تقرير خاص

تحدي الشركات الناشئة: الخروج من سنة 2020 بسلام والازدهار في الأعوام المقبلة

4 دقائق
الخروج من سنة 2020
shutterstock.com/Black Salmon

تواجه عدة شركات واقعاً جديداً يتمثل في تباطؤ الطلب من جانب العملاء وتزعزع العرض من جانب آخر، فيما نحاول جميعاً التكيف مع الأوضاع المستجدة، من أجل الخروج من سنة 2020 بسلام، إذ تعتبر هذه الفترة فترة عصيبة بكل معنى الكلمة، وذلك بالنسبة لرواد الأعمال والشركات الناشئة التي لا تزال في مراحلها المبكرة أو المتوسطة من دورة حياة المؤسسات، فقد تقلصت معدلات النمو فجأة بسبب الظروف القهرية بعد أن كانت الشركات آخذة في التوسع. ومع اقتراب التعافي الوشيك من جائحة "كوفيد-19"، هناك الكثير من المخاطر المحدقة بقطاع الشركات الناشئة والاقتصاد بشكل عام. وبحسب التقارير الصادرة عن صندوق النقد الدولي، فإن المشاريع متناهية الصغر والشركات الصغيرة والمتوسطة تمثل 80 إلى 90% من مجمل الشركات القائمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يوفر مصدراً مهماً للغاية لخلق فرص عمل جديدة.

التصدي لتحد مزدوج

يواجه رواد الأعمال والشركات الناشئة تحدياً مزدوجاً يتمثل في حفاظهم على بقاء شركاتهم في السوق وضمان ظهورها في أفضل شكل ممكن حتى تستطيع المنافسة بعد رفع القيود التجارية، وعلى الرغم من أن الجميع يتفهمون مسألة بحث الشركات الناشئة عن طرق بديلة للحد من أوجه الإنفاق، فيجب مراعاة التوازن أيضاً عند الإقدام على خفض التكاليف، إذ يمكنك توفير المال الآن، ولكن يجب أن تسأل نفسك: هل سيؤدي تخفيض الميزانيات بصورة حادة إلى تقويض قدرتك على استئناف الأعمال العادية والاستمرار في تحقيق أهدافك؟ في حين أن تقليص عدد الموظفين وفرض خصومات على الرواتب كانت مسألة حتمية على مدار الأشهر القليلة الماضية، فإن التركيز يجب أن ينصب على ضمان بقاء ذوي المهارات المطلوبة في أماكنهم بالشركة، والحفاظ على مستويات التحفيز لتحقيق النمو مع العودة التدريجية إلى الوضع الطبيعي أو ما يشبه الوضع الطبيعي.

تسريع التحول الرقمي

يجب ترشيد التكاليف في كافة الجوانب، وهذه حقيقة لا جدال فيها، ولكن يجب أن يظل تركيزنا منصباً على تعزيز الجوانب الرقمية للأعمال، فلا غنى عن تعزيز أي ميزة تنافسية بالتقنيات التكنولوجية خلال الأوقات الحرجة، وبهذه الطريقة يمكن أيضاً تعزيز آليات العمل والمنتجات المعروضة، ما من شأنه أن يضع الشركات على المسار الصحيح للنمو ويعدّها لعالم ما بعد الأزمة. وبحسب التقارير الصادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فمن المتوقع أن تمثل تقنيات الأتمتة والذكاء الرقمي والاصطناعي 60% من معدلات النمو الإنتاجي المحتملة على مستوى العالم بحلول عام 2030، ما يخلق أثراً اقتصادياً واجتماعياً كبيراً، لذا يجب أن تتمحور الجهود في نهاية المطاف حول الخروج من الأزمة والشركة أو المؤسسة أكثر مرونة، ويجب توجيه الاهتمام على وجه الخصوص إلى الاستثمار في الابتكار الرقمي، وذلك على الرغم من الأهمية الفائقة للحفاظ على السيولة النقدية أو توسيع مصادر الحصول عليها.

تلبية طلبات العملاء

ثمة الكثير من الأمور التي يجب وضعها في الاعتبار عند الحديث عن خدمة العملاء، فبينما تعمل الشركات على ترشيد تكاليفها، يجب أن تضمن قدرتها على الاستمرار في تنفيذ الطلبيات وتلبية الطلب بشكل كافٍ والحفاظ على مستويات الخدمة، خاصة حينما يكون العملاء في أمس الحاجة إليها. وبالتزامن مع هذه الخطوات يجب على الشركات توسيع قاعدة مورديها والتوسع في الاستعانة بالمصادر المحلية حيثما أمكن.

صحيح أن قدرتنا على تعزيز العلاقات مع العملاء ستظل محكومة بالقيود المفروضة على تنقل الأفراد، على الرغم من تخفيفها، وأن اعتماد التحول الرقمي لا يكفي للتعامل مع الواقع الجديد، وبالتالي قد تحتم الضرورة إعادة تشكيل رحلة العميل وآلية المبيعات نفسها، ويكمن مفتاح النجاح في تحديد الشكل الأمثل لإعادة انتشار فريق المبيعات عبر مختلف القنوات من أجل تلبية طلب العملاء بصورة فاعلة، لا بد أيضاً من الحفاظ على مكانتك وحضورك أمام العملاء وتعزيز الصورة الذهنية التي تفيد بأنك ما زلت تتمتع بمكانة قوية في السوق، إلى جانب الاستمرار في تلبية احتياجاتهم على النحو الذي يتوقعونه.

تمحيص المبيعات والتسويق

عندما تزداد الأهمية الاستراتيجية لرأس المال المغامر (الجريء)، يجب توخي أقصى درجات الحيطة والحذر في تقييم الاستثمار في المبيعات والتسويق. يجب أن تصب الشركات الناشئة كل تركيزها على استخلاص أكبر قيمة ممكنة من استثمارها في استقطاب العملاء ومراجعة أسلوبها في قياس عائد الاستثمار على نفقات تطوير الأعمال، حتى على القنوات الرقمية، على الرغم من الأهمية البالغة لتمكين المعاملات الرقمية الفاعلة مع العملاء.

إدارة إنتاجية الموظفين

يجب على الشركات أن تذهب إلى أبعد الحدود لضمان شعور الموظفين بالأمن والأمان والقيمة خلال عام 2020 وما بعده، حيث ستواصل معظم الشركات تطبيق إجراءات العمل من المنزل حتى بعد تخفيف القيود، وهو ما يمثل فرصة لمراجعة السياسات الحالية لضمان الحفاظ على إنتاجية الموظفين وعدم تعرض الأمن السيبراني للشركات للخطر.

الاستخدام الفعال للموارد المتاحة

يجب أن تضع الشركات الناشئة في اعتبارها وهي تتحسس الطرق لتقليل التكاليف أن اتباع أسلوب الحد الأدنى في العمليات التشغيلية قد يصبح وضعاً طبيعياً في ظل الظروف المستجدة. وقد شهدنا تراجع قدرة الشركات على جمع الأموال من المستثمرين في أعقاب دورات التباطؤ الاقتصادي التي ألمّت بالعالم في السابق، لاسيما في الفترة بين عامي 2001 و2009. في هذا السياق، قد لا تسير جولات التمويل خلال الأشهر الستة إلى الاثني عشر شهراً المقبلة كما هو مخطط لها بالضبط، وذلك لأن المستثمرين سيعيدون توجيه رأس المال المغامر بصورة مغايرة ويعطون الأولوية للأعمال المستدامة والمرنة التي تمتلك مساراً واضحاً للربحية، على الرغم من وفرة السيولة في منظومة العمل واتجاه المستثمرين التقليديين أيضاً للتركيز بصورة أكبر على الاستثمار أكثر في مجال التقنيات الرقمية. قد يتعين تحقيق النمو في المستقبل دون ضخ مبالغ كبيرة من رأس المال، وسيتوقف النجاح على مستوى سعة الحيلة التي تبديها الشركة الناشئة ككيان وبينها وبين موظفيها واستخدام الموارد المتاحة بشكل فعال.

الخروج من الأزمة أقوى من السابق

أدى تفشي فيروس "سارس" في الفترة بين عامي 2002 و2004 إلى بروز شركة "علي بابا" للتجارة الإلكترونية والتي كانت صغيرة حينذاك ولكنها ما لبثت أن تبوأت الصدارة في عالم تجارة التجزئة، وبالمثل، أدى الانكماش الاقتصادي في عام 2008 إلى ظهور عمالقة مثل "أوبر" و"إير بي إن بي" (Airbnb). ومن هذا المنطلق وعلى الرغم من التقييمات المنخفضة، فإن "كوفيد-19" يتيح في الوقت الراهن فرصة ذهبية أمام الشركات الناشئة العاملة في مجال تكنولوجيا التبادل التجاري بين الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فمع إقدام الشركات على إسراع الخطى نحو التحول الرقمي، فإن الشركات الناشئة العاملة في مجال التبادل التجاري بين الشركات التي تقدم حلولاً رقمية لتحفيز الرقمنة تمثل المحرك الأساسي للتحول، ويمكن القول إن الشركات الناشئة العاملة في قطاعات مثل التكنولوجيا المالية وتكنولوجيا الرعاية الصحية وتكنولوجيا التعليم في طريقها لتحقيق نمو سريع نظراً لدورها في تمكين التحول الرقمي لقطاعاتها.

في حين أن بعض الشركات الناشئة قد تجد صعوبة في تجاوز تأثير التباطؤ الاقتصادي في الفترة الحالية، فإن النهج الذي يوازن بين الاحتياجات الحالية والمستقبلية، إلى جانب المزيج الرقمي الصحيح الذي يمكّن تجربة العميل، من شأنه أن يوجّه الشركات الناشئة إلى بر الأمان والخروج من سنة 2020، ويدفعها إلى مستقبل أكثر إشراقاً.

اقرأ أيضاً: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي