ملخص: يرى الكثيرون أن "الواجبات" و"المحظورات" المرتبطة بالتوجيه المهني تشكل ضغطاً مزعجاً وقد تصبح عائقاً أمام التماس الدعم الذي يحتاجون إليه بشدة، لذلك أنصح بالتخلي عن مفهوم "الموجه" واستخدام مفهوم "المستشار" بدلاً منه، وإحاطة نفسك بفريق من المستشارين أصحاب التخصصات المتنوعة الذين يمكنهم دعمك طوال مسيرتك المهنية. لكن كيف تعثر على المستشارين المناسبين؟
- استخدم بطاقة تقييم المستشارين الشخصية لتحديد أهم العوامل التي يجب أن تراعيها عند اختيار مجموعة مستشاريك، تتضمن هذه البطاقة 4 فئات، وهي أسلوب العمل والخبرة ومتانة العلاقة والميزات الإضافية.
- أسلوب العمل: عند اختيار مستشاريك، من المهم أن تتعرف إلى الاختلافات بينهم ومدى توافقها مع تفضيلاتك واحتياجاتك التي ستتغير غالباً بمرور الوقت.
- الخبرة: أحط نفسك بفريق من المستشارين أصحاب الخبرات المتباينة أو الذين يعملون في قطاعات أو وظائف مختلفة أو يمتلكون مهارات متنوعة لتشجيعك على تطوير نفسك وتسريع نموك الشخصي وتوسيع مداركك.
- متانة العلاقة: أحط نفسك بمجموعة صغيرة ومختارة بعناية من الأشخاص الذين يمكنك بناء علاقات وطيدة معهم والذين يمتلكون القدرة على النمو إلى جانبك طوال رحلتك المهنية.
- الميزات الإضافية: تعتمد اختياراتك في هذه الفئة على قيمك الأساسية واهتماماتك واحتياجاتك المتعلقة بالدعم، فوجود أشخاص في شبكة علاقاتك يرون العالم من منظور مماثل يمدك بالقوة عند اتخاذ قرارات صعبة والتخطيط للمستقبل.
يستطيع الجميع الاستفادة من فريق المستشارين المقربين، وهي مجموعة غير رسمية من الأشخاص الذين تثق بهم ويمكنك الاستعانة برصيدهم المعرفي ورؤاهم عند صناعة القرارات لتعزيز مسارك المهني (والشخصي).
يرتبط مصطلح "موجّه" غالباً بهذا النوع من العلاقات، لكنني أجده يقيدها؛ إذ يرى الكثيرون أن "الواجبات" و"المحظورات" المرتبطة بالتوجيه المهني تشكل ضغطاً مزعجاً وقد تصبح عائقاً أمام التماس الدعم الذي يحتاجون إليه بشدة. لذلك، أنصح بالتخلي عن مفهوم "الموجه" واستخدام مفهوم "المستشار" بدلاً منه، ويمكنك الاستلهام من علاقاتك في أيام دراستك الثانوية لتحديد النموذج الذي تبحث عنه.
تتاح الفرصة غالباً أمام طلاب المدارس الثانوية لتطوير علاقات استشارية أو داعمة بصورة غير رسمية مع مجموعة متنوعة من الأشخاص، ولعلك مررت بهذه التجربة أيضاً؛ تتشكل هذه العلاقات تلقائياً عادة وتضم مستشارين من الهيئة التدريسية والمدربين الرياضيين وأفراد الأسرة والجيران أو أفراد المجتمع وحتى الأقران وزملاء المدرسة من مستويات مختلفة، ويشكلون جميعهم شبكة دعم.
ثمة شبه بين العالم المهني والمدرسة الثانوية؛ إذ تضم مجموعة مستشاريك أشخاصاً من تخصصات مختلفة، وتربطك بكل منهم علاقة يختلف مستواها من شخص لآخر وبمقدورك تعزيزها بمرور الوقت. لكن ثمة اختلافات مهمة قد تجعل العثور على مستشارين في بداية مسيرتك المهنية أصعب مما كان عليه الأمر خلال فترة المراهقة.
- أولوياتك: في مراهقتك، كانت مقرراتك الدراسية والجامعة التي تنوي الالتحاق بها والرغبة في قبول زملائك لك على رأس أولوياتك، لكن منذ أن دخلت سوق العمل تغيرت أولوياتك غالباً ليأتي على رأسها النمو المهني والعثور على الوظيفة أو المؤسسة المناسبة والرغبة في "الاندماج" في ثقافة شركتك (مثل التفاعلات الشخصية وسياسات بيئة العمل وهلمّ جرّاً).
- مستوى المبادرة لديك: مثَّلت شبكات العلاقات الداعمة ركيزة أساسية في التجارب التي خاضها معظمنا بالمدرسة الثانوية أو الجامعة، خاصة إذا كانت تضم بعضاً من أفراد الأُسرة أو الأصدقاء أو المعلمين. لكننا مطالبون في عالم الحياة المهنية بحشد الداعمين سلفاً.
- إيقاع التواصل: ربما كان بإمكانك في السابق التواصل مع أعضاء شبكة داعميك أسبوعياً أو حتى يومياً، لكن بمجرد دخولك سوق العمل، عليك أن تختار مواعيد التواصل مع الآخرين وتحدد أسبابه بعناية.
كيف تحدد المستشارين المناسبين، إذاً؟
لقد ابتكرتُ إطار عمل أسميه "بطاقة تقييم المستشارين الشخصية"، ولعله يفيدك؛ تحدد هذه البطاقة أهم العوامل التي يجب مراعاتها عند اختيار مجموعة مستشاريك، وتهدف إلى تعميق فهمك لنفسك واحتياجاتك، وبذلك يمكنك توفير ضوابط لحماية عملية "التعارف" المحاطة بالغموض أحياناً وتحديد العلاقات التي تستحق العمل على إنشائها وتوطيدها.
تتضمن بطاقة التقييم التي صممتها 4 فئات أعتقد من واقع خبرتي أنها تلخص أهم السمات التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند اختيار المستشارين. استخدم الجدول التالي نموذجاً عند تطوير بطاقة التقييم، ولا تتردد في توسيعه أو تعديله بناءً على احتياجاتك المهنية أو الشخصية.
- أسلوب العمل: يشمل نوع الدعم وطريقة التفاعل وأسلوب التواصل
- الخبرة: وتشمل القطاع الذي يعمل به أو المهارات أو المعرفة التي يمتلكها
- متانة العلاقة: أي فرص استمرار العلاقة على المدى الطويل وإمكانية خوض محادثات أعمق
- الميزات الإضافية: وهي فئات إضافية تستند إلى قيمك الأساسية أو اهتماماتك أو احتياجك للدعم
1. أسلوب العمل
على الرغم من رغبتنا الغريزية في تصنيف الآخرين على أساس وظائفهم أو خبراتهم، فثمة أنواع كثيرة ومختلفة من البشر. عند اختيار مستشاريك، من المهم أن تتعرف إلى الاختلافات بينهم ومدى توافقها مع تفضيلاتك واحتياجاتك التي ستتغير غالباً بمرور الوقت.
أسلوب العمل هو أحد عناصر التفكير في هذا الأمر، ويمكن تقسيمه إلى 3 فئات:
نوع الدعم
يغطي هذا الجانب نوع الدعم الذي تحتاج إليه من المستشارين المحتملين وقدرتهم على تقديمه لك. على الرغم من تعدُّد أشكال الدعم، يمكنك تصنيفه ببساطة إلى "دعم عاطفي بمقابل الدعم العملي" و"تقديم المشورة بمقابل تقديم الرعاية". وتقع احتياجاتنا عادة في مكان ما بين النوعين.
