برامج العودة إلى العمل تبلغ مرحلة النضج، وبوسع الشركات الاستفادة من توظيف المهنيين العائدين في أواسط مسيرتهم المهنية إلى العمل بعد انقطاع.
خلال السنوات القليلة الماضية، أطلقت أمازون برامج تجريبية لتعيين المهنيين في أواسط مسيرتهم المهنية وأمضوا بضع سنوات بعيداً عن صفوف القوى العاملة. وكما هو حال معظم الشركات الأخرى، فإن شركات تجارة التجزئة التي تعمل عن طريق الإنترنت كانت قد بدأت صغيرة الحجم، حيث كانت تعيّن بضع عشرات من الموظفين في كل مرة ضمن دفعات تجريبية. لكن أمازون أعلنت في يونيو/ حزيران 2021 عن شيء مذهل حيث قالت إنها سوف توسّع مبادرتها الخاصة بالعودة إلى العمل عبر توظيف ألف من المتخصصين المهنيين العائدين، وهو برنامج يفوق حجمه الضخم أي برنامج تنفّذه أي شركة أخرى. وسيحصل كل مشارك على الإرشاد والتوجيه في إطار برنامج مدفوع تبلغ مدته 16 أسبوعاً يمكن أن يقود في نهاية المطاف إلى تعيين الشخص كموظف دائم في الشركة. يقول أليكس موني، المدير الأول في برنامج توظيف أصحاب المواهب في أمازون: "شكّلنا فريقاً متفرغاً لتعيين المهنيين الذين يريدون الانطلاق في مسيرتهم المهنية من جديد". وعوضاً عن أن ينظر الفريق المعني بالتوظيف في أمازون بعين الريبة والشك إلى الفجوات الزمنية في السير الذاتية للأشخاص أو إلى مهاراتهم التي قد تحتاج إلى تحديث وصقل، فإن التوجيهات المعطاة إلى الفريق تقتضي النظر إلى القدرة الكامنة لدى الشخص المعني.
رغم الحجم غير المسبوق لمبادرة أمازون، إلا أن برامج العودة إلى العمل ليست شيئاً جديداً. فأول برنامج من هذا النوع كان قد طُبّق قبل ما يقرب من 20 عاماً. وأنا أعمل مع هذا النوع من البرامج منذ ذلك الوقت تقريباً، بعد أن استأنفت مسيرتي المهنية كمحللة مالية في أعقاب استراحة لمدة 11 عاماً خصصتها لتربية أطفالي. (وكانت كلية هارفارد للأعمال قد أعدّت دراسة حالة عن عودتي إلى صفوف القوى العاملة). وقد ألّفت كتاباً عن العودة إلى العمل في 2007 وأكتب عن هذا الموضوع في هارفارد بزنس ريفيو منذ 2012. تدير شركتي برامج تدريبية متخصصة في استئناف المسيرة المهنية بعد انقطاع، وتنظّم مؤتمرات حول هذا الموضوع، ما يسمح لي بالتأثير في هذه البرامج وملاحظة طريقة تطوّرها في الوقت ذاته، كما يساعدني ذلك على تحديد الممارسات الفضلى التي يمكن أن تقودها إلى النجاح.
أدّى الركود الناجم عن الجائحة إلى تسجيل زيادة حادة في الطلب على هذه البرامج. وكان الهبوط الاقتصادي قد أثّر على قطاعات محددة بعينها. فرغم أن شركات عديدة كانت قد أغلقت أبوابها، فيما اضطرت شركات أخرى إلى تصغير حجمها، إلا أن الشركات العاملة في قطاعات التكنولوجيا، والمالية، والتجارة الإلكترونية، وغيرها من القطاعات حققت نمواً قياسياً ما تسبب بحصول طلب على أنواع محددة من المواهب. في الوقت ذاته، وتحديداً في الولايات المتحدة الأميركية، يشير بحث للمركز الوطني لقوانين المرأة إلى أن ما يقرب من 1.79 مليون امرأة و1.75 مليون رجل غادروا صفوف القوى العاملة بالكامل منذ فبراير/ شباط 2020، والعديد منهم فعل ذلك للاهتمام بأفراد العائلة عندما كانت المدارس وغيرها من أنظمة الدعم قد أغلقت أبوابها. ومن المنتظر أن تستأنف هذه الفئة العمل بدوام كامل، وإن كان من غير الواضح ما هي الفترة الزمنية المطلوبة لتحقيق هذه العودة على أرض الواقع.
