ملخص: بسبب الجائحة استعاضت شركة "إنتل" (Intel) عن برنامج التدريب الداخلي التقليدي الذي تقدمه ببرنامج تدريب داخلي عن بُعد يضم 5,700 مشارك في 32 دولة، وقد كان ناجحاً للغاية. توضح هذه المقالة الخطوات التي اتخذتها "إنتل" والتي يمكن للشركات الأخرى تنفيذها. وهي تشمل الاستماع باهتمام شديد إلى المشاركين عند تصميم البرنامج وتحسينه باستمرار، وابتكار بدائل افتراضية عن التفاعلات المادية العادية، واستغلال المزايا الطبيعية للبرامج الافتراضية.
بسبب الجائحة تعين على الشركات في جميع أنحاء العالم أن تتحلى بالذكاء وسرعة الاستجابة بين عشية وضحاها لحماية رفاهة الموظفين على نحو فعال مع الحفاظ على استمرارية أعمالها. وفي شركة "إنتل" تضمَّن ذلك الحفاظ على سجل إنجازاتنا القوي في الشراكة مع الكليات والجامعات لتقديم برنامج تدريب داخلي ذي قيمة عالية للطلاب، على الرغم من القيود التي تحد من العمل وجهاً لوجه.
كان لبرامج التدريب الداخلي دور مهم في شركتنا؛ فهي تعكس التزامنا بالاستثمار في تطوير مهارات العاملين المستقبليين، كما أنها عنصر بالغ الأهمية للمواهب المؤهلة لشغل المناصب في شركتنا. عندما هددت الجائحة قدرتنا على إدارة برنامجنا التقليدي، وضعنا برنامج تدريب داخلي عن بُعد للطلاب الجامعيين والخريجين في أقسام الهندسة والتصميم والتسويق والماليات وغيرها من الأقسام في "إنتل". وما أثار دهشتنا هو أنه تفوق على برامج التدريب الداخلي التقليدية، فقد منح الطلاب المرونة التي تسمح لهم بالعمل من أي مكان يناسبهم، وفي الوقت نفسه إتاحة الفرصة لهم للتواصل مع الأقران والموجهين والمسؤولين التنفيذيين في جميع أنحاء العالم.
من خلال أخذ خطوة إلى الوراء لفهم التحديات الرئيسية لبيئة العمل من المنزل والاستماع إلى احتياجات أصحاب المصلحة الداخليين، تحركت "إنتل" بسرعة لتصميم برنامج تدريب داخلي عن بُعد لأكثر من 5,700 مشارك في 32 دولة. بعد انتهاء البرنامج الصيفي الذي استمر لمدة 3 أشهر، أفاد 98% من المشاركين بأنهم سيوصون أصدقاءهم وأفراد عائلاتهم بالعمل في "إنتل"، ما أدى إلى وصولنا إلى أعلى مرتبة على الإطلاق وفقاً لتصنيفات موقع "غلاس دور" (Glassdoor) لبرامج التدريب الداخلي في الولايات المتحدة، كما تعهد ما يقرب من نصف المتدربين المؤهلين بالانضمام إلينا في وظيفة بدوام كامل بمجرد تخرجهم. وقد شجعتنا الاستجابة الإيجابية لبرنامجنا الافتراضي الأول على تقديم البرنامج عبر الإنترنت فقط حتى سبتمبر/أيلول عام 2021 مع عودة العالم ببطء إلى الأحوال الطبيعية.
في حين أن برامج التدريب الداخلي تختلف عن بعضها بشكل كبير، إلا أن الخطوات التي اتخذناها في "إنتل" لتعظيم قيمة مبادرتنا الافتراضية يمكن أن تكون بمثابة دليل للشركات الأخرى التي تتطلع إلى فعل الشيء نفسه.
استمع بعناية
قبل البدء في ضم مجموعة جديدة من المتدربين والتخطيط للشكل الذي سيبدو عليه البرنامج، من المهم معرفة أكبر قدر ممكن من انطباعات الطلاب الذين يسعون إلى الانضمام إلى برامج التدريب الداخلي. يجب أن تتعامل مع المتدربين وأصحاب المصلحة الداخليين مثلما تتعامل مع العملاء، واسعَ بشكل استباقي إلى فهم رغباتهم واحتياجاتهم. ويجب أن تستثمر في البحوث والخدمات المقدمة من أطراف ثالثة لجمع معلومات إضافية وتستخدم الرؤى المستقاة في تصميم برنامجك.
وبناءً على ذلك، قبل البدء في تصميم هيكل برنامجنا الجديد، التمسنا آراء المتدربين الحاليين الذين سينتقلون إلى البرنامج الافتراضي من خلال نقاط تواصل منتظمة واستبيانات رسمية تُجرى دون الكشف عن الهوية. وكما هو متوقع، وجدنا أن الطلاب يتقبلون التجربة الافتراضية ولكن لا تزال لديهم رغبة قوية في فرص التعارف وبناء العلاقات المهنية التي لا تتوفر عادة إلا في برامج التدريب الداخلي التقليدية. نظرنا أيضاً إلى برامج ماجستير إدارة الأعمال عبر الإنترنت التي كان من السائد تقديمها في بيئة رقمية قبل الجائحة وعملنا على دمج الأشياء التي طبقتها بنجاح كبير. وشمل ذلك ضمان أن يكون للطلاب مجموعة محددة من الأقران عند دخول البرنامج والسماح لهم بعرض المشاريع التي عملوا عليها لزملائهم المتدربين.
سعينا أيضاً إلى تحسين البرنامج بينما كان يتم تقديمه. فقد أجرينا استطلاعات للرأي عقب الأنشطة والفعاليات، وفي نهاية البرنامج أيضاً، وتناقشنا مع أصحاب المصلحة بشكل شخصي وبصفة منتظمة لمعرفة انطباعاتهم حول البرنامج. ونتيجة لهذه المحادثات، علمنا أن المتدربين استمتعوا بوجه خاص بأنشطة التعارف والعمل مع المتدربين والموظفين الآخرين على المشاريع التي تنطوي على تحديات. ولكنهم كانوا ينفرون من الاجتماعات التي تضم مجموعة كبيرة من الأفراد لأنها لا تترك مجالاً للتعاون. واستجابة لذلك، أعدنا النظر في نهجنا الذي نتبعه في عقد الاجتماعات الجماعية التي تضم جميع المتدربين وأعطينا الأولوية للاجتماعات الافتراضية التي تضم مجموعة أصغر من الأفراد، ما يسمح بمزيد من المشاركة.
ابتكر بدائل عن التفاعل وجهاً لوجه
بالإضافة إلى التخطيط لضمان حصول أصحاب المصلحة على أكبر قيمة من برنامجك، يجب عليك أيضاً تنظيم التدريب الداخلي عند بُعد بحيث يوفر التجارب أو التفاعلات التي قد تحدث بشكل طبيعي في مكان العمل. على سبيل المثال، غالباً ما يكون العمل في بيئة مهنية أمراً جديداً على الطلاب في سن الجامعة. وعدم توافر تجربة تتيح التفاعل وجهاً لوجه يجعل من الصعب عليهم التكيف وفهم الأساسيات من خلال ملاحظة الآخرين. وبالتالي، من المهم للغاية إجراء جلسة تدريبية مكثفة في بداية برامج التدريب الداخلي عن بُعد للسماح بتعارف المتدربين ومدرائهم وتقديم لمحة عامة عن البرنامج ومشاركة أفضل الممارسات للعمل عن بُعد ووضع التوقعات.
في بيئة العمل عن بُعد من المهم بشكل خاص خلق بيئة تفاعلية تشجع على العمل الجماعي فيما بين المتدربين ومدرائهم، على الرغم من العوائق المادية. تأكد من أن كل متدرب لديه موظف معين بدوام كامل لإرشاده خلال البرنامج، ووفر نقاط تواصل عن بُعد لمناقشة حجم عمل المتدرب بالإضافة إلى تطوره المهني وأهدافه المهنية. بالإضافة إلى ذلك، قسّمنا مجموعات المتدربين إلى مجموعات صغيرة من الأقران، ما عزز شعورهم بروح الزمالة والدعم، واعتمدت بعض الأقسام في "إنتل" نظام زمالة يجمع زميلين متدربين معاً.
نظمنا نشاطاً يُجرى شهرياً للتعارف السريع بوصفه بديلاً عن الأحاديث الجانبية الودية التي تحدث في المكتب، ما سمح للمتدربين بحجز جلسات مدتها 15 دقيقة لمقابلة المتدربين والموظفين الآخرين. كما أتحنا للمتدربين فرصاً لقضاء ساعة مع موظفين بدوام كامل للدردشة والحصول على تدريب إرشادي على أساس أكثر اتساماً بالطابع الرسمي. وخلال هذه العملية، أشركنا 150 موظفاً، من خريجي الجامعات الجدد إلى كبار المدراء الإداريين في كل قسم تقريباً في "إنتل"، لإرسال سيرهم الذاتية للمتدربين للاطلاع عليها واختيار الممثل الذي يرغبون في الدردشة معه. وقد منح هذا المتدربين القدرة على التواصل مع الموظفين بناءً على مدى توافق خلفيتهم وعملهم في "إنتل" مع اهتمامات المتدربين الشخصية وأهدافهم المهنية.
حاولنا أيضاً تعريف المتدربين بالجانب اللامنهجي لثقافتنا المكتبية. على سبيل المثال، شجعت "إنتل" متدربيها على إنشاء نوادٍ (أي مجموعات مكونة من أفراد تجمعهم صفات واهتمامات مشتركة) وقدمت التمويل اللازم للمساعدة في تسهيل ذلك. ولدعم أحد الأندية التي تجمع عشاق الكتب الهزلية، دعت "إنتل" مؤلفي الكتب الهزلية للتحدث مع الأعضاء عن بُعد، وقدمت للمشاركين اشتراكاً في مجلة للقصص الهزلية، ودفعت قيمة وجبات غداء لأعضاء النادي. كما وفرت "إنتل" للمتدربين فرصاً للتطوع عن بُعد مع المؤسسات غير الربحية. ومن خلال مبادرة مع جمعية الصليب الأحمر، تم إشراك المتدربين للمساعدة في تحديد المناطق النائية في دول العالم الثالث لتحسين الاستجابة للكوارث.
استغلال مزايا البيئة الافتراضية
هناك بعض الفرص التي يمكن للبيئة الرقمية فقط أن تجعلها ممكنة. لتعزيز التفاعلات بين المتدربين وزيادة إنتاجيتهم، يمكن للشركات استخدام أساليب التلعيب في المهام والأنشطة مع تقديم حوافز نظير المشاركة، والاستفادة من أدوات مثل وسائل التواصل الاجتماعي. على سبيل المثال، صممت "إنتل" برنامجاً يسمى "جواز سفر إنتل" (Intel Passport Program) وقد سمح للمشاركين بالحصول على أوسمة ومكافآت، بما في ذلك غداء افتراضي مع رئيسنا التنفيذي، نظير إكمال أنشطة محددة مثل تأليف مدونة لشركة "إنتل" لنشرها أو مشاركة منشور على وسائل التواصل الاجتماعي حول تكنولوجيات شركة "إنتل".
توفر البيئة الافتراضية أيضاً طرقاً لتعزيز التنوع والشمول عن طريق إزالة القيود الجغرافية أو القيود المفروضة على إمكانية الوصول الموجودة في العالم المادي. في حين أن برنامج "إنتل" واسع النطاق كان يضم في الماضي مجموعة كبيرة ومتنوعة من المتدربين، إلا أن التجربة الافتراضية سمحت لنا بجمع مشاركين من مختلف مناحي الحياة لإثراء تجربتهم الجماعية.
ومن ناحية أخرى، نظراً إلى أن الجائحة قللت بشكل كبير من رحلات سفر المسؤولين التنفيذيين، أصبح قادتنا أكثر توفّراً للتفاعل مع المتدربين، ما كان أحد أكثر العناصر إيجابية في برنامجنا الافتراضي. فقد دعونا مسؤولين تنفيذيين من جميع أنحاء الشركة للتحدث مع المتدربين من خلال جلسات مباشرة عبر الإنترنت لطرح الأسئلة والإجابة عنها وغيرها من الفعاليات الافتراضية، ما يزيد من فرص تفاعل المتدربين مع القادة رفيعي المستوى مقارنة بالسنوات السابقة مع منحهم رؤى قيمة حول استراتيجية الشركة وأولوياتها.
من خلال تصميم برنامج يلبي احتياجات جميع أصحاب المصلحة وتنفيذه بشكل مدروس، تمكنا من وضع برنامج تدريب داخلي عن بعد ناجح للغاية. ومن خلال الإعداد المناسب، واستخدام نهج يركز على التحسين المستمر، والتزام على مستوى الشركة بنجاح البرنامج، يمكن للشركات الأخرى أيضاً وضع برامج ناجحة.