ما أسباب تقليل العروض المقدمة للعميل وهل يجدي ذلك نفعاً؟

4 دقائق
تبسيط العروض المتاحة للعملاء

ملخص: لجأت سلاسل محال التجزئة والمطاعم في كثير من الأحيان إلى تبسيط العروض المتاحة للعملاء في إطار محاولاتها للتغلب على تداعيات جائحة فيروس كورونا. فقد اكتشفت حقيقة مهمة غابت عن الجميع باستثناء قلة قليلة من الشركات، مثل "تريدر جوز" (Trader Joe’s) و"كوستكو" (Costco) و"إن آند أوت" (In-N-Out) و"تكساس رود هاوس" (Texas Roadhouse) التي اكتشفت هذه الحقيقة منذ فترة طويلة من الزمن، ممثلة فيما يلي: يؤدي عرض مجموعة ضخمة من العناصر إلى هدر الموارد وارتكاب الأخطاء وارتفاع تكاليف التدريب، إضافة إلى تراجع إنتاجية الموظفين وصعوبة خدمة العملاء بالمستوى المطلوب.

 

أسفرت جائحة "كوفيد-19" عن تغيير منظومة التسوق وارتياد المطاعم بصورة جذرية. إذ يرغب العملاء المهتمون بالحفاظ على سلامتهم في الدخول إلى المتاجر والمطاعم والخروج منها بأسرع ما يمكن وعدم إضاعة الوقت في التفكير في الكثير من الخيارات. أدى تغيير سلوك العملاء وزيادة التكاليف المرتبطة بالحفاظ على السلامة إلى قيام محال التجزئة والمطاعم بتقليل العروض المتاحة أمام روادها، حتى إن شركة "نيلسن" (Nielsen) أفادت بأن وحدات التخزين لمحال البقالة قد انخفضت بنسبة 7% منذ مارس/آذار 2020. كما انكمشت قوائم الطعام إلى حدٍّ كبير في الكثير من مطاعم الوجبات السريعة المعروفة بقوائمها الطويلة، مثل مطاعم "آيهوب" (IHOP) و"دينيس" (Denny’s) و"ماكدونالدز" و"ديف آند باستر".

أثبتت لنا جائحة كورونا حقيقة لطالما كانت ماثلة أمام عيوننا، ممثلة فيما يلي: قد يكون القليل أكثر نفعاً للعملاء والموظفين والمستثمرين والبيئة.

فقد دأبت محال السوبر ماركت التقليدية قبل تفشي الجائحة على عرض ما بين 15,000 إلى 60,000 وحدة تخزين. قد يبدو هذا الرقم أكبر من أن يصدقه عقل إلى أن تدرك أن المحال كانت تعرض أكثر من 100 نوع من المربى أو الشاي (من مختلف العلامات التجارية والنكهات والأحجام والعبوات). ويكفي أن تعلم أن قائمة الطعام في مطعم "آيهوب" كانت عبارة عن 12 صفحة، وكانت مطاعم "ماكدونالدز" تعرض أنواع السلطات وبارفيه الزبادي والخبز قبل البرغر والماك ناغتس.

تنويع المعروضات

يؤدي هذا القدر من تنويع المعروضات إلى هدر الموارد وارتكاب الأخطاء وارتفاع تكاليف التدريب، إضافة إلى تراجع إنتاجية الموظفين وصعوبة امتلاكهم الدراية الكافية لخدمة العملاء بالمستوى المطلوب. وبالنسبة للعملاء، فغالباً ما يعني تنويع المعروضات بهذا الشكل المبالغ فيه ارتفاع الأسعار وصعوبة اتخاذ القرار. فقد توصلت دراسة المربى الشهيرة التي أجرتها شينا إينغار ومارك ليبرأن العملاء يكونون أكثر استعداداً للشراء إذا أُتيحت أمامهم خيارات أقل.

ولطالما أثبت أسلوب العرض المبسَّط أنه استراتيجية ناجحة لمجموعة فرعية من سلاسل محال التجزئة والمطاعم، مثل "تريدر جوز" و"كوستكو" و"إن آند أوت" و"تكساس رود هاوس"، علماً بأن هذه المؤسسات تُصنَّف باستمرار ضمن أفضل الشركات العاملة في قطاعات السوبر ماركت والمطاعم من حيث القدرة على إرضاء العملاء والتفوق على المنافسين من حيث الأداء المالي.

واستطاعت الكثير من الشركات الأخرى تحقيق نتائج ملموسة حينما خفّضت معروضاتها بعناية قبل تفشي الجائحة. وخلال إحدى زياراته الأخيرة إلى طلاب ماجستير إدارة الأعمال (الذين يدرسون تحت إشراف زينب) في "كلية سلون للإدارة" التابعة لـ "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" (إم آي تي)، قال جون فورنر، الرئيس التنفيذي السابق لسلسلة أندية "سامز كلوب" (Sam’s Club): "مع انخفاض عدد وحدات التخزين، غدت إدارة السلسلة أسهل من ذي قبل. فقد تحسنت قدرتنا على إدارة المعروضات. وكانت استجابة أعضاء النادي أغرب ما في الأمر. فعلى الرغم من خفضنا لوحدات التخزين بنسبة 20%، فإن أعضاء النادي كانوا يشكروننا على إتاحة منتجات جديدة". وحكى لنا قصة لأحد أعضاء النادي الذي جاء ليشكرهم على عرض فرشاة أسنان كهربائية معينة، والمفاجأة أن هذه الفرشاة كانت معروضة منذ عقد من الزمان ولكن كان العثور عليها في غاية صعب. وقد قللت سلسلة مطاعم "لونغهورن ستيك هاوس" قائمة طعامها بنسبة 30% قبل الجائحة لتستفيد أيضاً من تبسيط العمليات، وفقاً لما أورده الرئيس التنفيذي للسلسلة، جين لي.

فوائد أسلوب العرض المبسط

تتمثل إحدى فوائد أسلوب العرض المبسَّط التي جرى إغفالها في رفع الأجور وتوفير فرص عمل أفضل للموظفين وبالتالي انخفاض معدل دوران الموظفين في الشركات. وعندما لجأت سلسلة أندية "سام كلوب" إلى تبسيط معروضاتها في إطار سلسلة إجراءات تضمنت الكثير من التغييرات الأخرى (مثل تبسيط العمليات والتكنولوجيا الحديثة)، ازدادت إنتاجية الموظفين، ومن ذلك على سبيل المثال أن عملية إعادة تعبئة الرفوف بالمنتجات باتت أسرع وأسهل من ذي قبل. وأدى ارتفاع معدلات الإنتاجية إلى رفع الأجور، فقد رفعت سلسلة أندية "سامز كلوب" أجور قادة الفريق وأصحاب المهمات الرئيسية، مثل الجزار ومصمم الكعك، بمقدار 5 دولارات إلى 7 دولارات للساعة إضافة إلى الأجر الأساسي الذي يبلغ حوالي 15 دولاراً في الساعة.

أدى التبسيط أيضاً إلى تحسين القدرة على التنبؤ بالعمل، ما سمح لسلسلة أندية "سامز كلوب" بمنح الموظفين جداول مواعيد متسقة، وهي مشكلة لطالما أرَّقت العاملين في الخطوط الأمامية. وأدت كل هذه التحسينات في جودة العمل إلى خفض معدل دوران الموظفين. وكما قال داكونا سميث، رئيس العمليات السابق في سلسلة أندية "سامز كلوب"، لطلاب "كلية سلون": "لا يكفي أن ترفع أجور الموظفين، بل عليك أيضاً أن تبسِّط المهمات الموكلة إليهم".

ويدرك الكثير من المسؤولين التنفيذيين الذين عملنا معهم التكلفة التشغيلية لوجود عدد ضخم من المنتجات والعروض الترويجية. فقد قال لنا أحد المسؤولين التنفيذيين لإحدى كبرى سلاسل محال التجزئة: "نحاول أن نقدم كل شيء للجميع، وهذه استراتيجية غير مناسبة بالمرة".

في الواقع، غالباً ما تكون إضافة المزيد من المنتجات والعروض الترويجية وسيلة (لمحاولة) تحقيق مستهدفات المبيعات قصيرة الأجل أو نتيجة لفقدان الانضباط التشغيلي، وليس استجابة لاحتياجات العملاء الحقيقية على الإطلاق. وعلى الرغم من ذلك، فإن الشركات تتردد في تبسيط عروضها، خوفاً من تضرر المبيعات على الأجل المنظور. ولا يزال البعض يتذكر تراجع مبيعات سلسلة محال "جيه سي بيني" (JC Penney) بعد أن ألغت القسائم وطبّقت نظام "الأسعار اليومية العادلة والمتساوية" في عام 2012. لكن ربما كان بمقدور الشركة تفادي طلب الحماية من الإفلاس عام 2020 لو أنها تمسّكت بنظام الأسعار اليومية العادلة والمتساوية لفترة أطول من الزمن (لمنح العملاء مزيداً من الوقت للتعود عليها) وأجرت بعض التغييرات الأخرى، وعلى رأسها الاستثمار في موظفيها.

ومع تفشي جائحة "كوفيد-19" التي قلبت كل شيء رأساً على عقب بالنسبة للشركات والموظفين والعملاء والمستثمرين، لم يكن هناك أنسب من هذا الوقت للانتقال إلى أسلوب العرض المبسَّط. وقد تذرعت أكثر من نصف الشركات المدرجة على مؤشر ستاندرد آند بورز "إس آند بي 500" بحالة الغموض الناجمة عن تفشي الجائحة وعلقت دليل الأرباح أو خفضت سقفها لتمنح نفسها مزيداً من المرونة لتجربة استراتيجيات جديدة. وأصبح العملاء الآن أكثر اعتياداً على أساليب العرض المبسَّط وأكثر قدرة على فهم وتقدير المفاضلات بين عنصري الاختيار والأمان. وتضيف زيادة الحد الأدنى للأجور التي تم فرضها في الكثير من الولايات والمدن الأميركية ضغوطاً مضاعفة على الشركات لتحسين إنتاجية الموظفين وإسهاماتهم.

لقد كانت الجائحة قاسياً، بل وكارثية، للكثير من سلاسل محال التجزئة والمطاعم، لكن المؤسسات التي استطاعت تبسيط العروض المتاحة للعملاء والتكيف مع احتياجات العملاء الجدد وتحسين التنفيذ وتوفير وظائف جيدة بمقدورها أن تصبح أقوى مما كانت عليه. وما من سبيل لتقديم خدمات متميزة وتوفير وظائف جيدة ورفع مستوى الأداء إلا بفهم سبب تعامل العملاء معهم وتبسيط كل شيء في ضوء هذه المعاملات. وأخيراً، فإن الشركات التي ستحقق الفوز هي تلك التي لا تكتفي بإجراء مثل هذه التغييرات الآن فحسب، بل وتواظب عليها أيضاً بعد انقشاع غُمة الجائحة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي