ما يحتاج قادة الشركات إلى معرفته قبل خوض تجربة العمل لمدة 4 أيام في الأسبوع

4 دقائق
العمل لمدة 4 أيام

ملخص: على الرغم من عدم وجود طريقة سهلة لمعالجة المخاوف المتعلقة بكيفية ممارسة عملنا (ومقداره)، فقد أثبتت الأبحاث أن التركيز الكلي على رفاهة قوة العمل على المدى البعيد، أياً كان ما نفعله، هو أفضل طريق يمكن أن نسلكه لتحقيق السعادة والازدهار. ربما كانت الإجابة تتمثل في إقرار نظام العمل لمدة 4 أيام في الأسبوع. أو ربما تمثّلت في إقرار نظام آخر. لكن يجب أن نبدأ بإجراء تقييم صادق لكيفية تأثُّر رفاهة العاملين بالإنتاجية والوقت المخصّص للعمل وما يكتنف ذلك من تنازلات. قبل خوض تجربة العمل لمدة 4 أيام في الأسبوع، يجب أن يكون أصحاب العمل على دراية بعاملَين مهمَّين. أولاً: يجب أن يكون خفض عدد ساعات العمل مصحوباً بمراجعة عبء العمل، أو حتى تقليله. ثانياً: قد يصبح الوقت الذي يتم قضاؤه في العمل مدعاة لشعور العاملين بمزيد من القلق والتوتر، حتى إذا كان بالإمكان تحقيق بعض الفوائد فيما يتعلق بالإنتاجية.

 

 

على الرغم من المكاسب التي حققها العاملون خلال جائحة فيروس كورونا في زيادة المرونة في مكان عملهم، فإن تضخُّم أعباء العمل أدى إلى إصابة النظام ببعض الشلل وإهمال حاجة الموظفين لوقت الفراغ والتعافي من أجل استعادة نشاطهم وحيويتهم. وكانت الآثار واضحة. ففي عام 2020، أفاد 62% من الموظفين أنهم عانوا الإصابة بالاحتراق الوظيفي "كثيراً" أو "كثيراً جداً" خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وفي عام 2021، أفاد 67% من العاملين أن معدلات التوتر والاحتراق الوظيفي قد زادت منذ تفشي الجائحة. ربما ليس من المستغرب إذاً أن تكتسب مبادرات، مثل العمل لمدة 4 أيام في الأسبوع والعمل عن بُعد والعمل الهجين والإجازات المدفوعة الأجر دون قيد أو شرط والحق في قطع الاتصال، شعبية في محاولة للتعامل مع تضخُّم عبء العمل وثقافة التواصل الدائم.

لكن هل تقدم هذه الحلول للعاملين فرصاً حقيقية للتغيير؟ وهل يمكنها مساعدة الموظفين والمدراء على استعادة التوازن بين مختلف الطلبات؟ يشير عملنا في "مركز أبحاث المستقبل الرقمي في العمل بالمملكة المتحدة" (UK Digital Futures at Work Research Centre) (أو ما يُعرَف اختصاراً باسم "مركز ديجيت") الممول من "المجلس الأوروبي للبحوث العلمية" (ESRC) إلى أن إجابة هذه الأسئلة معقدة، ولا يمكن الإجابة عنها بسهولة دون معالجة المشكلة الحقيقية المتمثلة في قضية الإفراط في عبء العمل وازدياد كثافته. ففي خضمّ تركيزهم الشديد على مكان العمل وزمانه، يبدو أن صانعي السياسات قد غضّوا الطرف عن كيفية أداء عملنا ومقداره.

وللتوضيح، فقد أجرت الباحثتان هيلين ديلاني وكاثرين كيسي دراسة حديثة حول الآثار الناجمة عن إقرار نيوزيلندا لنظام العمل لمدة 4 أيام في الأسبوع، ووجدتا أن العمل لم يكن مكثفاً بعد التغيير فحسب، بل كانت هناك ضغوط إدارية هائلة أيضاً فيما يتعلق بقياس مستوى الأداء والمراقبة والإنتاجية. في الواقع، يتم الترويج في وسائل الإعلام لدراسات كثيرة تحظى بالتقدير حول نظام العمل لمدة 4 أيام في الأسبوع على أساس أن الإنتاجية ينبغي ألا تنخفض (أو بالأحرى يجب أن تزيد) إذا تمت إدارة التغيير بشكل جيد.

ولا يُعقَل أن نتوقع استمرار الموظفين المنهكين بالفعل في تحمل أعباء العمل الحالية بصورة مستدامة من خلال تقليل أسبوع العمل بمقدار يوم واحد، لذا فعلى الرغم من دعمنا لمبادرات العمل لمدة 4 أيام في الأسبوع، فيجب أن يكون أصحاب العمل على دراية بعاملَين مهمَين. أولاً: يجب أن يكون خفض عدد ساعات العمل مصحوباً بمراجعة عبء العمل، أو حتى تقليله. ثانياً: قد يصبح الوقت الذي يتم قضاؤه في العمل مدعاة لشعور العاملين بمزيد من القلق والتوتر، حتى إذا كان بالإمكان تحقيق بعض الفوائد فيما يتعلق بالإنتاجية. وإليك ما يحتاج القادة إلى فهمه قبل خوض تجربة العمل لمدة 4 أيام في الأسبوع.

تقليل ساعات العمل لا يقلل بالضرورة من مقدار العمل نفسه

للأسف فإن إلغاء الوصول إلى العمل (طوعاً أو قهراً) لا يعني إلغاء العمل نفسه. وتشير الأبحاث الحالية إلى أن مدى رغبة الموظفين في البقاء على اتصال بعد ساعات العمل الرسمية غالباً ما يعتمد على الفروق الفردية والظروف الشخصية. نحن نعلم أيضاً أن البقاء على اتصال بالمؤسسة بعد ساعات العمل الرسمية قد يكون مرهقاً، لكن يمكن التخفيف من حدة هذا الإرهاق من خلال التطوع والتفضيلات الشخصية والأدوار الوظيفية.

وتدعو الأساليب المعاصرة لإدارة الأداء أيضاً إلى التساؤل عن مدى حق الأفراد في الاختيار عندما يتعلق الأمر بالعمل بعد ساعات العمل الرسمية. فقد أثبتت الأبحاث أن الأشخاص الذين يتحملون أعباء العمل المكثفة يميلون إلى مواصلة العمل بعد ساعات العمل الرسمية ولا يمكنهم التوقف حتى يتم حل المشاكل المرتبطة بعملهم. من ناحية أخرى، فقد أثبت بحثنا أن بعض الأشخاص يريدون أن يكونوا قادرين على تفقد أحوال العمل والبقاء على اتصال بمؤسستهم، لأن عدم إشرافهم على مجريات الأمور يقلقهم أكثر، ما يسلبهم الشعور بالسيطرة.

ولأن المؤسسات والحكومات تدرس إقرار نظام العمل لمدة 4 أيام في الأسبوع، فمن المهم أن يتساءل الباحثون حول كيفية ترجمة مختلف أنواع الإجازات إلى فوائد فيما يتعلق بالرفاهة ومستوى الأداء. على سبيل المثال، هل من الأفضل أخذ يوم إجازة كامل كل أسبوع في نظام العمل لمدة 4 أيام في الأسبوع، أم من الأفضل أن يستمر العمل خلاله لمدة 4 أيام كاملة تتوزع ساعاتها على مدار الأسبوع؟ وهل يمكن استخدام مذكرات استخدام الوقت لإظهار أن العاملين في الواقع يتوقفون عن العمل عندما ينفصلون عنه ويشاركون في أنشطة تعزز الرفاهة والحياة الهادفة؟ وهل تستفيد المجموعات المتنوعة وأولئك الذين يتحملون مسؤوليات رعاية الآخرين بشكل متساوٍ عندما لا يتمكنون من الوصول إلى عملهم في أوقات معينة من اليوم أو الأسبوع؟

تقليل ساعات العمل يجب ألا يؤدي إلى زيادة كثافة العمل

وجد البرنامج التجريبي للعمل لمدة 4 أيام في الأسبوع بنيوزيلندا أن الموظفين الذين يلبون متطلبات "عملهم الحقيقي" يأخذون فترات راحة أقصر ويقضون وقتاً أقل في التواصل الاجتماعي من أجل استئناف مهماتهم القابلة للقياس. ووفقاً لمجلة "وايرد" (Wired)، ففي حين أن "بعض العاملين استمتعوا بعنصر السرعة المنعشة والكاملة"، فقد شعر آخرون بأن "عنصريّ الإلحاح والضغط يتسببان في ارتفاع مستويات التوتر، ما جعلهم بحاجة إلى يوم إجازة إضافي للتعافي من كثافة العمل". وأعرب المشاركون في البحث عن أسفهم لأنه لم يعد هناك وقت "للمزاح" بالإضافة إلى اختناق الإبداع والابتكار بصورة شبه تامة.

تدق التجربة النيوزيلندية لمزاولة العمل لمدة 4 أيام في الأسبوع جرس الخطر، وذلك لأن خفض أيام العمل لم يخلق بالضرورة فوائد للرفاهة، إذ يجد العاملون صعوبة في تلبية متطلبات أدوارهم الوظيفية. قد يكون من الواضح أن الدعاية المكثَّفة حول نجاح تجربة العمل لمدة 4 أيام في الأسبوع في شركة "مايكروسوفت" باليابان قد استندت إلى زيادة الإنتاجية بشكل كبير خلال فترة الدراسة. وقد يحتاج أصحاب العمل إلى توخي الحذر بشأن تعزيز النتائج على حساب الرفاهة إذا كانوا يريدون أن يُنظر إليهم على أنهم مِمَّن يستثمرون في مساعدة قوة العمل على تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية.

إيجاد الحلول

في حين أن فكرتيّ الحق في قطع الاتصال أو العمل لمدة 4 أيام في الأسبوع تستحقان الثناء التام وتنمان عن حسن النوايا، فإن التركيز على مبادرات بعينها يمثّل خطراً محدقاً. ربما يبدو العمل لمدة 4 أيام في الأسبوع حلاً رائعاً للكثير من الموظفين (وربما حتى مدرائهم)! ولكن كما هي الحال مع الكثير من الأشياء، فإن النجاح يكمن في التفاصيل.

ولا توجد طريقة سهلة لمعالجة المخاوف المتعلقة بكيفية (ومقدار) عملنا، لكن أبحاثنا أثبتت أن التركيز الكلي على رفاهة قوة العمل على المدى البعيد، أياً كان ما نفعله، هو أفضل طريق يمكن أن نسلكه لتحقيق السعادة والازدهار. ربما كانت الإجابة تتمثل في إقرار نظام العمل لمدة 4 أيام في الأسبوع. أو ربما تمثّلت في إقرار نظام آخر. لكن يجب أن نبدأ بإجراء تقييم صادق لكيفية تأثُّر رفاهة العاملين بالإنتاجية والوقت المخصّص للعمل وما يكتنف ذلك من تنازلات.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي