تقرير خاص

دور التجارة الإلكترونية في رسم ملامح برنامج “صنع في السعودية”

4 دقائق
صنع في السعودية
shutterstock.com/Natee Photo
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يوفر المستقبل مجموعة هائلة من الفرص والإمكانات لقطاع التجزئة السعودي، سواء على مستوى رواد الأعمال الذين يقدِمون على تطوير مشاريع جديدة أو رجال الأعمال الحاليين الذين يسعون إلى تحويل عملياتهم رقمياً. ويبدو المشهد الاقتصادي السعودي مزدهراً، في وقت تنطلق فيه مجموعة من المبادرات الحكومية الاستباقية التي تروج لتطوير المنتجات والخدمات المحلية وتوفيرها للمستهلكين على الصعيدين المحلي والعالمي، للمساهمة في تحقيق أهداف رؤية 2030 من تنويع الاقتصاد، وتعزيز الاستثمارات، وتطوير العمليات التجارية عبر القطاعات المختلفة. ويبدو المستقبل مشرقاً أمام الجهات الفاعلة عبر القطاع، في وقت تتسع فيه الفرص والإمكانات بشكل غير مسبوق. إلا أن ازدهار الصناعة السعودية، وانتشار برنامج “صنع في السعودية” على النحو المطلوب، يتطلب جهوداً مستدامة طويلة المدى، وذلك عن طريق الاستعانة بقناة تسويقية مهمة أثبتت قوتها خلال الفترة السابقة وهي: “التجارة الإلكترونية”.

آفاق التجارة الإلكترونية السعودية

من وجهة نظر سعودية، يبدو الوضع الحالي للتجارة الإلكترونية وتأثيرها المستقبلي ممتازاً عند مقارنة السوق السعودي بالأسواق العالمية. فقد تجاوزت الإيرادات العالمية إلى حد بعيد معدل النمو السنوي المركب المتوقع (CAGR) البالغ 15% لتصل إلى 25% في عام 2020، بسبب انتشار الوباء ما أدى إلى توجه الناس للتسوق عبر الإنترنت. إلا أن نمو السوق المحلية في المملكة كان أكبر وأكثر اتساعاً، حيث وصلت معدلات النمو إلى مستويات قياسية. وبغض النظر عن زيادة معدل النمو السنوي المركب بنسبة 30% تقريباً خلال السنوات الخمس الماضية، فقد وصل حجم سوق التجارة الإلكترونية في المملكة إلى 5 مليارات دولار أميركي عام 2020، مدعوماً بزيادة قدرها 60% على مدى 12 شهراً، بدءاً من عام 2019.

وبعد أن شهدت التجارة الإلكترونية في المملكة العربية السعودية إقبالاً هائلاً عبر العديد من القطاعات منذ انتشار الوباء، فإن هذا يؤكد الافتراض القائل إن العملاء الجدد الذين يعتمدون على خدمات التجارة الإلكترونية لن يغيروا توجهاتهم مستقبلاً. فعلى سبيل المثال، ارتفعت مبيعات الإلكترونيات عبر الإنترنت من 9.5% في عام 2018 إلى 18% عام 2020. بينما نما قطاع صحة المستهلك في الفترة ذاتها من 0.7% إلى 7.4%، وشهد قطاع الأجهزة ارتفاعاً في الخدمات الرقمية بنسبة 6.2%، بدءاً من 7.6% وحتى 13.8%، خلال الإطار الزمني نفسه.

وعلى الرغم من التحسينات واسعة النطاق التي اتُخذت لتعزيز تجارة التجزئة التقليدية ومواجهة التحديات التي فرضها انتشار التجارة الإلكترونية منذ بداية الألفية، فإن انتشار الوباء أدى إلى تسريع هذا الاتجاه على مستوى غير مسبوق. وقد أسهمت التدابير العالمية المختلفة – بدءاً من قيود الحركة إلى سياسات الإغلاق والحد من عمليات البيع بالتجزئة وصولاً إلى إغلاق المتاجر – إلى دفع العملاء بشكل جماعي لاتباع الخيار الأكثر أماناً وملاءمة المتمثل في التجارة الإلكترونية، حيث تبنى المستهلكون المعارضون لفكرة التسوق الإلكتروني هذا التوجه. وعلى هذا النحو، يمكن أن تصبح سوق التجارة الإلكترونية هي القوة الدافعة لتعزيز مسيرة نمو أجندة “صنع في السعودية”.

دور التجارة الإلكترونية في دعم برنامج “صنع في السعودية”

مع وضع الاعتبارات المذكورة أعلاه في الاعتبار، بات من الواضح أنه قد انضم جيلاً جديداً من العملاء التقليديين إلى مجتمع المتسوقين الرقميين عبر شراء المنتجات بشكل متكرر رقمياً. وستساهم هذه القاعدة الجديدة من العملاء في دفع النمو على مستوى التجارة الإلكترونية، كما ستسهم المزايا المقدمة للمستهلكين عبر سوق التجارة الإلكترونية واسعة النطاق في تشجيع السوق المحلية لتعزيز عملياتهم الإنتاجية، وذلك بما يتماشى مع مبادرة “صنع في السعودية” التي أُعلن عنها مؤخراً، والهادفة لتعزيز مستوى الموثوقية بالمنتجات والخدمات السعودية.

ويمكن لتجار التجزئة في السعودية الإسهام في تعزيز أهمية دور التجارة الإلكترونية لدعم برنامج “صنع في السعودية” عبر اتخاذ عدد من الإجراءات. لعل أولها يتمثل في عرض مجموعة متنوعة ومتكاملة من المنتجات عبر الإنترنت، حيث يؤدي انتفاء شرط المساحة اللازمة للعرض إلى تعزيز قدرات الشركات وتمكينها من إتاحة مجموعة لا حصر لها من المنتجات للعملاء الذين يستطيعون الحصول عليها بسهولة، مع تشجيعهم على استكشاف المنتجات المحلية، وفي الوقت نفسه الاستفادة من ميزات التجارة الإلكترونية التي توفر منتجات مخصصة وشخصية.

ويمكن دفع أجندة دعم المنتجات المحلية من خلال نجاح تجار التجزئة في الوصول إلى العملاء الجدد والحاليين على حد سواء، وذلك عن طريق الخوارزميات التي تستخدم سجلات الشراء، والتفضيلات الشخصية، والميول الاستهلاكية، وبالتالي الترويج لعروض محلية مختارة. وتعزز ميزات التخصيص مكانة منصات التواصل الاجتماعي، حيث تصبح القنوات الأساسية لاستكشاف الفرص حالياً، حيث يكتشف 82% من المستخدمين، المنتجات والعلامات التجارية عبر التقنيات التي توفرها منصة “ميتا”. وغالباً ما تتجاوز مثل هذه الحلول حدود العالم، ما يوفر لتجار التجزئة السعوديين القدرة على التوسع والوصول إلى العملاء الدوليين، تزامناَ مع الاستفادة من تجارب الاستخدام المحلية. على صعيد آخر، توفر المجموعة المبتكرة من محركات البحث المتقدمة ومراجعات المنتجات، فرصة استثنائية للمستخدمين، عبر تمكينهم من الوصول إلى البيانات ذات الصلة والعثور على المنتجات التي يبحثون عنها بسلاسة، والاستفادة من التوصيات والعروض الترويجية المحددة.

وبينما يبحث 90% من المستهلكين السعوديين بنشاط عن خيارات أكثر بساطة لتوفير أوقاتهم فإن ذلك يفرض على الجهات العاملة في سوق التجارة الإلكترونية تعزيز حضورهم على منصات التواصل الاجتماعي ومستوى تنافسيتهم من خلال هذه المواقع الشهيرة وخدمات الترويج بالرسائل النصية القصيرة. ويشعر العملاء العصريون أنهم أكثر ارتباطاً بالعلامات التجارية الموجودة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما يرون أن الحلول الإبداعية المقدمة عبر المنصات الاجتماعية تعد أكثر جاذبية. على هذا النحو، يمكن لتجار التجزئة الاستفادة من هذه الأفكار والمرئيات لتعزيز نمو التجارة الإلكترونية مع التركيز على الجانب الاجتماعي، والذي سيعزز بدوره مستوى جاذبية وشعبية المنتجات المحلية الصنع.

وتعتبر عمليات التوصيل والتسليم السريعة والمرنة بفضل أنظمة التوزيع المتقدمة ميزة أخرى للتجارة الإلكترونية، والتي ستساهم في تطوير برنامج “صنع في السعودية”. فبدلاً من انتظار الشحنات الخارجية، يمكن للعملاء الحصول على مشترياتهم من المنتجات المحلية في اليوم نفسه، بل في غضون ساعات أو حتى دقائق؛ بشرط اعتماد النظام ذاته عبر كافة أراضي المملكة ومدنها الكبرى.

بداية عصر جديد في عالم التجارة الإلكترونية

يسهم الترويج المتزايد للمنتجات المحلية بما يتوافق مع رؤية 2030، تزامناً مع الطفرة الهائلة والمستمرة في سوق التجارة الإلكترونية السعودية، في تمكين تجار التجزئة من استكشاف الإمكانات الهائلة للسوق المحلية، والتأكد من جاذبية عروضهم على المستوى الوطني والعالمي. وبناء على كل ما سبق، يمتلك تجار التجزئة، بمختلف مستويات الخبرة، القدرة على تحسين سوق التجارة الإلكترونية، والتي ستسهم بدورها في بناء مسيرة برنامج “صنع في السعودية” والترويج لها عبر كافة شرائح المستهلكين.

للمزيد من المعلومات، اقرأ أحدث تقرير لمجموعة “بوسطن كونسلتينغ جروب” بعنوان “فرص استثنائية في سوق التجارة الإلكترونية السعودي بقيمة 50 مليار ريال سعودي“.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .