يعرف معظم القادة، في نهاية الاجتماع، أنه يتعين عليهم تلخيص الخطوات التالية وتحديد الشخص المسؤول عن كل منها. ووفق نماذج المسؤولية التي تستخدم على نحو شائع، مثل نموذج "مصفوفة توزيع المسؤوليات" (RACI) ونموذج "رابيد" (RAPID) والنماذج الأخرى، يجب أن تقع المسؤولية على شخص واحد (واحد فقط) لكل إجراء حتى إذا كان العمل المعني يتطلب مدخلات ومساهمات من الآخرين. وما يؤسف له، أنه على مدار السنوات التي قضيناها في تقديم الاستشارات للمؤسسات، وجدنا أن كلمة "مسؤول" يمكن أن تعني أشياء مختلفة لمختلف الأشخاص.
ولننظر في هذا المثال؛ خلال اجتماع في أحد متاجر التجزئة الفاخرة، قرر الفريق التنفيذي أن الشركة بحاجة إلى استراتيجية رقمية لعملياتها في الصين. حيث طلب بول، رئيس قسم التجارة الإلكترونية، من ماديسون، وهي أحد مرؤوسيه المباشرين قائلاً: "أرجو تشكيل فريق وإخبارنا بما ينبغي أن نفعله". ثم عُيّنت "مسؤولة" عن الإجراء المذكور "الاستراتيجية الرقمية للصين".
لكن ماذا كان يقصد بول؟ هل كُلفت ماديسون بتشكيل فريق ينبغي أن يطور توافقاً في الآراء حول ما ينبغي أن تفعله الشركة في الصين، أم أنها كُلفت باتخاذ القرار والتنفيذ؟ أم أنه كان أمراً آخر؟ في ذلك الوقت، لم يفكر أحد في طرح السؤال أو التوضيح.
مضت ماديسون قدماً وشكلت فريقاً عقد عدة اجتماعات. واقتُرحت ثلاثة نُهج مختلفة، وبعد أسابيع من المداولات، كان الفريق ما يزال مختلفاً بشأن النهج الذي يجب اتباعه. لذا، اختارت ماديسون خيارها المفضل، والذي نقلته بعد ذلك إلى بول. وأبدى عضو آخر في الفريق - كان قد أيد بقوة مساراً بديلاً للعمل - انزعاجه بشكل واضح، متهماً ماديسون "باختطاف" العملية و"فرض رأيها على المجموعة". وشعر الآخرون بالاستبعاد، وتساءلوا عن سبب تجاهل ماديسون لحقوقهم في المشاركة في القرار. وتساءل البعض عن سبب الضجة التي أثيرت، إذ لم يكن الفريق يحرز تقدماً، لذا استخدمت ماديسون حقها في اتخاذ القرار والمضي قدماً.
وبعد استماعه للمعارضين، قرر بول عقد اجتماع مع الفريق بأكمله حتى يتمكن من سماع كل الحجج والتوصل إلى قرار. أثار هذا إحباط ماديسون بشدة؛ إذ شعرت أن بول فقد الثقة في قدراتها الإدارية وانتزع منها حق إصدار القرار.
هل يبدو الأمر مألوفاً؟ بدأت المشكلة، في رأينا، في اللحظة التي جرى فيها وضع ماديسون موضع المسؤولية. فما المقصود؟ وما هي حقوق القرار الفعلي التي فوضها بول لها، وكانت تكسر حالة الجمود داخل نطاق صلاحياتها أو خارجه؟
ولتجنب مثل هذه المواقف، فإننا ننصح القادة بالتفكير في نوع المسؤولية الذي يعرضونه أو يقبلونه - خاصة عند إنجاز مهمة تتطلب جهداً جماعياً.
فمن ناحية، هو صاحب القضية. إذ يكون الشخص المسؤول، في هذا الدور، مسؤولاً بشكل كامل عن قضية أو قرار. ويمكن أن يتم تعيين فريق كامل للمساعدة، لكن يمكن لصاحب القضية اتخاذ القرار بغض النظر عن اختياره. إذ يمكنه أن يقرر من جانب واحد. ويمكنه أن يدعو إلى اجتماع واحد أو 10 اجتماعات. ويمكنه التماس آراء فردية أو التحدث إلى بعض أعضاء الفريق ولكن ليس إلى جميع الأعضاء. فهو يتحكم في العملية ولديه، في نهاية المطاف، القرار النهائي.
ومن الناحية الأخرى، هو منسق الفريق. وفي هذا الدور، يكون الشخص المسؤول عضواً على قدم المساواة في الفريق مع مسؤولية إضافية تتعلق باللوجستيات، مثل وضع جدول الأعمال وتحديده. فهو مسؤول عن ضمان وجود مناقشة وليس مسؤولاً عن النتيجة، وليس لديه سلطة أو نفوذ أكثر من أي شخص آخر في الفريق. وإذا لم يتمكن الفريق من التوصل إلى اتفاق، فلا يمكنه فرض اختتام النقاش، بل يجب عليه تصعيد القرار إلى مستوى أعلى.
وفي الوسط هو الشخص القائم على فك الارتباط. وفي هذا الدور، لا يتمتع الشخص المسؤول بالسلطة المطلقة التي يمتلكها صاحب القضية، لكنه يعد أكثر من مجرد منسق. إذ إنه مسؤول عن مساعدة الفريق في التوصل إلى قرار، وفي حالة عدم التوافق في الآراء، يجب عليه اتخاذ القرار النهائي.
نحن لا ندافع عن موقف مقابل الآخر. إذ يمكن أن تتطلب قضايا مختلفة معان مختلفة للمسؤولية في المؤسسة نفسها. المهم هو التأكد من أن كل شخص يفهم ما تعنيه المسؤولية في الموقف المحدد - وخاصة الشخص المسؤول.
وفي الحالة المذكورة آنفاً، افترضت ماديسون أنها قائمة بفك الارتباط أو ربما كانت صاحبة القضية التي يمكن أن تحاول بناء توافق في الآراء. وقد افترض بعض زملائها أنها كانت منسقة للفريق، وليست مخولة لكسر حالة الجمود.
لذا، في المرة المقبلة التي تفوض فيها مهمة أو قراراً، حريٌّ بك التفكير في أي نوع من السلطة تمنحه للأشخاص: مالك القضية، أو القائم بفك الارتباط، أو منسق الفريق. يقطع التحلي بالصراحة شوطاً طويلاً صوب منع المشكلات في المستقبل، ليس فقط بشأن الشخص المسؤول، بل أيضاً بنوع المسؤولية، وإذا كنت الشخص الذي تولى زمام المسؤولية، فتأكد من وضوح المسؤولية وحدودها.