بحث: الصراحة في وصف المنتجات بأنها بشعة الشكل يزيد من مبيعاتها

6 دقائق
المنتوجات الزراعية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أجرى سيدهانت موكيرجي (Siddhanth Mookerjee) وزملاؤه في جامعة بريتيش كولومبيا (University of British Columbia) سلسلة من الدراسات التي تهدف إلى استكشاف أثر إطلاق صفة “بشعة” على المنتوجات الزراعية الطازجة ذات الأشكال غير المألوفة بصرياً. وقد توصّلوا إلى أنه على الرغم من تردد المدراء ومالكي المتاجر في استعمال تلك اللغة، إلا أنها قادت إلى عمليات شراء إضافية من الزبائن مقارنة بالحالات الأخرى التي استُعمِلَت فيها عبارات تلطيفية من قبيل “غير مثالية”، أو مُنِحت فيها حسومات كبيرة على الأسعار ببساطة دون تقديم سبب معلن لذلك. الخلاصة هي:

سيّد موكيرجي، دافع عن بحثك العلمي

موكيرجي: تُلقي متاجر التجزئة في الولايات المتحدة الأميركية وحدها كل عام في حاويات القمامة منتوجات زراعية طازجة قابلة للأكل من الفواكه والخضار تزيد قيمتها على 15 مليار دولار، بينما يتخلص المزارعون من ثلث محاصيلهم تقريباً بسبب عيوب جمالية بحتة في هذه المنتوجات. ومن الواضح أن هدر الغذاء هو مشكلة كبيرة، سواء بالنسبة للبيئة أو لأرباح البائعين. لكن الشيء الأقل وضوحاً هو ما الذي بوسعنا فعله لتشجيع المستهلكين على شراء هذه الخضر والفواكه ذات الأشكال غير الجذابة بصرياً. فعلى سبيل المثال، وجدنا أن 96% من المدراء يعتقدون أن أفضل طريقة لتسويقها هي التقليل من شأن مظهرها أو تحويل الأنظار بعيداً عن هذا المظهر. لكن دراساتنا الميدانية وتجاربنا المخبرية التي درست الاستراتيجيات المستعملة في توصيفها توصّلت باستمرار إلى أن المستهلكين كانوا أكثر ميلاً إلى شراء المنتوجات الزراعية غير النموذجية عندما يوضع عليها ملصق يحمل صفة “بشعة”.

هارفارد بزنس ريفيو: كيف تفسّر ذلك؟

هناك ظاهرة نفسية معروفة اسمها “ضريبة البشاعة” يميل الناس بموجبها إلى نسب صفات سلبية إلى الأشياء غير الجذّابة. وفي سياق شراء مواد البقالة، وجدنا أن الناس افترضوا فعلياً أن المنتوجات الزراعية ذات الشكل البشع سيكون مذاقها أقل لذة وستكون ذات فائدة صحية أقل. وقد كانت هذه التصورات المحفّز لقراراتهم بالشراء. أما عندما تعترفين صراحة أن المنتج الزراعي من خضار وفواكه بشع، فإنك بذلك تشددين على حقيقة أن مظهره هو العيب الوحيد فيه، وهذا يحد بصورة أساسية من التحيز ضد الأغذية ذات الشكل غير المثالي ويقود إلى مفعول معاكس.

هل ثمّة عوامل أخرى مؤثرة في هذه الحالة؟

يشير بحثنا إلى أن الآلية الأساسية التي تقود إلى نجاح استعمال ملصقات تحمل توصيف “بشعة” تكمن في هذا الأثر الذي يقود إلى تصويب التحيز الموجود لدى الناس. لكننا درسنا أيضاً تأثير مجموعة من المحفزات الأخرى.

أولاً، عندما يستعمل الباعة توصيفات صادقة وصريحة مثل “بشعة”، فإن ذلك قد يجعلها تبدو أكثر جدارة بالثقة. وثمة أبحاث سابقة تدلّ على أن هذه التصورات يمكن أن تؤثر على قرارات الشاري. كما حاولنا أن نستكشف أيضاً ما إذا كانت هذه الملصقات قد قادت الشارين إلى إضفاء صفات بشرية على المنتوجات الزراعية، بمعنى أنك إذا وصفت خيارة بأنها بشعة، فهل سيقود ذلك إلى نوع من تعاطف الناس معها؟ أم أن العكس هو الذي يحدث، بمعنى أن الناس يشعرون بالأسى عندما يشترون شيئاً يُوْصَف أنه “بشع”، كما لو أن ذلك القرار بالشراء هو انعكاس لنظرتهم إلى قيمتهم الذاتية. تشير الأبحاث التي أجريت في السياقات الأخرى إلى أن كلا النوعين من الاعتبارات يمكن أن ينطبقا، لكننا وجدنا أن كليهما لم يكونا عاملين مهمين في دراساتنا.

لكننا حددنا شرطاً هاماً، ألا وهو ضرورة اقتران التوصيف “بشعة” بالسعر الصائب. فالمدراء غالباً ما يبيعون المنتوجات الزراعية غير الجذّابة بحسومات كبيرة على الأسعار، بيد أننا توصّلنا إلى أن الخصم الكبير يمكن أن يبعث برسالة مفادها أن هناك عيباً حقيقياً في هذه المنتوجات يتجاوز مظهرها. وهذا الشيء يعاكس التأثير الذي يتسبب به توصيف “بشعة” بما أنه يحفّز الناس على الشعور بالتحيز ضد الحسومات الكبيرة على قاعدة أنها تعني ضمناً جودة منخفضة. وقد وجدنا أن حسماً قليلاً بنسبة 20% قاد إلى عدد أكبر من عمليات الشراء مقارنة بحسم كبير يبلغ 40% أو 60%.

يبدو الأمر كما لو أن استعمال ملصق يحمل كلمة “بشعة” هو أسلوب شديد الفاعلية، فلماذا يندر استعماله؟

نؤمن معظمنا وبحكم غريزتنا أن الناس لا يحبّون الأشياء غير الجذّابة، لذلك فإننا نفترض أن الطريقة الفضلى للترويج لشيء ما يعاني من عيوب جمالية تتمثل في عدم التأكيد على هذه العيوب أو التقليل من شأنها. وهذا هو السبب الذي يقود إلى ظهور علامات تجارية مثل “إمبرفيكت فودز” (Imperfect Foods) (التي تعني باللغة العربية “أغذية غير مثالية”) وتوصيفات من قبيل “منتوجات زراعية غير متناسقة”. وتكمن إشكالية هذه المقاربة في أن تشتيت الانتباه عن المشكلة لا يمنع الناس من رؤيتها. بل العكس هو الصحيح، لأن توصيفاً غامضاً مثل “غير مثالية” لا يحدد بالضبط مشكلة المنتج، ويُفسِح المجال لوعي المستهلك ولاوعيه على حد سواء لكي يكونا هما من يملأ الفراغات.

إذا كانت المشكلة تكمن في أن الناس يفترضون أن مذاق المنتوجات الزراعية البشعة أقل لذة، وأنها ذات فائدة صحية أقل، أليس بوسعكم إخبار الزبائن مباشرة أن هذا الشيء غير صحيح؟

بالإمكان فعل ذلك. لكن استخدام توصيف “بشعة” على الملصق الترويجي يؤدّي الغرض باختصار. فعندما يتسوّق الناس الأغذية تحديداً، فإن انتباههم يكون محدوداً، وهم يضطرون إلى اتخاذ الكثير من قرارات الشراء بسرعة. فإذا كنت تبيع سيارات فارهة، قد يكون من المناسب شرح مزاياها بالتفصيل، لكن من الصعب تقديم الكثير من المعلومات التفصيلية خلال الوقت الذي يستغرقه اتخاذ شخص ما لقرار بتحديد أي حبّة طماطم يريد شراءها. أجرينا دراسة لاختبار الأثر الذي يتركه عرض لوحة إخلاء مسؤولية تذكر أن الفروقات في أشكال الخضار والفواكه لا تعني فروقات في المذاق أو الفائدة الصحية، وتوصّلنا إلى أن تلك المقاربة كانت تتمتع بذات الفاعلية التي يتمتع بها استعمال توصيف “بشعة” على الملصق. لكن المقاربة الثانية أسهل بكثير! ناهيك عن أنه في العديد من سياقات التسوق على أرض الواقع لن يكون من المجدي بالضرورة إبلاغ الزبائن بهذا المستوى الإضافي من المعلومات.

راجعتم في دراساتكم الأسواق الشعبية التي يبيع فيها المزارعون بضاعتهم، وشركات خدمات توصيل المنتوجات الزراعية. فهل توصّلتم إلى أن المتسوّق العادي في متاجر البقالة يتجاوب بطريقة مختلفة؟

بذلنا قصارى جهدنا لكي نأخذ بحسباننا العوامل الديموغرافية الأساسية مثل عمر الشخص وجنسه. غير أن المؤكد هو أن ثمة عوامل ثقافية أخرى تترك أثرها، مثل الوضع الاجتماعي الاقتصادي للإنسان وآرائه السياسية، ولاسيما درجة اهتمامه بموضوعي البيئة والهدر الغذائي. ومع ذلك، فإن هناك أبحاثاً كثيرة تشير إلى أن التحيّز ضد المنتجات غير الجذّابة ينطبق في مجموعة واسعة من السياقات بغضّ النظر عن الفئة الثقافية الفرعية التي ينتمي إليها الشخص، ومن المنطقي أن تكون الاستراتيجية التسويقية المصممة لمواجهة هذا التحيز فاعلة عموماً أيضاً.

درسنا أيضاً مدى القبول الدولي لاستعمال توصيف “بشعة” في الملصقات، ووجدنا أن متاجر التجزئة التي تبيع عن طريق الإنترنت والمحال التقليدية في أنحاء العالم، على حد سواء، كانت مترددة وبانتظام في تبنّي استعمال ملصقات تحمل هذه التوصيفات. ورغم أن أشخاصاً ينتمون إلى ثقافات وخلفيات مختلفة قد تكون لديهم درجات متفاوتة من تحمّل المنتوجات الزراعية غير الجذّابة، إلا أنني أتوقع أن التحيز الضمني ضدها – وبالتالي فاعلية تحديد هذا التحيز والحد من تأثيره – هو أمر منتشر في جميع أنحاء العالم إلى حد ما.

عندما نعترف صراحة أن المنتج الزراعي من خضار وفواكه بشع، فإننا بذلك نشدد على حقيقة أن مظهره هو العيب الوحيد فيه.

حسناً، هل هذا يعني أن الشركات يجب أن تضع ملصقات تتضمّن كلمة “بشع” على أي منتج غير جذّاب؟

ليس بالضرورة. فرغم أننا وجدنا أن هذه الطريقة في بيع المنتوجات الزراعية فاعلة، إلا أننا لا نستطيع ضمان نجاح استراتيجية مشابهة إذا ما استُعْمِلت مع أنواع أخرى من المنتجات. من المؤكد أن هناك بعض الأمثلة المشهورة التي يسري عليها هذا المبدأ على ما يبدو، مثل حالة الكنزات (السترات) البشعة. أما عندما يتعلق الأمر بقرارات الشراء ذات الأهمية الأكبر وعمليات اتخاذ القرارات الأبعد مدى، فإن اتّباع هذه المنهجية في التوصيف والملصقات قد لا تكون الخيار الأفضل.

هل هذا يعني أننا لا نستطيع تصميم إجراء مشابه لمحاربة النزعة إلى الحكم على الناس من مظهرهم الخارجي أو غير ذلك من أشكال التحيز ضد أشخاص معيّنين في المجتمع عموماً؟

تنتشر ظاهرة ضريبة البشاعة على نطاق واسع. وبوسعك رؤيتها في الطريقة التي يستهلك بها الناس المحتوى، أو يحابون بها شركات معيّنة، أو في الطريقة التي يتفاعلون بها مع بعضهم البعض. فعلى سبيل المثال، ثمة أبحاث موسّعة تتناول النزعة الموجودة لدى بعض الناس وتدفعهم إلى رؤية الأشخاص الأقل جاذبية على أنهم أقل كفاءة وأقل قدرة على التفاعل الاجتماعي.

تشير الدراسات إلى أن تحديد الإنسان لتحيزاته يمكن أن يكون طريقة فعالة للبدء بالتغلب عليها بذات الطريقة التي يدعو بها ملصق يحمل كلمة “بشعة” الناس ضمناً إلى التغلّب على حالة عدم الانجذاب الموجودة لديهم تجاه المنتوجات الزراعية ذات الشكل القميء. غير أن التعامل مع تصوراتنا عن الناس وتفاعلنا معهم أعقد بكثير من تعاملنا مع تصوّراتنا عن الغذاء وتفاعلنا معه.

من الأسهل التعامل مع تحيّز ضد جزرة مقارنة بالتعامل مع تحيّز ضد شخص. بالضبط. وتحديداً عندما يتعلق الأمر بالتحيزات المستندة إلى العرق، أو النوع الاجتماعي (الجنس)، أو ما شابه لأن هذا الشيء ينطوي على عوامل أكثر بكثير. فعلى سبيل المثال، توصّلت الأبحاث التي درست معدلات نجاح مندوبي المبيعات مقارنة بمظهرهم إلى أن الأشخاص الجذابين أقدر على بيع أنواع معيّنة من المنتجات، في حين أن الأشخاص غير الجذابين أقدر على بيع أنواع أخرى منها. وبطبيعة الحال، فإن الاستنتاجات التي نكوّنها عن الناس بناء على مظهرهم تعتمد إلى حد كبير على السياق، بما أننا قد نتوصل إلى استنتاجات مختلفة بحسب ما إذا كنا ننظر إلى الشخص المعني على أنه زميل عمل محتمل، أم شريك حياة محتمل، أم شارٍ محتمل، أم بائع محتمل. ومعالجة تحيّزاتنا ضد الناس أصعب بكثير من معالجة تحيزاتنا ضد المنتوجات الزراعية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .