نقاش حول تحديد فترة ولاية القضاة في أميركا

3 دقائق

مع ترشيح الرئيس الأميركي دونالد ترامب للقاضي بريت كافانو لسد الفراغ الذي نتج عن تقاعد القاضي أنتوني كيندي نهاية عام 2018، حظي ترامب بميزة ترشيح قاضٍ ثان للمحكمة العليا في فترته الرئاسية الأولى. ولكنها قد تصبح فرصة نادرة في الفترات الرئاسية القادمة، نظراً لأن القضاة يعيشون فترة أطول، مثل بقية السكان. 

والحقيقة أن الأشخاص الذين يصلون إلى مرحلة متقدمة من العمر يتوقع لهم أن يعيشوا لما بعد سن الثمانين، أي أن متوسط مدة منصب القاضي بالمحكمة العليا ستكون أطول.

ونتيجة لذلك، سيكون عدد القضاة الذين سيتم تعيينهم في المحكمة العليا خلال المئة عام القادمة أقل بكثير ممن تم تعيينهم في القرن الأخير. فالقاضي نيل غورستش الذي عينه ترامب في سن صغير نسبياً وهو 49 عاماً، يُتصور أنه قد يمكث في المحكمة خلال تسع فترات رئاسية قادمة، باعتبار أنه يمكن أن يعيش لمدة 36 عاماً آخرين، بحسب تحليلنا الاكتواري.

ولا يتعلق الأمر بالقاضي جروستش فقط، فمن المحتمل أن يرتفع متوسط فترة ولاية القضاة إلى 35 عاماً على منصة القضاء خلال القرن القادم، مقارنة بـ 17 عاماً خلال القرن الماضي، وذلك استناداً إلى القضاة من كيندي رجوعاً إلى سابقيه ممن كانوا على منصة القضاء في عام 1917. هذا يعني أنه من المحتمل تعيين 25 آخرين فقط خلال المئة عام القادمة، بدءاً من فترة رئاسة ترامب بما في ذلك القاضي جروستش واستبدال القاضي كيندي. ويتناقض ذلك مع الـ 47 الذين تم تعيينهم في القرن الماضي، منذ بداية الفترة الثانية لـ ودرو ويلسون عام 1917، وانتهاء بآخر يوم من إدارة أوباما. كما شهدت المئة عام من 1861 حتى 1961 في نهاية إدارة دوايت أيزنهاور 61 تعييناً.

وينبغي اعتبار الانخفاض المتوقع في تعيينات المحكمة العليا مصدر قلق لكلا الحزبين السياسيين، فمع تولي قضاة جدد من المرجح استمرارهم في الخدمة لمدة 35 عاماً في المتوسط، يحتمل أن تكون عملية اختيار قاضٍ جديد أكثر قسوة. 

فالرؤساء الذين لا يسيطرون على مجلس الشيوخ ربما لن يتمكنوا من تعيين أي شخص على الإطلاق، تاركين بذلك مناصب شاغرة في المحكمة. والرؤساء الذين تتاح لهم الفرصة لإجراء تعيينات متعددة، قد يكون لهم تأثير لا يناسب التفسيرات الدستورية للقانون، ويتجاوز مدتهم في المنصب.

ويظل الجدل قليلاً نسبياً حول كيفية وجوب تعامل الولايات المتحدة مع مسألة طول العمر في المحكمة العليا. كما أن التوصل إلى حل لتقليل التحديات سيكون أمراً شائكاً وقد يستغرق سنوات.

أحد الاقتراحات التي تمت مناقشتها هي تحديد فترات ولاية القضاة إلى 18 عاماً للتخفيف من التحديات التي يخلقها طول العمر، ولكن في المقابل عندما وضعنا نموذجاً لتأثير اقتراح تحديد فترة الولاية، نشأت مشكلات جديدة. فعند تطبيق هذه الخطة على جميع القضاة المستقبليين وكذلك القضاة الحاليين في المحكمة العليا، تعاظم عدد التعيينات الجديدة على مدار القرن القادم ليصبح 49 بدلاً من 25. ولكن في الوقت ذاته تزايدت أيضاً فرص أن يتمكن الرئيس من تعيين غالبية القضاة. وفي الواقع، يؤدي تحديد فترة ولاية القضاة إلى 18 عاماً إلى احتمال نسبته 43% أن الرئيس الذي يستمر لفترتين رئاسيتين يمكنه تعيين غالبية القضاة. وفي تاريخ الحزب الجمهوري، استطاع خمسة رؤساء فقط، علاوة على جورج واشنطن الذي بنى المحكمة من الصفر، أن يعينوا أكثر من خمسة قضاة. وكان أيزنهاور آخر رئيس يفعل ذلك.

تشير دراستنا إلى أن الخطة التي تزعزع فترة ولاية القضاة وتضع حدوداً على مقاعد العضوية المحددة التي يشغلها القضاة، وليس على قضاة بعينهم، من المرجح أن تضمن تناوباً كافياً في المحكمة العليا، بينما تمنع أي رئيس من أن يكون له تأثير بالغ بشكل منفرد. وباتباع النهج الذي يتيح مقعد عضوية كل أربع سنوات خلال العام الثاني من فترة رئاسية، سيتزايد عدد القضاة المعينين الجدد خلال القرن القادم ليصبح 41 بدلاً من 25. وبنفس القدر من الأهمية، ستصبح النسبة المحتملة لقيام رئيس يتولى فترتي رئاسة بترشيح غالبية قضاة المحكمة العليا الجدد هي 12% فقط. كما سيؤكد هذا النهج أيضاً على أن الرئيس الذي يقضي فترة رئاسية مدتها أربع سنوات سيتمكن من القيام بالتعيين.

على الرغم من وضوح الحاجة للتعامل مع مسألة طول العمر المتزايد لقضاة المحكمة العليا، يظل أفضل أسلوب لحل المشكلة هو الأقل وضوحاً. ونظراً للأثر المحتمل الذي يمكن أن تخلفه محكمة ثابتة على نظام الضوابط والتوازنات الأساسي لحكومتنا، لا يوجد أفضل من الوقت الحاضر لبدء المناقشة ودراسة الخيارات.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي