تؤدي القرارات الديمقراطية إلى نتائج جيدة، وينطبق هذا القول أيضاً عندما يتعلق الأمر بالتوظيف. وتنفع الجمهرة أيضاً عندما نريد اكتشاف المواهب. عندما تتبعت شركة جوجل أداء الموظفين المعينين حديثاً تبعاً لما أحرزوه من تقييم في نسب المقابلات، وجدت أن متوسط التقييمات للمقابلات الجماعية كان إلى حد بعيد مؤشراً أكثر دقة للنجاح مقارنة بتقييم المقابلات الفردية، حتى وإن كان مجري المقابلة مديراً للموارد البشرية أو أحد المؤسسين للشركة.
ومع ذلك فإن للتوظيف عن طريق اللجان مزالق ومطبات خاصة. فبدون انسجام دقيق فإن المجموعة قد تصل إلى قرارات سيئة أيضاً. والأسلوب الشائع هذه الأيام في التوظيف، هو أن يدعو مدير التوظيف إلى اجتماع، ويتبختر في القاعة سامعاً للآراء عن كل مرشح، وهو هنا أصلاً خاضع للتفكير الجماعي. وفي مناقشات الأسلوب المفتوح فإن الشخص "صاحب التأثير والحضور الأكبر" عادة ما يؤثر على قرار اللجنة. وهذا الشخص غالباً ما يكون صاحب مقام عال، وقد يكون شخصاً تم تعيينه ليكون "محاوراً جيداً".
وما أوضحته بيانات شركة جوجل أنه تقريباً لا يوجد محاور رأيه صحيح دائماً أكثر من قرارات مجموعة حقيقية في الغالب. في الحقيقة مقابلة فردية واحدة، من عشرات آلاف المقابلات التي أجرتها جوجل، تفوقت بانتظام على المقابلات الجماعية. وقد تكون هذه ظاهرة إحصائية شاذة لا أكثر، وسيتراجع أخيراً هذا "المحاور الفذ" عن مرتبته إن استمرت جوجل في الدراسة.
ترى معظم المؤسسات التي أتحدث معها أنها تتخذ قرارات جماعية عند التوظيف. وعندما كنت أراقب أسلوبهم، كنت ألاحظ أن المدراء التنفيذيين مهتمون فعلاً بسماع رأي كل مجري مقابلة. وبهذا يفقدون خطوة حاسمة، ويقعون دون وعي في فخ التفكير الجماعي. عندما لا يفكر أعضاء فريق التعيين بتأن وعمق في وجهات نظرهم قبل لقاء النقاش الجماعي المفتوح، فغالباً ما ينجذبون إلى وجهات النظر التي تبدو شائعة وعامة، حتى في وجود المشرف الذي يعزز السلامة النفسية والمخالفة في الرأي، وتقلّ الأحكام المتباينة في النقاشات ذات الأسلوب المفتوح. وهذا بدوره يمنع مناقشة مفيدة كانت ستحدث.
كيف يمكن صناعة قرار جماعي حقيقي؟
من أجل اتخاذ قرارات جماعية صحيحة بخصوص المرشحين، فإني أنصح مدراء التوظيف باتباع نهج دقيق؛ لضمان أن يحافظ المحاورون على المستوى الصحي من الحيادية:
أولاً، وضح للقائمين على المقابلة أن عليهم ألا يتبادلوا فيما بينهم خبراتهم عن المقابلة قبل اجتماع المجموعة الأخير. ويمكن لأحد المحاورين أن يخبر زملاءه أنه لم تتح له فسحة من الوقت لمعرفة مسألة معينة عن المرشحين، أو أنه يريد من أحد زملائه أن يتعمق في نقطة محددة، لكن عليهم أن يجتهدوا في عدم الكشف عن انطباعهم عن المرشح بنبرة الصوت أو في محتوى الطلب.
بعد ذلك، نطلب من المحاورين القيام ببعض الخطوات قبل حشد المجموعة للاجتماع:
- تفريغ تقييم المقابلة بنتيجة رقمية منفردة.
- تدوين النقاشات الرئيسة التي في مصلحة توظيف المرشح أو ضده، وكذلك النتيجة النهائية. سوف يساعدهم هذا في الحفاظ على مصداقية آرائهم عندما يبدأ النقاش، وهذا يؤدي إلى تنبؤات أقل تحيزاً.
- إذا كان المحاورون يتبادلون آراءهم عن المرشحين والنتائج الرقمية عبر البريد الإلكتروني، فعليهم ألا يضعوا كل المجموعة في رسائلهم. في مقابلة حديثة، أخبرني الأستاذ شين فريدريك، الأستاذ بكلية "ييل لإدارة الأعمال"، أنه يحث المحاورين للتعيين الداخلي على ألا يتبادلوا المعلومات قبل بدء المقابلة. وبدلا من ذلك، لديه فريق ينقل تقييمات المرشحين وآراء المحاورين إلى شخص وحيد يجمع المعلومات بدوره ويوزعها حالما يبدي كل محاور رأيه في المرشحين.
أخيراً، يجب أن يحاط مدير التعيين علماً بمتوسط درجات المرشح. ولا أرى أن يتابعها دون النظر فيها؛ فالمسألة ليست اقتراعاً اعتباطياً. بل الغاية من ذلك إجراء نقاش ثري ونزيه وغير مراقَب؛ لمساعدة صانعي القرار في أخذ المعلومات التي ربما لم يحصلوا عليها بطريقة أخرى. لذلك علينا أن نولي اهتماماً للتقييمات التي تشذ عن المتوسط، والتوضيحات المذكورة بخصوص هذه النتائج. في هذه المرحلة، يمكن إجراء مناقشة حيوية أثناء اجتماع المجموعة بغرض التأثير على الآخرين والتأثر بهم. وإذا أراد المحاورون تغيير النتائج، فليفعلوا ذلك، لكن عليهم معرفة أنه من الجيد عدم التوافق مع المجموعة، سواء كانوا يريدون التمسك برأيهم الأصلي أم يريدون اتخاذ مواقف جديدة.
وبهذا رأيت مرشحين أيدهم أعضاء الفريق البارزين للانتقال إلى المرحلة الثانية، ورأيت الأعضاء الأقل صراحة في لجنة التوظيف بدأوا يتناقشون ليقنعوا أعضاء آخرين بأن يولوا مزيداً من الاهتمام بمرشح آخر.
يؤمن معظم المدراء التنفيذين الكبار الذين عملت معهم أنهم واعون بما فيه الكفاية ليصغوا إلى كل شخص، دون أن يؤثر بعضهم سلباً على بعض. ولا أشك بمصداقيتهم في ذلك. وعلى كل لا أملك دليلاً يشير إلى أن المدراء التنفيذيين محصنون من التعرض للتأثر من قبل مجموعة النقاش. عندما نشارك في نقاشات ونطبق ما ذكرناه آنفاً على اتخاذ قرارات بدءاً من توظيف مدير تنفيذي إلى استثمارات صناديق التحوط، لاحظت أن أفضل النقاشات هي التي لا تتأثر كثيراً بشخص له حضور طاغ.