يتوفر لدينا الكثير من المعلومات البحثية عن الأسباب التي تجعل الأشخاص يتصرفون بطريقة غير أخلاقية. لدينا على سبيل المثال أدلة على أن الناس يميلون إلى أن يكونوا أقل صدقاً في وقت متأخر من اليوم وذلك لأن التعب يسيطر عليهم، وكذلك عندما ينتابهم القلق، لأنهم هنا أكثر ميلاً لمراعاة مصالحهم. ومع ذلك، فإن العديد من هذه الدراسات لا تنظر سوى في التصرفات غير الأخلاقية التي يلجأ إليها الناس نيابة عن أنفسهم. ولكن ماذا عن التزام النساء بأخلاقيات العمل؟ وماذا عن المرات العديدة التي نتصرف فيها بالنيابة عن الآخرين؟
نتصرف نيابة عن الآخرين في مجالات عدة: في الأعمال والسياسة والقانون والمجال الاجتماعي وغير ذلك. يسعى المدراء للحصول على الموارد لموظفيهم، على سبيل المثال، في حين يمثل المحامون عملاءهم في المفاوضات.
يقترح بحثي أن الأشخاص الذين يتصرفون بالنيابة عن الآخرين يمكن أن يتأثروا بالقيم والتوقعات التي ينتظرها أولئك الذين يمثلونهم، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالتصرف بطريقة أخلاقية. كنت وزملائي مهتمين بشكل خاص بمعرفة كيف ينطبق ذلك على النساء. لقد وجدت الأبحاث أن أداء النساء أسوأ في المفاوضات لأن تصرفن بمصداقية يرتد عليهن، لكن إحدى الطرق التي تؤدي إلى تفادي مثل هذا الارتداد هي من خلال الدفاع عن مصالح الآخرين.
التفاوض نيابة عن الآخرين التفاوض عن أنفسنا
أجرينا أربع دراسات بحثية لمعرفة ما إذا كان الناس أكثر عرضة للكذب عند التفاوض نيابة عن الآخرين مما هو عن أنفسهم. جمعنا 1,337 مشاركاً لخوض المفاوضات، ووجدنا أن الجنس أو النوع الاجتماعي قد لعب دوراً في كيفية التفاوض عن أنفسنا وعن الآخرين. كان الاحتمال أكبر أن يكذب الرجال عندما تفاوضوا نيابة عن أنفسهم مقارنة مع النساء، ولكن ليس عند التفاوض نيابة عن الآخرين. لكن العكس كان صحيحاً بالنسبة للنساء - فالنساء أكثر ميلاً من الرجال للكذب عند التفاوض نيابة عن الآخرين.
في إحدى الدراسات، قمنا باختيار المشاركين بشكل عشوائي لتمثيل عملية التفاوض على ملكية عقارية كمشتر أو كوكيل يمثل المشتري. أخبرناهم أن المشترين أرادوا بناء فندق تجاري شاهق في العقار، لكن البائع سيرفض عرضهم إذا علم بما ينوون فعله.
وجدنا أن النساء المشاركات اللواتي لعبن دور وكيل المشتري كن أكثر ميلاً للكذب من أولئك اللواتي اخترن للعب دور المشتري (64.4% مقابل 44.4%) حول ما يعزمّن على فعله بالعقار من أجل إنجاز الصفقة. من ناحية أخرى، لم يظهر لدى الرجال فرق إحصائي في الأخلاقيات عند التصرف نيابة عن أنفسهم أو عن الآخرين (60.6 % مقابل 72.2 %).
عندما سألنا لماذا اتخذ المشاركون قراراتهم، رأينا أن الاحتمال أكبر أن تتحدث النساء عن شعورهنّ بالذنب من أن يخيِّبن ظن أولئك الذين كن يدافعن عنهم. لقد كن أكثر استعداداً للانخراط في سلوك مشكوك فيه لأنهن توقعن أن يزداد شعورهن بالذنب والقلق في حال خاب أمل الآخرين بهن.
على الرغم من أن دراساتنا ركزت على النساء، إلا أن أبحاثاً أخرى أسفرت عن نتائج عامة مماثلة وجدت أن الناس يميلون إلى التصرف بشكل غير أخلاقي عند تمثيل الآخرين، إذا اعتقدوا أنهم مرتاحون لذلك أو يفضلونه. أظهرت مجموعة واحدة من الدراسات البحثية أن الأفراد "النفعيين"، أو أولئك الذين يجرون في العادة تحليلات واعية للكلفة والمنفعة عند اتخاذ القرارات (على سبيل المثال: "ما الذي سأكسبه أو أخسره، أو سيكسبه المجتمع أو يخسره، نتيجة لخياراتي وأفعالي؟") يتصرفون على الأرجح بشكل غير أخلاقي إذا كانوا يتصرفون نيابة عن شخص آخر يشترك في نهج نفعي مماثل، خلافاً لما يفعلونه عند تمثيل شخص "مبدئي"، أو أكثر تمسكاً بالأصول والمبادئ والشكليات.
طرق التفاوض عن الآخرين بطريقة أخلاقية
يمكن أن يمتد السلوك غير الأخلاقي نيابة عن الآخرين من سوء سلوك بسيط هنا وهناك إلى تصرفات أكثر أهمية إذا سمحت التوقعات والمعايير بذلك. إذا كان من المقبول تقليص مزايا غير مهمة في منتج للتأكد من قدرة الفريق الاستشاري على تسليمه في الموعد المحدد على سبيل المثال، قد يؤدي ذلك إلى الانخراط في مزيد من سوء السلوك بصورة جدية مثل تضخيم قدرات الشركة الاستشارية لضمان حصولها على عميل مهم. وتظهر الأبحاث أن سلوك مثل هذا المنحدر الزلق ليس أمراً نادراً.
إذن، كيف يمكننا محاربة الميل للتصرف بشكل غير أخلاقي عند التصرف نيابة عن شخص آخر؟ يقترح بحثنا بعض الطرق:
ابق في نطاق القصد:
على المستوى الفردي، من المهم أن تدركَ دوافعك عند تمثيل مصالح الآخرين. هل تجعلك رغبتك في دعم الآخرين تتبنى عقلية "الفوز بأي ثمن"؟ هل ستشعر بذنب مفرط إذا فشلت في تمثيلهم بشكل جيد؟ إنّ طرح مثل هذه الأسئلة في مواقف الدفاع عن قضايا الآخرين سيجعلك أكثر وعياً بقيمك ومقاصدك، ومن المرجح أن تبقيك هذه الأسئلة أكثر التزاماً بالأخلاقيات.
اطلب توضيحات:
إذا كنت غير متأكد من مدى أخلاقيات من تمثلهم، احصل على توضيحات. يمكن أن يكون هناك غموض كبير في حالات الدفاع عن قضايا تخص آخرين في العالم الحقيقي، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى افتراضات خاطئة بشأن أخلاقيات وتوقعات أشخاص محددين، ما يؤدي بدوره إلى سلوك غير أخلاقي نيابة عنهم. بدد الغموض من خلال طلب توضيح التوقعات المتعلقة بالأخلاقيات ("لا نريد الفوز بأي ثمن، أليس كذلك؟")، مع مشاركة توقعاتك الخاصة معهم.
حدد توقعاتك:
عندما تمثل شخصاً ما، يجب أن تكون أيضاً واضحاً بشأن الحد الذي يمكنك أو أنت مستعد أو لست مستعداً لبلوغه. وبالمثل، عندما تكون ضمن مجموعة يتم تمثيلها، اجعل توقعاتك حول الأخلاقيات واضحة لأولئك الذين يتصرفون نيابة عنك ("علينا أن نفعل ذلك وفق المبادئ والأصول"). لا تدع مجالاً للافتراضات الخاطئة. علاوة على ذلك، انتبه للدلائل التي تشير إلى التزام النساء بأخلاقيات العمل أو إلى أن من يمثلك قد يميل للتصرف بشكل يدعو للشك. على سبيل المثال، إذا عبر شخص عن شعور بالذنب حيال جعل ظنك يخيب، تدخل وأكد له أنه لا ينبغي عليه أن يشعر بوجود ضغط عليه للتصرف بشكل غير مؤات.
في حين أن هناك ميلاً للتصرف بشكل غير أخلاقي نيابة عن الآخرين، فإن الجيد في الأمر هو أنه يمكنك العمل لمنع مثل هذه النتائج.
اقرأ أيضاً: