غالباً ما يتطور التحول الرقمي الذي يبدأ في مكتب الرئيس التنفيذي إلى مشروع ضخم يشترك الجميع في الاستفادة من خدماته. وتكمن المشكلة في أن المشروعات الكبرى تستغرق وقتاً طويلاً لكي يكتمل إنجازها، وبحلول الوقت الذي تصبح فيه هذه المشروعات جاهزة، تكون الخدمات التي توفرها قد أصبحت متقادمة. وفي الوقت نفسه، يحتاج المدراء الحقيقيون العاملون على الخطوط الأمامية إلى شيء يمكنهم استخدامه اليوم بهدف الحفاظ على مكانة الشركة أمام المنافسين.
وتوضّح الدراما الأخيرة التي حصلت مع إحدى متاجر البيع بالتجزئة الكبرى هذه المعضلة، إذ وجدت نائبة رئيس خط إنتاج متهاوٍ نفسها تكافح من أجل العثور على أدوات رقمية بغية مساعدتها في الحصول على زبائن جدد قبل بضعة أشهر. ودفعها يأسها إلى استخدام بطاقتها الائتمانية الشخصية لدفع اشتراك شهري في نظام سحابي متخصص في إدارة علاقات الزبائن والذي يمكن أن يساعدها في بدء حملة على الإنترنت.
وسرعان ما اشتمّ كبير موظفي المعلومات رائحة المشروع واستدعى نائبة الرئيس إلى مجلس تأديبي. وبعد استماع نائبة الرئيس إلى توبيخ كبير موظفي المعلومات الصارم لها بشأن الخروقات الأمنية التي خاطرت في ارتكابها في سبيل تطبيق مبادرتها، سألها الرئيس التنفيذي عن سبب إحجامها عن طلب المساعدة من كبير موظفي المعلومات. وأجابت نائبة الرئيس قائلة: "لقد طلبت مساعدة كبير موظفي المعلومات قبل بضعة أشهر".
واعترف كبير موظفي المعلومات بتواصلها معه وأوضح أنه أبلغ نائبة الرئيس أن قسم تكنولوجيا المعلومات يعمل بالفعل على تطبيق مشروع مع شركة "ساب" (SAP) يقدم ما تحتاج إليه نائبة الرئيس بالضبط. وردّت نائبة الرئيس قائلة: "هذا صحيح، لكن لن يكون هذا المشروع جاهزاً للاستخدام إلا بعد ثلاث سنوات، وأنا بحاجة إلى حل فوري اليوم". وبقي كبير موظفي المعلومات صامتاً. ثم سأل المدير التنفيذي نائبة الرئيس قائلاً: "أعرفك منذ عشر سنوات. ولا أعتقد أنك من الأشخاص الذين قد يفعلون شيئاً يضر الشركة. لماذا فعلت هذا؟"، ردت عليه نائبة الرئيس مجدداً بقولها: "تمكنت من زيادة الإيرادات إلى مليون دولار شهرياً منذ أن بدأت استخدام هذا البرنامج الرقمي لجذب الزبائن، في حين كنا نخسر الكثير من الإيرادات من قبل. إذا كنت تريد مني إلغاء اشتراكي في هذا النظام، سأفعل ذلك على الفور. ماذا تريد مني أن أفعل؟".
إذا كنت لا تعتقد أن هذا يحدث في مؤسستك، فكر مرة أخرى، إذ من الممكن أن يتبع موظفوك أساليب لا علم لك بها. حيث يستفيد المدراء التنفيذيون الأذكياء من نموذج العمل الشائع "البرمجيات كخدمة" (SAAS) بهدف تمويل مشاريع تكنولوجيا المعلومات الخفية من نفقات التشغيل بدلاً من الميزانية الرأسمالية، وهو ما يعمل على إخفاء مثل هذه المشاريع عن قسم تكنولوجيا المعلومات المركزي بشكل فاعل. وقد شهدنا قيام بعض المسؤولين التنفيذيين باستخدام بطاقاتهم الائتمانية من أجل دفع الفواتير.
وعندما تُكتشف حلول تكنولوجيا المعلومات الخفية، يقوم كبير موظفي المعلومات بإنهائها تماماً في بعض الحالات، وهو ما يسفر عن فصل وحدة المسؤولين التنفيذيين المُحبطة والمعنية بتنفيذ المشروع في بعض الأحيان. وقد يكون رد الفعل هذا ملائماً في بعض الأحيان. إلا أننا شهدنا أيضاً تبنّي بعض أقسام تقنية المعلومات نهجاً منفتحاً ينطوي على العمل بنجاح مع الوحدة المحتالة للمساعدة في تأمين البيانات وتوحيد واجهات برمجة التطبيقات وتجميع الحلول التي تدمج الخدمات الداخلية والخارجية معاً في نهاية المطاف. ونميل نحن بشكل عام إلى اتباع النهج الأخير، وتشير تجربتنا في تقديم المشورة وإجراء البحوث على الشركات التي تواجه التحديات في مجال التحول الرقمي إلى أن تطبيق القاعدتين الرئيستين التاليتين سيساعد كبراء موظفي المعلومات في توقع مشاريع تكنولوجيا المعلومات الخفية وإدارتها:
1. حدد المجال الذي تريد أن تكون فيه الأفضل في الصناعة. ثم اترك قادة الشركة يتخذون قراراً بشأن ما إذا كان يجب الاستعانة بمصادر خارجية أو مصادر داخلية بهدف الحصول على أفضل الحلول التي يحتاجون إليها. وقد يسفر ذلك عن تقسيم وظيفة قسم تكنولوجيا المعلومات، بحيث تدير وحدة تكنولوجيا المعلومات المركزية مشاريع هيكلية قديمة، بينما يدير فريق رشيق متخصص المشاريع الرقمية والمبتكرة، ويتنافس مع مقدمي الخدمات الخارجية على الأعمال من وحدات الشركات الأخرى. وينبغي أن يساعد هذا النهج المرن في تقليل عدد المفاجئات المتمثلة في مشاريع تقنية المعلومات الخفية لأن قسم تكنولوجيا المعلومات سيكون جزءاً من عملية تحديد المصادر للمشاريع الجديدة على الأقل.
2. ابدأ بتنفيذ مشاريع صغيرة وحافظ على مهارة الابتكار. غالباً ما يميل كبار موظفي المعلومات إلى البحث عن حلول شاملة من كبار الموردين، إلا أن اتباع هذا النهج يجعلهم يخسرون الفرص في نهاية المطاف، كما رأينا. ويجدر التفكير في حقيقة قيام أفضل موردي حلول تقنية المعلومات في العديد من الصناعات بالتركيز بشكل ضيق على مشكلة محددة. ونوصي بأن يقوم كبار موظفي المعلومات باتباع نهج مماثل، وبدلاً من محاولة حل الكثير من المشكلات في الوقت نفسه بعد فوات الأوان، قد يكون من المفيد حل مشكلات معينة بسرعة من خلال العمل مع الموردين المتخصصين. كما أن العمل بهذه الطريقة يمكّنك من تبديل نهجك واتباع حلول جديدة وأفضل حالما تتجسد.
كما سيؤدي تطبيق هذه القواعد إلى تحويل الدور المستقبلي لقسم تكنولوجيا المعلومات من كونه المالك والمسيطر على مهمة ابتكار الحلول إلى "منسق" بيئة عمل تضم الموردين، بما في ذلك نفسه. ومن المسلم به أن اتباع هذا النهج قد يسفر عن حالة من الفوضى، إلا أن مقارنته بعمليات ابتكار الحلول التي تستغرق عدة سنوات والتي لا تخدم العمل بشكل جيد اليوم تُثبت أنه الخيار الأفضل لاحتياجات العمل العاجلة. ويصبح قسم تكنولوجيا المعلومات بتوليه منصب المنسق شريكاً ومدرباً للمدراء التنفيذيين في الشركة، ويساعدهم في اختيار الموردين وتصميم واجهات برمجة التطبيقات بشكل صحيح وضمان مستوى مناسب من الأمان.