ملخص: "الشهادات النانوية" أو الشهادات المصغرة هي شهادات تعترف باكتساب حاملها مهارات أو معارف مركّزة، يمكن أن يحصل عليها الفرد في غضون أيام أو أسابيع قليلة من التعلُم، ما جعلها خياراً جذابا في عصرنا الحالي وبين أفراد جيل زد الذين اعتادوا على السرعة في كل شيء. تُقدم مؤلفة المقال 5 مزايا للشهادات النانوية تحسّن مهاراتك وتساعدك في الاندماج في سوق العمل: 1. التكيف مع تفضيلات التعلم الجديدة، 2. المرونة وسهولة الوصول، 3. التوافق مع احتياجات سوق العمل، 4. تسريع التقدم المهني، 5. تحفيز الشركات لعملية تحسين المهارات.
بعد أن أصبح ابني الأوسط محاسباً مؤهلاً في أستراليا، قرر ترك المهنة، لكن ماذا أراد أن يعمل؟ لقد أراد أن يصبح محلل بيانات، وكانت الصعوبة التي واجهته هي أنه لم يحصل على شهادة جامعية في تحليل البيانات، بل حصل على شهادة في الاقتصاد والمحاسبة ولم يكن لديه مؤهل مهني في تحليل البيانات، بل في المحاسبة القانونية.
كيف أقنع الشركة التي يعمل فيها بنقله من قسم التدقيق إلى قسم الاستشارات للتخصص في تحليلات البيانات؟ لقد استعان بالشهادات المصغّرة، المعروفة أيضاً بالشهادات النانوية أو البطاقات الرقمية، لتحسين مهاراته والحصول على الوظيفة التي يريدها. تغيّر هذه الشهادات المصغرة أساليب تحسين المهارات بالكامل، إذ توفر وسائل ديناميكية ومرنة وفي المتناول، تتيح للفرد تحديث معارفه في مجال عمله باستمرار أو تساعده على الانتقال إلى مسار مهني جديد.
ما هي الشهادات النانوية؟
الشهادات النانوية، المعروفة أيضاً باسم الشهادات المصغرة أو البطاقات الرقمية، هي شهادات تعترف باكتساب حاملها مهارات أو معارف محددة، وعلى خلاف الشهادات التقليدية التي تغطي نطاقاً أوسع من الموضوعات على مدار عدة سنوات، فإن الشهادات النانوية مركّزة وموجزة ويحصل عليها الفرد غالباً عبر الإنترنت، ويمكن الحصول عليها في غضون أسابيع أو حتى أيام، ما يجعلها خياراً جذاباً للمختصين، مثل ابني، الذين يسعون إلى تحسين مهاراتهم أو صقلها بسرعة.
التكيف مع تفضيلات التعلم الجديدة
تقدّم الشهادات النانوية ميزة إضافية لجيل الشباب، الذين تكون مدة انتباههم أقصر بسبب استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بكثرة. إن ابني من مواليد عام 1994، لذا فهو ليس من أبناء الجيل زد بل جيل الألفية الذي يشمل المولودين بين عامي 1981 و1996، ونسمع غالباً أن متوسط مدة انتباه أبناء الجيل زد 8 ثوانٍ فقط.
المرونة وسهولة الوصول
إحدى أهم ميزات برامج الشهادات النانوية هي المرونة، فالعديد من المهنيين العاملين وقتهم محدود وغالباً ما تكون لديهم التزامات مالية كبيرة في السنوات الأولى من حياتهم المهنية، لذلك تناسب الدورات الدراسية القصيرة وقتهم وميزانيتهم، ويمكن للأفراد متابعة برامج الشهادات النانوية جنباً إلى جنب مع التزامات العمل ودفع تكاليفها أولاً بأول.
إن أساليب حضور هذه البرامج مرنة أيضاً، إذ يتوافر العديد منها عبر الإنترنت ما يسمح للمتعلمين بالوصول إلى محتواها من أي مكان في العالم، وهذا يساعد مَن يعيشون في المناطق النائية أو المحرومة والذين قد يصعب عليهم الوصول إلى المؤسسات التعليمية التقليدية.
الشهادات النانوية تتوافق مع احتياجات سوق العمل
يجري تصميم برامج الشهادات النانوية بالتعاون مع خبراء القطاعات، ما يضمن أن المهارات والمعارف التي ينقلونها قابلة للتطبيق مباشرة على متطلبات سوق العمل الحالية، وبسبب هذا التوافق، فإن الشهادات النانوية ذات قيمة وأهمية كبيرتين للشركات، ولأن أهميتها تتضح يوماً بعد يوم، تحرص الشركات على دمجها في عمليات التوظيف والتطوير المهني.
على سبيل المثال، طورت شركات التكنولوجيا العملاقة، مثل آي بي إم وجوجل، برامج شهادات نانوية من أجل تدريب موظفيها على المهارات المطلوبة بشدة مثل تحليل البيانات والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، وصممت هذه البرامج لسد فجوات محددة في المهارات، ما يضمن تزويد المتعلمين بالخبرة اللازمة للنجاح في هذه المجالات التي تتطور بسرعة.
تسريع التقدم المهني
من المزايا المهمة الأخرى للشهادات النانوية تسريع التقدم المهني؛ إذ تتطور سوق العمل بسرعة، ومن ثم فإن اكتساب مهارات جديدة بمدة قصيرة عامل حاسم في التميز، وتتيح برامج الشهادات النانوية للمهنيين الالتزام بالتعلم المستمر وإظهار قدرتهم على التكيف بسرعة مع التحديات الجديدة.
تحفيز الشركات لعملية تحسين المهارات
تدرك شركات كثيرة قيمة الشهادات النانوية، لذلك فهي تدمجها في برامج التدريب والتطوير، ومن خلال تمكين الموظفين من حضور هذه البرامج يمكن للشركات سد فجوات المهارات بفعالية أكبر وتعزيز ثقافة التعلم المستمر.
على سبيل المثال، يمكن للمؤسسات أن تتعاون مع مقدّمي الخدمات التعليمية لتقديم برامج شهادات نانوية مخصصة تتوافق مع أهدافها الاستراتيجية، وقد يشمل ذلك التدريب على التكنولوجيات الناشئة أو تطوير القدرات القيادية أو المهارات المتخصصة في قطاع ما. تعزز الشركات معدلات الإنتاجية والابتكار والاستبقاء حينما تستثمر في تطوير موظفيها من خلال برامج الشهادات النانوية، حتى إن الجامعة التي أعمل فيها عقدت شراكة مع منصة لينكد إن ليرنينغ (Linked In Learning)، لتمكّن الموظفين من تطوير مهاراتهم.
التحديات التي تواجه برامج الشهادات النانوية
على الرغم من الفوائد الكثيرة لبرامج الشهادات النانوية، فهي لا تخلو من التحديات، وأولها توحيد معايير هذه الشهادات والاعتراف بها، فالجهات التي تقدم هذه البرامج كثيرة جداً، لذا من الصعب ضمان جودتها وموثوقيتها. وللحفاظ على نزاهة برامج الشهادات النانوية، من الضروري إخضاعها للمعايير وإجراءات الاعتماد.
يتمثل التحدي الآخر في دمج الشهادات النانوية في الأطر التعليمية والمهنية القائمة، لذا على الشركات والمؤسسات التعليمية التعاون معاً للاعتراف بالشهادات النانوية ومنحها القيمة الملائمة، وقد يتضمن ذلك تحديث ممارسات التوظيف والأوصاف الوظيفية ومسارات التطوير المهني لدمج الشهادات النانوية بطريقة فعالة.
ختاماً، تُحدث الشهادات النانوية تغييراً جذرياً في طريقة تفاعل الأفراد مع عملية تحسين المهارات، إذ توفر وسائل مناسبة ومرنة وذات طابع شخصي لاكتساب مهارات جديدة. ومن خلال سد الفجوة بين التعليم التقليدي ومتطلبات سوق العمل السريعة التطور، تمكّن الشهادات النانوية المهنيين من التكيف والحفاظ على قدرتهم التنافسية، ومع تواصل تغيّر سوق العمل، ستزداد أهمية التعلم المستمر من خلال برامج الشهادات النانوية وسيتحدد مستقبل التعليم والتطوير الوظيفي.
أخيراً، استمر ابني في مجال تحليل البيانات عاماً واحداً فقط، ليس بسبب قصر مدة انتباهه، بل لأنه انجذب إلى مجال جديد، إذ استقال للانضمام إلى جمعية خيرية تعمل على دعم المشردين في أستراليا، بصفته مراقباً مالياً، كما يعمل مطور برامج في الجمعية بضعة أيام في الأسبوع، وهو مجال لم يكن ليتعلمه في عمله بالمحاسبة القانونية. كيف تعلم تطوير البرمجيات؟ نعم، كما خمَّنتم، من خلال برامج الشهادات النانوية.