على سبيل المثال، إذا كنت تحاول تهدئة مخاوفك بشأن وظيفة تقدمتَ للحصول عليها فأنت بحاجة إلى دعم عاطفي، وإذا كنت بحاجة إلى إرشادات حول كيفية الاستعداد لمقابلة عمل فنية فأنت بحاجة إلى دعم عملي، وإذا كنت تتطلع إلى نيل ترقية أو تغيير قطاع العمل فقد تحتاج إلى راعٍ، أي شخص يدافع عنك في غيابك. وفي هذه الأحوال كلها تحتاج إلى المشورة (لكن بأشكال مختلفة). عند إنشاء مجموعة مستشاريك، فكِّر فيمن يصلح لأداء هذه الأدوار المختلفة على أفضل وجه ممكن لضمان أن تحصل على ما تحتاج إليه للنجاح.
لاحظت عموماً أن الزملاء في المستويات الأخرى هم أكثر الناس استعداداً لتقديم الدعم العملي، مثل مراجعة السيرة الذاتية والمساعدة في التدرب على مقابلات العمل. كما أن المهنيين في منتصف حياتهم المهنية مؤهَّلون أكثر من غيرهم لتقديم المشورة المتخصصة المستمدة من خبراتهم، أما القادة الكبار فهم أنسب مَن يؤدي دور الرعاة أو المساعدين في اتخاذ القرارات واعتماد الاستراتيجيات المهنية العامة.
التفاعل
يرتبط هذا الجانب بأسلوب التواصل ورسميته وتكراره. هل يحب مستشارك المحتمل الدردشة وجهاً لوجه أم التواصل عبر البريد الإلكتروني أم عبر الهاتف أم عبر تطبيقات التراسل الفوري؟ هل الاجتماعات التي يفضّل عقدها متباعدة أم متقاربة؟ هل هذا الشخص من النوع الذي تحب إطلاعه على المستجدات بانتظام، أم أنك تود ألا تراه أكثر من مرتين في العام؟
يستغرق اكتشاف هذه التفضيلات بعض الوقت، لكنك لست مضطراً لتسريع العملية من خلال الطلب رسمياً من الأشخاص أن يكونوا مستشارين لك؛ إذ تتطور هذه العلاقات على نحو يشبه تطوُّر علاقات الصداقة، وأياً كانت الطريقة التي تستخدمها، فعليك أن تراعي الاتساق في التواصل والحفاظ على العلاقة؛ فسرعة استجابتهم هي مؤشر على التزامهم.
أسلوب التواصل
يرتبط هذا الجانب بنوعية الملاحظات الأكثر فعالية من وجهة نظرك ومدى توافقها مع أسلوب التواصل المفضل لدى مستشاريك المحتملين.
على سبيل المثال، يفضّل البعض عبارات التشجيع، في حين يفضّل آخرون الحزم تعبيراً عن المحبة. أرى بحكم خبرتي الشخصية أنه من الأفضل أن يكون لديك مزيج متوازن من الأشخاص الذين ينتمون إلى هذه الفئة؛ فعندما تحتاج إلى تعزيز ثقتك بنفسك، يجدر بك التواصل مع شخص يغدق عليك بعبارات تُشعِرك بالفخر، وعندما تحتاج إلى سماع الحقيقة المجرَّدة، يجدر بك التواصل مع شخص يمكنه الحديث إليك بصراحة مطلقة. في حالة الرعاية، يجدر بك التواصل مع شخص على استعداد لتوجيهك بشأن ما يتعين عليك إنجازه والتزام أعلى درجات المصداقية عند تقديم توجيهاته حتى يشعر بالارتياح عند وضع سمعته على المحك والدفاع عنك كي تحرز التقدم المهني الذي ترجوه.
مع حدوث تحولات جذرية في مسيرتك المهنية ونموها، أضف أشخاصاً جدداً إلى فريق مستشاريك يتبعون أساليب أكثر ملاءمة لوضعك الجديد وفاوض على شروط علاقاتك الحالية.
2. الخبرة:
البشر ميَّالون بطبيعتهم إلى التقليد؛ إذ إننا تتسرب إلينا سلوكيات الأشخاص الذين نمضي معهم وقتنا ومعارفهم. لهذا فإحاطة نفسك بفريق من المستشارين الذين يشجعونك على تطوير نفسك هي وسيلة بسيطة لتسريع نموك الشخصي وتوسيع مداركك.
مثل أسلوب العمل، فإن الخبرة متعددة المناحي ويمكن تقسيمها إلى 3 فئات:
الخبرة في مجال العمل:
يصف هذا الجانب حجم المعرفة التي يمتلكها شخص ما في مجال محدد أو تخصص بعينه، ويتخذ عادة شكلين، الخبرة التخصصية (مثل خبرة التسويق والمبيعات والماليات وما إلى ذلك) أو الخبرة بقطاع عمل معيَّن (مثل التكنولوجيا والخدمات المالية والمنتجات الاستهلاكية).
إذا كنت لا تزال تحاول تحديد المسار الوظيفي الذي تريد اتباعه، فيمكنك الاستفادة من المستشارين العاملين في مجالك التخصصي بمختلف القطاعات (مثل الخدمات المالية والماليات الاستراتيجية في الشركات الناشئة، وما إلى ذلك). وإذا كنت تتطلع إلى النمو بقطاع معين، فيجدر بك تكوين مجموعة مستشاريك من أشخاص يتخصص كل منهم في مجال مختلف من هذا القطاع (أو يمتلك خبرات تخصصية مختلفة فيه)، بحيث تكون لديك مجموعة واسعة من الخبراء المتخصصين الذين يمكنك الاستعانة بهم عند مواجهة الأسئلة أو التحديات الصعبة.
وفي كلتا الحالتين، ستستفيد على مدى سنوات من اتباع نهج شامل لإنشاء مجموعة مستشاريك.
نوع المهارة
يمكن تصنيف المهارات إلى "مهارات فنية" و"مهارات شخصية". وباعتبارك محترفاً في بداية حياته المهنية، قد تفضّل التركيز على المستشارين الذين يمتلكون مهارات فنية تتوافق بوضوح مع مسؤوليات وظيفتك أو اهتماماتك (مثل النمذجة المالية والترميز البرمجي، وما إلى ذلك)، لكنك ستُضعف فرص نجاحك إذا لم تعمل على تطوير مهاراتك الشخصية (مثل الوعي الذاتي والتواصل والذكاء العاطفي وحب الاستطلاع، وما إلى ذلك)؛ فمع تقدمك في مسيرتك المهنية، خاصة إذا كنت مهتماً بالإدارة، ستستخدم هذه المهارات على نحو متكرر، وهي مهارات تصبح مرغوبة أكثر بالنسبة لوكالات التوظيف.
عند اختيار مستشاريك، ابحث عن الأشخاص الذين يتمتعون بمواهب غير ملموسة، ويمكن أن تتجلى هذه المهارات الشخصية في امتلاك قدرات متميزة في التواصل اللفظي و (أو) الكتابي (مثل إجادة رواية القصص أو الكتابة التحليلية أو سلاسة التواصل بحيث يسهل تتبع أفكاره، وما إلى ذلك)، أو الكفاءة في التفاعل مع الآخرين (مثل القدرة على إدارة الاجتماعات على نحو يتيح للجميع المشاركة في المحادثات والقدرة على التأثير في الآخرين والتمتع بشخصية جذابة، وما إلى ذلك).
الكفاءة
وأخيراً، عليك أن تفكر في مواطن قوتك والجوانب التي تحتاج إلى تحسين أدائك فيها وأن تبحث عن أشخاص يتمتعون بالكفاءة في كلتا الناحيتين. اعلم أن الاستفادة من مواطن قوتك ستعود عليك بالنفع، ويمكن أن تتعلم الاستفادة منها بطرق جديدة من زملائك الذين يتمتعون بها نفسها، ولا سيما من يشغلون مناصب رفيعة. فالتواصل مثلاً من نقاط قوتي، والعمل بالقرب من أشخاص آخرين يقدّرون التواصل بأسلوب واضح ساعدني على الاستمرار في تعلم هذه المهارة وتطويرها والافتخار بها.
على نحو مماثل، يمكنك إصلاح مواطن ضعفك من خلال إحاطة نفسك بمستشارين متميزين في هذه الجوانب؛ فالمستشار الجيد يعلمك كيفية التحسن ويحفزك بفعالية على الارتقاء بمستوى أدائك. إذا حددت شركتك كفاءات معينة مطلوبة للترقية، فسيكون تطويرها ضرورياً لنموك.
3. متانة العلاقة:
تقول الفكرة السائدة في السياق المهني إن النجاح يقاس بالحجم، ويصدقها معظم الموظفين لا سيما في بداية حياتهم المهنية، ولكن عندما يتعلق الأمر باختيار مستشاريك، من الأفضل عادة أن تختار مجموعة صغيرة ومنتقاة بعناية من الأشخاص الذين يمكنك بناء علاقات وطيدة معهم ويمتلكون القدرة على النمو معك.
فمع تقدمك المهني، ستزداد دقة قراراتك المهنية وتتأثر أكثر بالعوامل الشخصية، مثل مجال عمل شريك الحياة والخطط الأسرية وقدرتك على شراء منزل وحالتك الصحية، وهلمّ جرّاً. قد يكون لهذه العوامل كلها أثر كبير في خياراتك؛ فعندما تغير القطاع أو مجال العمل أو المسار المهني عموماً، يجب أن تتطور شبكة علاقاتك لتواكب هذا التغيير. وسيؤدي حُسن اختيار المستشارين القادرين على تطوير أدائك على المدى البعيد إلى رفع احتمالات استمرار علاقتك بهم.
لكن كيف تحددهم؟ أنصحك بالتفكير في مناحي هويتك كلها وإضافة أهم العناصر من وجهة نظرك إلى بطاقة التقييم؛ إذ يفضّل المهنيون الاختزال فيما يتعلق بهذا الموضوع، وبالتالي يصنفون الآخرين حسب النوع الاجتماعي أو العرق أو الانتماءات المؤسسية، ونتجاهل في كثير من الأحيان تعدد العوامل التي تشكل شخصياتنا وتؤثر في نظرتنا إلى العالم.
فكِّر في الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي نشأت فيها، وانتماءاتك الثقافية ومعتقداتك وجذورك الجغرافية، أو أي عوامل أخرى تؤثر في شخصيتك، وفكر في تفاعل هذه المكوّنات بعضها مع بعض لتشكيل مميزاتك الشخصية الفريدة، ثم ابحث عن النقاط المشتركة بينك وبين الأشخاص الذين تقابلهم بموعد سابق أو تلتقيهم مصادفة.
قد يكون من المفيد أن تراجع أعمال المستشار المحتمل أو منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي أو المجموعات التي ينتمي إليها (على لينكد إن مثلاً) لتكوين فكرة متكاملة عن مدى توافق اهتماماتكما أو تصرفاتكما أو هوياتكما على نحو بنّاء. وإذا رأيت أن ثمة توافقاً مشتركاً بينكما، فقد يكون هذا المستشار مناسباً لك.
على سبيل المثال، فلنفرض أنني طالبة مهتمة بالتكنولوجيا ومشتركة في نظام الرعاية البديلة، حينئذ سأستفيد من التواصل مع شخصية مثل المهندسة السابقة في جوجل وفيسبوك، إيمي نيتفيلد، التي كتبَت عن تجاربها في نظام الرعاية البديلة والتشرد؛ لأنها ستفهم تجربتي بعمق ووضوح أكبر. وبالمثل، إذا كنتُ مهتمة بالعمل في مجال الماليات، لكنني لا أمتلك تأشيرة إقامة قانونية في الدولة ولا أعرف كيف أتعامل مع شروط التعيين، فقد أتمكن من تشكيل علاقات صداقة وطيدة مع أشخاص مثل جوليسا آرسيه أو تشارلي كويفا، اللذين مرا بتجربة مشابهة مع مؤسسة جولدمان ساكس البنكية وتجاوزا هذه العقبات.
الهدف هنا أن تتخلص من فكرة البحث عن التقارب السطحي وأن تركز على الأشياء المميزة التي تربطك بأشخاص دوناً عن غيرهم؛ وستحصل على إرشادات شخصية تتناسب مع احتياجاتك إذا استطعت تكوين علاقات استناداً إلى هذه العقلية منذ البداية. عندما تكون العلاقة عميقة حقاً تزداد احتمالية استمرارها؛ لأن تماثل التجارب الإنسانية ذات الأثر العاطفي هو عنصر أساسي في العلاقات الوطيدة.
الفئات الإضافية:
هذه مساحة خالية يمكنك ملؤها كيفما يحلو لك. على سبيل المثال، يشكّل عيش حياة هادفة جزءاً لا يتجزأ من شخصيتي، لذلك تتمثل فئتي الإضافية في امتلاك الغاية (مثل السعي لترك أثر حقيقي في العالم وليس لصناعة ثروة تتناقلها الأجيال أو الوصول إلى مناصب تنفيذية عليا وحسب). أخذت الغاية أشكالاً اختلفت من مرحلة لأخرى في حياتي؛ إذ كنت أدرّس الطلاب مجاناً في المدرسة الإعدادية، بينما كانت ريادة الأعمال هي وسيلتي المفضّلة في الأعوام القليلة الماضية لخدمة المجتمع؛ إذ أنشأت مشاريع عديدة ذات أهداف تتجاوز أهداف الشركات المعتادة. أؤمن بأن الأعمال الخدمية هي ممارسة مستمرة مدى الحياة، وأعتقد أن العمل الخيري هو الأسلوب الأمثل لرد الجميل بغض النظر عن السن والمراحل المهنية.
يجب أن تستند فئاتك الإضافية أيضاً إلى قيمك الأساسية أو اهتماماتك أو احتياجك للدعم، ومن أبرز الأمثلة على هذه القيم والاهتمامات إدارة الصحة النفسية أو مراعاة التنوع العصبي واختلاف أنماط التفكير، أو تقديم الرعاية أو الموازنة بين العمل والحياة الشخصية؛ فقيمك واحتياجاتك لها أثر قوي في قراراتك المرتبطة بحياتك ومسارك المهني. ووجود أشخاص في شبكة علاقاتك يرون العالم من منظور مماثل يمدك بالقوة عند اتخاذ قرارات صعبة والتخطيط للمستقبل.
وأخيراً، تذكّر ما يلي:
استرخ، فأنت منخرط في عملية بناء العلاقات منذ طفولتك وحتى الآن، ولا يختلف العالم المهني كثيراً عن عالم الحياة الشخصية؛ أي أنك ستواصل بناء العلاقات، لكن بفارق وحيد وهو أنك ستتحدث عن موضوعات مختلفة. وتشكيل فريق المستشارين أمرٌ يستحق العناء في مرحلة مبكرة من حياتك المهنية؛ إذ ستزداد أهمية التأثير في الآخرين وكسب دعمهم لك في قدرتك على النجاح مع تقدمك في مسيرتك المهنية. وتعد بطاقات التقييم أداة ممتازة لضمان إحاطة نفسك بالأشخاص المناسبين.