بحث: أنماط الكلام تؤدي إلى التحيز خلال عملية التوظيف

4 دقائق
تأثير أنماط الكلام على التوظيف

ملخص: أظهر بحث جديد أن الأشخاص يتمكنون من استنتاج الطبقة الاجتماعية لأشخاص آخرين بسرعة من خلال الاستماع إليهم وهم يتحدثون، كما أن آراء المحاورين المتمرسين حول المرشحين للوظائف يمكن أن تتأثر بهذه الافتراضات؛ فقد حكموا على هؤلاء الذين يبدو من كلامهم أنهم من "طبقة اجتماعية أدنى" بأنهم أقل كفاءة. وهذا ينبهنا إلى مدى تأثير أنماط الكلام على عملية التوظيف وتأثير ممارساتنا التنظيمية الاعتيادية على تفاقم عدم المساواة الاجتماعية. يقترح الباحثون أنه بدلاً من استخدام الذكاء الاصطناعي للتغلب على هذا التحيز أو تشجيع الأشخاص من الأوساط الفقيرة على تغيير لهجاتهم، يتعين على الشركات التشجيع على توظيف أشخاص من فئات اجتماعية واقتصادية متنوعة.

 

تشير البحوث إلى أن المؤسسات لا تقيّم الموظفين على أساس الكفاءة. إذ ينظر كبار المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبيرة لعوامل غامضة مثل "التلاؤم الثقافي" على أنها لا تقل أهمية عن المهارات الوظيفية الأساسية عند اتخاذ القرارات المتعلقة بالترقيات. ويتم استخدام معايير خارج نطاق المعرفة والقدرات والأداء عند اتخاذ قرارات التوظيف في مختلف الشركات والقطاعات وفِرق الإدارة. وكما يتبين من قدر هائل من الدراسات، فإن النتيجة هي تحقيق مَن هم بالفعل في قمة السلم الاجتماعي نتائج أفضل على الصعيد المهني.

أنماط الكلام وإصدار الأحكام الاجتماعية

في بحث حديث، درسنا كيف يمكن لشيء بسيط مثل أنماط كلام الأشخاص أن يؤدي إلى إصدار أحكام (غالباً ما تكون دقيقة) بشأن وضعهم الاجتماعي والاقتصادي، وأن يمنح مزايا للأشخاص ذوي المكانة الاجتماعية العالية ويُلحق ضرراً بالآخرين.

وثّق اختصاصيو علم النفس الاجتماعي منذ فترة طويلة ميل البشر إلى "التقطيع الرفيعأي الاعتماد على مقتطفات موجزة للغاية من السلوكيات التي يمكن ملاحظتها، بما في ذلك المظهر والإيماءات ولغة الجسد وأسلوب الكلام، للحكم على سمات شخص ما (على سبيل المثال، تلك المتعلقة بالضمير والكفاءة ومهارات التعامل مع الآخرين) وتكوين فكرة عامة عن الشخص.

تُعد الطبقة الاجتماعية أيضاً جزءاً من عملية تكوين هذه الفكرة، وقد أظهر بحث سابق أن التفاعل الاجتماعي بين شخصين غريبين لمدة 60 ثانية كافٍ لجعل الملاحظين يستنتجون دخل الوالدين ومستوى تعليم الطلاب الجامعيين بدقة.

أردنا استكشاف ما إذا كانت أنماط كلام الأشخاص، أي الكيفية التي ينطقون بها الكلمات والعبارات، ستسمح للملاحظين بالتنبؤ بوضعهم الاجتماعي والاقتصادي وجعلهم أكثر أو أقل جاذبية بوصفهم مرشحين للوظائف.

في دراستنا الأولى، قدمنا للمشاركين مقاطع صوتية من أشخاص يقولون القائمة نفسها المكونة من 7 كلمات (على سبيل المثال، "أصفر" - "تخيل" - "جميل"). ثم طلبنا منهم تخمين ما إذا كان المتحدث قد حصل على شهادة جامعية بعد دراسة امتدت لأربع سنوات أم لا. تمكن المستمعون من تخمين مستوى تعليم المتحدثين بشكل صحيح بنسبة 55%، وهي نسبة أفضل بكثير من التنبؤات العشوائية.

وفي دراسة تكميلية، استمع المشاركون إلى تسجيلات مدتها 75 ثانية لمتحدثين يصفون أنفسهم. ثم صنَّف المشاركون الحالة الاجتماعية للمتحدثين حسب مستوى التعليم الذي حصلوا عليه والمهنة والدخل. وأعقب ذلك عرض الحالة الاجتماعية الفعلية للمتحدثين في أقل من 30 ثانية. عندما قرأ المشاركون نسخة من وصف المتحدث، بدلاً من سماعه، لم يتمكنوا من إجراء مثل هذه التقييمات السريعة والدقيقة، ما يشير إلى أن الانطباعات الأولية كانت مدفوعة بطريقة تحدث الأشخاص وليس بما قالوه.

في دراستنا الأخيرة، أشركنا 274 شخصاً لديهم خبرة سابقة في التوظيف وجعلناهم يستمعون إلى تسجيل مدته 25 ثانية من حديث متقدمين لشغل منصب مدير مختبر. وكما هو الحال في تجاربنا الأخرى، خمّن المشاركون بدقة الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمتحدثين، وحكموا بشكل مثير للقلق على الأشخاص ذوي الوضع المتدني على أنهم أقل كفاءة وغير ملائمين تماماً للوظيفة ويستحقون مرتب أول تعيين ومكافأة توقيع أقل من نظرائهم ذوي الوضع الاجتماعي والاقتصادي الأعلى. والأهم من ذلك أن المشاركين أصدروا هذه الأحكام دون أي معلومات حول مؤهلات المتقدمين.

ما الذي يمكن للمؤسسات فعله لمنع التحيز عند اتخاذ قرارات التوظيف؟

إذا كانت محادثة غير رسمية استمرت لمدة 25 ثانية فقط يمكن أن تؤدي إلى التحيز عند اتخاذ قرارات التوظيف بهذه الصورة، فهذا ينبهنا إلى مدى تأثير ممارساتنا التنظيمية الاعتيادية على تفاقم عدم المساواة الاجتماعية. من الناحية العملية، تعني هذه النتائج أن الأشخاص، حتى هؤلاء الذين لديهم خبرة في مراجعة السير الذاتية وإجراء مقابلات مع المرشحين للوظائف، يستخدمون غريزياً الإشارات الدالة على الطبقة الاجتماعية بوصفها بدائل للمهارات بالغة الأهمية المطلوبة للوظائف، وبالتالي يتم استبعاد المرشحين ذوي المهارات العالية ولكنهم من أوساط فقيرة.

ما الذي يمكن للمؤسسات فعله؟ الاستجابة الأولى، ولكنها غير حكيمة، هي أن يتعلم المتقدمون للوظائف ويستخدموا أنماط كلام المسؤولين عن اختيار مرشحين للوظائف التي يطمحون إلى شغلها. إذ إن مطالبة الأشخاص بـ "التناوب اللغوي" لها تكاليف واضحة. وعندما يخفي الأفراد أحد جوانبهم في العمل، فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى نضوب الموارد المعرفية والتأثير سلباً على الصحة والرفاه. كما أنه يمنع المؤسسات التي تحرص على التنوع والإنصاف والشمول من تحقيق تلك الأهداف، لأن الموظفين غير الممثلين تمثيلاً كاملاً يراقبون سلوكهم بنشاط.

هناك حل تنظيمي آخر يمكن تطبيقه وهو استخدام الأتمتة وتعلم الآلة في التوظيف لتجنب التحيز البشري. لكن عملية صناعة القرار بالاستعانة بالخوارزميات لا تزال تعتمد على الأشخاص في تحديد البيانات التي يجب استخدامها والسمات التي تحظى بالتقدير.

ونحن ندعو إلى حل ثالث: وهو التأكد من أن قرارات التوظيف تساعد على تثمين إعداد قوة عمل متنوعة من حيث النوع والوضع الاجتماعي والاقتصادي والتشجيع عليها. وسيمتد مثل هذا التحول ليشمل ممارسات مثل برامج توظيف طلبة الكليات والخريجين التي تستهدف المرشحين ذوي المستوى الاجتماعي والاقتصادي المنخفض، وبرامج التوجيه التي تُقدَّم للموظفين الذين هم أول مَن تخرّجوا في الجامعة في عائلاتهم، وضوابط المساءلة التي يتم تنفيذها إلى جانب برامج التنوع في المؤسسات.

على الرغم من أن عملنا يكشف عن وجود عملية نفسية مزعجة وسريعة نسبياً تؤدي إلى التحيز للمتقدمين ذوي المكانة الاقتصادية والاجتماعية العالية عند التوظيف، فإن بإمكاننا التغلب عليها من خلال المبادرة بتقبُّل المتقدمين للوظائف الذين لديهم جميع المهارات المطلوبة ولكنهم لا يشبهون أو يتحدثون تماماً مثل المسؤولين عن التوظيف.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي