ملخص: غالباً ما يعود المسؤولون التنفيذيون من برامج تطوير القدرات القيادية وقد تجددت طاقاتهم وأهدافهم واستعدوا لإحداث تغيير شامل في فِرقهم وأنفسهم ومؤسساتهم، ولكنهم يجدون صعوبة في التقدم وحشد الزخم وتحقيق نتائج دائمة بعد البرنامج لأن النجاح يتطلب جهداً حثيثاً وصبراً. وكي تدير هذه المرحلة على النحو الأمثل، تذكّر الاعتراف بإسهامات الآخرين في أثناء غيابك، وتوقع ردود الفعل تجاه أفكارك الجديدة واغتنم الفرصة لتحقيق التغيير، ووضح نواياك واضبط وتيرة العمل الذي تقوده، وابنِ شبكة دعم وواصل التقدم على مسارك.
لا شك في أنك ستشعر بعد مشاركتك في برنامج ناجح لتطوير القدرات القيادية بإلهام ورغبة عارمة في إحداث تغيير شامل في ذاتك وفريقك ومؤسستك، وهذا ما يدفع الشركات لإنفاق أكثر من 46 مليار دولار سنوياً على برامج التدريب. فهي تريد لموظفيها كافة اكتساب الطاقات وتبنّي الغايات بالاستفادة من التعلم ورسم ملامح المستقبل بالتعاون مع الآخرين، بدءاً من الموظفين الواعدين أصحاب الإمكانات العالية وصولاً إلى كبار المسؤولين التنفيذيين.
لكن كثيراً من المشاركين في تلك البرامج يجدون صعوبة في الحفاظ على الزخم وتحقيق نتائج دائمة بعد البرنامج. حدثنا مسؤول تنفيذي تخرج مؤخراً في أحد البرامج التي ننفذها عن تجربته قائلاً: "أنهيت البرنامج مفعماً بطاقة تحفيزية هائلة وكانت لدي خطة واضحة لقيادة قسمي وإعادة هيكلته، لكنني أصبت بإحباط شديد بعد مرور 3 أسابيع فقط؛ إذ شعرت بأني لم أستطع تغيير شيء قط".
يحقق القادة تقدماً في أغلب الحالات، لكن مسيرة ذلك التقدم لا تنطلق بالسرعة التي توقعوها. يتطلب النجاح جهداً حثيثاً مع مراعاة عنصري السرعة والتكيف، وأقدّم فيما يلي استراتيجيات عملية تساعدك على إدارة مرحلة "العودة" الحاسمة بعد مشاركتك في برنامج تدريبي، وتمكّنك من زيادة أثر تجربتك إلى أقصى حد.
توقع رد الفعل
سوف يستقبلك زملاؤك بفضول شديد حول البرنامج الذي شاركت فيه، فلا تغمرهم بفيض من المعلومات، ولا تنمّق إجاباتك عن الأسئلة التي سيطرحونها عليك. عوضاً عن ذلك، أنصحك بإعداد مجموعة عروض تعريفية موجزة لا تزيد مدة أي عرض منها على 60 ثانية، تغطي أفكار البرنامج ونتائجه الأساسية وآثاره الاستراتيجية، وتوضح بها أهميته لك ودوره في صياغة أفكارك مستقبلاً.
ستحتاج إلى صياغة عروض مختلفة تخاطب بكل منها إحدى فئات أصحاب المصلحة وفقاً لاهتماماتهم؛ فقد يشرح عرضك لمرؤوسيك المباشرين ما تعلمته حول سبل تمكين فريق العمل، في حين يوضح عرضك لمديرك طرق تنفيذ الاستراتيجية أو تحقيق نتائج العمل. إذا أجدت صياغة "عرض العودة" فستكسب اهتمام المستمعين وإعجابهم، وتمهد الطريق أمام تغييرات محتملة.
قدّر أدوار الآخرين
خصص وقتاً للإشادة بمَن ساعدوك على المشاركة في البرنامج، وأعرب لمرؤوسيك عن تقديرك لعملهم الدؤوب لضمان سلاسة سير العمل في غيابك.
واستكشف ما تعلموه في غيابك وجوانب تطورهم المهني وأثر هذه التجربة على أهدافهم وتطلعاتهم المستقبلية. سوف تتطلب أي خطة تغيير بعد البرنامج دعم أفراد فريقك، وهذه فرصة لترسيخ حسن النوايا بينكم واستكشاف سبل توفير الوقت اللازم لتنفيذ الخطة من خلال تدوير المسؤوليات بين أفراده.
واحرص على شكر مديرك وزملائك وبقية الموظفين مع التركيز على الفائدة التي سيجنونها من رؤاك وأفكارك الجديدة، لأن إظهارك الامتنان وربطك التجربة بنجاح الجميع ونجاح الشركة يعزز التزامك تجاه الآخرين.
اغتنم الفرصة
غالباً ما يقلق القادة من أن تقابَل سلوكياتهم أو رؤاهم التي اكتسبوها بالتشكيك والسخرية، إذ ينظر البعض إلى برامج تطوير القدرات القيادية على أنها مجرد برامج تدريبية، وستسمع تعليقاً ساخراً على الأرجح بشأن التغيير الواضح عليك. عليك ألا تدع الخوف يعوقك، لأنك ستشعر بخيبة أمل أكبر على المدى البعيد إن فشلت في إحداث أي تغيير أو إن لم يقدّر الآخرون ما حققته من نمو وتطور.
تذكّر أن هذه فرصة، واعلم أن البرنامج التدريبي كان عامل تحفيز دفعك لتبنّي فكر جديد تعزز به التزامك بالتطوير المستمر الطويل الأمد لنفسك وفريقك على حد سواء، لذلك أكد حرصك على العمل بإخلاص مع الآخرين لتحقيق تغيير هادف.
أوضِح نواياك
من الضروري أن تصارح زملاءك بنواياك والتحديات التي تتوقعها كي تكسب دعمهم لأفكارك الرامية إلى التغيير، ليس القصد هو إعلامهم بالتغيير الذي تعتزم إجراءه وتبديد أي أفكار مسبّقة لديهم فقط؛ بل إشراكهم أيضاً في مجالات محددة من هذا التغيير.
وضع في اعتبارك أنك تفكر في هذا التطوير من قبل أن يفكروا هم فيه، لذلك امنحهم وقتاً للاستيعاب والتفكير والتكيف، فالهدف في النهاية هو أن يقف الجميع على أرضية مشتركة وأن تمهد السبل لإجراء تغيير أكثر سلاسة.
لا تتعجل في عملك
قد تعود إلى عملك مفعماً بالأفكار الملهمة ومتلهفاً للإصلاح والتغيير، لكن المهم عندئذ هو أن تجيد ضبط وتيرة عملك وترتيب أولوياتك.
وبطبيعة الحال، إذا دفعك البرنامج إلى إدراك أنك تماطل في إجراء تغيير ضروري ولديك الصلاحيات اللازمة، فبادر إلى تنفيذ ذلك التغيير على الفور؛ كن شجاعاً ووضح ما ستفعله ثم ابدأ العمل.
لكن أسلوب التغيير التدريجي هو الأفضل في أغلب الحالات، لذلك احرص على طرح أفكارك واحدة تلو الأخرى، كي يتسنى للآخرين استيعابها والتكيف معها؛ فالتغييرات الفردية والجماعية الصغيرة والمستمرة تلقى قبولاً أكبر ولا تسبب اضطرابات كبيرة، وإتاحة الوقت الكافي للممارسة والتحسن تكفل لك ترسيخ التغيير.
ابنِ شبكة دعم
سوف تحتاج إلى شبكة دعم داخل فريقك وخارجه، لذلك، تواصل باستمرار مع من التقيتهم في برنامج التطوير كي تتبادلوا النصائح ويشجع بعضكم بعضاً على تحمل مسؤولية تنفيذ التغيير. ومن الوسائل المساعدة الفعالة إنشاء مجموعة على منصات التواصل مثل واتساب، أو تشكيل منظومة شركاء يتفقد فيها كل شخص أحوال شريكه كل 4-6 أسابيع. حدد موظفي شركتك المؤهلين لمناقشة التغييرات التي تنوي تنفيذها وإسداء النصح بشأنها، واطلب منهم تزويدك بآرائهم دورياً ومساعدتك على التعامل مع التحديات والتغلب عليها.
واصل التقدم على مسارك
لن يتحقق التغيير إلا بالجهد المتواصل، لذلك تقبّل ضعف احتمال أن يسفر عملك عن نتائج فورية في بداياته، وأنك قد تواجه مقاومة عثرات، فتحلَّ بالصبر. احرص على أن تتواصل مع الآخرين باستمرار وبرسائل واضحة توازن فيها بين حرصك على أن يفهموا نواياك وتصميمك على تحقيق أهدافك، وآمن بأن الخطوات الحكيمة البسيطة تتحول إلى إنجازات عظيمة، والتزم بها. بالعمل الدؤوب ستؤدي خبراتك التي اكتسبتها من برنامج التطوير إلى تغيير دائم الأثر وطويل الأمد، سواء في نفسك أو في فريقك أو في مؤسستك كلها.