بالنسبة للمرأة العاملة، تعتبر علاقات الصداقة مع زميلاتها في العمل ضرورية جداً للرضا والراحة النفسية في العمل والتقدم المهني. ومع ذلك، لا تتمكن نساء كثيرات من بناء الصداقات لأنهنّ لا يعرفن كيفية التعامل مع نساء من هويات اجتماعية مختلفة، كالعرق والنوع، وفقاً لما سمعناه كثيراً من النساء أثناء بحثنا في علاقات العمل وخلال سنوات عملنا في التدريب، فماذا عن بناء علاقات الصداقة في العمل تحديداً؟
اقرأ أيضاً: هل عليك التستر على أخطاء صديق في العمل؟
لقد وجدنا من خلال الاستبانات والمقابلات، حوادث كثيرة شعرت فيها النساء ذوات البشرة البيضاء أنهن مخولات لتقديم نصائح لزميلاتهن ذوات البشرة السمراء تتعلق بملابسهن وعلاقاتهن الاجتماعية وطريقة كلامهن. ولذلك، من الطبيعي أننا سمعنا مراراً وتكراراً عن معاناة المهنيات ذوات البشرة السمراء في محاولاتهن المرهقة واليائسة "للاندماج" في العمل. قالت إحداهن: "أختار ملابسي للذهاب إلى العمل كل يوم وكأنني سأقابل الرئيس التنفيذي، وأتعامل بلطف وود دائماً مع الجميع، وأبقى مبتسمة لدرجة الشعور بألم في وجنتيّ، فأنا أحرص على ألا يراني الآخرون امرأة ذات بشرة سمراء غاضبة. لذلك أرتمي كل مساء في فراشي مرهقة من كل هذه الجهد".
اقرأ أيضاً: ما الأمور الصغيرة التي تؤثر في علاقات العمل لدينا؟
بناء علاقات الصداقة في العمل
السؤال إذاً، كيف يمكن للمرأة أن تكون أفضل حالاً؟ بناء على عملنا لسنوات عديدة في التدريب، لدينا اعتقاد أن هذا لن يكون ممكناً إلا عندما تعزم النساء على خوض محادثات صريحة ومزعجة غالباً مع بعضهن البعض. وفي حين ركز بحثنا بصورة رئيسة على النساء والأعراق، إلا أنه يمكن تطبيق هذه النصائح على العديد من العلاقات، بما فيها العلاقات فيما بين الرجال أو بين النساء والرجال. إذ يجب أن تفتح هذه النصائح نافذة لمعالجة الاختلافات الثقافية بصدق واهتمام والسماح لكل طرف في العلاقة أن يكون صادقاً مع نفسه. قد تكون هذه المحادثات شديدة الصعوبة في كثير من الأحيان، ولكن يمكننا تفادي العثرات فيها عن طريق اتباع 4 نصائح بسيطة، وهي:
لا تتخذي موقفاً دفاعياً ولا تحفزيه لدى الطرف الآخر
إذا شعرتِ أنك تحتاجين إلى الدفاع عن نفسك (كقول: أنا لست عنصرية)، فتوقفي واسألي نفسك عن سبب شعورك بالتهديد. إذا اتخذت موقفاً دفاعياً، فعلى الأرجح أنك لن تتمكني من فهم ما يقال لك، وعلى الأرجح أنك لن تقولي ما تريدين قوله فعلاً.
وعلى نفس المنوال، تجنبي التلفظ بأي شيء قد يتسبب باتخاذ الطرف الآخر موقفاً دفاعياً مثل: "يؤسفني شعورك بهذه الطريقة"، فهو سيحط من قيمة شعور الطرف الآخر ولن يحقق شيئاً إيجابياً.
اسعي للتفهم، وليس لاستعراض أنك شخص جيد
إن هدفك من خوض محادثة مع امرأة ذات هوية اجتماعية مختلفة هو فهم المكان الذي تأتي منه ونقاط ضعفها ومعرفة الطريقة التي تمكنك من توضيح أن خوض هذه المحادثة آمن. لا تهتمي ببناء مصداقية لوجهة نظرك أنت، بل ينبغي أن يكون هدفك هو أن تتعاملي بصورة أفضل، لا إثبات أنك شخص جيد.
لا تبدئي محادثة إلا إذا كنت مستعدة لها
تعتمد المحادثات الفعالة بهدف تحسين علاقات مكان العمل على الرغبة بالاستماع لما قد يكون تعليقاً مزعجاً. وقول جملة: "لا أود التحدث عن هذا الموضوع لأنه سيزيد الأمور صعوبة" أسوأ من عدم خوض المحادثة في المقام الأول. لن تتحسن علاقات مكان العمل إلا إذا رفضت النساء التعامل مع أي موضوع على أنه تخطٍ للحدود ورفضن الالتفاف حوله.
اقرأ أيضاً: هل ما زال عملاؤك يفضلون التواصل البشري؟
يطلق البعض عبارات تقتل المحادثة ما يعيق بناء علاقات الصداقة في العمل
هناك عدد من الأمور التي لا ينبغي أن تقال، ومنها: "لا أقصد الإساءة، ولكن..." و"لا تكوني شديدة الحساسية.." و"ألا تتقبلين المزاح؟" و"أنا لست عنصرية" و"لدي كثير من الأصدقاء (من جنسيات وأعراق مختلفة)" و"أنت مختلفة". فهذه الجمل تقتل المحادثة، يمكنك الاستعاضة عنها بجمل مثل: "أرغب بالحصول على مساعدتك كي أتمكن من فعل ما هو أفضل لعلاقتنا".
وفي نهاية الحديث عن بناء علاقات الصداقة في العمل تحديداً، يمكن لاختلاف التقاطعات جعل علاقات العمل بين الزملاء من الجنس الواحد صعبة، ولكن من الضروري أن تعي النساء طرق تقوية علاقاتهن مع زميلاتهنّ على اختلاف هوياتهن الاجتماعية وجعلها داعمة للطرفين. وقد رأينا ذلك يتحقق مرات عديدة. لا بد من وجود بعض المجازفات في محاولة إجراء هذه المحادثات، ولكن يمكن أن تكون العلاقات التي تنشأ بعدها ذات قيمة كبيرة جداً.
اقرأ أيضاً: ما الذي ينبغي على الحكومات أن تتعلمه من التواصل الفعال في الشركات الخاصة؟