تعلم كمدير أنّك بحاجة إلى التفكير في المسيرة المهنية لأعضاء فريقك ومساعدتهم على التطور مهنياً، ولكن هل تتحدى نفسك لتذهب أبعد من الموارد القياسية التي تقدمها شركتك وتقدم تدريباً ودعماً مخصصين لكل موظّف؟
وجد استطلاع شمل جيل الألفية أجرته مؤسسة غالوب في عام 2016 أنّ 90% منهم يقدّرون "فرص التطور والنمو الوظيفي"، في حين أن أقل من 40% منهم لديهم شعور عميق أنهم "تعلّموا شيئاً جديداً في العمل خلال الأيام الثلاثين الماضية". وقد أظهر الاستطلاع نفسه أنّ المدراء هم العنصر الأكثر أهمية للخبرات التي يمتلكها الموظّفون الأصغر سناً في العمل، وهو ما يمثّل "على الأقلّ 70% من التباين في درجات المشاركة".
لم يؤكّد البحث الذي أجريته على أهمّية الرؤساء فحسب، لاسيما فيما يتعلّق بالتعلّم والتطوير، بل أكّد أيضاً على أنّ لبعض الرؤساء تأثيراً إيجابياً هائلاً على موظّفيهم. فالقادة الاستثنائيون الذين درست حالاتهم لا يتركون أمر إنشاء برامج التقدم الوظيفي الخاصة بأعضاء الفريق لقسم لموارد البشرية، بل يعملون على إضفاء طابع شخصي على التدريب والدعم والجهود التعليمية التي يبذلونها. كما أنّهم لا يتتبّعون فقط فرص التعلّم الكبيرة الممنوحة لموظفيهم، بل يفهمون أيضاً الفوارق الدقيقة لكيفية نموّهم أسبوعاً بأسبوع وشهراً بشهر ويعدّلون تصرّفاتهم وفقاً لذلك. ونتيجة لذلك يتمكّنون من إبقاء أعضاء فرقهم متحمّسين وعلى قدر كبير من التفاعل.
قد تبدو إدارة كلّ تقرير بهذه الطريقة شاقّة أو مستحيلة للكثير من المدراء نظراً لانشغالهم، ولكنّ الأمر أسهل مما تعتقد، كما وجد أحد عملائي. إليك فيما يلي الخطوات الرئيسة:
نظّم المعلومات عن تطوّر موظفيك في جدول بيانات (spreadsheet)، وارصد مجموعة من المعلومات عن كل موظف لديك، بما في ذلك:
- ملاحظاتك الشخصية عن الموظف، وتقييمك لإمكاناته.
- الملاحظات التي قدمّها الموظّف أو الموظّفة حول أسلوبك في الإدارة.
- طرق الموظّف المفضّلة للعمل.
- الدوافع الرئيسة للموظّف، بما في ذلك المكافآت العرضية مثل التعويضات المالية والمكافآت الجوهرية مثل التقدير.
- الفرص التي تراها لتعزيز مسيرة الموظّف المهنية، بما في ذلك علاقات التشبيك التي يمكنك توفيرها والمهام التطبيقية الممتدة (التي تتجاوز مستوى معرفة الموظف أو مهاراته الحالية) وأهداف الترقية الوظيفية.
- أهداف الموظّف الوظيفية والتنموية المعلنة.
- ردود الفعل التي تريد تقديمها للموظّف.
- الحكمة الأعمّ حول القطاع أو الحياة والتي ترغب في إيصالها.
راجع هذه الجداول وقم بتحدثيها على أساس أسبوعي. خصّص 15 دقيقة في نهاية كلّ أسبوع للتفكير في أعضاء فريقك، ودوّن كلّ معلومة جديدة كشفت عنها، والتفاعلات المحدّدة التي قمت بها، والخطوات التي اتّخذتها لتقديم التدريب والتعليم والدعم وما إلى ذلك. إذا وجدت صعوبة في تذكّر التفاصيل، احتفظ بدفتر ملاحظات مخصّص لتدوين ما تبذله من جهد في التدريب، وتدوين الأفكار في الوقت الفعلي، ومراجعة هذه الملاحظات عند إجراء هذه التحديثات.
تعمّق في الأمر كلّ ثلاثة أشهر؛ ما هي الأنماط التي تراها لدى كلّ موظّف؟ هل يحرز عضو الفريق تقدّماً كبيراً؟ هل تفاعلَ الموظّف أو الموظّفة مع جهودك للتدريب والتطوير؟ هل قدّمت ما هو مناسب من النصائح والتقدير وغيرها؟ هل هناك أيّ شيء ترغب في تغييره؟ قد تلاحظ أيضاً اختلافات بين أعضاء الفريق؛ هل تنجح بعض الخطوات مع بعض الموظّفين أكثر من غيرهم؟ إذا كانت بعض التقارير تبدو جامدة أو صعبة، فلمَ ذلك؟ هل ثمّة أيّ عوامل خارجية تدخل في الاعتبار مثل المرض أو النزاعات بين الأشخاص؟
تحدّث مع أعضاء الفريق. بعدما تكوّن رؤية واضحة عن التقدّم الفردي وعن أساليب التدريب أو التطوير التي يبدو أنّها تنجح، ناقش الأمر مع كلّ عضو من أعضاء الفريق على حدة. لا تنتظر بالضرورة التحليل الفصلي من أجل إجراء هذه النقاشات، وتأكّد تالياً من ألّا تكون ذات طابع رسمي مفرط، وتفاعل مع الموظّفين على الفور وباستمرار لتجعل من هذه التفاعلات عنصراً أساسياً لعملكما سوياً. أظهر لموظّفيك أنّك تعرف ما هو النجاح بالنسبة لهم وتعرف ما الذي يحتاجونه لكي يتحسّنوا.
اطّلع على الجداول في كلّ سنة عند إعداد تقييمات الأداء. يعاني الكثير من المدراء من أجل تذكّر الفروقات الدقيقة في أداء أعضاء الفريق وتطوّرهم على مدار سنة كاملة، ولكن مع وجود كلّ الملاحظات والانطباعات أمامك في حزمة منظّمة بدقة ستجد نفسك تكتب تقييمات أدقّ في وقت أقلّ.
ربّما لا يزال بعض المدراء يعترضون على أنّه ليس لديهم متّسع من الوقت لتتبّع كلّ موظف عن كثب ورصده، وردّي على ذلك أنّه إذا كنت ترغب في بناء فريق استثنائي وعالي الأداء ستجد الوقت لذلك. فأنت مسؤول عن إعطاء الموظّفين ما يحتاجونه لكي يتفّوقوا في العمل وأنت مسؤول عن مساعدتهم في تحقيق التزاماتهم أو تجاوزها، وإذا أخذت هذا الالتزام على محمل الجدّ سيزيد حماسهم كثيراً لبذل قصارى جهدهم. مع ما تقدّمه من تعليم، ومع عمل الموظّفين بجِدّ، سيصبح الموظّفون أكثر مهارة وسيتحسّن أداؤهم وسيبقون معك لفترة أطول كما سيساعدونك في جذب المزيد من المواهب. وحتّى في حال غادروا شركتك سيبقون ممتنّين لك على مساعدتهم في تحقيق طموحاتهم الوظيفية.
عندما تتبنّى أسلوباّ ذا طابع شخصي لتطوير الموظّفين ستصبح رئيساً فاعلاً أكثر ومحبوباً أكثر، وربّما قد تصبح رئيساً استثنائياً.