أجرت هارفارد بزنس ريفيو مقابلة صوتية (بودكاست) مع لورا هوانغ، الأستاذة المشاركة في كلية هارفارد للأعمال، ومؤلفة كتاب "الحافة: تحويل الشدائد إلى ميزة" (Edge: Turning Adversity Into Advantage).
أجرت لورا هوانغ دراسات حول مجموعات ضمّت النساء والأشخاص ذوي البشرة السمراء الذين يواجهون تحيزات في مكان العمل من قبل رواد الأعمال ذوي اللكنات الأجنبية. وتقول أن أفضل طريقة تُمكّن الأفراد من التغلب على هذا النوع من المشكلات هي الاعتراف بها وتسخيرها لصالح نجاحهم بدلاً من إحباطهم. ابدأ بتحديد التصورات المسبقة التي يكوّنها الآخرون عنك، ثم فاجئهم بقدرتك على تحدّي توقعاتهم وإضفاء قيمة فريدة.
النص:
أليسون بيرد: مرحباً بكم في برنامج "آيديا كاست" (HBR IdeaCast) المقدم من هارفارد بزنس ريفيو، معكم أليسون بيرد.
جميعنا نمتلك هدفاً واحداً في العمل، ألا وهو إقناع الأفراد بامتلاكنا موهبة للنجاح والتفوق في الأداء، سواء كنا نجري مقابلة للحصول على وظيفة، أو نطمح لتولي العمل على مشروع كبير، أو نطرح فكرة جديدة على المدير أو المستثمر. ولكن كيف يمكننا تحقيق هذا الهدف عند افتراضنا أننا غير مؤهلين للحصول على وظيفة أو ترقية أو تمويل؟ سواء كنتِ عالمة في مجال الرياضيات، أو سياسية ذات إعاقة، أو متحدثاً للغة غير لغتك الأصلية في شركة أجنبية.
يُمكنكم جميعاً التحكم بتصورات الآخرين عنكم، حتى عندما تبدأ هذه التصورات بالتحيز. ويتمثل الحل في العثور على ميزتنا الفريدة والعمل بجد على كسب ثقة الآخرين أو إضافة قيمة إلى حياتهم، وتوجيه تصورات الأفراد وتوقعاتهم لصالحنا. أجرت هوانغ دراساتها على روّاد الأعمال والمسؤولين التنفيذيين للشركات واللاعبين الرياضيين ومصففي الشعر، وانضمت إلينا اليوم لتخبرنا بنتائج بحوثها.
لورا هوانغ هي أستاذة مشاركة في كلية هارفارد للأعمال، ومؤلفة كتاب يحمل عنوان "الحافة: تحويل الشدائد إلى ميزة" (Edge: Turning Adversity Into Advantage) شكراً جزيلاً لقبولك حضور البرنامج يا لورا.
لورا هوانغ: شكراً جزيلاً لاستضافتكم لي.
أليسون بيرد: جميعنا نعتقد أنه من الضروري أن تتبنّى الشركات نظام الاستحقاق، إلا أن الواقع مختلف، حيث يوجد سياسات وتحيزات وبيروقراطية تحكم مكان العمل، كيف يمكننا أن نتحلّى بالقوة في ظل هذه الظروف؟
لورا هوانغ: تعلّمنا منذ سن صغيرة أن العمل الشاق هو السبيل إلى تحقيق النجاح، واتبعنا النهج ذاته مع أطفالنا بتعليمهم ضرورة العمل بجد، على افتراض أن العمل الشاق سيكون سلاحنا للوصول إلى مبتغانا. وقد نصادف موظفين يعملان بالقدر نفسه من الجدية، لكن لا بدّ من أن يكون أحدهما أكثر نجاحاً من الآخر. وقد يكون ذلك بسبب التصورات والإشارات والتلمحيات في بيئة العمل، أو بسبب النهج الذي نتّبعه في اتخاذ القرارات، ولكن لا بدّ من أن يجعلنا العمل الشاق نشعر بالإحباط في النهاية. وما حاولت أن أبرزه في هذا الكتاب هو أن بإمكاننا تسخير هذا العمل الشاق لمصلحتنا.
أليسون بيرد: هل الأمر يرتبط بالسياسة التنظيمية، أم محاولة جذب انتباه الإدارة من الاجتماع الأول؟
لورا هوانغ: قد لا نحظى بفرصة إظهار قدراتنا في بعض الأحيان، وننخرط في أوساط قد لا نشعر بالانتماء إليها، وبالتالي، يتمثّل أحد الأسباب التي تجعل عملنا الشاق مفيداً في الانخراط ضمن بيئات عمل يمنحنا فيها الأفراد فرصة إظهار قدراتنا. ولا يتعلق الأمر بجذب انتباههم، وإنما يتعلق بقدرتنا على إضفاء قيمة في العمل.
أليسون بيرد: هل صادفت أشخاصاً تعرّضوا إلى موقف سلبي جعلهم يشعرون بانعدام القيمة ونجحوا بشكل غير متوقع؟
لورا هوانغ: بالتأكيد. يمكن للأشخاص الذين أساء الآخرون تقدير قيمتهم موازنة الأمور لصالحهم عن طريق التصدي للصور النمطية أو العقبات التي يواجهونها، ويمكنهم حتى التفوق في الواقع.
ويدور أحد الأمثلة التي أصادفها مراراً حول الأشخاص الذين يتحدثون لغات غير لغاتهم الأصلية. كنت أظن أن الأمر يتعلق بقدرة الشخص على التواصل، إلا أنني وجدت أن الأفراد قادرون على التعلم مثلهم مثل الأشخاص الذين يتحدثون اللغة الأصلية، إن لم يكن أفضل منهم. لذلك، الأمر لا يرتبط بالتواصل فقط. نعلم أنه من غير الصائب التمييز ضد الأفراد بسبب النوع الاجتماعي أو العرق أو اللهجة في المؤسسات.
وينطوي الحل على خلق عوامل تقييم بأنفسنا، كأن نوظف الأشخاص بناء على مدى تأثيرهم الشخصي وعلى قدرتهم على التفاوض بشأن الموارد لفرقهم، وأن نقيّمهم بناء على هذه العوامل. ومن المرجح في بعض الأحيان أن يحصل أولئك الذين يتكلّمون لهجات أصلية على تقييمات أدنى في هذه العوامل.
أليسون بيرد: أو النساء أو الأقليات.
لورا هوانغ: بالطبع. على سبيل المثال، قد تنطوي التصورات التي يكوّنها الآخرون حول شخص ما على عدم قدرته على التواصل، لذلك، يمكنه بدء المقابلة بقوله: أدرك التصورات التي يكوّنها الآخرون عني، إلا أنني أرغب في أن أخبرك عن أحداث بذلت فيها جهداً كبيراً للحصول على موارد لفريقي. ومن المهم الإشارة إلى تلك الأحداث بطريقة لطيفة وقلب تلك التصورات والصفات التي يكوّنها الآخرون عنك لصالحك، وأن تدرك قيمة النتائج التي ستحققها.
أليسون بيرد: نعم. ما الذي دفعك إلى إجراء هذه البحوث حول قدرة الأفراد على التغلب على الشدائد وتحقيق إنجازات غير متوقعة؟
لورا هوانغ: درستُ مجال الانقسامات والتفاوتات لسنوات عديدة، إلا أنني شعرت بالإحباط بسبب السلبية التي تنطوي عليها هذه الموضوعات، وبدأت أفكر في كيفية منع هذه الانقسامات. وقضيت العامين الماضيين في دراسة الطرق التي تُمكّننا من تحقيق ظروف متكافئة.
هل يجب على الأفراد اتباع الممارسات الشائعة للتحيز؟ كلّا، يجب على الشركات وضع هياكل قائمة على مبدأ الاستحقاق وأداء الأفراد، وأن تمنح المكافآت إلى أولئك الأكثر استحقاقاً. لكن يمكن للأفراد اتخاذ خطوات فردية إلى حين تطوير هذه الهياكل.
أليسون بيرد: لنتحدث قليلاً عن موضوع جذب الانتباه. كيف يمكننا جذب انتباه الآخرين، خاصة عندما لا نكون أصحاب شخصية ساحرة أو مرحة أو جاذبة؟
لورا هوانغ: إن جذب الانتباه يتعلق بأن تُبدي للآخرين جانباً ما من شخصيتك لم يدركوه من قبل، وأن تمنحهم فرصة التفاعل معك بطريقة مختلفة، وهو ما يتيح لك أن تُظهر قدرتك على إضفاء القيمة وأن تكون شخصاً مختلفاً عما يتوقعه الآخرون.
أليسون بيرد: لقد سبق لك أن جذبت اهتمام الآخرين من قبل، أليس كذلك؟
لورا هوانغ: نعم. كان لدي زميل يتحدث عن إيلون ماسك وعن ابتكاراته وعن الأسلوب الذي يتبعه في زعزعة العديد من القطاعات المختلفة. وحصلت على موعد لإجراء لقاء معه، وبمجرد دخوله المكتب، رمقني وزميلي بنطرة استخفاف وطلب منا المغادرة. شعرت بالذهول من تصرفه.
وعندما كرر طلبه بالخروج من المكتب، لاحظت أنه لم يكن ينظر إلينا، وإنما كان ينظر إلى ما يحمله زميلي بين يديه. لقد أعددت وزميلي العديد من الأسئلة لهذا الاجتماع لدرجة أننا أحضرنا معنا هدية لنقدّمها له. وأدركنا أنه كان ينظر إلى الهدية التي قدمناها له، والتي ظنّ أنها كانت نموذجاً أولياً تجريبياً لأحد المنتجات، وأننا رواد أعمال نحاول طرح فكرة ما عليه.
إلا أنه أصرّ على طلبه بأن نخرج من المكتب. فبدأت بالضحك لأنني لم أدرك كيفية التصرف في ذلك الموقف. وبعد أن انتابتني نوبة الضحك هذه، بدأ إيلون ماسك بالضحك، وخلال موجة الضحك هذه، أوحيت له قائلة: هل تظن أننا جئنا للحصول على أموالك؟
وعندما أدرك ما حدث، بدأ يضحك أكثر، وقال: تفضلوا بالجلوس. وفي نهاية الاجتماع، قدّم لنا أفكاراً لم نكن لنحلم بالحصول عليها. وتمكّنا من الانتصار على واحد من أقوى القادة في الولايات المتحدة بسلوك غير متوقع ومختلف عن نوع التواصل الطبيعي الذي يخوضه مع الآخرين، وخاصة مع الأشخاص الذين يحاولون الحصول على شيء ما منه. وحصلنا في النهاية على هذه العلاقة الرائعة وعلى دعمه في الحصول على الموارد وعرّفنا بأشخاص لم نكن لنحظى بفرصة لقائهم.
أليسون بيرد: هذا رائع. ذكرتِ أنه من الضروري تحديد القيمة التي سنضفيها في تواصلنا مع الآخرين قبل محاولة جذب انتباههم، كيف يمكننا تحديد هذه القيم؟
لورا هوانغ: تنطوي العملية على جذب انتباه الأفراد، ومن ثم انتهاز الفرصة. لكن لا بدّ لنا قبل انتهاز الفرص أن نجذب انتباه الأفراد بشكل فاعل، ولا يحصل ذلك إلا عندما ندرك القيمة التي سنضفيها من خلال هذا التواصل. لذلك، من الضروري أن تكون على دراية بأهدافك الأساسية وكيفية إضفاء قيمة في التواصل. ما هي القدرات التي تميّزك؟ ما هي القدرات التي يمكنك استغلالها في موقف ما؟ وقد تختلف هذه القدرات بناء على الموقف بالطبع. ما هي نقاط قوتك؟ وما هي نقاط ضعفك؟ ومن الممكن في الواقع تحويل نقاط الضعف والقيود التي نواجهها إلى أصول أيضاً. وبالتالي، تنطوي الخطوة الأولى على إدراك حقيقة ذواتنا وشخصياتنا المختلفة.
إن شخصياتنا أشبه بقطعة الألماس. ألماس يتلألأ في مختلف الاتجاهات، وفي كل مرة ننظر إليه من زاوية مختلفة، يتلألأ بطريقة مختلفة. وكذلك هي شخصياتنا في سياقات مختلفة ومع أفراد مختلفين، ما زلنا الشخص نفسه إلا أننا نتلألأ في اتجاهات مختلفة، وهدفنا هو أن نُظهر للأفراد جانبنا المشرق.
وعندما تعرف نقاط قوتك وضعفك وتكون قادراً على إظهارها، ستتمكن من إدراك التصورات الخاطئة التي يكوّنها الآخرون عنك وجذب انتباههم من خلال إجراء تغييرات بسيطة تظهر جانباً آخر منك.
أليسون بيرد: كيف تدركين وجود تصورات خاطئة عنك؟ وكيف تدركين ضرورة الحاجة إلى تغيير هذه التصورات؟
لورا هوانغ: هناك طريقتان مختلفتان للتفكير في هذا الأمر. الطريقة الأولى هي الحدس الذي يتملّكنا في كل موقف. وقد يكون الحدس إيجابياً تماماً أو سلبياً تماماً.
ويوجد حالات أخرى يكون الفارق فيها بسيطاً جداً. وقد ننخرط في موقف ما ونحدّد السياق والصور النمطية التي قد يتعرض لها أشخاص مثلنا في هذا الموقف مسبقاً، إلا أننا قد لا نمتلك هذا الحدس في مواقف أخرى، ويوجد العديد من الطرق التي يمكننا من خلالها ممارسة هذا الفهم الذاتي وإتقانه.
وغالباً ما أطلب من طلابي تجربة العديد من الطرق المختلفة. على سبيل المثال، تعامل مع الأشخاص في ظروف مختلفة باستخدام نهج قائم على البيانات الواقعية. وبعد يومين، تعامل مع كل موقف تواجهه وكل شخص تقابله بالإصغاء إلى حديثه وتأييده وإضافة جانب لم يكن يدركه من قبل. وكرّر العملية ذاتها بعد يومين مع إضافة جانب لا يتوافق مع آرائه. وفي النهاية، يمكنك استغلال هذه المعلومات لتطوير حدسك حول كيفية النجاح وإنشاء ميزتك الخاصة.
أليسون بيرد: أحد الفصول المفضلة لدي من الكتاب هو الفصل المتعلق بالمسارات، بمعنى تحديد المرحلة التي بدأت عندها، والمرحلة التي وصلت إليها اليوم، والتأكد من أن يرى الأفراد بعض المزايا المحتملة في المستقبل، كيف يمكنك تفسير هذه العملية للأفراد؟
لورا هوانغ: بالتأكيد. عندما نطلب من الأفراد أن يكونوا على سجيّتهم، فعادة ما نقصد صفاتهم الثابتة، على سبيل المثال، هذا الشخص جدير بالثقة، أو هذا الشخص كفؤ أو ملتزم أو متحمس. إلا أننا ننسى أن هذه الصفات ليست ثابتة، وذلك نتيجة للأحكام التي يصدرها الآخرون عنا. الأمر يرتبط في التفكير في مصير هذا الشخص بعد خمس سنوات أو في المستقبل، حتى عندما تكون نتيجة هذا التفكير واضحة في بعض الأحيان. هل أنا على حق؟ لا نفكر عادة فيما قد يقدّمه الأشخاص لنا في المستقبل.
وإنما نضع افتراضات حول ما كان عليه الأفراد في الماضي، والنهج الذي جعلهم يصلون إلى ما هم عليه اليوم. وقد لا يكون ذلك واضحاً تماماً، وينطوي على حسابنا المعرفي السريع الذي يدفعنا إلى القول: هذا ما أظنه حول هذا الشخص. وبالتالي، كلما حدّثنا الأفراد عن ماضينا وخططنا المستقبلية ومسارنا الحالي، زادت قدرتهم على إدراك القيمة التي نضفيها وأهمية وجودنا ضمن أعمالهم.
أليسون بيرد: نعم. هل صادفت أفراداً واجهوا تحيّزاً مبدئياً، وتمكّنوا من قلب الموازين إلى صالحهم وتحقيق النجاح؟
لورا هوانغ: صادفت إحدى النساء التي أصبحت مسؤولة تنفيذية في إحدى الشركات، وأخبرتني قصة حصلت معها في وقت مبكر من حياتها المهنية عندما فُصلت عن العمل، وتعرّضت مع بعض زملائها إلى قدر من الإهانة، ومنحتهم المؤسسة شهراً واحداً مدفوع الأجر للبحث عن وظيفة جديدة، وتركت لهم حرية الحضور إلى مكتب الشركة في أثناء البحث عن وظيفة أخرى.
وأخبرتني هذه المرأة أنها استمرت في الذهاب إلى المكتب لأن المؤسسة كانت تخوض حالة من الفوضى. لقد جرى تسريحها لأنها كانت شابة وتمتلك خبرة ولأنها امرأة، وهو ما جعلها تشعر بنوع من الإهانة، لكنها استمرت في التوجه إلى المؤسسة والمشاركة في المشاريع.
لقد كانوا بحاجة إلى أشخاص للانضمام إلى هذه المشاريع للتعامل مع مختلف القضايا. وقالت: أدركوا في نهاية الشهر أنني جزء من كل هذه المشاريع، وأدركوا حاجتهم إلى خبرتي في هذه المؤسسة. لقد اعتبرت ذهابها إلى المكتب في آخر شهر من العمل بمثابة تحد، ذلك أنها أرادت أن تثبت لهم قدرتها، فشاركت في مختلف المشاريع وشقت طريقها لتولي أحد المناصب ضمن المستويات العليا من المؤسسة. وبالتالي، استغلت هذه الفرصة وحوّلتها إلى صالحها.
أليسون بيرد: أنت امرأة آسيوية، بدأت عملك كمهندسة وحصلت على درجة الدكتوراه في "جامعة كاليفورنيا إرفاين" (UC Irvine)، كيف تمكّنت من إقناع الآخرين بقدرتهم على تحقيق النجاح بطرق لم يتوقعوها؟
لورا هوانغ: مررت بمواقف عديدة دفعتني إلى التحدث عن هذا الموضوع، إلا أنني فشلت في مواقف عديدة أيضاً. على سبيل المثال، كان لدينا مدرس لمادة الرياضيات في المرحلة الثانوية وكنت شديدة الإعجاب به. لطالما أحبب مادة الرياضيات وكنت أبرع فيها حتى. وأظن أن جميعنا نبرع في أمور مختلفة.
أليسون بيرد: لقد كانت الرياضيات هي ما يميّزك إذاً.
لورا هوانغ: كان بعض زملائي بارعون في أداء التمارين الرياضية، إلا أن اهتمامي كان منصّباً على الرياضيات. كنت معجبة جداً بالمدرس. وكان كل من يحصل على درجة 100% في اختبار ما يحصل على نجمة ذهبية. ولم تكن مجرد نجمة ذهبية لاصقة، وإنما كانت نجمة كبيرة اعتاد أن يضعها أعلى السبورة وأن تبقى طوال العام الدراسي.
وبما أنني كنت أهوى مادة الرياضيات، كان جل تركيزي منصباً على الحصول على واحدة من هذه النجمات الذهبية. وأتذكر أنني حصلت في أحد الاختبارات على درجة 99. وأذكر حتى السؤال الذي كان السبب في عدم حصولي على درجة كاملة. كانت الإجابة النهائية عن المعادلة هي 7، إلا أنني كتبت حاصل المعادلة مباشرة، دون أن أكتب 7 تقسيم 1 يساوي 7، بمعنى أنني اختصرت من الإجابة وكتبت النتيجة النهائية مباشرة. وشعرت بالإحباط الشديد.
وتوجهت إليه بخجل وسألته: هل هذه الإجابة خاطئة؟ وأجاب: نعم إنها إجابة خاطئة. وكنت في الوقت نفسه أراقب فتاة أخرى معنا في الصف، كانت جميلة وذكية جداً. وعندما نظرت إلى ورقتها وجدت أنها كتبت إجابة مماثلة لإجابتي لكنها حصلت على درجة 100 في الاختبار وعلى نجمة ذهبية.
لذلك، من الطبيعي أن تبقى هذه المواقف راسخة في أذهاننا. وأؤمن دائماً أننا نتعرض إلى أحداث مماثلة للأحداث التي تعرضنا لها في الماضي، فعندما كتبت أول بحث لي في السنة الأولى في الجامعة حصلت على علامة متدنية. توجهت إلى الأستاذ وسألته بخجل: هل يمكنك مساعدتي في فهم سبب حصولي على درجة متدنية، وأجابني: لأن لغتك الأم ليست الإنجليزية، ومن الطبيعي أن تحصلي على هذه الدرجة.
أخذت أفكر في أن اللغة الإنجليزية كانت بمثابة لغتي الأم أيضاً، لكن لا بدّ من أنه كوّن هذا التصور عني. وتعمّدت في البحث التالي الكتابة بلهجة ساخرة نوعاً ما عن نشأتي، وكيف أنني أبذل كثيراً من الجهد لأصبح كاتبة أفضل على الرغم من أنني ترعرعت في الولايات المتحدة.
لا أعتقد أنه فهم الرسالة الضمنية التي أردت إيصالها له، إلا أنني حصلت على درجة أعلى. وكان الهدف مما كتبت هو أن أبيّن له قدرتي على إضفاء قيمة، وأن أدحض تلك التصورات الأولية التي كوّنها عنّي وقلب الموازين إلى صالحي.
أليسون بيرد: عندما نتحدث عن الأشخاص الذين يضطرون إلى دحض التصورات المسبقة عنهم، عادة ما نفكر في النساء والأقليات والفئات المحرومة تاريخياً. هل تواجه الجماعات المهيمنة هذا التحيّز، على سبيل المثال، هل يواجه الرجال ذوي البشرة البيضاء في الولايات المتحدة هذا التحيّز أيضاً؟ هل يتعرضون لازدراء القيمة؟ وهل يضطرون إلى قلب الموازين إلى صالحهم أيضاً؟
لورا هوانغ: أقول دائماً إن كل شخص يمتلك ما يدفع الآخرين إلى تكوين تصورات حوله. وبعض هذه الاختلافات هي اختلافات واضحة، مثل النوع الاجتماعي والعرق، ولكن يوجد أيضاً اختلافات غير مرئية. وبإمكان كل شخص منا اتباع بعض الأساليب لتغيير تصورات الآخرين عنه، سواء أدرك حقيقة هذه التصورات أم لم يدركها.
وجميعا نتعرض إلى بعض المشكلات العاطفية ونعيش حالات من انعدام الأمن الذي نواجهه، وقد يُكوّن الآخرون عنا تصورات قد لا تكون عادلة دائماً، والتي تجعلنا نشعر أنهم يزدرون من قيمتنا.
وأعتقد أنه من المهم أن ندرك أننا قد نحظى ببعض الميزات في بعض المواقف، بينما قد نفشل في مواقف أخرى، وبالتالي، من الضروري أن نخلق تلك الميزة بأنفسنا. وهذا ينطبق على الجميع.
أليسون بيرد: شكراً جزيلاً على حضورك اليوم يا لورا.
لورا هوانغ: هذا من دواعي سروري، شكراً جزيلاً لك.
أليسون بيرد: كانت معنا لورا هوانغ، وهي أستاذة مشاركة في كلية هارفارد للأعمال، ومؤلفة كتاب يحمل عنوان "الحافة: تحويل الشدائد إلى ميزة" (Edge: Turning Adversity Into Advantage)
هذه الحلقة من إنتاج ماري دوي، وبدعم فني من روب إيكارت، ومدير الصوت آدم باكولتز. شكراً لاستماعكم إلى برنامج "آيديا كاست" المقدم من هارفارد بزنس ريفيو. أنا أليسون بيرد.