر. قد يمنع قضاء المزيد من الوقت في الاستماع الفعال إلى الآخرين ظهور هذه المشكلات وتجنب تعقيد الموقف.
من الأقوال المأثورة بين متخصصي التعويضات "كافئ ما تقدّره"، الذي يشير إلى أن المكافآت يجب أن تتماشى مع أهداف الشركة. يمكن تطبيق هذه المقولة أيضاً على التواصل نظراً لأهميته؛ إذا كانت المؤسسة تقدّر مهارات التواصل الفعال، فيجب أن تولي الأولوية لتدريب الأفراد الذين يمتلكون مهارات اتصال قوية وتوظيفهم. المهارات الشفوية واللفظية هي الأساس، ولكن على المؤسسات أيضاً النظر في السياق الأوسع لطُرق استخدام هذه المهارات لتحقيق أهداف مختلفة مثل الإعلام والإقناع والتدريب وإلهام الآخرين، وهذا يتطلب سنوات من الممارسة والتعلم من الآخرين. يجب أن يبدأ القادة من أنفسهم ويمثلوا قدوة لموظفيهم، من خلال التواصل معهم بوضوح وتعليمهم التواصل بفعالية أيضاً.