اكتسى صوت نجوى بنبرة عدم التصديق وهي تتساءل: "ما الذي تقصده بأننا لا نستطيع توزيع الأرباح هذا العام؟" كان مجلس إدارة شركة الساعات التي أسستها هي وزوجها حازم قد انتهى للتو من مراجعة الأداء المتوقع في نهاية العام. وعادة ما كان يتم في هذا الاجتماع الاحتفال بقطع خطوة أخرى إلى الأمام، مصحوبة بنمو معتدل دون ديون، وبأرباح كبيرة تستخدمها نجوى وحازم لتعزيز نمط حياتهما المريح وتمويل تبرعاتهما الخيرية. لقد حقق نمو الإيرادات ارتفاعاً نسبياً هذا العام، إلا أن الأرباح شهدت انخفاضاً ملحوظاً ولم تسمح اتفاقيات الديون التي أبرمتها الشركة لتحقيق ذلك النمو بتحقيق أي أرباح. كانت تلك هي المرة الأولى التي تشعر فيها نجوى بفقدان السيطرة على الشركة التي شاركت في تأسيسها. (تم تغيير الأسماء وبيانات الهوية في هذا المقال لحماية السرية).
إذن كيف لمؤسسي شركة ومالكيها الوحيدين أن يُفاجؤوا بعجزها عن توزيع الأرباح السنوية؟ لقد اتخذ كل من نجوى وحازم الإجراءات الصحيحة من أجل بناء شركتهما، بما في ذلك تعيين مجلس إدارة مستقل ورئيس تنفيذي خارجي لمساعدة الشركة على الانتقال إلى المستوى التالي. ولكنهما ارتكبا خطأ واحداً جسيماً؛ فقد أخفقا في بلورة "استراتيجية المالكين" الخاصة بشركتهما بصورة واضحة وعملية، وتعنى هذه الاستراتيجية بالنتائج الملموسة التي أرادا تحقيقها، أو تجنبها، باعتبارهما مالكين للشركة.
بالنسبة إلى الشركات العامة المملوكة لعدد كبير من المساهمين، تتصف استراتيجية المالكين بالبساطة. فالجزء الأكبر منها مملوك بشكل أساسي للمؤسسات (مثل صناديق المؤشرات) أو المستثمرين الذين لا تربطهم علاقة شخصية بالشركات. ويتوقع هؤلاء المالكين أن تحقق الشركة أقصى قدر من النمو في قيمة أسهمها، وهو ما يقاس في العادة ببلوغ مستهدفات الأرباح ربع السنوية. في الواقع، تعتمد معظم المناهج الدراسية في كليات إدارة الأعمال والمؤلفات الخاصة بالإدارة على فرضية مؤداها أن مهمة الشركات تنحصر في تعظيم القيمة لصالح المساهمين. غير أن "هذا الافتراض يتجاهل حقيقة واضحة أيضاً"؛ حسبما يوضح بو برلينغهام في كتابه "عمالقة صغار" (Small Giants) والذي يضيف: "أن ما يصب في مصلحة المساهمين يعتمد على ماهية المساهمين أنفسهم".
تقع ملكية الغالبية العظمى من الشركات على مستوى العالم في أيدي أشخاص تربطهم علاقة بالشركة، وليس مستثمرين خارجيين، وتشمل الشركات المملوكة للمؤسسين والعائلات والمؤسسات والشراكات والموظفين. تمثل الشركات العائلية وحدها حوالي 70% من الشركات في الولايات المتحدة، و79% في ألمانيا، و85% في فرنسا، وأكثر من 90% في آسيا والهند وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط. وعندما تكون هذه الشركات مملوكة ملكية خاصة، فإنها توفر أكبر قدر من الحرية للمالكين لتحديد كيفية قياس النجاح. ويمكنهم اختيار السعي إلى تحقيق نتائج معينة وتجنب أخرى، حتى لو لم تكن تعظم القيمة الاقتصادية لشركاتهم.
وجدنا أن عدداً قليلاً للغاية من هؤلاء المالكين يتخذون من تعظيم القيمة المضافة لحاملي الأسهم هدفاً وحيداً لهم، أما بالنسبة للكثيرين فهذا ليس هدفهم الأساسي. ومع ذلك، فغالباً ما يعوزهم الوضوح بشأن ما يريدونه في الحقيقة، وهو ما يُضيّع عليهم فرصاً للنمو، أو يؤدي إلى فقدان المواهب بسبب الشعور بالإحباط إزاء مسار العمل، أو فقدان السيطرة من قبل المالكين لأن الإدارة تملأ الفراغ بأولوياتها الخاصة. لذلك فإن وضع استراتيجية واضحة للمالكين أمر بالغ الأهمية لاستمرار أي شركة على المسار الصحيح.
مشروع يقوم على الشغف أم أداة لتعزيز النمو؟
في حالة شركة الساعات المملوكة لنجوى وحازم، كان خطؤهما هو عدم وضوح استراتيجية المالكين في أذهانهما ومن ثَمّ مشاركتها مع بقية الشركة. فقد أنشآ شركتهما المتخصصة في الساعات منذ عدة عقود بوصفها مشروعاً يشعران بالشغف نحو تنفيذه. حيث تلقت نجوى تدريبها باعتبارها مهندسة وكانت شغوفة بدراسة كيفية تحسين الأداء الوظيفي للمنتج. وساهم حازم بابتكار تصميمات أنيقة وجديدة، حتى استقال في النهاية من وظيفته لمساعدتها في إنشاء الشركة. واستطاعا معاً إنشاء واحدة من أكثر العلامات التجارية تميزاً في هذا المجال، بإيرادات تقارب المليار دولار. ولكن تنامي أعمال الشركة لم يكن أبداً أولويةً بالنسبة لهما. فما دامت تحافظ على ثقافة الابتكار وتسمح لهما بالاستمتاع بثمار جهدهما، كان كل من نجوى وحازم سعيدين.
ونظراً لأن الشركة واصلت النمو بمعدلات تفوق قدرتهما على إدارتها، فقد قررا تعيين رئيس تنفيذي خارجي يتمتع بسجل حافل بالإنجازات في مجالهما لتولي إدارة العمليات اليومية. رأى الرئيس التنفيذي فرصة متاحة لنقل الشركة نقلة نوعية، واستثمر بكثافة في التوسع الدولي وفي أنظمة تكنولوجيا المعلومات اللازمة لدعمه. كما ابتكر نماذج أقل تكلفة وأقل جودة من المنتجات الأساسية من أجل توسيع نشاط الشركة وزيادة الإقبال علي منتجاتها. وعلى الرغم من وجود مؤشرات واعدة من هذه الاستثمارات، فإن ضعف نمو الأرباح، وعدم تحقيق مكاسب، دفع المؤسسين إلى إدراك أن رؤية الرئيس التنفيذي كانت غير متوافقة مع أولوياتهما.
لذلك فضّل المؤسسان إقالة الرئيس التنفيذي الخارجي وتعيين رئيس تنفيذي من داخل الشركة بدلاً منه. ورغم أن الرئيس التنفيذي الجديد يفتقر إلى المقومات التي يتمتع بها الرئيس التنفيذي الخارجي، كانوا يدركون أنه سيضمن إعادة تحديد الأولويات صوب الثقافة والإبداع على حساب تحقيق النمو السريع. فقد وضعوا استراتيجية واضحة للمالكين لتوجيه جميع القرارات الرئيسية للشركة، وتحقيق النجاح وفقاً لمفهومهما الخاص. ولتجنب تكرار التجربة السابقة، وضّحا استراتيجية المالكين الخاصة بهما لموظفي الشركة، وعملا مع مجلس الإدارة على مواءمة حوافز التعويض الخاصة بالرئيس التنفيذي الجديد معها.
حدد استراتيجية المالكين الخاصة بك
تحقق استراتيجية المالكين نوعاً من التوافق بين المالكين وأعضاء مجلس الإدارة والرؤساء التنفيذيين والموظفين، وهو ما يؤدي بدوره إلى رفع مستوى الأداء والشعور بالرضا. فكر في الأمر بهذه الطريقة: إذا كان المالكون واضحين حيال النتائج المطلوب تحقيقها، فحينها سيعرف أعضاء مجلس الإدارة وفرق الإدارة كيفية الظفر بها. ومن شأن هذا الوضوح أيضاً أن يسمح للشركات بتحديد مقومات النجاح وفقاً لشروطهم الخاصة، وليس وفقاً لشروط شخص آخر. أليس هذا هو الهدف من امتلاك شركة، أو العمل لحساب أخرى؟
يتطلب تحديد استراتيجية المالكين طرح سؤالين أساسيين:
1. ما أهدافك: تحقيق النمو أم السيولة النقدية أم فرض السيطرة؟
هناك ثلاثة أهداف عامة يمكن للمالكين السعي إلى تحقيقها. فبمقدورهم السعي إلى تحقيق النمو، ما يعني تعظيم القيمة المالية للشركة. وقد يسعون إلى تحقيق النمو لتكوين ثروة على المدى الطويل ، أو توسيع نطاق تأثيرهم في المجتمع، أو للحصول على المكاسب المعنوية التي تصاحب نمو الشركة. ويمكنهم أيضاً السعي إلى تحقيق السيولة النقدية، والتي تهدف إلى إدرار تدفقات نقدية للمالكين لاستخدامها خارج نطاق الشركة. وقد تفيد السيولة النقدية أيضاً في دفع تكاليف أنماط الحياة، أو تمويل الجهود الخيرية، أو السماح للمالكين بمزيد من الاستقلال من خلال تنويع أصولهم. وأخيراً، ربما يريدون فرض السيطرة عن طريق الاحتفاظ بسلطة اتخاذ القرار داخل المجموعة المالكة. حيث يريد بعض المالكين التحكم في مصيرهم دون التخلي عن استقلاليتهم لأي طرف آخر. بينما يهتم آخرون بفرض السيطرة باعتبارها طريقة لإدارة الأعمال بشكل يحافظ على ما يقدّرونه، كترسيخ ثقافة مميزة للشركة، أو امتلاك شركة تدوم لعدة أجيال.
تُجبَر معظم الشركات الناجحة على الاختيار ما بين وتيرة النمو، ومقدار السيولة النقدية التي يحصل عليها المالكون من الشركة، ومدى حفاظ الشركة على السيطرة على قراراتها. ويمكن لأي شركة أن تسعى إلى تحقيق هدف واحد فقط من تلك الأهداف، أو مزيج من الأهداف الثلاثة. ولكن معظم الشركات تواجه "معضلة اختيار اثنين من الثلاثة"، وهذا يعني أنها يمكن أن تركز على خيارين على حساب الثالث.
بالنسبة للشركات المهتمة بالنمو وفرض السيطرة فهي تركز على زيادة حجمها مع الحفاظ على السيطرة على قراراتها. ويتحقق لها النمو في المقام الأول من خلال أرباحها المحتجزة (غير الموزعة)، بتوزيع نسبة ضئيلة من الأرباح (أو عدم توزيع أي أرباح) على المالكين. وتحرص أيضاً على أن يكون لديها (أو لا يكون لديها على الإطلاق) نسبة منخفضة من الأسهم أو الديون الخارجية؛ وذلك لأن الاستجابة للمستثمرين الخارجيين أو المقترضين تستلزم التخلي عن قدر من الاستقلالية في الإدارة. وعندما تُصبح الأسهم الخارجية مستحقة الأداء، فغالباً ما يتم ذلك بصورة محدودة أو من خلال أسهم الفئة المزدوجة التي تضمن الحفاظ على سيطرة المالكين الأساسيين (كما في جوجل/ألفابت وفيسبوك). وغالباً ما يمثل تفادي الديون مفاجأة لأولئك الذين اعتادوا تقفي أثر الشركات العامة المملوكة لعدد كبير من المساهمين أو شركات الأسهم الخاصة، والذين يسعون إلى تعظيم العوائد من خلال الرفع المالي. قد تستفيد الشركات الخاصة من الديون، ولكن يُلاحَظ أن ذلك عادةً ما يأتي على حساب فرض السيطرة. وكثيراً ما تتبنى الشركات العامة المملوكة لعدد قليل من المساهمين وجهة نظر مماثلة. يقول وارين بافيت في دليل المالكين الخاص بشركة "بيركشاير هاثاواي" (Berkshire Hathaway) إن الشركة "ستستخدم الديون بحذر شديد"، ولن تتردد في "رفض الفرص المغرية إذا جاءت على حساب الرفع المالي المفرط في الميزانية العمومية".
الشركات المهتمة بالنمو والسيولة النقدية تحقق النمو بمعدلات سريعة أيضاً، ولكنها تدفع الأموال للمالكين وتستخدم أموال الآخرين (الأسهم و/أو الديون) للحفاظ على استمرارية العمل، مع التخلي عن بعض السيطرة نتيجة لذلك. عندما تطرح الشركات أسهمها للاكتتاب العام، فإنها تعتمد هذه الاستراتيجية. ويمكن للشركات الخاصة استخدام الاستراتيجية نفسها أيضاً. وقد عملنا مع شركة لديها الكثير من إمكانات النمو، ولكن مالكيها كانوا يشعرون بالقلق إزاء التهديد طويل الأجل بحدوث اضطرابات في القطاع الذي تعمل به الشركة. لذلك باعوا حصة في شركتهم لمستثمر استراتيجي واستخدموا جزءاً من الإيرادات لتنويع استثماراتهم لتشمل قطاعات أخرى.
أما الشركات المهتمة بفرض السيطرة وتحقيق سيولة نقدية فلا تنشغل بمدى سرعة نموها، ولكنها ترغب، بدلاً من ذلك، في جلب سيولة نقدية كبيرة للمالكين مع السماح لهم بالاحتفاظ بالسيطرة على عملية صنع القرار. وتنطبق هذه المواصفات على نجوى وحازم باعتبارهما مالكين لشركة الساعات.
هذه هي الأهداف المتاحة بصفة عامة، وبوسع الشركات عمل التنويعات المناسبة لظروفها. لكن في أثناء انتقالها من أحد أضلاع المثلث إلى آخر، فإنها تقوم بمقايضات فيما بين تلك الأهداف الثلاثة الرئيسية.
لكل من هذه الأنواع الأساسية ميزاته ومخاطره التي يتعين إدارتها. ونحن نعرف شركات حققت نجاحات مشهودة باتباعها بعض من هذه المسارات. المهم أن ينجح مالكو الشركة في المواءمة بين الأهداف التي يريدون تحقيقها، مع إدراك وجود مقايضات بينها. ومن المهم أيضاً إعادة النظر في هذه المقايضات لأن الظروف تتغير، إما بعوامل خارجية مثل دعم الاقتصاد وتوحيد القطاع التجاري، أو بعوامل داخلية كالتغيير في الملكية أو الإدارة العليا؛ فما يحقق نجاحاً مدوياً في بيئة معينة قد يتسبب في وقوع كارثة في بيئة أخرى.
لقد توصلنا إلى أن التوفيق بين أولويات الشركة أمر مفيد للغاية. ولكن ليصبح هذا الأمر حقيقة، يجب تحويل تلك الأهداف العامة إلى طرق محددة لقياس الأداء. وهذا يقودنا إلى السؤال الثاني:
2. ما هي "حواجز الحماية" التي تمتلكها شركتك؟
حواجز الحماية هي الشروط الحدّية التي يفرضها المالكون على إجراءات الشركة استناداً إلى أهدافهم؛ أي أنها تحدد ما يقع داخل الحدود وما يقع خارجها.
قد تكون حواجز الحماية مالية أو غير مالية. على الجانب المالي، ينبغي أن تتفق الحواجز مع مزيج مكون من النمو والسيولة النقدية وفرض السيطرة، وهي الأمور التي يريد المالكون منحها الأولوية:
- مقاييس نمو القيمة (مثل عوائد رأس المال المستثمر أو إجمالي العائد للمساهمين) تُبين للمالكين كيفية مقارنة الأداء المالي بالشركات المناظرة و/أو بفرص الاستثمار الأخرى.
- مقاييس توليد السيولة النقدية (مثل معدل توزيع الأرباح) تظهر للمالكين ما إذا كانت الشركة تنتج المبالغ النقدية المتوقعة لتحقيق أهداف المالكين خارج الشركة.
- مقاييس القدرة على فرض السيطرة (مثل نسبة الديون إلى الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك وتكلفة الدين "EBITDA") تساعد المالكين على فهم المخاطر الجسيمة التي قد تهدد سيطرتهم على الشركة وإدارتها.
ومن واقع خبرتنا، يجب على المالكين التركيز على عدد صغير من المقاييس المالية (من أربعة إلى ستة مقاييس في العادة) التي تستطيع تحديد ما إذا كانت الشركة ناجحة أم لا بناءً على أولوياتهم. بذلك يمكن تحقيق التوازن بين توفير التوجيه الواضح لقيادة الشركة وإتاحة الفرصة الكافية لهم لمعرفة أفضل استراتيجية للشركة.
العديد من المالكين على استعداد للتضحية ب مستوى معين من الأداء المالي مقابل تحقيق أهداف أخرى. وفي كثير من الأحيان لا يتم ذكر هذه الأهداف بوضوح، ولكن من الضروري تحديد حواجز الحماية غير المالية الخاصة بها. ومن واقع خبرتنا، فهي تنقسم عادة إلى أربع فئات رئيسية:
- القيادة. هل من الضروري أن تدار الشركة من قبل مالكيها، حتى لو لم يكونوا هم الأجدر بإدارتها من الناحية الموضوعية؟ سبق لنا أن عملنا مع شركة عائلية تؤمن إيماناً راسخاً بضرورة قصر إدارة الشركة على أفراد العائلة فقط، حتى لو كان ذلك يعني تباطؤ معدلات نموها.
- القطاعات/المناطق الجغرافية. هل هناك مناطق معينة يرغب المالكون في تجنب الاستثمار فيها، أو مناطق معينة يريدون الحفاظ على الاستثمار فيها، على الرغم من كونها غير مربحة؟ تتمسك بعض الشركات بأصول ضعيفة الأداء بسبب قيمتها غير المالية للمالكين، باعتبارها مصدراً للاعتزاز أو الأهمية التاريخية للمجتمع.
- التناغم. هل هناك أي قرارات سيتم اتخاذها أو تجنبها للحفاظ على العلاقة بين المالكين؟ قد تبقي بعض الشركات قسماً أو مكتباً مفتوحاً على الرغم من ضعف أدائه المالي؛ فقط لأنه تحت قيادة أحد المالكين، وإغلاقه سيكون له أثراً سلبياً على روح الانسجام والتآلف داخل الشركة بشكل عام.
- ممارسات إدارة العمل. إلى أي مدى يرغب المالكون في خفض الأداء المالي من أجل مواءمة ممارسات إدارة العمل مع قيمهم (الاجتماعية والدينية والبيئية، وما إلى ذلك)؟ نعرف شركة قررت عدم العمل بمجال السجائر؛ لأنها لا تتماشى مع قيم المالكين، على الرغم من أنه مجال مربح للغاية. وتدفع شركات أخرى أجوراً أعلى من أجور السوق أو تُلزم نفسها بمعايير الاستدامة البيئية التي تتجاوز توقعات قطاع العمل.
لا توجد إجابات صحيحة أو خاطئة فيما يتعلق بتحديد حواجز الحماية. بل يكمن السر في تحقيق نوع من التوافق بين المالكين حول مقاييس ومستهدفات محددة تقيس النجاح وتستنير بها القرارات المحورية.
صياغة بيان استراتيجية المالكين لشركتك
من أجل تقنين التوافق فيما بين مالكي الشركة، يجب عليهم صياغة بيان استراتيجية المالكين، الذي لا يوضح فحسب أهدافهم وحواجز الحماية الخاصة بهم، بل يوضح أيضاً الأساس المنطقي الذي تستند إليه.
يجب أن يكون البيان محدداً قدر الإمكان. فالمحكُّ الحقيقي هو: هل يساعد ذلك الشركة على اتخاذ القرارات التي تتطلب مقايضات؟ على سبيل المثال، حددت شركة نعرفها هدفاً يتمثل في تحقيق عائد بنسبة 15٪ على رأس المال المستثمر لأرباحها المحتجزة. وخلال فترة توسع السوق، أعادت الشركة استثمار جميع الأرباح تقريباً. ومع نضج السوق، بدأت في خفض الاستثمار وزيادة توزيع الأرباح على المساهمين.
يجب أن يكون بيان استراتيجية المالكين أساساً للحوار بين المالكين ومجلس الإدارة/فريق الإدارة؛ حيث ثمة أوقات قد تتطلب فيها استراتيجية المالكين إجراء تعديل يتناسب مع واقع الشركة. وأيضاً يجب أن يكون البيان وثيقة قابلة للتعديل تجري مراجعتها كلما طرأت تغيرات ذات مغزى على البيئة الداخلية أو الخارجية للشركة. وأخيراً، يجب تحويله إلى لوحة متابعة تُحدد المقاييس والأهداف التي يمكن للمالكين استخدامها لقياس النجاح، والتي يجب عليهم مراجعتها بصورة منتظمة.
أن تمتلك شركة هو أمر يتيح لك الفرصة لاختيار المسار الذي ستسلكه في رحلتك باعتبارك مالكاً، ولكن في حدود المعقول. وقد اكتشفت نجوى وحازم هذا الأمر بينما كان لا يزال هناك وقتاً لإجراء تغيير. فتحديد النجاح بشكل واضح يضعك في وضع يسمح لك بإنشاء شركة تحقق أهدافك الأكثر أهمية بالنسبة إليك.