كيف يستخدم نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة تجمعات الخمس عشرة دقيقة للحفاظ على اتساق العمل في 23 مستشفى؟

6 دقائق
تجمعات الخمس عشرة دقيقة

يتمثل أحد التحديات الإدارية الأساسية في ضمان الاستمرارية في مراعاة أولويات واستراتيجيات ومقاييس أداء المؤسسة، وتحديد أي معوقات ومعالجتها دون إبطاء. فما علاقة "تجمعات الخمس عشرة دقيقة" بذلك؟

إن ضمان توافق كل هذه الأمور من أجل توفير رعاية ممتازة في مؤسسة "إنترماونتين هيلث كير" (Intermountain Healthcare) الخيرية للرعاية الصحية، ومقرها الرئيسي في سولت ليك سيتي بولاية يوتا الأميركية، يتطلب التوجيه والتركيز الثابت عبر مستشفياتنا الثلاثة والعشرين بالإضافة إلى 170 عيادة، وخطة تأمين صحي تشمل 850,000 عضو. ولتحقيق ذلك، اعتمدنا نموذج اللقاءات اليومية السريعة على نطاق واسع. وفي هذا المقال، أود أن أشارك الأفكار التي خرجنا بها بعد سنة كاملة من العمل وفق هذا النموذج والتي نأمل أن تجدها مؤسسات الرعاية الصحية والعديد من القطاعات الأخرى مفيدة.

لقد استُخدم هذا النموذج في قطاعات أخرى ويتقاطع في عدة نواحٍ مع نهج "فرق العمل" المعتمد في نهج "أجايل" التشغيلي المرن الذي ينتشر اليوم على نطاق واسع. ولكن اتساع نطاقه في "إنترماونتين هيلث كير" -حيث يُعقد أكثر من 2,500 لقاء سريع كل صباح- يجعل هذه التجربة تلقي الضوء على جوانب مهمة كما أن الأفكار التي نستخلصها منها مفيدة تماماً.

تجمعات الخمس عشرة دقيقة

هذه اللقاءات السريعة التي تستغرق 15 دقيقة هي المفتاح لدى "إنترماونتن" إذ إنها ترفدنا بمعلومات عن الأعمال الجارية في جميع أنحاء المؤسسة خلال الساعات الأربع والعشرين السابقة والتي يتم رفعها وصولاً إلى القيادة التنفيذية وهي المستوى السادس في نموذجنا، ومعالجتها.

تتطلب الاستفادة الفعالة من تلك الدقائق الخمس عشرة اعتماد الهيكلية التالية: أن يكون لكل لقاء قائد؛ ويتم تحديد المشاركين ومن يتولى تسجيل المعلومات؛ وإدراج موعد اللقاء في برنامج العمل؛ ويتم تسجيل فئات المعلومات التي يُبلغ عنها على مخطط مُعد مسبقاً. لدينا أربعة معايير أساسية للرعاية الممتازة تشملها لقاءاتنا اليومية: السلامة والجودة وسهولة الخدمة والإشراف على  الموارد بحيث يتم استخدامها لتوفير أفضل رعاية ممكنة. بناء على هذه الأساسيات، يُقدم تقرير يومي عن ثمانية مواضيع رئيسية تشمل أحداثاً خطيرة على صلة محتملة بالسلامة يمكن أن تؤذي المريض، والإصابات التي تقع لمقدمي الرعاية الصحية، والإبلاغ عن الخلل التشغيلي (في الأجهزة، والمصاعد، والأنظمة أو العمليات على سبيل المثال).

تنقسم المعلومات التي ترفع إلى مستوى إداري أعلى إلى فئتين:

  • المشكلات التي لا يمكن حلها في مستوى معين
  • المقاييس التي يتم الإبلاغ عنها يومياً، مثل عمل "الوحدات بكامل طاقتها".

وتتضمن المعلومات المُعادة من المستويات الأعلى نزولاً إلى المستويات الأدنى تقارير متابعة عن بنود الإجراءات السابقة.

يتم تتبع كل إجراء صادر، بما في ذلك تلك الإجراءات الصادرة على المستوى السادس، وتُعمم النتيجة مرة ثانية على جميع المستويات، بحيث يعرف المشاركون ما حدث ويفهمون قيمة ملاحظاتهم. بعد كل لقاء سريع على المستوى السادس، على سبيل المثال، يرسل المقرر رسالة إلكترونية إلى الشخص المسؤول عن كل إجراء ويتابع للتأكد من إبلاغ النتائج الناتجة. ولا يُزال أي بند من سجل الإجراءات إلى أن يتم الانتهاء من المتابعة والإبلاغ عن ذلك. ومن المثير للاهتمام، على الرغم من العدد الكبير للقاءات السريعة، فإن عدد بنود الإجراءات لم يحدث أن فاق قدرة النظام على معالجتها.

اقرأ أيضاً: أكثر ابتكار يحتاجه قطاع الرعاية الصحية: مساعدة المرضى على إدارة صحتهم بأنفسهم

بدءاً من الساعة 8:45 صباحاً، تجتمع فرق الرعاية والمدراء في مستشفياتنا وعياداتنا في أكثر من 1,500 لقاء سريع في المستوى الأول. في الساعة 9 صباحاً، يُنظر في تقاريرهم في حوالي 170 لقاء سريعاً في المستوى الثاني، ويضم بشكل رئيسي مدراء المستشفيات والعيادات. وبحلول الساعة 9:15، يُنظر في تقارير هؤلاء المدراء في لقاءات المستوى الثالث من قبل مدراء المستشفيات والعيادات الموزعة جغرافياً. ومن ثم، يُنظر في نتائجهم واحتياجاتهم بعد 15 دقيقة في لقاءات المستوى الرابع ضمن مجموعات الاستشفاء المساندة مثل مستشفيات علاج الرضوح والصدمات، والمستشفيات الريفية، والرعاية المنزلية، والمجموعة الطبية "ميديكال غروب". تُرفع تقاريرهم بدورها إلى المستوى الخامس، الذي يتصل بمسائل تنظيمية رئيسية مثل جميع المستشفيات والرعاية المجتمعية. بحلول الساعة العاشرة صباحاً، تكون المعلومات الحيوية قد رُفعت إلى القيادة التنفيذية وتشمل المدير التنفيذي والمدراء التابعين مباشرة له بالإضافة إلى مدراء تنفيذيين آخرين معنيين.

تُرصد العملية برمتها، والتي تضمنت 652,080 لقاء سريعاً في السنة الأولى، من قبل "فريق التحسين المستمر: (Intermountain Healthcare’s Continuous Improvement Team) التابع لمؤسسة "إنترماونتين هيلث كير"، وتُراجع فئات المعلومات التي يتم جمعها كل ثلاثة أشهر. يتكون فريق التحسين المستمر من حوالي 50 مقدم رعاية موزعين جغرافياً عبر النظام. وتتنوع خبرات أعضاء الفريق فمنهم المهندسون الصناعيون والممرضات والأطباء، وهناك طبيب مسؤول عن الفريق الذي ينصب تركيزه على أساس الثقافة وليس على أساس المشروع، حيث أننا نؤمن أن التغيير والتحسين الحقيقيين ينبعان من ثقافة التحسين المستمر المتوافقة مع الاستراتيجية ونظام الإدارة اليومي.

اقرأ أيضاً: إشراك الرئيس التنفيذي يحسن من مستوى الرعاية الصحية في شركتك

وفي كل مستوى، يعالج ما يمكن من الاحتياجات في المستوى نفسه، بينما تُرفع الاحتياجات المتبقية إلى مستوى أعلى، بجانب البيانات المجمعة. وتوفر العملية ثلاث صفات جودة رئيسية هي الوضوح والمواءمة والمساءلة بالنسبة للمرضى ومقدمي الرعاية على حد سواء.

يتيح الإبلاغ أو رفع التقارير من هذه اللقاءات السريعة للقيادة التنفيذية معرفة ما يحدث بالضبط وتفسح المجال لاتخاذ قرارات حكيمة في الخطوط الأمامية للمتعاملين مع المرضى. ويضمن ذلك الحفاظ على التوافق بين الأهداف والموارد والأشخاص. هذا النهج يدفع بالمسؤولية والمساءلة إلى الخطوط الأمامية ويمكّن القيادة التنفيذية من التدخل لإزالة الحواجز وتوفير الموارد. وهو متصل بالاستراتيجية العامة وأهداف الأداء الخاصة بالمؤسسة.

طوال السنة الأولى من تشغيل هذا النموذج الذي بدأ على مستوى المؤسسة ككل في أبريل/نيسان 2017، كان اتساع وعمق القضايا المعالجة واسع النطاق. عولجت على المستوى الرابع وحده 365 مسألة منفصلة، ما نتج عنه إصدار 22 تحذيراً يتعلق بالسلامة على مستوى النظام لمقدمي الرعاية لدينا، وإشعارات تنظيمية بوجود 15 نقصاً في المستلزمات الصيدلانية والإمدادات. وجرى التواصل السريع بحثاً عن وصفات بديلة محتملة عندما تصبح الإمدادات محدودة، وتسهيل عمليات نقل المرضى داخل النظام. كما أدركنا وعالجنا الفجوات في التدريب على المعدات الجديدة وقطع الغيار والمنتجات الجديدة والأدلة التعليمية، ما سمح للنظام بتنفيذ تدريب سريع لمقدمي الرعاية لدينا.

ومن الأمثلة على النجاح الكبير للقاءات السريعة على مختلف المستويات صعوداً هو القدرة على تحديد التعرض المحتمل للأمراض المعدية والانتقال بسرعة لمنع انتشار أمراض مثل السعال الديكي (الشاهوق) والتهاب الكبد وجديري الماء. في سنة 2018 على سبيل المثال، تفشى التهاب الكبد (ب) على مستوى المجتمع. أبلغت عياداتنا عن هذا المرض في وقت مبكر خلال اللقاءات السريعة ومكّن ذلك "إنترماونتن" من إعداد إرشادات لجميع العيادات وضمان أعداد كافية من العاملين في العيادات والمستشفيات ووضع جرعات إضافية من الأدوية اللازمة في متناول اليد.

اقرأ أيضاً: تطوير الأفكار الإبداعية لتحسين الرعاية الصحية من بيانات الحياة اليومية للأفراد

مثال آخر هو أن اللقاءات السريعة أتاحت لنا تتبع مسائل متصلة بإصابات مقدمي الرعاية وسلامة المرضى بشكل أفضل. هذه النجاحات حيوية في نظام للرعاية الصحية مثل نظامنا، حيث نحرص على سلامة وعافية مرضانا والعاملين الصحيين لدينا.

من الناحية التشغيلية، أتاحت اللقاءات السريعة التصاعدية تحسين الاطلاع على العمليات الجارية. إذ تمكنا على سبيل المثال من متابعة الزيادة في ساعات تقديم الرعاية الإضافية (بعد يوم الاثنين إلى الجمعة من 8 صباحاً إلى 5 مساءً) في عيادات المجموعة الطبية "مديكال غروب"، بما في ذلك الرد على الهاتف وتحديد المواعيد، من 49% إلى 90% من العيادات. وتعرفنا على فرص تحسين إجراءات توزيع العاملين والحد من انقطاع الخدمات. على المستوى الوطني، تمكنا من العمل مع موردَين كبيرين لتحسين عمليات الشحن الدولية الخاصة بهما لاستبدال قطع غيار معدات التصوير، وهو أمر لا تستفيد منه مؤسستنا فحسب، بل كذلك العديد من عملائهما الآخرين.

كيفية تفعيل دور اللقاءات السريعة

فيما يلي بعض الدروس التي تعلمناها حول كيفية جعل نهج اللقاءات السريعة يعمل.

من المهم التركيز على التوجهات وإضافة المشكلات التي يتم تعقبها ومعالجتها باستمرار

كل ثلاثة أشهر، نقوم بتحليل المسائل التي ترُفع إلينا والعمل على توفيقها مع مقاييس الأداء الرئيسية. كثيراً ما نرى اختلافات ربعية كبيرة وذلك لأن احتياجات جديدة تنشأ وكذلك لأن الجهود السابقة أدت إلى تحسين المقاييس. نحن نتابع التوجهات وكيفية معالجتها وهذا قد يتطلب إضافة أشياء جديدة لتعقبها. في أكتوبر/تشرين الأول على سبيل المثال، أضفنا موضوعاً جديداً: أخطاء في التصوير، حتى يمكننا تحسين فهمنا للأخطاء ومعرفة كيفية حدوثها. من خلال مراجعة التوجهات، حيث حسَّنا المقاييس الأهم بالنسبة للقيادة التنفيذية. وقمنا أيضاً بتنفيذ سلسلة من التقارير الأسبوعية في مجالات النظام الرئيسية.

المساءلة أمر أساسي لضمان كفاءة العملية

يتم تتبع كل إجراء يُتخذ وتحديد إطار زمني معين وعرض الحل الناتج من خلال المستويات صعوداً. توضح هذه المساءلة قيمة العملية لجميع المشاركين. وهي تكشف عن نتائج سريعة وتُبين أن القيادة التنفيذية تشارك يومياً في الاستجابة لاحتياجات الخطوط الأمامية. ولعل الأهم من ذلك، أنها تؤكد، من الناحية اليومية العملية، التزام المؤسسة بالتحسين المستمر، ما يوفر تذكيراً دائماً ودليلاً ملموساً على أن الالتزام حقيقي ومستمر على أعلى مستويات الإدارة.

العملية بأكملها، من الأعلى إلى الأسفل، يجب أن ترتبط باستراتيجية المؤسسة وأهدافها العامة

هذا هو السبب وراء تغطية معايير "إنترماونتين هيلث كير" الأساسية والمواضيع الثمانية الرئيسية خلال اللقاءات السريعة اليومية ومن ثم يجري تعقب المواضيع الثمانية باستمرار وربطها بأهداف تنظيمية محددة.

التحسين المستمر هو السعي المستمر واللقاءات السريعة التصاعدية من القاعدة إلى القمة مثل تجمعات الخمس عشرة دقيقة توفر إمكانات هائلة ونتائج مذهلة في هذا المسعى، سواء في مجال الرعاية الصحية أو في غيرها من القطاعات.

اقرأ أيضاً: يمكن لمؤسسات الرعاية الصحية استخدام التفكير التصميمي من أجل تحسين تجربة المرضى

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي