لن أنسى اليوم الذي طلب مني فيه إينيغو دي أوريول إيبارا، رئيس مجلس الإدارة الأسبق في شركة "إيبردرولا" (Iberdrola) أن أنضم إلى الشركة بصفة الرئيس التنفيذي الجديد. فقد كانت شركة "إيبردرولا" ثاني أكبر مؤسسة خدمات إسبانية بعد المؤسسة الحكومية "إنديسا" (Endesa). آنذاك، كنت قائداً لشركة "إيرتيل موفيل" (Airtel Movil) للاتصالات الخلوية الإسبانية التي أصبحت في غضون خمسة أعوام المنافس الأساسي لشركة "تيليفونيكا" (Telefónica). وكانت شركة "فودافون" قد استحوذت ًعليها مؤخرا، وطُلب مني البقاء في منصبي تحت إدارة الشركة الأم الجديدة. لكني تلقيت اتصالاً مفاجئاً من إينيغو دي أوريول، الذي لم أعرفه سوى من خلال سمعته.
طلب أن يقابلني في مقهى فندق مدريد الذي يرتاده أهم المسؤولين التنفيذيين والمصرفيين والسياسيين. دخلت المقهى في السابعة مساء ووجدته يجلس على طاولة في منتصف المقهى. بدأ الحديث عن العمل على الفور، وقال: "إغناسيو، عليك الانضمام إلينا. تعال وقد شركة إيبردرولا". لم يقل ذلك همساً، بل كان صوته مرتفعاً لدرجة أن جميع من كانوا حولنا استطاعوا سماعه.
عُينت رئيساً تنفيذياً في عام 2001، ثم رئيساً لمجلس الإدارة ورئيساً تنفيذياً في عام 2006. كان العقدان الأخيران من أهم الأعوام المثمرة في حياتي المهنية. وبفضل الجهد الكبير الذي بذله فريقنا، توسعت مؤسستنا وانتشرت في عشرات الدول عبر أربع قارات، ونمت لتزود 100 مليون شخص بالكهرباء، وأنشأنا واحدة من أكبر شركات توليد الطاقة بواسطة الرياح في العالم، وأغلقنا جميع المحطات العاملة على النفط والفحم.
لم يكن من السهل تبني استراتيجية نمو قائمة على استخدام الطاقة النظيفة وتخفيض الانبعاثات الضارة الناتجة عن عمليات توليد الطاقة بنحو 50% بحلول عام 2030 قبل أن يبدي أي أحد في قطاعنا الاستعداد لفعل أي شيء مماثل. لكن كان ذلك القرار الصائب. وفي السنوات الأخيرة، بدأنا نجني ثمار نظرتنا الاستشرافية. منذ عام 2001، نمت شركتنا التي كانت تحتل المرتبة العشرين بين أكبر شركات توليد الطاقة الكهربائية في العالم، لتصبح في المرتبة الثالثة مع ازدياد حجمها ونتائجها بنحو خمسة أضعاف. والأهم هو أن الموظفين والمقاولين الفرعيين في جميع أنحاء العالم يقولون باستمرار لنا ولمؤسسات التصنيف، إن شركة "إيبردرولا" هي مكان رائع للعمل.
يجب أن تُتخذ قصة شركتنا دليلاً لأي شركة تهتم بإعادة صياغة استراتيجيتها بطريقة تعود بالمنفعة على جميع المساهمين وتعزز أساليب العيش المستدامة أكثر. وفي أعقاب انتشار جائحة كوفيد-19 وما ترتب عليها من عواقب اقتصادية واجتماعية، سيكون القيام بإعادة البناء على نحو أفضل مما مضى على قدر كبير من الأهمية. ونحن قادرون على ذلك، كل ما نحتاج إليه هو العمل وفق قيم ورؤية محددة، والتركيز، والتعامل مع الأمر على أنه حاجة ملحة لا مجال للتمهل فيها.
تاريخ يمتد على مدى قرن من الزمن
في بداية عمل شركة "إيبردرولا" ذات العلامة التجارية العمل كانت تسمى "هيدروإليكتريكا إسبانيولا" (Hidroeléctrica Española). بعد انضمامي إليها في عام 2001، تبنت الشركة خطة استراتيجية توقعت زيادة حاجة العالم إلى الطاقة النظيفة، ودعت لتوسيع نطاق أعمالها على المستوى العالمي بهدف مضاعفة حجم إيراداتها وهوامش أرباحها قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك وإهلاك الدين في غضون خمسة أعوام فقط. وتمكنا من تحقيق الهدف.
والآن، أصبحت شركة "إيبردرولا" مستعدة لتقوم بالخطوة التالية. وهيأتني الخبرات التي أمتلكها لمواجهة التحدي. فبعد تخرجي مهندساً صناعياً في كلية "إيكاي" (ICAI) للهندسة بجامعة بونتيفيثيا كوميّاس (Universidad Pontificia Comillas) في مدينة مدريد، عملت لدى شركة تصنيع بطاريات السيارات وارتقيت إلى المناصب التنفيذية فيها. ثم تقدمت واستلمت قيادة شركتين لصناعة محركات المركبات الجوية والفضائية قبل أن أستلم شركة "إيرتيل موفيل" وأجعلها ثاني أكبر شركة اتصالات في إسبانيا، وأدفع شركة "فودافون" للسعي لشرائها. (أصبحت الشركة اليوم تسمى فودافون إسبانيا).
أدركت أنا ومجلس الإدارة أن خبراتي السابقة كانت ذات صلة بهذا العمل، فشهادة الهندسة التي أحملها تعني أني قادر على فهم تفاصيل العمل. كما أني قدت في السابق فرقاً من المهندسين في مشاريع معقدة وبنيت منتجات على درجة عالية من التقنية وبعتها. كما طورت استراتيجية نمو طموحة ونفذتها في قطاع الأعمال التجارية التي توجهها الشركات إلى المستهلكين (B2C). كما شكلت القيم التي أحملها أساساً لتصميم رسالة "إيبردرولا" الخضراء وقيادتها. ولد عشقي للطبيعة منذ طفولتي التي قضيتها في القرية محاطاً بالأبقار والأحصنة والأرانب والأشجار والجداول والمزارع، وأنا ملتزم بالقيم التي تدعو لعدم الاكتفاء بالسعي لتحقيق المنفعة الشخصية، وأسعى لتحقيق المنفعة لجميع المساهمين والمجتمع الأوسع بوصفي مسؤولاً تنفيذياً في الشركة.
ما أن جلست على كرسي الرئيس التنفيذي، كانت مهمتي الأولى هي إتمام عملية الاندماج التي تم التوقيع عليها منذ عدة أعوام مضت. كان عليّ أن أضمن أن يسير كل من في الشركة في الاتجاه نفسه. فأمضيت عدة أشهر أتحدث إلى الموظفين في الشركة، وعقدت ما يتراوح بين 10 و15 اجتماعاً في اليوم، وسألتهم عن توقعاتهم وأولوياتهم. ولا أزال أحتفظ بأوراق الملاحظات اللاصقة التي استخدمتها. طلبت مشورة أساتذة ومرشدين وزملاء سابقين ومعارف داخل قطاع توليد الطاقة وخارجه، بالإضافة إلى ابني. واكتشفت أن هناك كثيراً من الموظفين الجيدين الذين يمكن أن يتحدوا حول بعض القيم الرئيسة في الشركة، وهي العمل الجاد والصدق والولاء وروح الفريق.
المنافسون كانوا يعتبرونني مجنوناً. كان توليد الطاقة بواسطة الرياح حينئذ مجالاً جديداً، وكانت الطاقة الشمسية مكلفة للغاية، لذا لم يفهم أحد السبب الذي يدفعني إلى السعي لتبني الطاقة المتجددة.
استراتيجية العصر الحديث
كنا بحاجة إلى رؤية أيضاً، أي استراتيجية أكثر طموحاً تركز بصورة مباشرة على أعمالنا الأساسية المتمثلة بتوليد الطاقة المستدامة والمتجددة وتوزيعها عبر المحطات والشبكات ومرافق التخزين. وفي حين بدأت الحكومات في العالم تأخذ موضوع التغير المناخي على محمل الجد وتضع أهدافاً فيما يتعلق بتخفيض انبعاثات الكربون، حددنا هدفاً بترك الوقود الأحفوري والمصالح الأخرى (الحصص الصغيرة في شركات تيليفونيكا وشركات الإعلام الإسبانية والعقارات) ومضاعفة التركيز على ذاك المستقبل الذي تكون مستويات الكربون فيه متدنية. ومن أجل تحقيق هدف حقيقي، كان علينا الانتقال من شركة إسبانية 100% تقريباً إلى شركة عالمية بحق.
عملت مع فريقي على وضع خطة وقدمناها لمجلس الإدارة، وأوضحنا أنها ستتطلب استثمارات بقيمة 12 مليار يورو على مدى خمسة أعوام حتى في ظل تحصيل عائدات من عمليات بيع الأصول. كان علينا الاستثمار في عمليات الاستحواذ والمشاريع الجديدة والتحول الرقمي، وكذلك في المواهب ذات التعليم الجيد والتدريب العالي التي سنحتاج إليها في تنفيذ الخطة. منحنا مجلس الإدارة موافقته في غضون يوم واحد.
وبالطبع، سمعنا انتقادات من زوايا أخرى، فالمنافسون كانوا يعتبرونني مجنوناً. إذ كان توليد الطاقة بواسطة الرياح حينئذ مجالاً جديداً، وكانت الطاقة الشمسية مكلفة للغاية، لذا لم يفهم أحد السبب الذي يدفعني إلى السعي لتبني الطاقة المتجددة. كما أبدت الجهات الرقابية تشككها في إمكانية حدوث ذلك، وتقاعد بعض المسؤولين التنفيذيين، واستقال آخرون.
لم يكن التغيير عملية سهلة قط، ولكن بعد مغادرة هؤلاء الأشخاص وتعيين آخرين في مناصب مهمة، علمت أني أعمل مع فريق ملتزم بخطتنا وقيمنا وغايتنا وأهدافنا. اكتسبت تأييد الموظفين الذي تمثل في تفاعلهم المستمر. في الأعوام الأولى، بدأت باستضافة مئات الأشخاص في اجتماعات كبيرة على غرار الاجتماعات المفتوحة. وإذا كان من المقرر أن يستمر الاجتماع ساعتين، كنت أبدأ بخطاب يستمر 10 دقائق، وأقضي بقية الوقت أجيب عن الأسئلة. كما كنت أجري استطلاعات رأي وأطلب التقييمات عبر الشبكة الإلكترونية الداخلية في شركتنا. مرة بعد مرة، كنت أوضح ما نريد تحقيقه والمكان الذي نريد الوصول إليه والسبب الذي يجعله نافعاً للجميع، وما زلت أفعل هذا بصورة منتظمة.
صدق أو لا تصدق، لربما كانت أكبر عقبة في عملية الانتقال بأكملها هي إقناع مجلس الإدارة بتغيير شعار الشركة الأزرق واستبداله بشعار الوريقات الخضراء والزرقاء والبرتقالية الذي ترونه اليوم. كان الجميع معتادون على اللون والصورة اللذين كانا مستخدمين على مدى عقود، لكني كنت أريد شعاراً يرمز إلى مستقبلنا. كان عليّ طرح حجتي على مدى ثلاثة اجتماعات، وقبل الاجتماع الأخير، بذلت مع فريقي جهداً كبيراً، فزينّا غرفة اجتماعات مجلس الإدارة باللون الأخضر، ووضعنا أعلاماً خضراء على جانبي الطريق أمام مقر شركتنا الرئيس في مدينة مدريد، وصففنا أسطولاً من السيارات الخضراء في الخارج. وأخيراً، وافق أعضاء مجلس الإدارة.
ثم بدأنا عملنا ببيع الأصول وإغلاق المنشآت وأوقفنا محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم والنفط، وأعلنا عن موعد الإغلاق النهائي لها في عام 2017. كما بعنا شركاتنا غير العاملة في مجال توليد الطاقة، ثم صببنا اهتمامنا على الطاقة المتجددة والشبكات الذكية وأنظمة التخزين داخل إسبانيا وخارجها.
تبدأ معظم الشركات الإسبانية عادة بالتوسع انطلاقاً من أميركا اللاتينية. وبالفعل، كانت شركة "إيبردرولا" قد فعلت ذلك إلى حد معين. لكن ومن دون استبعاد هذه المنطقة، كنت مهتماً بدول تتمتع بتصنيفات ائتمانية عالية وقوانين محددة أكثر وأطر عمل قانونية أكثر ثباتاً. قد لا تكون هذه الدول مربحة بنفس قدر الدول النامية، لكنها أقل خطورة. كما أن مجلس الإدارة والمساهمين كانوا يتوقعون منا إجراء استثمارات آمنة طويلة الأمد، لا استثمارات نظرية.
وبحلول عام 2007، أدمجنا شركة "سكوتِش باور" (Scottish Power)، التي كان لديها بعض المنشآت المعتمدة على الوقود الأحفوري، ولكنها كانت توجه تركيزها على توليد الطاقة بواسطة الرياح. إذ كانت شركتها الفرعية "بي بي إم إنرجي" (PPM Energy) حينئذ ثاني أكبر شركة مشغلة لمزارع الرياح في الولايات المتحدة. جعلتنا الصفقة التي اشترينا بموجبها جميع الأسهم بقيمة 11.6 مليار جنيه ثالث أكبر منشأة في أوروبا. شكك كثيرون في قدرة الشركة الإسبانية على إدارة مؤسسة خدمات بريطانية تقليدية. وأذكر أن إحدى الشركات المنافسة أطلقت حملة إعلانات تضم صورة راقص فلامينكو لدعوة عملائنا للانتقال إليها. لكن عندما قدمنا فلسفتنا وأهدافنا للمسؤولين التنفيذيين والمساهمين والسياسيين المحليين حصلنا على تأييدهم. وكما فعلنا في عمليات الاستحواذ على شركات أجنبية لاحقاً، أبقينا الفريق المحلي في مكانه مع إجراء عملية انتقال للشركة بنفس الطريقة التي اتبعناها في الشركة الإسبانية. وتمثل ذلك في الخروج من الأعمال غير المستدامة التي تنتج انبعاثات كربون عالية والاستثمار في الأعمال المستدامة التي لا تنتج انبعاثات كربون عالية.
ثم كانت خطوتنا التالية في الولايات المتحدة. اشترينا شركة "إنرجي إيست" (Energy East) التي كانت حينئذ تضم أكثر من 3 ملايين مشترك في خدمات الكهرباء والغاز موزعين على إقليمي نيو إنغلاند ونيويورك. بقي مجتمع الاستثمار متشككاً في بادئ الأمر، وتحديداً مجتمع وول ستريت. فقد كان يعتبرنا مجموعة من الإسبانيين الذين يسعون لنشر أفكار مجنونة في قطاع خاضع لقوانين صارمة في عدة بقاع من العالم، كما أن المهندسين ليسوا دائماً بارعين في أعمال البيع. لكن بعد تحقيق نمو أكبر وإجراء مزيد من عمليات الاندماج، أصبحت شركتنا "أفانغريد" (Avangrid) في الولايات المتحدة تملك أصولاً بقيمة 30 مليار دولار، وانضمت إلى قائمة بورصة نيويورك مع امتلاكها قيمة سوقية تزيد عن 15 مليار دولار في وقت كتابة هذه المقالة.
من الجدير بالذكر أن ما سمعناه في البداية لم يكن كله سلبياً، فمع بداية تنفيذ استراتيجيتنا الجديدة سمعنا بعض الأصوات الإيجابية أيضاً. وحتى في بداياتنا عام 2002، نشر المحلل الذي عمل معنا لصالح مصرف "يو بي إس" (UBS) تقريراً بعنوان "قبّل الضفدع"، مشيراً إلى صورة الشركة الخضراء الجديدة، وإلى أن الشركة أصبحت جذابة لدرجة كبيرة. بدأ المجتمع المالي يؤمن مثلنا بأن أهدافنا قابلة للتحقيق، ثم واصلنا المسير. في البرازيل، اشترينا وبنينا أصولاً وشركات أصبحت اليوم تشكل مؤسسة "نيوإنرجيا" (Neoenergia) التي تم تسجيلها في عام 2019. عملنا في 18 ولاية أميركية، وغطينا جميع مجالات سلسلة القيمة الخاصة بالطاقة، بدءاً بتوليد الطاقة بواسطة الرياح والمياه والغاز وصولاً إلى شبكات النقل والتوزيع وتزويد نحو 35 مليون شخص بالكهرباء.
في المكسيك، نمت شركتنا على مدى أكثر من 20 عاماً لتصبح أكبر شركة توليد كهرباء خاصة في البلاد. واستثمرنا منذئذ في توليد الطاقة بواسطة الرياح والمياه والشمس في البرتغال وتوليد الطاقة بواسطة الرياح في ألمانيا وفرنسا، وأسسنا عمليات مستدامة في اليونان وهنغاريا. وفي عام 2020، خطونا خطوتنا الأولى في أستراليا، البلد الذي يملك إمكانات هائلة للطاقة المتجددة. وهذا ساعد شركتنا لتكون واحدة من أكبر خمس شركات لتوليد الكهرباء في العالم ورائدة في توليد الطاقة بواسطة الرياح. ونحن مستمرون ببناء عملياتنا في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وخصوصاً مزارع توليد الطاقة بواسطة الرياح، مع إغلاق المنشآت العاملة على الفحم.
وفي بلدنا الأم، إسبانيا، وسعنا قدرات شركتنا لتوليد الطاقة الكهرومائية ونشرنا الشبكات وأجهزة القياس الذكية في جميع أنحاء الدولة. أصبحت شركتنا اليوم ثالث أكبر شركة في البلاد، وتزود 20 مليون شخص بالكهرباء، وهم يشكلون نصف سكان إسبانيا تقريباً. ونخطط لزيادة أعمالنا في توليد الطاقة المتجددة فيها بنحو ثلاثة أضعاف في الأعوام المقبلة. كما نستثمر في النقل باستخدام الطافة الكهربائية، والخلايا الكهروضوئية وأنظمة التخزين في البطاريات وتقنيات البلوك تشين من أجل ضمان أن تكون الطاقة التي نولدها نظيفة 100%.
بقي مجتمع الاستثمار متشككاً في بادئ الأمر، وتحديداً مجتمع وول ستريت. فقد كان يعتبرنا مجموعة من الإسبانيين الذين يسعون لنشر أفكار مجنونة في قطاع يخضع لقوانين صارمة في عدة بقاع من العالم.
منافع لثلاثة أطراف
نعمل في شركة "إيبردرولا" لتحقيق النفع للمجتمع والموظفين والمساهمين على حد سواء. ومنذ عام 2001، استثمرنا أكثر من 100 مليار يورو في توليد طاقة أنظف وتمديد شبكات وأنظمة تخزين أكثر ذكاء حول العالم. في عام 2019، كانت انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون لكل كيلوواط ساعة نولده تبلغ ثلث متوسط الانبعاثات لدى الشركات المنافسة في أوروبا.
وللعام الثاني على التوالي، أدرجت مجلة "كوربوريت نايتس" (Corporate Knights) شركتنا ضمن أبرز 100 شركة مستدامة في العالم. كما صنفها "معهد إيثيسفير" (Ethisphere Institute) على أنها واحدة من الشركات الأكثر أخلاقية في العالم على مدى سبعة أعوام متتالية. وفي عام 2018، تلقت شركتنا الجائزة الأوروبية البيئية من ملك إسبانيا، وجائزة من مشروع واقع المناخ الذي يترأسه آل غور (Al Gore’s Climate Reality Project)، كما تم إدراجها ضمن مؤشر "إف تي إس فور غود" (FTSE4Good Index) على مدى عقد من الزمن.
توفر شركتنا 400 ألف وظيفة حول العالم وتركز على التدريب والتطوير، ويشمل ذلك تخصيص برامج دراسة جامعية برعاية الشركة ودورات ضمن مقراتها. سأقدم مثالاً واحداً عن فرقنا الدولية ذات التعليم العالي. تتألف مجموعتنا الدولية لتصميم مشروعات توليد الطاقة بواسطة الرياح من قرابة 100 موظف في 4 دول (في مقرها في المملكة المتحدة، والولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا)، وتمثل 18 جنسية وعشرات من مجالات الخبرة، بدءاً من علم الأحياء البحرية وصولاً إلى الحفريات، ومن التعرية إلى الطقس. تبين الدراسات الاستقصائية الداخلية أن قرابة 90% من موظفينا ينصحون الآخرين بالعمل في شركتنا "إيبردرولا".
كما يمثل صافي أرباحنا الذي يبلغ 3.4 مليار يورو في 2019 زيادة بنسبة خمسة أضعاف عن أرباح عام 2001. وفي الحقيقة، يبلغ إجمالي عائدات المساهمين نحو 715% منذ عام 2001. وعلى ذلك، أصبحت شركتنا تدرّ أرباحاً أكبر، وتنشئ قوة عاملة أقوى وعمليات أنظف بيئياً وأكثر فاعلية، وعالم أكثر أماناً.
يمازحني المستثمرون والمحللون حول بعض الشركات الأوروبية المنافسة التي تحاول اتباع استراتيجيتنا بعد أعوام من استنزاف الوقود الأحفوري، فأقول "أهلاً بهم". أصبح التغير المناخي قضية مناخية طارئة، ويجب أن يشارك الجميع في مكافحته. وفي عالم ما بعد كوفيد، ستقدم الطاقة النظيفة فرصاً حقيقية لتحفيز النمو الاقتصادي ودعم الصناعة وخلق الوظائف.
نؤمن أن القادة في أي مؤسسة وأي قطاع قادرون على بناء شركات تربط وجودها بتحقيق النفع لموظفيها والمجتمع كله، وليس للمساهمين فحسب. يجب أن نضمن أن يضع عالم الأعمال الاستدامة والتوجه نحو المستقبل في صدارة استراتيجيتنا، وهذا التزام وفرصة في آن واحد.