فترة نهاية السنة: الوقت المناسب للتفكير واتخاذ القرارات المهنية

4 دقيقة
مصدر الصورة: ماستر1305/غيتي إميدجيز

موسم العطلات هو وقت الاحتفال، لكنه فرصة مثالية أيضاً لتعزيز علاقاتك المهنية؛ فعادة ما يكون الناس أكثر انفتاحاً وقدرةً على التأمل وفي حالة ذهنية إيجابية خلال هذا الوقت. وبإمكاننا تأسيس علاقات دائمة وتحقيق منفعة متبادلة للطرفين بالاستفادة من بهجة العطلة لتجديد الروابط الشخصية وتعزيزها.

وسواء كنت تتطلع إلى تطوير حياتك المهنية أو تنمية عملك التجاري أو إنشاء روابط بنّاءة مع الآخرين لتحسين صحتك النفسية والعاطفية، فإن تعزيز علاقاتك وسيلة قوية لتحقيق هذه الأهداف. تمثل شبكات علاقاتنا في أغلب الأحيان مصدراً رئيسياً لعروض العمل أو الشراكات أو الأعمال التعاونية غير المتوقعة، لذا يجب أن نوليها الاهتمام الذي تستحقه عن جدارة.

وإليك 3 خطوات سهلة لاغتنام زخم العطلات لبناء علاقات وطيدة تستمر وتصمد بمرور الزمن:

1. راجع علاقاتك

سيساعدك تقييم علاقاتك وروابطك المهنية على تحديد الأشخاص الذين يجدر بك تجديد التواصل معهم أو تعزيز علاقتك بهم، بالإضافة إلى تحديد العلاقات التي لم تعد تضيف قيمة لحياتك.

أولاً، اكتب قائمة بالزملاء وشركاء العمل والمعارف المهنيين من قائمة جهات الاتصال على هاتفك وموقع لينكد إن وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي، ثم ارسم جدولاً من 3 أعمدة تحتوي على العناوين التالية: علاقة نشطة، علاقة غير منتظمة، علاقة مقطوعة أو معدومة. وزِّع أسماء الأشخاص بقائمة جهات الاتصال على هذه الأعمدة الثلاثة.

وعلى غرار إشارة المرور بألوانها الثلاثة: الأحمر للتوقف والأخضر للانطلاق والأصفر للاستعداد، انظر إلى كل عمود ولوِّن العلاقات التي تريد الحفاظ عليها أو تعزيزها باللون الأخضر وتلك التي لم تعد مهتماً بالحفاظ عليها باللون الأحمر، لكن هذا لا يعني ضرورة قطع علاقاتك مع الأشخاص الذين لوّنت أسماءهم باللون الأحمر فوراً؛ بل يعني عدم بذل الجهد في تعزيزها أو الحفاظ عليها. ولوِّن جهات الاتصال التي لست متأكداً من أهمية الحفاظ عليها أو تعزيزها باللون الأصفر.

عندما تفكر في إعادة بناء علاقة أو تعزيزها، ينبغي ألا تنحصر جهودك في التركيز على احتياجاتك أو رغباتك الشخصية؛ فالعلاقات ليست أحادية الجانب، بل هي استثمار مشترك في حياة كلٍّ من الطرفين ونجاحاته وإخفاقاته؛ لذلك من المهم ألا تكتفي بالنظر إلى العلاقة باعتبارها وسيلة لتحقيق منفعتك الشخصية، بل عليك أن تنظر أيضاً إلى القيمة التي تضيفها أنت شخصياً إلى العلاقة. إن كان ثمة أشخاص لستَ متأكداً من تصنيفهم (الأسماء الملونة باللون الأصفر في جهات الاتصال)، فاسأل نفسك الأسئلة الثلاثة التالية:

  1. هل ستساعدني هذه العلاقة على اتخاذ خطوات نحو تحقيق أهدافي الشخصية والمهنية، أم أنها ستساعد الطرف الآخر فقط على تحقيق أهدافه؟
  2. هل يراودني شعور إيجابي عندما أفكر في علاقتي مع هذا الشخص؟
  3. هل أكون على طبيعتي معه وأتصرف معه دون تصنُّع؟ وهل يفهمني وأفهمه؟

إذا أجبت بـ"لا" عن أي من هذه الأسئلة، ففكِّر في سبب محدد يمنعك من الحفاظ على العلاقة أو تعزيزها. على سبيل المثال، حتى لو أجبت بـ"نعم" عن السؤالين الثاني والثالث فيما يتعلق بشخص معين، فربما يكشف تحليلك أنك تبذل الجهد لإنجاح هذه العلاقة وحدك، وبالتالي فالعلاقة ليست متبادلة. يؤدي هذا الخلل إلى إدراكك أنك ربما تزعج الطرف الآخر أو أنه لا يرى قيمة في علاقتكما.

إن التخلي عن بعض العلاقات، حتى وإن بدت بنّاءة وقيّمة بالنسبة لك، يفسح المجال أمام تكوين علاقات جديدة بنّاءة أكثر. ويتمثل الهدف هنا في تركيز طاقتك على العلاقات الإيجابية، خاصة التي تسهم في تحسين رفاهتك العامة وشعورك بالرضا ونموك الشخصي.

2. جدد التواصل مع الأشخاص الذين انقطعت علاقتك بهم

بخلاف اللقاءات العفوية في حفلة أو مناسبة ما خلال موسم العطلات، لا بد من بذل الجهد لإحياء العلاقة مع شخص انقطع تواصلك معه؛ فبذل الجهد لإعادة التواصل، حتى لو لم يكن الوقت مناسباً للطرف الآخر، يعكس استعدادك لإنشاء علاقة مستقبلية.

تشكّل الرسائل البسيطة ذات الطابع الشخصي أداة مثالية لكسر الحواجز وإعادة التواصل؛ ابدأ كلامك بالإشارة إلى الفترة التي مضت منذ آخر تواصل كان بينكما وعبر عن اهتمامك الصادق بحياته الشخصية أو المهنية، مع الإشارة إلى تجربة أو ذكرى مشتركة بينكما. على سبيل المثال:

مرحباً سامر!

مرت سنوات عدة منذ آخر مرة تواصلنا فيها، وقد قرأتُ منشورك الذي يفيد بأنك أسست للتو شركتك الخاصة. تهانينا! أود أن أتعرّف على المزيد من التفاصيل عن هذا المشروع لأرى إن كان بإمكاني تقديم أي نصيحة أو توجيه. لقد طرأت تغيرات عديدة على حياتي أيضاً منذ ذهبنا إلى مباراة كرة القدم المثيرة حينما أمسكتَ بالكرة التي اندفعت باتجاه المدرّجات، ويسعدني أن أطلعك على الأحداث والمستجدات التي طرأت على حياتي.

هل ترغب في إعادة التواصل خلال الأسابيع المقبلة؟

ثمة طريقة أخرى للتعامل مع علاقة سابقة وهي التحدث عن صديق مشترك؛ على سبيل المثال: "لاحظتُ أنك علّقت على منشور جابر على لينكد إن. كنت أعرف جابر منذ أيامنا في شركة (س). يا له من عالم صغير!"

تجديد العلاقات أشبه بتكوين علاقة من الصفر، حتى لو كان لديكما الكثير من الذكريات أو التجارب المشتركة. ولكن يمكنك الاستفادة من فضولك بشأن حياة الطرف الآخر لإزالة أي حرج وتشجيعه على تجاذب أطراف الحديث بأسلوب يساعد على استعادة الروابط القديمة، ويسهم طرح أسئلة مدروسة ومفتوحة وإظهار اهتمام حقيقي برحلته في تجديد علاقة صادقة. عندما يحين دورك للمشاركة، أخبره بالتحديات التي واجهتها وإنجازاتك والنمو الذي حققته منذ آخر مرة تحدثتما فيها معاً.

3. عزِّز العلاقات لتحقيق أثر دائم

في حين أن تجديد التواصل خطوة أولى مهمة، فالحفاظ على العلاقات وتعزيزها يتطلب متابعة مدروسة ومتواصلة. ولا بد من اللقاءات المنتظمة بدلاً من التواصل المتقطع، لتعزيز الروابط وإظهار أن العلاقة مهمة حقاً بالنسبة لك، وإلا فسيضيع الجهد الذي تبذله في إعادة بنائها هدراً بمنتهى السهولة.

على سبيل المثال، كان لديّ زميلة من أيام عملي محامية، ولنسمها مريم، وكنت على علاقة وثيقة جداً بها ذات يوم. عندما انتقلت مريم إلى مدينتي، ظننتُ أن تجديد تواصلي معها سيكون سهلاً، لكن حياتنا كانت مزدحمة بالمشاغل وكان من الصعب أن نجد الوقت اللازم للتواصل بسبب اختلاف أعمار أطفالنا ومتطلبات العمل وغيرها من الالتزامات. كانت تجمعنا مودة كبيرة والكثير من القواسم المشتركة، لكن سنوات عدة مرت دون أي تفاعل بنّاء فيما بيننا، إلى أن شعرت أخيراً بالفراغ الذي تركه غيابها في حياتي، فقررت اتخاذ خطوة مدروسة وبذل جهد أكبر لتجديد تواصلي معها، ودعوتها لتناول الغداء وتجاذبنا أطراف الحديث طيلة 3 ساعات تحدثنا خلالها عن كل شيء، بدءاً من العمل وصولاً إلى أحوالنا الأسرية. تحول ذلك اللقاء إلى لقاء ربع سنوي لتناول الغداء معاً، وكانت هذه الوتيرة مناسبة لكلينا. أصبحت محادثاتنا مصدر راحة من الروتين اليومي المرهق، إلى أن استطعنا بمرور الوقت استعادة العلاقة الوطيدة التي كانت بيننا ذات يوم. اتصلت بي مريم مؤخراً لتطلب مني تقديم التدريب التنفيذي وتنظيم ورش العمل لشركتها، وهو تذكير بأن العلاقات المهنية والشخصية غالباً ما تتشابك وتتداخل بقوة عندما نوليها الرعاية والعناية اللازمتَين.

الاتساق مهم جداً للعلاقات، ويتيح موسم العطلات فرصة ثمينة لتجديد التواصل مع معارفنا، وبمجرد تجديد العلاقة التزم بالتواصل بوتيرة تناسبكما كليكما.

فكر في إعادة تقييم علاقاتك سنوياً لتحديد العلاقات التي تحقق قيمة مضافة لحياتك والعلاقات المتعثرة التي تتطلب بذل جهد إضافي؛ فتعزيز الروابط على نحو مدروس والتخلي عن العلاقات التي لم تعد تضيف قيمة لحياتك سيساعدانك على بناء شبكة علاقات أقوى وبنّاءة لك ولأصدقائك في المستقبل من أجل تعزيز فرص النمو المهني والشخصي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي