ملخص: قد تؤدي التغييرات في الإيرادات، والتحوّلات في القطاع، والتغييرات في القوانين إلى تأثيرات غير متوقعة على فرص التقدم في مجال العمل، لكن وضع خطة بديلة مُحددة مسبّقاً يُتيح لك مواصلة السعي بعقلانية عندما تواجه عقبات في مسارك المهني. والأهم من ذلك هو أن الخطط البديلة ليست دليلاً على الفشل، بل إن دراسة الخيارات المتاحة لك تشكل جزءاً أساسياً من استكشاف مسارك المهني، والتكيف مع التحوّلات المفاجئة، والالتزام بمواصلة النمو. وتعرض المؤلفة، التي تعمل مدربة مهنية، 6 خطوات لإعداد خطة بديلة تساعدك على التحضير في حال واجهت تحديات غير متوقعة في مسارك المهني.
يتكرر على مسامعي سؤال "ماذا سيحدث لو" في اجتماعات التدريب المهني التي أديرها، وهي توفر بالفعل فرصة آمنة للأفراد للحديث بصدق عن الفرص والتحديات التي يواجهونها عند سعيهم للتقدم في مساراتهم المهنية. لكن هذه التحديات تفاقمت خلال السنوات الماضية.
قد يُلغى عرض العمل المقدم لشخص ما بسبب ظروف غير متوقعة، كتغيير قادة الشركة أو تعليق عمليات التوظيف؛ وقد تحدث عمليات التسريح والإجازات الإجبارية دون إنذار؛ وقد تُلغى الترقيات بسبب تغيرات مفاجئة في ظروف معينة، مثل الأداء المالي، والتطورات المتسارعة في القطاع، وحتى التغييرات القانونية أو التنظيمية، كما أن ترتيبات التوظيف في معظم الولايات المتحدة لنظام العمل على أساس الإرادة، بمعنى أنه يمكن للشركة (والموظف) إنهاء علاقة العمل لأي سبب قانوني، وفي أي وقت، ودون إشعار مسبّق.
لكن وضع خطة بديلة مُحددة مسبّقاً يُتيح لك مواصلة السعي بعقلانية عندما تواجه عقبات في مسارك المهني، والأهم من ذلك هو أن الخطط البديلة ليست دليلاً على الفشل، فهي تتيح لك التفكير في استجابة مدروسة ومُحددة مسبّقاً ويمكنك تعديلها على الفور إذا دعت الحاجة. وبالتالي، قد يساعدك التخطيط التحضيري لأسوأ السيناريوهات في تحقيق أهدافك، ويمنحك الطمأنينة بأنك اتخذت كل الإجراءات اللازمة للتعامل مع أي مشكلات قد تواجهك في المستقبل.
إليك كيفية إعداد خطة بديلة تساعدك في التعامل مع أي تحديات قد تواجهك في مسارك المهني.
1. فكّر في السيناريو الأسوأ
ستواجه أحياناً عقبات كبيرة غير متوقعة تؤثر على مسارك المهني، والتفكير في هذه السيناريوهات السيئة مسبّقاً ليس هدفه تحذيرك أو إبطاء خطاك، بل هو تمرين تجريه مرة واحدة للتفكير بهدوء وبطريقة استراتيجية في كيفية التعامل مع التحديات في المواقف الصعبة، ويمثّل فرصة تشجعك على التفاؤل والتفكير بإمكانياتك وتجنب المزالق المحتملة.
ابدأ استكشاف التغيير المهني الذي تخطط له؛ إذا أكملت آخر جولة من مقابلات العمل للحصول على وظيفة أحلامك وتفاوضت بنجاح على شروط التوظيف، فستكون أسوأ نتيجة ممكنة إلغاء العرض الوظيفي قبل بداية العمل. أو إذا بدأت وظيفة جديدة وكنت مشغولاً بالتدريب على العمل الجديد، فستكون أسوأ نتيجة ممكنة إعلاناً مفاجئاً عن التسريح قبل انتهاء الفترة التجريبية. وإذا كنت تحقق نتائج إيجابية في منصبك وتنتظر الحصول على ترقية، فستتمثل أسوأ نتيجة ممكنة في رفض طلبك.
2. وضّح الجوانب التي لا يمكنك التنازل عنها
تحدثت في كتابي الذي يحمل عنوان "استعدي وأصرّي وغيّري مسارك" عن أهمية توضيح الجوانب غير القابلة للمساومة؛ أي الجوانب الرئيسية التي يجب أن تكون جزءاً من تخطيط مسارك المهني، فهي تشكل الأساس لمعايير اتخاذ القرار في مختلف الظروف، الجيدة منها والسيئة. على سبيل المثال، قد تشمل الجوانب التي لا يمكنك التنازل عنها البقاء في موقع معين، أو تحقيق دخل يتجاوز حداً معيناً، أو التركيز على مجال معين ضمن القطاع.
ومن المهم بالتالي التفكير في الأمور الأساسية التي يجب أن تكون جزءاً من خطتك المستقبلية لتحقيق أهدافك. يمكنك أن تكون مرناً في جوانب أخرى بالطبع، أما الجوانب التي لا يمكنك التنازل عنها فهي التي ستكون أساس القرارات التي تضمن تقدمك في الاتجاه الصحيح. قد تتغير هذه الجوانب مع مرور الوقت، لكنها تبقى فريدة وخاصة بك وحدك. وإذا حدثت أسوأ السيناريوهات بالفعل، فستكون هذه الأمور غير القابلة للتفاوض أساساً يدعم الخطوات التالية التي تتخذها للنهوض من جديد.
3. حدد العقبات التي قد تواجهك
هذه الخطوة عبارة عن تمرين عقلي نظري يمكنك إكماله في 10 دقائق؛ توسّع في توضيح الصعوبات أو التحديات التي يمكن تظهر في حالة السيناريو الأسوأ ويجب التعامل معها سريعاً.
على سبيل المثال، إذا كنت تعدّ خطة بديلة لحالة إلغاء عرض وظيفي، فقد تكون العقبات مثلاً:
- أثر إلغاء العرض على تقديرك لذاتك
- توضيح المشكلة للآخرين
- بدء رحلة البحث عن عمل من جديد
لا تتردد في كتابة التحديات التي تظهر على الفور في ذهنك عندما تفكر في السيناريو الأسوأ.
4. قيّم خياراتك وحدد نوع الدعم الذي تحتاج إليه
اطرح السؤال التالي على نفسك: إذا كنت أواجه [اذكر العقبة]، فما الخطوات التالية التي يمكنني اتخاذها؟
لا تكتفِ بالتفكير في الخطوات، بل اكتبها أيضاً. ليس من الضروري أن تكتب وصفاً مفصلاً، بل اكتب النقاط المهمة فقط. لكن تذكّر أن الكتابة مهمة، لأنك إذا واجهت تحدياً مفاجئاً فقد تتصّرف بناء على انفعالاتك العاطفية ولا تتمكن من تذكر أفكارك في تلك اللحظة.
اكتب كل فكرة ورتبها بحسب الأولوية لتحدد الأفكار التي تساعدك في التقدم إيجاباً نحو أهدافك. فإذا انتقلت إلى مدينة أخرى للعمل، ثم أُلغي العرض الوظيفي، فيمكنك التشاور مع محامٍ متخصص في قضايا العمل للحصول على استشارة حول تكاليف الانتقال أو لفهم التشريعات في الولاية التي توجد فيها الشركة.
وإذا كنت تواجه صعوبة في التفكير في كيفية التعامل مع العقبة المحتملة، فاكتب أسماء 3 أشخاص تعرفهم مرّوا بتجارب مماثلة؛ ثم تواصل معهم واسألهم عن طريقة تعاملهم مع الوضع الذي مروا به، واستفسر عن الموارد التي يمكنك الاستفادة منها وما تعلموه من تجاربهم.
وتأكد عندما تضع خطتك من إعادة النظر في قائمة الجوانب غير القابلة للتفاوض دورياً؛ فإذا كان للوضع الذي تتعامل معه تبعات مالية أو ذات حساسية تجاه عامل الوقت، فيمكنك إعداد خطة مؤقتة للميزانية أو لجدول المواعيد بما يتناسب مع الخطوات التالية التي تنوي اتخاذها. على سبيل المثال، إذا فقدت وظيفتك فجأة، فقد ترى أن عليك العثور على وظيفة جديدة في غضون 3-6 أشهر من أجل الحفاظ على استقرارك المالي. ولبلوغ تلك الغاية، قد تتضمن خطتك البديلة تخصيص بعض الوقت مرتين في اليوم للتحدث مع أشخاص في شبكة علاقاتك وتخصيص وقت كل صباح لاستعراض الوظائف الشاغرة الجديدة.
5. احرص على توثيق خطتك
احرص على توثيق المعلومات التي قد تكون مفيدة لك في المستقبل؛ فإذا كنت تُعد خطة بديلة في حال إلغاء العرض الوظيفي، فقد تشمل الخطوات التالية إعادة التواصل مع مدرائك السابقين لتطلب منهم تقديمك إلى شركات أخرى في القطاع، والتواصل مع وكالات التوظيف التي تعاملت معها في السابق وإعلامها بأنك تبحث عن وظيفة جديدة، ومواصلة البحث عن الفرص المهنية التي تجاهلتها سابقاً للتركيز على العرض الوظيفي. وتذكّر: يمكنك تعديل خطط الطوارئ استناداً إلى ظروفك الفريدة إذا اقتضت الضرورة.
احفظ ملاحظاتك في مكان يسهل الوصول إليه لتتمكن من تحديثها عند الحاجة، فالملاحظات التي تكتبها في لحظة من الهدوء وصفاء الذهن ستصبح مرجعاً قوياً إذا واجهت تحديات أو مواقف صعبة في المستقبل.
6. ضع رفاهتك على رأس أولوياتك
احرص على العناية بذاتك في أثناء تنفيذ هذه العملية، وعامل نفسك برفق إذا اضطررت إلى تنفيذ الخطة البديلة، فعندما تصل مستويات التوتر لديك إلى ذروتها ستضر رفاهتك النفسية والجسدية. وعندما تضع النوم ضمن أولوياتك ستتيح لعقلك إعادة ترتيب أفكاره، وستسهم ممارسة الرياضة بانتظام في تحسين مزاجك من خلال إفراز هرمونات الإندورفينات.
من الأمثلة على الخطة البديلة: طلب ترقية
لا يمكنك التحكم في الأحداث التي تواجهها، لكن يمكنك التحكم في استجابتك لها. وإذا وجدت أن الوقت قد حان لتنفيذ خطتك البديلة، بغض النظر عن مستوى خبرتك أو حجم شبكة علاقاتك، فالشخص الأهم في هذه العملية هو أنت. شهدتُ خلال عملي مدربة مهنية العديد من المهنيين الذين استطاعوا تحقيق التوازن مجدداً بعد مواجهة الصعوبات. تذكّر أن الخيارات متاحة لك، بغض النظر عن الصعوبات التي تواجهها، ولن تكون الفترة الانتقالية أو حالة عدم اليقين ما يحدد هويتك للأبد.