حتى قبل حصول الزعزعة التي طالت المسيرات المهنية للناس بسبب الجائحة، كانت برامج العودة إلى العمل قد أصبحت طريقة هامة تلجأ إليها الشركات لتعيين المهنيين. ووفقاً لبحث أجرته "مان باور غروب" (Manpower Group)، فإن 57% من الذكور و74% من الإناث من بنات وأبناء جيل الألفية يتوقعون أخذ استراحة خلال مسيراتهم المهنية للاعتناء بالأطفال أو بكبار السن، أو لدعم شريك حياة في وظيفته، وهي نسبة أعلى مقارنة بما كانت عليه الحال لدى الأجيال السابقة. ولا تشكّل برامج العودة إلى العمل مصدراً لأصحاب المواهب فحسب، وإنما تبعث أيضاً برسالة قوية إلى الموظفين في جميع مراحل الحياة وإلى من غادروا الشركة بأن يأخذوا استراحة خلال مسيرتهم المهنية، ومفاد الرسالة أن هذه الشركة تدرك أن المسيرة المهنية لا يجب أن تكون بالضرورة خطاً مستقيماً وأن من الطبيعي أن يأخذ المهنيون استراحة لبعض الوقت لأسباب شخصية.
وفقاً لبحث أجرته "مان باور غروب" (Manpower Group)، فإن 57% من الذكور و74% من الإناث من بنات وأبناء جيل الألفية يتوقعون أخذ استراحة خلال مسيراتهم المهنية للاعتناء بالأطفال أو بكبار السن، أو لدعم شريك حياة في وظيفته.
في هذه المقالة، أعرض تاريخاً وجيزاً لهذه البرامج وكيف تطورت، وأصنّف أنواع البرامج التي تقدّمها الشركات، وأحدد تفاصيل الممارسات التي يمكن أن تساعد المشاركين والموظفين على تحقيق هدفهم المشترك والمتمثل في زيادة عدد المهنيين الذين يتجاوزون فترة الاستراحة خلال مسيرتهم المهنية لينجحوا في دور جديد.
التحيّز مستند إلى معلومات مغلوطة
المهنيون العائدون إلى العمل هم أشخاص متعلمون، ويمتلكون خبرة مهنية عظيمة، ويتمتعون باحترافية تتسم بالنضوج، وهم في فترة مستقرة نسبياً من حياتهم. وبما أنهم كانوا موظفين في السابق، فإنهم يعرفون كيف يعملون ضمن فِرَق وبروح جماعية مع أناس ذوي طباع شخصية مختلفة، كما أنهم يجيدون التعامل مع المهل النهائية القصيرة والأوضاع التي تتصف بضغوط شديدة. هم ليسوا بحاجة إلى تعلّم المهارات الأساسية التي غالباً ما يفتقر إليها المبتدئون في مطلع حياتهم المهنية. كما أن لديهم سبلاً ذات فاعلية عالية وتكلفة قليلة لتحديث مهاراتهم ويستطيعون الوصول إليها بسهولة، عدا عن قدرتهم على تعلّم مهارات جديدة عبر الدورات المقدمة عن طريق الإنترنت (والعديد منها مجانية)، والبرامج التخصصية التي تعطيهم شهادات ومؤهلات معترف بها، أو حتى الالتحاق ببرامج للحصول على شهادات جامعية إضافية. وبما أن النساء تهيمن على هذه الشبكة من أصحاب المواهب المرشحين لشغل الوظائف، فإنها قد تكون مهمّة بالنسبة للشركات التي تركز على التنوع وتحقيق التوازن بين الجنسين.
قد تبدو هذه الصفات جمعيها واضحة الآن، ولكن لعقود طويلة كانت فكرة استئناف المهنيين الذين توجد فجوة في مسيراتهم المهنية لحياتهم العملية أمراً محالاً. فالموظف الذي غادر صفوف القوى العاملة لفترة مديدة ستكون لديه مهارات عفا عليها الزمن وسيكون دافعه أقل – أو كان هذا هو الاعتقاد السائد. أما في مطلع الألفية الجديدة، فقد واجه القطاع المالي الذي يهيمن عليه الذكور المشكلة الملحّة التالية التي باتت الآن مألوفة. فبعد أن كانت النساء تتقدمن في مسيراتهن المهنية، كانت أعداد أكبر منهن تغادر العمل، حتى أصبح النقص في صاحبات المواهب ممن يشغلن مناصب في الإدارتين الوسطى والعليا حاداً. واستجابة لهذا الوضع، قادت وول ستريت الابتكار الذي نجم عن هذه الحالة، ابتدءاً ببنكي "ليمان براذرز" (Lehman Brothers)، و"يو بي إس" (UBS) بين 2005 و2006. وفي 2008، وفّر بنك "غولدمان ساكس" (Goldman Sachs) وشركة المنتجات الغذائية الاستهلاكية "سارة لي" (Sara Lee) أول برنامجين للعائدين إلى العمل بعد انقطاع (ما يسمّون "المنقطعين العائدين" في الشركات الكبرى، حيث كانت شركة "سارة لي" وقتها تحت قيادة الرئيسة التنفيذية صاحبة الرؤية بريندا بارنز (التي وافتها المنية في عام 2017)، وهي نفسها كانت قد شهدت انقطاعاً في مسيرتها المهنية.
أدركت الشركات التي كانت تدير هذه البرامج المبكرة أن التحيز ضد الباحثين عن عمل في أواسط مسيرتهم المهنية كان مبنياً على معلومات مغلوطة. فالأشخاص الذين قطعوا مسيرتهم المهنية لا يُظهِرون حافزاً أقل، بل في الحقيقة يتوق العديدون منهم إلى العودة إلى الوظائف مدفوعة الأجر. وغالباً ما تكون العقبة الأكبر التي يواجهونها هي الإحساس الأضعف بالذات بسبب أنهم قد انفصلوا عن مهنتهم لفترة طويلة من الزمن في مجتمع تتجذر فيه الهوية إلى حد كبير بالوظيفة التي يشغلها الشخص. وهذا أحد الأسباب التي تجعل استئناف المسيرة المهنية بعد انقطاع يختلف عن البحث المعتاد عن وظيفة، فالناس الذين يكونون قد أخذوا استراحة في مسيرتهم المهنية يحتاجون إلى إعادة بناء ثقتهم بأنفسهم، وإلى بث الروح من الجديد في شبكات معارفهم، وتحديد الأمور التي يريدون أن يبدؤوها من جديد، ومن ثم تحسين مهاراتهم، وتزويد أنفسهم بمهارات جديدة. كل ذلك طبعاً يضاف إلى ما ينطوي عليه البحث عن وظيفة عادة.
خلال السنوات الخمس الماضية، أدت حالة العجلة والإلحاح فيما يخص الاستحواذ على أصحاب المواهب وضمان التنوع في شبكة المرشحين لشغل الوظائف إلى حصول زيادة حادة في عدد الشركات التي باتت توفّر برامج العودة إلى العمل. فما يقرب من ثلث شركات قائمة "فورتشن 50" لديها الآن برامج داخلية من هذا النوع للأشخاص المهنيين الذين في أواسط مسيرتهم المهنية. ومنذ عام 2015، سعى فريق العمل المتخصص بإعادة المهنيين في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات إلى وظائفهم، بقيادة جمعية المهندسات وشركتي إلى العمل مع 34 شركة أميركية بارزة لإنشاء برامج للعودة إلى العمل لديها، وهو مستمر في تدريب مجموعات من مدراء البرامج سنوياً.
كانت الحاجة إلى تعيين أصحاب مواهب بارعين في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، والاهتمام بتعيين السيدات في قطاع التكنولوجيا دافعين أساسيين لمحاولة الاستفادة من هذا التجمع من أصحاب وصاحبات الموهبة، حيث أن لدى كل من فيسبوك، وآي بي إم، وأوراكل، وآبل وغيرها من شركات التكنولوجيا العملاقة برامج نشطة في هذا المجال. ومن المنطقي أن تكون الشركات الكبرى، التي لديها أكبر الاحتياجات في مجال تعيين الموظفين هي أكثر من يميل إلى إدارة هذا النوع من البرامج. فبين صفوف الشركات المنضوية ضمن قائمة "فورتشن 500"، لا تزيد نسبة الشركات التي لديها مثل هذا البرنامج عن 10%؛ وفي غضون ذلك، فإن برامج العودة إلى العمل بدأت تظهر في القطاع العام. وبالتالي ينطوي هذا المفهوم على إمكانية نمو هائلة.
تصميم البرنامج
تختلف أشكال هذه البرامج وتتنوع أحجامها، ويجب على الشركات تحديد طول البرنامج، وحجم شبكة أصحاب المواهب المشاركين، والأوقات التي يُطْرَحُ البرنامج خلالها في السنة، وأنواع الأنشطة التجارية والمدراء المعنيين، والمواقع بحسب الوضع الأنسب لكل شركة. وتندرج هذه البرامج عموماً ضمن فئتين: الأولى هي برامج تدريب المنقطعين العائدين، والثانية هي التوظيف المباشر.
برامج تدريب المنقطعين العائدين
تعمل معظم الشركات على إدخال المنقطعين العائدين كدفعة من الأشخاص، تماماً كما يحصل عندما تُحضِر المتدربين من الجامعات خلال فصل الصيف. ويتراوح حجم الدفعة عادة ما بين 5 مشاركين و25 مشاركاً، رغم أن بعض الشركات زادت في الآونة الأخيرة من أعداد المشاركين في الدفعة الواحدة أو عدد الدفعات كل سنة. وقد تستمر البرامج ما بين ثمانية وتسعة أسابيع، لكن البرنامج عادة ما يكون لمدة 12 أسبوعاً أو 16 أسبوعاً أو 24 أسبوعاً. ولا ينفّذ البرنامج عادة في فصل الصيف لتجنّب حصول تضارب بينه وبين برامج التدريب الخاصة بالجامعات، أو حاجة الأهل للاعتناء بأطفالهم، أو موسم العطلات الصيفية. وقد تحوّلت برامج تدريب المنقطعين العائدين إلى شكل جديد قائم على "القبول الدوّار" بمعنى أن المشاركين يبدؤون في أوقات مختلفة ليشكلوا لاحقاً دفعة مشاركين ذات طبيعة مرنة. في هذا الشكل من البرامج، تكون المشاركة بصورة أساسية عبر الإنترنت وبالوتيرة التي يختارها المشاركون بحسب ما يناسبهم، وعادة ما تكون لديهم فرص بين الفينة والأخرى للاجتماع مع "الخريجين"، ومن وظّفتهم الشركة من زملائهم السابقين في البرنامج.
يحصل المشاركون في برامج تدريب المنقطعين العائدين على جلسات إعداد وإرشاد وتوجيه وتطوير مهني وتدريب تقني مصممة بحسب احتياجاتهم الشخصية، فضلاً عن تواصلهم مع القيادة العليا للشركة. وعادة ما يُوْكَل إلى كل عائد إلى العمل بعد انقطاع مرشد وزميل ملازم من أجل توفير دعم إضافي. وبالنسبة للعمل الفعلي المنجز خلال فترة البرنامج التدريبي هذا، فإن الشركات تستعمل عادة شكلاً من شكلين:
العمل على أساس المشروع. قدّمت النسخ المبكرة من برامج تدريب المنقطعين العائدين للمشاركين مشروعاً قصير الأجل، وكان التركيز ينصبّ على تقييم أداء كل شخص، حيث كان أصحاب الأداء العالي يتلقّون عادة عرضاً للعمل الدائم. لكن هذا الشكل خلق تحدياً يتمثل في أن غياب التوافق المثالي بين المشاركين والشواغر الوظيفية بدوام كامل في نهاية البرنامج تسبب بعدم توظيف بعض المشاركين المؤهلين.
العمل على أساس الدور. بدأت بعض الشركات، رغبة منها بمعالجة هذه المشكلة، بتعيين مرشحين من البرنامج لشغل المناصب الحالية المفتوحة أو المناصب المخطط لها في المستقبل، باستثناء أن المرشحين الذين قدّموا أداء جيداً خلال البرنامج سينتقلون إلى هذه المناصب كموظفين دائمين.
ترتبط تعويضات برامج تدريب المنقطعين العائدين ارتباطاً وثيقاً بما إذا كان المرشح يؤدي دوراً محدداً أو بما إذا كان ينفّذ مشروعاً في مجال ينشط فيه التوظيف. وقد يكون الدفع على أساس الراتب، ولكن بحسب عدد أسابيع العمل، أو قد يتّخذ شكل التعويض المقطوع، أو الدفع بالساعة. ومن الممارسات الفضلى المتبعة في تحديد تعويضات برامج تدريب المنقطعين العائدين النظر إلى نطاق راتب كل منصب، واختيار رقم قريب من الحد الأدنى للنطاق، وتحديد عدد أسابيع العمل التي أمضاها المرشح في المشروع ومنحه ما يقابل هذا العدد من راتب. فإذا ما تحوّل المشارك في نهاية البرنامج إلى موظف، فبالإمكان إدخال تعديلات بحسب العوامل التي يأخذها صاحب العمل عادة في عروض التوظيف، ألا وهي المستوى التعليمي، والخبرة المهنية، والموقع الجغرافي، وهكذا دواليك. وتضمن هذه الممارسة وجود مجال لتعديل التعويضات ورفعها إذا دعت الحاجة.
عند التمييز بين برامج تدريب المنقطعين العائدين، ثمة عبارة تحظى بأهمية خاصة ألا وهي: "النية في التعيين". فهذا يشير إلى أن البرنامج لا يشبه برامج التدريب المخصصة للطلاب، التي لا يوجد فيها إمكانية للتوظيف إلا بعد انتهائها. أما في هذه الحالة، فإن الشركة تفترض أن المشارك سيتحول إلى موظف دائم بعد انتهاء البرنامج، إلا إذا كان أداؤه سيئاً بطبيعة الحال. تشجّع هذه الممارسة الجميع، بمن فيهم المعنيون بالتوظيف، والمدراء، والفِرَق على تعيين المشاركين، وإعدادهم، وتعريفهم على الشركة، وإدماجهم فيها كما لو أنهم كانوا موظفين عاديين سيعملون بدوام كامل. وبالتالي فإن المدراء والفِرَق سيستثمرون على الأغلب وقتاً وجهداً في تطوير هؤلاء المنقطعين العائدين ولن ينظروا إليهم على أنهم مجرّد متعاقدين أو عاملين مؤقتين لا يستحقون هذا الجهد والوقت لأنهم دخلوا الشركة لبضعة أسابيع فحسب. وفي المتوسط، يتحول أكثر من 80% من المشاركين إلى موظفين دائمين.
التعيين المباشر
ثمة نمط أقل شيوعاً من برامج العودة إلى العمل ألا وهو نموذج التعيين المباشر، الذي يقوم على توظيف الشركات للمشاركين كموظفين دائمين وبدوام كامل منذ البداية، دون إخضاعهم لأي فترة تجريبية. وثمة دعم يقدّم خلال الفترة الانتقالية عبر الإرشاد الشخصي والتعلم عبر الإنترنت، والتوجيه، بما أن المشاركين لا يبدؤون في الوقت ذاته أو كأفراد في دفعة واحدة. أحد تنويعات هذا الشكل من البرامج هو برنامج جديد في شركة أوراكل للمنقطعين العائدين يشمل تعيين المشاركين كموظفين حيث يبدؤون في اليوم ذاته كدفعة واحدة، ويستفيدون من برنامج تكميلي مدته 12 أسبوعاً بعد أن يبدؤوا بشغل مناصبهم الجديدة.
كان "برنامج ديل للانطلاق من جديد في المسيرة المهنية" قد بدأ في 2018 كبرنامج للتعيين المباشر، في حين أن برامج شركات فورد، وبوينغ و"بي & جي" المخصصة للمنقطعين العائدين قد تحولت مع مرور الوقت إلى برامج للتعيين المباشر بعد أن بدأت كبرامج تدريب للمنقطعين العائدين وشهدت معدلات تحوّل عالية في أوساط الدفعات الأولى، أو لاحظت نسباً عالياً من تحول المشاركين إلى موظفين دائمين في البرامج المطبقة في الشركات المشابهة. بعد أن تتغيّر النظرة إلى الاستراحات خلال المسيرة المهنية بحيث تُعتبرُ شيئاً طبيعياً، وبعد أن تصبح الشركات أكثر ارتياحاً في عرض وظائف دائمة على الأشخاص الذين لديهم فجوات زمنية في سيرهم الذاتية، فإن أعداداً أكبر من المؤسسات قد تنتقل إلى نموذج التعيين المباشر، أو قد تتبناه منذ البداية.
لكي يفي المشاركون بالمعايير التي تؤهلهم للدخول إلى برامج تدريب المنقطعين العائدين أو برنامج التعيين المباشر، يجب عليهم عموماً أن يكونوا قد أخذوا استراحة خلال مسيرتهم المهنية لا تقل مدتها عن عامين، ويجب أن يتمتعوا بخبرة عملية لا تقل عن ثلاث سنوات، رغم أن الشركات غالباً ما تشترط خبرة تتراوح ما بين خمس سنوات وسبع سنوات (وأحياناً لمدة أطول). وتشمل بعض البرامج، بما في ذلك برنامجا فورد وأمازون، فئة "الأشخاص الذين يعملون في وظائف تتطلب مهارات أدنى من مهاراتهم بكثير"، كأحد معايير الأهلية. وكانت شركات أوراكل، وأمازون، وآي بي إم، و"ريثيون تكنولوجيز" (Raytheon Technologies) قد خفّضت الحد الأدنى الذي تشترطه للاستراحة المأخوذة خلال المسيرة المهنية من عامين إلى عام واحد لكي تشمل الأشخاص الذين غادروا العمل خلال الجائحة. ويبلغ الحد الأدنى للاستراحة في حالة "ديلويت إنكور" (Deloitte Encore) الآن ستة أشهر فقط، وبالنسبة لبرنامج العودة إلى العمل في "أكسنتشر" (Accenture) يبلغ هذا الحد الأدنى 18 شهراً.
بالنسبة لأصحاب العمل الذين يديرون برامج عالمية، قد تكون هناك قوانين وتشريعات محلية تفرض مدة معيّنة للبرنامج. فعلى سبيل المثال، تشترط أستراليا حداً أدنى يبلغ ستة أشهر. وتشترط قوانين العمل الصينية عقد عمل مدته عام واحد. وفي كندا، والبرازيل، وغيرها من الدول، هناك فترات تجريبية إلزامية لجميع الموظفين الجدد، وهي تستعمل عادة عوضاً عن برامج تدريب المنقطعين العائدين.
تشمل قائمة المواضيع التي تغطيها جلسات الإرشاد والتوجيه في البرنامج تحديد الأهداف، والتحديات المرتبطة بالتكنولوجيا، والتعامل مع "متلازمة المحتال"، وكيفية إجراء عمليات التعارف داخل الشركة.
التدريب
واحد من أبرز صفات البرنامج الناجح هو التدريب الذي يخضع له المنقطعون العائدون والموظفون الذين يتعاملون معهم، من أول مقابلة وحتى آخر يوم في البرنامج.
للمعنيين بالتوظيف، والمدراء، وأصحاب المصلحة الآخرين في الشركة. بعد تطبيق الشركات لبرنامج تجريبي، غالباً ما يكون تعليقها على الأمر هو أنها كان يجب أن تخصص قدراً أكبر من الموارد لتدريب مدرائها. يركز هذا التدريب على المعلومات الديموغرافية الخاصة بشبكة المرشحين لشغل الوظائف بعد انقطاع، وشكل سيرهم الذاتية وصفحاتهم على موقع لينكد إن، وكيف يجب عليهم التحدث في أثناء مقابلات العمل عن فترات الانقطاع في مسيراتهم المهنية، وخبراتهم السابقة، سواء التطوعية أو مدفوعة الأجر. كما يشمل التدريب أيضاً تعديل عملية إجراء المقابلة لتجنّب عدم الانتباه إلى المرشحين ذوي القدرات الكامنة العالية، ومناقشة مستوى التعويضات، وكيف تؤثر ذهنية "النية في التعيين" على العلاقات بين المدير والفريق، وأهمية الألفة مع البرنامج، وماذا يحصل في نهايته. فعلى سبيل المثال، يجب على المعنيين بالتوظيف والمدراء ضمان التعامل باحترام مع المهنيين الذين في أواسط مسيرتهم المهنية خلال المقابلات. (حيث يفيد بعض من يخضعون للمقابلات أن المعنيين بالتوظيف يتصرّفون كما لو أنهم يقرأون من سيناريو معد سلفاً ومستعمل مع الخريجين حديثي العهد الذين يتقدمون لشغل وظائف للمبتدئين، ما يجعل المنقطعين العائدين يشعرون أنهم معرّضون لمعاملة تقلل من شأنهم).
للمنقطعين العائدين. يأتي المشاركون عادة وهم يشعرون بسعادة غامرة تنتابهم، وفي جعبتهم أسئلة عديدة، وفي أحيان كثيرة يكون لديهم إحساس كبير بعدم اليقين ولاسيما وهم يفتحون هذا الفصل الجديد في كتاب حياتهم. وتشمل قائمة المواضيع التي تغطيها جلسات الإرشاد والتوجيه كلاً من تحديد الأهداف، وتطبيع المخاوف، و"أحاديث المصاعد الجديدة"، والتحديات المرتبطة بالتكنولوجيا، ومتى يمكن طرح سؤال، وبناء الثقة، والتعامل مع "متلازمة المحتال"، وكيفية إجراء عمليات التعارف داخل الشركة، وكيفية التفاعل مع المدراء والفِرَق.
يشكّل منتصف البرنامج ونهايته فرصتين للمنقطعين العائدين لكي يحددوا موقعهم في المرحلة الانتقالية للعودة إلى العمل، وحجم التطور الذي حققوه منذ اليوم الأول. ويوفّر اجتماع دفعة المشاركين في البرنامج مع خبير (من خارج الشركة) يؤدّي دور الميسر في هاتين اللحظتين مساحة آمنة تسمح لهم أن يكونوا صريحين وأن يظهروا مواطن ضعفهم دون أن يقلقوا بشأن تأثير ذلك على تقييم أدائهم أو على علاقتهم مع مديرهم أو فريقهم. وبوسعهم مراجعة الأهداف التي وُضِعَت في بداية البرنامج، والاحتفاء بالنجاحات، والتعبير عن الأمور والأشياء التي تشغل بالهم، والسعي إلى كشف الأخطاء وإصلاحها، والعمل معاً على تصويب المسار. وهذا هو الوقت المناسب أيضاً للتحضير لتقييمات منتصف المدة والتقييمات النهائية من خلال التدرب على كيفية الرد على الآراء التقييمية الإيجابية أو السلبية. تركز جلسة التقييم النهائي على "الحياة عقب استئناف المسيرة المهنية بعد انقطاع"، وما إذا كان المشاركون سيواصلون العمل في الشركة أم أنهم سينتقلون إلى موقع في مكان آخر أو يبحثون عن وظيفة لدى شركة أخرى.
بالنسبة لدفعات المدراء. تماماً كما يستفيد المنقطعون العائدون من وجودهم ضمن دفعة واحدة، يستفيد المدراء كذلك من وجودهم ضمن دفعة واحدة، ولاسيما إذا كانت هذه هي المرة الأولى التي يشاركون فيها في برنامج للعودة إلى العمل. من الضروري جداً أن يجتمعوا معاً قبل إجراء تقييمات منتصف المدة وقبل "قرار التحويل" (أي ما إذا كانوا سينقلون الشخص إلى وظيفة دائمة أم لا). ويحتاج المدراء إلى فهم عملية التقييم، والإطار الزمني لعملية اتخاذ القرار، وكيفية التعامل مع الحوارات المتعلقة بالمستوى الوظيفي والتعويضات، وكيفية تقديم آراء تقييمية إيجابية أو سلبية. وقد تشمل قائمة المواضيع الأخرى تحديد الأهداف والتوقعات للمنقطعين للعائدين، وأوضاعاً محددة قد يستفيد المدراء فيها من الآراء التقييمية لأقرانهم.
ثماني خطوات إلى النجاح
بعد أن عملتُ مع أصحاب عمل بارزين في مجموعة واسعة من القطاعات لبناء برامج العودة إلى العمل وتوسيعها، أستطيع أن أوصي بثماني ممارسات يجب على أي شركة تأمل في تعيين أشخاص عائدين إلى العمل بعد انقطاع في مسيرتهم المهنية أن تبقيها في ذهنها.
تسمية تنفيذي بارز يتولى دور المشجع. لا تتوافق برامج العودة إلى العمل بالضرورة مع جميع الممارسات التي تستعملها شركة معيّنة لتعيين موظفيها الآخرين. ومن الضروري بمكان إقناع الإدارة العليا وتنفيذي بارز لكي يتبنّى المفهوم ويأخذه على عاتقه ويتدخل في أثناء مرحلة إطلاق البرنامج. وغالباً ما يطبّق هذا الشخص نسخة تجريبية من البرنامج في قسمه، عبر العمل مباشرة مع مدراء الإدارة الوسطى لتأمين الموازنة وغير ذلك من أشكال المساعدة للإقلاع بالبرنامج واتخاذ خطوة أساسية أخرى تتمثل في تأمين وظائف بدوام كامل للمنقطعين العائدين عندما ينتهي البرنامج.
تعيين مدير للبرنامج. مدير البرنامج هو الشخص المسؤول عنه تماماً وهو مركز كل النشاط الداخلي والخارجي المتعلق به. فمع نمو البرامج وتوسعها على المستويين الوطني والدولي، بوسع مدير البرنامج ضمان الاتساق بين مختلف الأقسام، أو التعامل مع الفروقات الناجمة عن اختلاف التشريعات بين البلدان. ومن الحيوي بمكان وضع خطة للتعاقب الوظيفي لمنصب مدير البرنامج في حال تولّى منصباً آخر أو ترك الشركة. أما البرامج التي تفتقر إلى القيادة القوية، أو تخضع للإدارة من لجنة، أو لا تمتلك خطة واضحة للتعاقب الوظيفي فقد تُخفق أو تُنهى. وبالنسبة للمدير الحصيف الذي يريد أن يترك بصمته، يمثّل اقتراح برنامج للعودة إلى العمل وتولّي دور قيادي في تنفيذه فرصة نادرة لبناء برنامج من الصفر بما يسمح لهذا المدير أن يبرز في عيون القيادة العليا.
التوقف عن استعمال كلمة "متدرب". لا بد من معاملة المشاركين في البرنامج بالتقدير الذي يستحقه أي مهني متمرس مثلهم. ورغم أن برامج تدريب المنقطعين العائدين تشترك بصفات وسمات واضحة مع برامج التدريب المخصصة للطلاب، إلا أنه لا يجب معاملة المشاركين أبداً على أنهم ينتمون إلى الفئة ذاتها التي ينتمي إليها المتدربون. ولا شك أن استعمال أوصاف من قبيل "الزميل" أو "العائد" أو "المنقطع العائد" أو "العائد بعد انقطاع" تُحدِث فرقاً كبيراً في النظرة وتزيد من احتمال معاملة المشاركين على الفور كما لو أنهم أعضاء في الفريق.
الاستعانة بفكرة الدفعات. تتمثل إحدى نقاط قوة معظم برامج تدريب المنقطعين العائدين في الفرصة التي يحظى بها المشاركون في أن يكونوا جزءاً من مجموعة يخضع أفرادها للتدريب معاً، ويختبرون عملية إعادة التأقلم مع بيئة العمل سوياً. ومن منظور الشركة، تسهّل الدفعات التدريب وتزيد من درجة كفاءته. ويفيد المشاركون أن وجودهم ضمن دفعة هو أفضل جانب يتصف به برنامج العودة إلى العمل. كما أن قدرة المشاركين على التشارك بالموارد، وطرح الأسئلة على بعضهم البعض، والحصول على التطمينات، تسهّل المرحلة الانتقالية وتخلق أواصر بين المشاركين قد تستمر لسنوات طويلة. إضافة إلى ما سبق، يكون لدى أفراد الدفعة شبكة فورية من المعارف ضمن المؤسسة. غير أن هناك صعوبة تتصف بها هذه الهيكلية ألا وهي أن المدراء يجب أن ينسّقوا فيما بينهم تواريخ البدء الخاصة بمشاركيهم مع تاريخ البدء الخاص بالدفعة، الذي قد لا يأتي في وقت مثالي بالنسبة لمدير القسم المعني، وتحديداً إذا كان البرنامج لا يُقام إلا مرة أو مرتين في العام. ويمكن لإطلاق الدفعات بانتظام أكبر أن يساعد في حل هذه المشكلة، وهو يعطي المدراء مرونة أكبر في تحديد التوقيت.
منح البرنامج اسماً وموقعاً على الإنترنت. يقول فِل آندرسون الذي أنشأ برامج العودة إلى العمل في موديز (Moody’s)، و"ديبوزيتري تراست & كليرينغ كوربوريشن" (Depository Trust & Clearing Corporation) أن طريقة ترويج الفكرة مهمة (إفصاح: آندرسون هو عضو مجلس إدارة في شركتي). "عندما تعطون للبرنامج اسماً يصبح كياناً حقيقياً،" كما يقول آندرسون. وبالتالي فإن تخصيص صفحة على موقع الشركة على الإنترنت للبرنامج يُعطي مكانة بارزة وظاهرة لنشاط البرنامج. (للاطلاع على نماذج ناجحة لصفحات إنترنت مخصصة لهذا النوع من البرامج على مواقع الشركات، راجعوا مواقع "ميرك" (Merck)، وأوراكل، وجونسون & جونسون، و"آي بي إم"، ومورغان ستانلي، وفيسبوك، وكريدي سويس، و"ريثيون تكنولوجيز".
استعمال البرنامج كطريقة للتفاعل مع الموظفين السابقين في الشركة. تشير بعض الشركات إلى الموظفين ذوي الأداء البارز الذين غادروها لكي يأخذوا استراحة في مسيرتهم المهنية على أنهم "خسائر مأسوف عليها". وتفقد معظم هذه الشركات الصلة بهؤلاء الموظفين بعد أن يغادروها. غير أن البعض الآخر، وتحديداً شركات الاستشارات، تتتبّع الموظفين المغادرين بطريقة منهجية، ويعود السبب في ذلك جزئياً إلى أنهم قد يصبحون عملاء محتملين. (راجعوا "كيف تحوّلون الموظفين المغادرين إلى موظفين سابقين أوفياء"، هارفارد بزنس ريفيو، مارس/ آذار – أبريل/ نيسان 2021). يجب على الشركات استهداف هؤلاء الموظفين السابقين لكي يشاركوا في برامج العودة إلى العمل التي تطبّقها لأنهم معروفون أصلاً في الداخل، ويفهمون ثقافة الشركة، وقد يكونون أكثر ميلاً إلى العودة إلى مكان مألوف مقارنة ببحث إمكانية الانضمام إلى مكان آخر. تأكدوا من تحديد شركتكم في مقابلات ترك الخدمة من هم الأشخاص الذين يغادرونها لأنهم يأخذون استراحة في مسيرتهم المهنية وتتبّعوا هؤلاء الأشخاص بعناية بحيث يكون الموظف وصاحب العمل أول من يخطر في بال بعضهما البعض عندما يريد الموظف السابق العودة إلى العمل.
الاستفادة من التوصيات التي يقدّمها الموظفون. يمكن للحملة الداخلية القوية الهادفة إلى تثقيف الموظفين عن البرنامج أن تسهم في دفع الموظفين إلى الحديث عن البرنامج مع الآخرين وتقديم توصيات إلى أشخاص آخرين بالانضمام إلى شركتهم، وهذا عادة هو المصدر الأول للمرشحين. وتُدرِج بعض الشركات التوصيات الخاصة بالعودة إلى العمل ضمن برامج التوصية المدفوعة. كما أن الموظفين الحاليين الذين عادوا إلى العمل بعد انقطاع والموظفين الذين تربطهم صلة شخصية بشخص عائد يمكن أن يكونوا حلفاء أساسيين (ويمكن أن يكونوا أيضاً مدراء، ومتحدثين، ومرشدين) في برنامج من هذا النوع.
تسليط الضوء على قصص النجاح. يمكن أن يكون المنقطعون العائدون الذين يشغلون أعلى المستويات في التراتبية الإدارية، داخل الشركة وخارجها، أمثلة بارزة عن مسيرات مهنية في أعقاب انقطاع بسبب استراحة. من الأمثلة على شخص عائد إلى مسيرته المهنية بعد استراحة جاكلين ويلش، مديرة الموارد البشرية في صحيفة نيويورك تايمز، حيث كانت قد أخذت إجازة مدتها أربع سنوات في مسيرتها المهنية سابقاً، وهي تتحدث بانتظام عن مسيرتها المهنية التي لم تسر وفق خط مستقيم. (إفصاح: ويلش هي عضو مجلس إدارة في شركتي). وعلى المنوال ذاته، عادت آنيتي ريبرت، وهي أم لخمسة أطفال أخذت استراحة مدتها ثماني سنوات من "أكسنتشر" في 2012 لتشغل الآن منصب الرئيسة التنفيذية لشؤون الاستراتيجية والاستشارات في المجموعة. وهي تروي قصتها عندما تروّج لبرنامج العودة إلى العمل في "أكسنتشر".
غيّرت الجائحة العالمية التصورات السائدة عن طريقة عمل الأشخاص. وبات المدراء يدركون أن العمل عن بعد يمكن أن يكون أكثر إنتاجية من العمل من المكتب. كما اضطرت الشركات التي لم تكن لتبادر إلى تعيين موظف أو إعداده للعمل الجديد دون الاجتماع به شخصياً، إلى البدء بفعل ذلك تحديداً، والعديد منها ستستمر في ممارسة هذا الشي لاحقاً. يجب على الشركات أن تعيد النظر في موقفها من المنقطعين العائدين أيضاً. وتوفّر برامج العودة إلى العمل فرصة للوصول إلى مجموعة كبيرة من أصحاب المواهب المتنوعين ذوي الجودة الرفيعة، كما أنها تبعث بإشارة في الوقت ذاته إلى الموظفين الحاليين والسابقين مفادها أن شركتهم تقدّمية في نظرتها إلى المستقبل وتهتم بموظفيها الذين تعطيهم مكانة مركزية. وكانت هذه البرامج قد حققت نمواً هائلاً خلال السنوات العشرين الماضية، ويمكن لأعداد أكبر من الشركات أن تستفيد من إطلاق هكذا برنامج.