تجربة إحدى الشركات مع الواقع المعزز

6 دقائق
تجربة الشركات مع الواقع المعزز
حوار مع غويدو جوريه، كبير مسؤولي التقنية الرقمية في شركة أيه بي بي

في هذا المقال ستتعرف على تجربة الشركات مع الواقع المعزز وسر اهتمامها به

التحق غويدو جوريه بشركة أيه بي بي (ABB) السويسرية العملاقة عام 2016، بعد أن أمضى أكثر من عقدين في مناصب قيادية في مجال التقنية في شركتي سيسكو ونوكيا. وبصفته رئيساً للقسم الرقمي، فقد ساعد على قيادة استراتيجية التقنية الخاصة بالشركة، والبالغة ميزانيتها 34 مليار دولار أميركي، في مجالات الطاقة الخضراء والنقل والمواصلات والروبوتات والأتمتة في أكثر من مائة دولة، كما يؤيد مبادرات الشركة في مجال الواقع المُعزز. ويصف لنا جوريه هنا تجربة الشركات مع الواقع المعزز والإمكانيات الثورية للواقع المُعزز ويفسر علة استخفاف الكثير من الشركات بالتغير المقبل.

ما السر وراء اهتمام شركة أيه بي بي بالواقع المعزز؟ 

من الممكن أن يساعد الواقع المُعزز في التعاطي مع تحديات الاقتصاد الكلي التي نتصدى لها نحن وعملاؤنا. وأول هذه التحديات كبر أعمار العمالة الماهرة.

اقرأ أيضاً: كيف يساهم الواقع المعزز في تحسين أداء العامل؟

ففي صناعة النفط والغاز على سبيل المثال، كانت هناك فورة هائلة في التوظيف خلال فترة الستينيات والسبعينيات تبعها فتور في التعيينات. ونتيجة لذلك، لدينا الآن عدد كبير من العمالة الأكبر سناً المُتقاعدة التي تتراجع من المشهد وتتراجع معها خبرتها المؤسسية.

وثمة حراك شبيه يحدث في العديد من الصناعات الأخرى. ثانياً، لدينا عدد أكبر بكثير من الآلات في مواقع نائية، ونود أن نكون قادرين على مراقبتها وتشغيليها وإصلاحها بعدد أقل من العاملين في مواقعها الفعلية. والتحدي الثالث يتمثل في التعقيد المتزايد للتقنيات الجديدة، الأمر الذي يتطلب مهارات فنية جديدة.

ما التجارب التي تجريها؟

نعمل في مجالنا الخاص بصناعة اللباب والورق على تطبيق تقنية الواقع المعزز التي ستسمح لنا بصيانة معدات العملاء النائية دون إرسال فنيين.

واليوم ترى العميل الذي يحتاج إلى إرشادات حول الإصلاحات يحصل على ملفٍ يحوي وثائق داعمة. إننا نطور واقعاً مُعززاً يعمل على نظارات هولولنس HoloLens سيسمح بإرشاد العميل بمعرفة فني عن بُعد بإمكانه أن يرى ما يتطلع إليه العميل ويرشده خلال عملية الإصلاح.

إننا في المرحلة المبكرة الآن. ولقد جمعنا بعض النماذج الأولية، وسنشاطرها عملاءنا للتعرف على ملاحظاتهم.

وفي أعمالنا البحرية، نتعاون حالياً مع ائتلاف من الشركات حول مشروعات تجريبية تنطوي على سفن ذاتية القيادة، مثل سيارات جوجل الذاتية القيادة. يمكنك أن تتخيل البدء بعبَّارات صغيرة ذاتية القيادة تمخر عباب البحيرات، لكنك ترتقي في نهاية المطاف لتتعامل مع سفن الحاويات.

لن تقتضي الحاجة الاستعانة بعدد كبير من العمال على متن هذه السفن. وإذا احتاج شخص ما على الشاطئ وعياً بالوضع المكاني بخصوص ما يحدث على متن سفينة ما، فبإمكانه استخدام تنقية الواقع المُعزز. وإننا لنعتقد أن بإمكاننا طرح هذه القدرات في السوق في غضون سنوات قليلة.

كيف يمكن أن يتم ذلك؛ أعني تفقُّد سفينة ذاتية القيادة عن بُعد؟

يجوز أن يستخدم ربان على الشاطئ تقنية الواقع المُعزز ليرى المشهد من مقصورة قيادة السفينة ويطلع على معلومات سياقية حول سرعة السفينة ومسارها، وغير ذلك من بيانات قياس المسافات عن بعد. وهذه حالة تقتضي دمج الواقع الافتراضي والواقع المُعزز.

سيمثل الواقع الافتراضي المشهد من مقصورة قيادة السفينة، أما الواقع المُعزز فسيتمثل في القياس الحي عن بعد المتراكب على هذا المشهد. وإذا أظهرت أجهزة الاستشعار أن هناك شيئاً يجري في غرفة المحركات، فسيكون بإمكانك الانتقال إلى هناك عن بعد من المقصورة وإلقاء نظرة على غرفة محركات افتراضية بها معلومات واقع مُعزز متراكبة عليها. ويمكنك أن تتخيل وجود عدد قليل فقط فعلياً من العاملين على متن السفينة في أي وقت.

ما هي الوظائف الأخرى التي تتنبأ بأن يضطلع بها الواقع المعزز؟

هناك ثلاثة مجالات مُتداخلة حول موضوع  تجربة الشركات مع الواقع المعزز تحديداً، أتوقع أن يشهد فيها الواقع المُعزز انطلاقة. أولها الوظائف الخطرة؛ فلا شك أننا نريد أن نضمن حصول العاملين على أفضل المعلومات الممكنة في اللحظة المناسبة، وذلك لأن تكلفة عدم حدوث ذلك باهظة جداً، حيث تتمثل في تعرض العاملين للإصابة والمعدات للتلف. وبالتالي، فإنني أتصور أن تكون هناك تطبيقات للواقع المُعزز في معامل تكرير البترول ومصانع الكيماويات، وفي مجالي الإنشاءات والتعدين مثلاً. والمجال الثاني يتمثل في الوظائف المتاحة في المواقع النائية، كحفارات النفط أو محطات توليد طاقة الرياح في أعالي البحار، حيث يكون من المهم حقاً ضمان أن يتمتع العاملون الذين يعملون لديك في الموقع بالمهارات التي يحتاجون إليها.

اقرأ أيضاً: كيف تعمل تقنية الواقع المعزز؟

وثالثاً، ستتجلى فائدة الواقع المُعزز حقاً في الحالات التي يتعامل فيها العاملون مع المنتجات أو الآلات المُعقدة تعقيداً شديداً، ومن ثم لا يكون من السهل أتمتتها. ومثال على ذلك صيانة طابعة صناعية ثلاثية الأبعاد، أو الأعمال التي تُنجز في معامل أشباه الموصلات.

إن هذه تقنيات حديثة جداً. فهل هناك تطبيقات أقل رؤية سيكون لها أهمية مثيلة؟

لا يبدو ذلك أمراً غاية في الإثارة، لكن من الممكن أن يكون له أثر كبير. إذا استخدم العاملون الواقع المعزز من أجل الالتزام بالإجراءات المتبعة في عملية مُثلى، فمن الممكن أن يحول ذلك دون وقوع الأخطاء وحدوث الإصابات. يمكنك الحصول على أفضل إجراءات التشغيل القياسية في العالم، ولكن إذا لم يتبعها العاملون لديك، فلا قيمة لها.

يمكن للواقع المعزز أن يضمن الامتثال للعمليات. على سبيل المثال، تخيل أنك تتعامل مع محرك صناعي وثمة خطوة في الدليل الإرشادي الخاص به مفادها "افصل التيار".

من السهل تجاهل هذه الخطوة وإتلاف المعدة أو إلحاق ضرر بنفسك. أما مع وجود الواقع المُعزز، يمكن أن يقول البرنامج "افصل التيار وألق نظرة سريعة على المفتاح للتأكد من أنه مُغلق".

عندما تُلقي نظرة على المفتاح، يمكن أن تلتقط منظومة الواقع المعزز صورة لحالة المفتاح وتضع طابعاً زمنياً عليها وتُسجّل موقع المحرك باستخدام نظام تحديد المواقع العالمي. وبالتالي، ستكون على يقين الآن من أن المفتاح الخاص بالمحرك مغلق في موقع ما وفي وقت ما أثناء خطوة محددة في العملية.

هل لدى الشركات توقعات غير واقعية حيال الواقع المعزز نظراً لانتشاره وشهرته لدى المستهلك؟

في الواقع، أعتقد أن الآية تكون معكوسة في بعض الأحيان؛ فالتقارير الإخبارية المتداولة حول استخدامات المستهلك للتقنية الحديثة تؤثر سلباً على تصور تلك التقنية في مجال الأعمال.

إنه موضوع متكرر. انظر إلى الصخب الإعلامي الذي أثير حول الطائرات بدون طيار الاستهلاكية مثلاً، والذي أعطى انطباعاً بأنها مصدر إزعاج أو لعبة يلهو بها الناس. ولكن، بالطبع فإننا نعثر على تطبيقات مهمة في الصناعة الآن للتفتيش على معامل تكرير البترول وخطوط الأنابيب وخطوط نقل الكهرباء العالية الجهد. والأمر عينه ينطبق على تقنية البلوك تشين، التي اعتُبرت في بداية الأمر التقنية الداعمة لعملة البت كوين، وهي العملة الإلكترونية التي يستخدمها تجار المخدرات. لكن الشركات بدأت تستوعب أن البلوك تشين سيكون لها أثر كبير على العقود.

لقد اعتُبِرَ الواقع المعزز منصة للألعاب، وحامت حوله تقارير إخبارية سلبية عندما توقف مشروع نظارات جوجل، الأمر الذي ربما أثر على الطريقة التي نظرت بها الشركات إلى تلك التقنية، وربما اعتبرتها تجربة علمية لن تثمر عن شيء يُذكر. لكن الأشخاص الذين يطبقون بالفعل تقنية الواقع المُعزز في المجال الصناعي متحمسون للغاية.

كيف ينبغي أن تبادر أي شركة باستخدام الواقع المُعزز؟

أولاً، إذا لم تكن بادرت باستخدامه بالفعل، فينبغي عليك تصميم منتجاتك وإنشاؤها رقمياً بحيث تكون لديك نماذج رقمية لها لاستعمالها في تطوير الواقع المُعزز والواقع الافتراضي. وإلا، فستحتاج إلى إنشاء تلك النماذج الرقمية لاحقاً، وهو أمر معقد. ثانياً، عليك أن تكتشف الجوانب التي يمكن أن يخلق فيها الواقع المُعزز القيمة الأفضل في عملياتك أو خدماتك.

لو كنت مكانك، لبادرت بقياس ذلك بالاستعانة بالأبعاد الثلاثة التي ذكرتها: خطورة المهمة وبُعدها ومدى تعقيدها.

اقرأ أيضاً:4 أسئلة يحتاج بائعو التجزئة إلى طرحها حول الواقع المعزز

ربما ليس من الأولوية أن تُلحق تقنية الواقع المُعزز بآلة بسيطة يمكن الوصول إليها بسهولة ويسر. وفي سياق الخدمات، لو كنت مكانك لسألت عن الجوانب التي يمكن للواقع المعزز فيها أن يُحسّن خدمة حالية بدلاً من البحث عن خدمة جديدة يمكنك ابتكارها من الصفر بواسطة الواقع المعزز. فمن الأسهل بكثير إقناع عميل يستخدم بالفعل بعض خدمات الصيانة الخاصة بك بتجربة نسخة مُحَسَّنَة.

إذا كنت أنت ومنافس لك تقدمان الخدمة ذاتها، وتتمتع خدمتك بمكون خاص بالواقع المعزز يسمح للعملاء بإنجاز بعض أعمالهم الخاصة، فإن ذلك يمثل قيمة لهم ويميزك عن المنافسين.

كيف ترى التلاقي بين الواقع المُعزز والذكاء الاصطناعي؟

يمكننا اليوم صنع تطبيق للذكاء الاصطناعي رائع جداً بحق بوسعه ممارسة لعبة Jeopardy! أو لعبة مثل Go، ولكن من الأصعب على الذكاء الاصطناعي استكشاف كيفية الاستجابة لمواقف لم يتلق تدريباً عليها.

سيخلص الذكاء الاصطناعي إلى ردة فعل مستنيرة، لكن النتيجة يمكن أن تكون غير متوقعة. إذا دربت سفينة مؤتمتة على التعامل مع سماء صافية وبحر هادئ، وضربها إعصار، فلا يمكنك الجزم بتصرف الذكاء الاصطناعي في هذا الموقف.

سيكون البشر أفضل، على الأقل لفترة من الوقت، في التصرف على نحو منطقي بحسب مقتضى السياق في المواقف الجديدة. وعليه، يمكننا أن نتخيل بعد دراسة تجربة الشركات مع الواقع المعزز أنه مع دمج الذكاء الاصطناعي والواقع المُعزز، فإن الأول سيطرح مجموعة من التوصيات حول أي خطوة يتعين اتخاذها مثلاً في عملية إصلاح ما؛ أما الإنسان الذي يتحلى بالخبرة السياقية فسيكون له القرار الأخير، وفي هذه المرحلة يمكن أن يوفر الواقع المُعزز توجيهات مفيدة.

إذا أصدر محرك ما ضوضاء، فمن الممكن أن تُعزى إلى عدة أسباب. ومن الممكن أن يتفقد الذكاء الاصطناعي البيانات ويقترح 10 أسباب محتملة ويوصي بعدد قليل منها يُفضل التحقق منه أولاً.

ولكن قرار الفني حيال السبب الذي يتعين تتبعه سيعول على خبرته والمعرفة التصميمية لفريقه وما يعثر عليه عندما يفتح الماكينة استعداداً لفحصها، وما إلى ذلك.

وسيتخذ القرار الأخير بشأن طبيعة المشكلة المُرجحة ثم سيختار برنامج الواقع المُعزز الذي يسترشد به في عملية الإصلاح.

اقرأ أيضاً: لماذا تحتاج كل مؤسسة لاستراتيجية خاصة بالواقع المعزز؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي