لماذا ترتفع مبيعات الشوكولاتة وأحمر الشفاه في أثناء الأزمات؟

2 دقائق
تأثير أحمر الشفاه
shutterstock.com/Maryana Serdynska

صاغ "ليونارد لودر" (Leonard Lauder)، رئيس مجلس إدارة شركة "إستي لاودر" (Estee Lauder) للمستحضرات التجميلية مصطلح "تأثير أحمر الشفاه" عام 2001، عندما لاحظ ارتفاعاً في مبيعات قلم الحمرة بنسبة 11%، على الرغم من وضع الركود الاقتصادي الذي ساد في أميركا عقب أحداث 11 سبتمبر/أيلول، ولوحظ تكرار هذا السلوك الاقتصادي خلال فترات الأزمات الكبيرة، مثل انهيار سوق الأسهم المالية عام 2008، العام الذي سجلت فيه شركة مستحضرات التجميل العالمية "لوريال" (L’Oreal) نمواً مفاجئاً قُدر بـ 5,3%. يصف هذا المصطلح نمطاً استهلاكياً معيناً يظهر في حالة الركود الاقتصادي أو الأزمات الاقتصادية، إذ يميل المستهلكون إلى شراء سلع كمالية منخفضة الثمن؛ مثل أحمر الشفاه والحلوى، بدلاً من السلع باهظة الثمن؛ مثل معاطف الفرو والمجوهرات، وغيرها من المنتجات الفاخرة.

يبيّن تأثير أحمر الشفاه أن المستهلكين سيشترون السلع الكمالية حتى في ظل وجود أزمة اقتصادية؛ بهدف الحفاظ على نوع من الرفاهية، ورفع المعنويات، وتناسي الأزمة الاقتصادية، إلا أنهم سيميلون إلى سلع كمالية لها تأثير أقل في الموارد المالية المتاحة لديهم، ويفيد تأثير أحمر الشفاه في فهم آلية عمل بعض القطاعات خلال الأزمات الاقتصادية، حسب نوع المنتجات الكمالية متدنية التكلفة التي توفرها وترتفع مبيعاتها مع كل أزمة؛ في هذا الصدد تبرز الشوكولاتة كأحد المنتجات المفضلة أوقات الأزمات، إذ ووفقاً لإحدى الدراسات الصادرة من جامعة أوكسفورد، فإن الشكولاتة تحسّن المزاج أو على الأقل تقلل المشاعر السلبية؛ لذلك فإن إحدى آخر القفزات في استهلاك الشوكولاتة والحلوى منخفضة التكلفة كانت أيام الأزمة المالية العالمية في 2009، حيث انقض المستهلكون على اقتناء كميات ضخمة من الشوكولاتة والحلوى؛ وفي عام 2020 مع بدايات جائحة كوفيد-19، نمت مبيعات الشوكولاتة بنسبة 12% لتصل إلى 27 مليار دولار وفقاً لبحث حديث، ويأتي في مقدمتها الشوكولاتة السوداء تليها كريات الشوكولاتة ثم الشوكولاتة الطبيعية؛ وفي سياق متصل، نشرت الجمعية الوطنية لمصنعي الحلويات في أميركا إحصائية طريفة مفادها أنّ 78% من المستهلكين الأميركيين الذين يتبعون حمية غذائية يعتبرون أنه لا بد من تناول الشوكولاتة أحياناً بغرض تحسين المزاج، مع بروز مواليد "جيل الطفرة" ومواليد "جيل إكس" كأكبر فئتين مستهلكتين للشوكولاتة، كما بينت الدراسة ذاتها أنّ 88% من الأفراد يشاركون الأهل والأصدقاء جزءاً مما يشترونه من الشوكولاتة والحلوى، غير أن أكبر فئتين لا تحبذان المشاركة هما مواليد "جيل زد" و"جيل الألفية".

الشيء الآخر الذي يزداد الطلب عليه في أثناء الأزمات وأوقات الركود، غير منتجات النظافة، هو منتجات الاعتناء بالحيوانات المنزلية، حيث ازدهرت سوق هذه المنتجات، على غرار أكل القطط أو الكلاب ومنتجات تنظيفها وزينتها، لتبلغ قيمتها نحو 261 مليار دولار العام الجاري بنسبة نمو 6,1% مقارنة بعام 2021 الذي تأثر بجائحة كوفيد-19، وأكدت دراسة حديثة أنّ 26% من أبناء "جيل زد" و24% من أبناء "جيل الألفية" في أميركا اقتنوا حيوانات أليفة في أثناء الحجر الصحي لتساعدهم في التغلب على الوحدة وإضفاء جو من المرح في المنزل.

آخر نوع من المنتجات التي تزدهر في أثناء الأزمات هو خدمات الترفيه والأفلام والعروض التلفزيونية، فهي تتيح للمستخدم متنفساً مؤقتاً للحالة الصعبة التي يعيشها؛ نتفليكس على سبيل المثال، الشركة الرائدة في هذا المجال، حصلت على 16 مليون مشترك جديد في غضون الأشهر الثلاث الأولى فقط من عام 2020.

يبقى الدافع النفسي هو أهم دافع كامن وراء ازدهار هذه المنتجات دون غيرها، إذ يلجأ الإنسان بطبيعته في الأوقات التي تسودها حالة عدم اليقين، إلى وسائل تعزز روحه المعنوية وتفاؤله، أو تجعله على الأقل يهرب من الواقع المرير ولو مؤقتاً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي