أسمع في أغلب الأحيان من كبار القادة الصاعدين السؤال التالي المتمحور حول الحياة المهنية: "كيف يمكنني الوصول إلى القائمة القصيرة من المرشحين لمناصب كبار التنفيذيين؟".
تفيض الكتابات في مجال الإدارة بالنصائح حول الوصول إلى منصب الرئيس. ومع ذلك، فإنّ المسار يضيق بشكل ملحوظ كلما اقترب المسؤولون التنفيذيون أكثر من المناصب العليا. بعد أن شغلت أدواراً وظيفية في العديد من تعاقبات مناصب الإدارة العليا، وجدت أنه لا يوجد نهج واحد يناسب الجميع. إذ إنّ جميع المؤسسات مختلفة ويوظف كل مسؤول تنفيذي نقاط قوته الخاصة به وخبرته الفريدة في المؤسسة. إلا أنني استطعت تحديد بعض العوامل الأساسية التي تتصدر القائمة.
الوقت
اعلم الوقت الذي ستنتظره، فإذا كنت مسؤولاً تنفيذياً على المستوى الثاني وكان رئيس فريق المسؤولين التنفيذيين الحالي صغيراً في السن ومحبوباً ولم يمض على شغله للمنصب سوى عامين، فأمامك مدة انتظار طويلة. في المقابل، إذا كنت الشخص الوحيد الذي سيعقبه في المنصب وقال رئيسك إنه يود فعل أمر جديد خلال عام أو عامين، فقد يكون الوقت وشيكاً.
المقصود هنا هو اتخاذ خطوات لإقحام نفسك في المكان المناسب والوقت المناسب. عندما تكون الشفافية في التخطيط لتعاقب استلام المناصب هي أولوية، تصبح إدارة الحياة الوظيفية لكبار المسؤولين التنفيذيين أسهل. لا يمكنك التحكم في استلام منصب شخص آخر، ولكن يمكنك استخدام معرفتك بصورة استراتيجية. اتخذ قراراً فيما يتعلق بالمدة التي أنت على استعداد للانتظار خلالها، وافهم الفترة الزمنية لتعاقب المناصب. إذا كنت تأمل في شغل منصب في الإدارة العليا ولا يوجد منصب متاح ضمن إطارك الزمني، فقد يكون ذلك مؤشراً لكي تبحث في مكان آخر.
الخبرة
لتصل إلى القائمة القصيرة من المرشحين لمناصب كبار التنفيذيين، أنت بحاجة إلى تجاوز دورك الوظيفي واكتساب خبرة أوسع. لكل مؤسسة إطار عمل مختلف بعض الشيء من الخبرة المتوقعة، لكني أحب النظر إلى تلك الخبرة من منظور "الاستراتيجية" و"العمليات". وقد تكون متمرساً أكثر في أحدهما، لكن عليك معرفة كيفية إدارة الاثنين معاً.
أدار أحد الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية الذي أعرفهم عملية التمويل لشركة فرعية عندما أصبحت شركة عامة ثم أُعيدت إلى الشركة الأم بموقع شركة كبرى. وقاد رئيس تنفيذي آخر للشؤون المالية عملية التمويل لإدارات متعددة حتى تمكن من اكتساب معرفة واسعة عبر الشركة قبل أن يصبح الرئيس التنفيذي للشؤون المالية لتلك الشركة. على نحو مماثل، أعرف العديد من الرؤساء التنفيذيين للموارد البشرية الذين تنقلوا بين الأعمال التجارية والعمليات والموارد البشرية وإدارات أخرى.
يمنحك التنقل بين أقسام المؤسسة المتعددة التوازن في الخبرة، كما أنه يختبر تحملك للضغوطات ضمن بيئات متعددة ويقدم لك منظوراً أوسع. نعمل في شركة سيسكو على إعداد المرشحين لأعلى المناصب باستخدام تقييمات على المستوى التنفيذي لتحديد نقاط القوة ومجالات التطور ومن خلال منح الأفراد مهام استراتيجية لصقل الخبرة وتوفير فرص عرض أكبر. على سبيل المثال، أشار تقييم المراجعة والأداء بطريقة 360 درجة لإحدى المديرات التنفيذيات الموهوبات إلى أنها غير مستغلة بالقدر الكافي كقائدة. ونتيجة لذلك، خوّلنا إليها دوراً أكبر برؤية أسمى وأعطيناها فرصة للانخراط في مجلس الإدارة.
التأثير
إنّ التنافس على المناصب العليا شديدة، ويتطلب الوصول إلى القائمة القصيرة لتلك المناصب إحداث أثر ملموس على الشركة بأكملها. شهدت مسؤولين تنفيذيين يعززون ملفهم الشخصي بطرق لا حصر لها، وهم يندرجون ضمن ثلاث فئات، وهي كالتالي:
يعمل "قادة التغيير المزعزع" على التغيير ويشعر أولئك الذين من حولهم بالارتباك بعض الشيء، وذلك ليصلوا بالمؤسسة إلى الابتكار ويدفعون بها نحو التغيير. هناك بعض الشركات التي ما زالت تعاني من أجل التحول إلى شركة رقمية، وقد شهدت مسؤولين تنفيذيين يفتحون طرقاً جديدة لتسيير الأعمال التجارية، وكنتيجة لذلك، تمكنوا من تجاوز مستويات وظيفية والوصول إلى منصب في الإدارة العليا.
أما "القادة التحوليون" فإنهم يصلحون الأمور ويضعونها في نصابها الصحيح وذلك عندما يفشل أداء شركة أو مهمة ما. غالباً ما يتم ترشيح أولئك القادة إلى منصب في الإدارة العليا بناء على موهبتهم في إيجاد حلول للمشكلات والقدرة على العمل في ظل الظروف الغامضة. حصل أحد الرؤساء التنفيذيين للإدارة الاستراتيجية الذين قابلتهم على منصبه بعد تمكنه من حماية شركته من الانزلاق نحو المجهول عن طريق عدد من التحالفات الاستراتيجية الحذقة، وقد أحدث ذلك التحول بصورة أساسية بعد الركود الاقتصادي الذي حصل في عام 2008. وعملت قائدة تحولية أخرى، وهي الرئيسة التنفيذية للشؤون المالية المصرفية، برفع القدرة التحليلية لمؤسستها في وقت كانت فيه المؤسسة تفقد العملاء أمام منافسيها على شبكة الإنترنت.
يفهم "القادة المحافظون على التوازن" ما يجب الحفاظ عليه في الشركة ويتمكنون من منحه الرعاية والتغذية اللازمتين. فقد استحوذت إحدى قائدات الأعمال اللواتي أعرفهن من شركة سيسكو على شركة ناضجة والتي كانت تعمل على نحو جيد بالفعل. إذ رأت تلك القائدة أنّ وظيفتها تتمثل في الحفاظ على استقرار الأرباح وتحقيق النمو المطرد، حيث يمكنها ذلك. لقد صنعت اسماً لنفسها من خلال فهمها لما كان ينجح في الشركة والاستفادة من زخم النمو المستقبلي.
بغض النظر عن تفاصيل كيفية تميّزك، لا بدّ لك من إظهار أنه يمكنك تحقيق النتائج ضمن بيئات عالية المخاطر.
الثقافة
يحتاج كل الذين يطمحون للوصول إلى مناصب في الإدارة العليا إلى القدرة على التعامل مع ثقافة الشركة بسرعة. حتى لو نجحت في أدوارك الوظيفية أو تلك التي على المستوى الإداري على مدار فترة طويلة، فلن تصل إلى فريق الإدارة العليا إلا إذا كان توافقك الثقافي يسير على نحو صحيح.
لدى معظم الشركات ثقافة مختلفة، وسيكون من غير المعتاد أنّ تعمل أي شركة على ترقية مسؤول تنفيذي إلى منصب في الإدارة العليا الذي لم يكن مناسباً لثقافتها على نحو واضح. على سبيل المثال، قد ينجح أحد الرؤساء التنفيذيين للمعلومات في العمل ضمن ثقافة مزعزعة لشركة ناشئة، ولكنه يغرق في مؤسسة أكبر وأكثر تعقيداً.
لقد عرفت العديد من المرشحين الأقوياء الذين لم يخسروا فرصهم لاستلام مناصب في الإدارة العليا فحسب، ولكن انتهى الأمر بهم أيضاً إلى مغادرة المؤسسة تماماً بسبب تضارب ثقافي. من الأفضل لك تقدير هذا العامل مبكراً والانخراط في التخطيط الوظيفي وفقاً لذلك.
الدعم واسع النطاق
يُعتبر التأييد الرسمي النابع من أشخاص في مناصب الإدارة العليا والجهات الراعية الكبرى أمراً بالغ الأهمية بكل تأكيد. لكنك تحتاج إلى مؤيدين وحلفاء متعددين على جميع مستويات المؤسسة للوصول إلى مستوى الإدارة العليا. هل يشير تقييم الأداء بطريقة 360 درجة إلى أنك تتمتع بدعم قوي من الموظفين عبر المؤسسة، بمن فيهم أقرانك؟ أتذكر أحد المدراء الذي كان يحظى بتقدير شامل من قبل مرؤوسيه المباشرين، ولكن الكثير من زملائه في الإدارة كانوا متشككين حوله (والأمر الذي صبّ في مصلحته هو أنه عالج المشكلة مباشرة وأعاد العلاقات إلى مسارها الصحيح).
والحق يقال، إنه من الصعب الارتقاء إلى قمة أي شركة دون ثقة ودعم شاملين. كان لدى تشاك روبنز العديد من المؤيدين على جميع مستويات شركة سيسكو عندما تم تعيينه في منصب الرئيس التنفيذي. مع ذلك القدر الكبير من الدعم، يمكن للمرء القول إنه كان الخيار الواضح لمنصب رئاسة الشركة، وبالتالي، لم يكن مفاجئاً أنه كان خيار مجلس الإدارة بالإجماع.
التوافق مع الرئيس التنفيذي
إنّ الرئيس التنفيذي أو أي مسؤول تعمل تحت إدارته هو مؤيدك وداعمك الأكثر أهمية من دون شك (إذا كنت بنفسك تتوافق مع دور الرئيس التنفيذي، فأنت مدين لمجلس الإدارة). لكن ما هي أفضل طريقة لكسب أولئك الأشخاص وصناع القرار الآخرين على أرفع مستوى؟ اجلب خبراتك الشخصية إلى الإدارة العليا التي تكمل وتتمم الفريق الأعلى والأوسع نطاقاً. بالتأكيد، يُعتبر التوافق الشخصي مع المسؤولين التنفيذيين الآخرين أمراً مهماً، لكن التوافق في الإدارة العليا يتعلق أيضاً بتحسين عمل الفريق بما تجلبه إليه.
صرح عن طموحك، فإذا لم تخاطر بجعل هدفك معلناً، لن يفعل أحد ذلك. أفصح أنك ترغب في شغل منصب في الإدارة العليا، وإذا حصلت على التزام من القادة الرئيسيين لمساعدتك على اكتساب الخبرة اللازمة أو وضع خطة للتطوير، فقد تكون قريباً من الوصول إلى المنصب.