سؤال من قارئة: حظيت بفرصة لأجني رزقي من العمل فيما أحب، فقد احترفت الباليه منذ 16 عاماً. لكن مهنة الباليه تستمر مدة قصيرة نسبياً، و16 عاماً تعتبر فترة طويلة بالفعل، ينتقل بعدها كثير من راقصي الباليه إلى مهن مختلفة تماماً. لذا، سعيت لمتابعة تحصيلي العلمي قدر المستطاع طوال فترة عملي في الباليه بدوام كامل، وعملت في التدريس بدوام جزئي. من أجل أن أحدد مساري المهني الجديد، والآن لدي شهادة جامعية في إدارة الفنون وشهادة ماجستير في دراسات المتاحف. تطوعت في عدد من برامج التوعية الفنية والتعليمية وتدربت في منصبين في إدارة الفنون. تواصلت مع أشخاص آخرين شغوفين بالفن، وتطوعت للعمل في أدوار لا تتعلق بأداء بالباليه في الشركة التي أعمل لديها. كما شاركت اهتماماتي مع المدير وألقيت كلمات ترويجية لبعض الأفكار، لكن إدارة الشركة الآن جديدة ولا ترغب في المجازفة كثيراً خارج نطاق عمل الشركة السابق. على الرغم من جميع هذه الجهود، فأنا أشعر أني لا أحرز أي تقدم، تقدمت للعمل في دوري مدير مساعد ومدير مشارك، لكني أتنافس مع أشخاص يتمتعون بخبرة عملية أكبر وتعليم أفضل مني. يبدو أن هذه المؤسسات الصغيرة تفضل المرشحين الذين قاموا بهذا العمل من قبل بما أن وقت التدريب والموارد الأخرى محدودة، حتى أني لم أجر مقابلات عمل. بالطبع، يشغلني أيضاً موضوع الأجور المتدنية جداً التي يتقاضاها الموظفون المبتدئون في المؤسسات غير الربحية. أتساءل عما إذا كان أفضل خيار لي هو أن أعمل بصورة مستقلة كمعلمة أو منشئة محتوى أو رائدة أعمال. لكني أفضل أن أحظى باستقرار الوظيفة الآمنة وامتيازاتها ومسارها الواضح. هذا التوتر الناجم عن تغيير المسار المهني يزعجني.
ولهذا سؤالي هو:
هل هناك ما يجب عليّ فعله غير ذلك؟ كيف أختار مساري المهني الجديد بطريقة صحيحة؟
يجيب عن هذه الأسئلة كل من:
دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
مونيكا هيغنز: أستاذة في كلية الدراسات العليا في التعليم بـ "جامعة هارفارد".
مونيكا هيغنز: أعتقد أنها تعاني من الكثير. لذا أفضّل النظر إلى الأمر من وجهة نظر قائمة على الأصول. أولاً، هي شغوفة بشيء محدد، فهي تعشق الباليه وتنتمي له بصورة واضحة، ومهنة الباليه بحد ذاتها تولّد روح الانضباط والقدرة على بذل جهد استثنائي والعمل لساعات طويلة وتلقي التقييمات بصورة دائمة مستمرة. لذا فهي على الأرجح أصبحت قادرة على تحمل التقييم والانتقاد. والآن ستخرج إلى سوق العمل، وهي تتمتع بكل هذه الأمور، العقلية المذهلة والقدرات والانتماء، بالإضافة إلى شغفها الذي تحدثت عنه بالفنون.
أليسون بيرد: أعتقد أنها قامت بكل ما يلزم، العمل في التدريس بدوام جزئي ومتابعة الدراسة والحصول على شهادة الماجستير واستعدادها للعمل التطوعي وبناء العلاقات مع الآخرين والتحدث مع مديرها وإلقاء كلمات ترويجية لأفكارها. لكن ثمة عقبة يجب أن تتغلب عليها، وهي إقناع الآخرين أنه على الرغم من أن خبراتها ليست ذات صلة مباشرة بالوظيفة التي تتقدم إليها، فإنها تتمتع بأهمية كبيرة فيها. إذن، كيف تبدأ بالتفكير بشأن هذه الأصول التي تملكها بطريقة تجعل مدراء التوظيف يقتنعون بها؟
مونيكا هيغنز: من الرائع أنها حصلت على الشهادة الأخرى في دراسات المتاحف. لكن إذا بحثت عن المشكلة في سوق العمل الآن، تجد أنها تتمثل في العائدات، أي التدفق النقدي، وإنشاء نموذج عمل مستدام. وبالنسبة لصاحبة السؤال، قد يكون استكشاف العمل على جانب المبيعات أو التطوير مثيراً للاهتمام، وإذا تمكنت من التوصل إلى طريقة للانتقال إلى هذا المجال فستشعر بحماس التعامل المباشر مع الفنانين، أو مواجهتهم أو استعراضهم، مع تقديم القيمة في نفس الوقت، كجمع الأموال في شركة أزياء مبتكرة أو مؤسسة غير ربحية، مثلاً.
دان ماغين: بالنظر إلى شهادتها، لا بد أنها تلقت تدريباً في الإدارة المالية للمؤسسات غير الربحية والمتاحف. أولاً، تم الحديث عن العقلية على أنها عقبة في طريق إجراء هذا النوع من التغييرات. ويبدو أن الواقع هو أنها في مسار مهني رياضي جداً له تاريخ انتهاء محدد، فليس من الممكن أن يستمر المسار المهني لمحترف الباليه على مدى 40 عاماً. ويبدو أن ذلك شكل دافعاً لها كي تخرج وتحصل على التدريب ومتابعة تعليمها والتخطيط لحياتها بناء على فكرة أنها ستضطر لتغيير مسارها عندما تبلغ سن الثلاثين أو الأربعين. هذا ما تعاني منه. والأمر الثاني هو أني أعتقد أنها مهما فعلت فستبقى ضمن مجال متعلق بالباليه. لا أعتقد أن الخطوة التي ستتخذها، مهما كانت، ستنقلها مرة واحدة إلى المتاحف أو الفنون الجميلة، وإنما ستكون قفزتها التالية ضمن فضاء الباليه.
أليسون بيرد: أرى أن عليها التفكير من زاوية أوسع، لكن بتركيز أكبر. وهذا ما تحدثت عنه هيرمينيا إيبارا فيما يتعلق بابتكار المسار المهني، وهو أن على صاحبة السؤال استكشاف عدة هويات من دون أن تثبت تركيزها على الأمر الذي كانت تعتقد أنها ستفعله عند قيامها بالنقلة المهنية، بل أن تفكر في جميع الأشياء التي يمكنها القيام بها. وأتفق مع مونيكا في أن مجال جمع الأموال هو الذي يحتاج إلى الموظفين الآن، وأنه المجال الذي سيدفع الشركات للاهتمام بما لديها والرغبة بتوظيفها. وأتفق معك يا دان في أن الباليه هو أكثر ما تجيده، ويجب أن يكون محور تركيزها.
مونيكا هيغنز: أحد الأمور التي تتحدث عنها هيرمينيا إيبارا في بحثها حول الشخصيات الانتقالية هو أن إحدى طرق تغيير العقلية هي التحدث مع الآخرين عما يفعلونه وأن يتخيل المرء نفسه في أدوارهم. وما رأيته في محاولة صاحبة السؤال للتواصل مع الآخرين وتجربة وظائف مختلفة هو أنها تقوم بهذه التجارب بنفسها. أود منها أن تتواصل مع النساء في المؤسسات غير الربحية، وهناك طرق كثيرة لإلقاء نظرة في المجال، سواء كانت سريعة أو متعمقة، من خلال تطوير العلاقات مع الآخرين. لا أعرف مع من تحدثت، لكن كي تحصل على المعلومات التي تحتاج إليها يجب عليها أن تفكر من زاوية أوسع، وفي نفس الوقت ألا تنسى ما تجيده وتعشقه، وهو الباليه.
دان ماغين: هل يفيدها حقيقة أن العمل التطوعي متطور جداً في المؤسسات غير الربحية والفنون والمتاحف؟ هل سيشكل ذلك موطئ قدم لها؟
مونيكا هيغنز: هذه نقطة مهمة. يبدو أن قائد الشركة الجديد لا يرغب بالمجازفة كثيراً، لكن من الجهة الأخرى ونظراً لما تقوله أعتقد أنها قادرة على الترويج لفكرة ما.
أليسون بيرد: أرى أن استياءها ينبع من شعورها بأنها، على الرغم من قيامها بكل هذه الأمور، إلا أنها غير قادرة على تحقيق أي تقدم. ثمة مؤسسة محلية للفنون، بل شركة للفنون في بوسطن تسمى "أوربانِتي دانس" (Urbanity Dance)، وهي لمحترفة سابقة قررت إنشاء شركتها الخاصة. أطلقت الشركة مؤخراً أفضل حملة رأيتها لجمع الأموال عبر الإنترنت، حيث نشرت مقاطع فيديو لأشخاص يلعبون الباليه وتم تنسيق عروضهم على عدد من الشاشات. لذا، إذا تمكنت من إقناع مديرها بفكرة كهذه أعتقد أن الشركة سترغب بالاستماع إليها. تثير هذه النقطة سؤالاً لدي، إذ إن صاحبة السؤال سألت عن عملها كمعلمة أو كاتبة محتوى أو رائدة أعمال، وهو تماماً ما فعلته بيتسي غريفز مؤسسة الشركة التي تحدثت عنها. هل يمكن أن يكون هذا مسار محتمل بالنسبة لصاحبة السؤال؟
مونيكا هيغنز: يعود هذا السؤال بنا إلى فكرة التفكير على المدى الطويل، وأعتقد أنه بإمكان صاحبة السؤال التفكير بالمستقبل البعيد بكل تأكيد، لكننا نشهد أزمة اقتصادية ستستمر على مدى عدة أعوام. لذا، أعتقد أن استكشاف جانب التطوير من هذه الشركة والمؤسسات غير الربحية سيكون الخطوة التالية الأفضل لها.
دان ماغين: تحدثت صاحبة السؤال صراحة عن مخاوفها بشأن الأجور في المجال الذي تنتقل إليه، كيف ينبغي لها التفكير بهذه المشكلة التي تواجهها فيما تحاول فعله؟
مونيكا هيغنز: للأسف، نظراً للوضع الذي نعيشه حالياً، يجب أن تفكر بالحصول على نوع من الاستقرار على المدى الطويل.
دان ماغين: ما هي نصيحتنا لصاحبة السؤال؟
أليسون بيرد: أولاً، نهنئها على امتلاك هذه الأصول الكثيرة، ونرى أن أمامها مستقبلاً باهراً. نشجعها على استكشاف عدة مسارات في مؤسسات الفنون، لكن في نفس الوقت أن تركز على الباليه الذي تعشقه وتتمتع بالخبرة فيه. لذا نود منها التحدث مع عدد كبير ممن يعملون لدى الشركات عن الوظائف التي يحتمل أن تستلمها فيها. ونظراً للأزمة الحالية تحديداً، نشجعها على النظر إلى موضع الحاجة الأكبر، وهو مجال التطوير وجمع الأموال. يجب أن تسعى لبناء هذه المهارات لديها إذا لم تكن تملكها بالفعل، وهناك طرق لتتمكن من الإبداع في هذه الأدوار وتستعين بخبرتها في الباليه كي تكون حججها مقنعة في جمع التبرعات. نود أن نراها تروج لأفكارها ومشاريعها الخاصة لمديرها ولشركات الفنون الأخرى. وعلى المدى الطويل، نرى أنها سترغب في إنشاء شركتها الخاصة في نهاية المطاف بالتأكيد، ولكن الأفضل الآن هو أن تكتسب خبرة في المؤسسات القوية من خلال العمل في أدوار تعتبر رئيسية ومهمة في الوقت الحالي، وبذلك ستتمكن من تحديد المسار المهني الجديد المناسب لها.