بعد نهاية الامتحانات النهائية واحتفالات التخرج في الجامعة، يتوجه الآلاف من طلاب الجامعات والخريجين الجدد للبدء بأول تدريب داخلي أو وظيفة بدوام كامل، وستكون من المحظوظين إن كنت واحداً منهم؛ إذ تشير الإحصاءات الحديثة إلى أن واحداً من كل اثنين من خريجي الجامعات الجدد عاطل عن العمل أو يعمل في وظيفة غير ملائمة لمهاراته. ومع أن العديد منهم ربما يكون قد عمل سابقاً في وظائف بدوام جزئي، تظلّ أول وظيفة تمثل تجربة تعليمية لا يستهان بها، بل تعد حجر الزاوية لمسار الحياة المهنية.
ولكنها في الوقت نفسه تمثل تحدياً لأنها ستكون التجربة الأولى في بيئة الأعمال. فأنا لا أنسى كيف انتابني شعور بالضياع في أول تجربة لي بعد التخرج، ومن منا لم يمر بهذه التجربة؟ كنت محاطاً بالكثير من المعلومات الجديدة، وشعرت بالعجز أمام زملائي الخبراء بالعمل. لم أعرف حينها كيف ألتمس النصيحة، ولازمني شعور بعدم قدرتي على إتقان أي مهمة!
لذا عندما تُحضر نفسك لوظيفتك الجديدة والتحديات المرافقة لها، أريدك أن تأخذ بـ 5 نصائح كانت قد ساعدت الكثير من الموظفين من قبلك!
1. لا تتظاهر بمعرفة كل شيء من أجل أن تنجح
يحاول العديد من الموظفين الجدد التظاهر بمعرفة الكثير، فلا يسألون عما يجهلون. ويظنون أن أهميتهم بالنسبة إلى المؤسسة تنبع من معرفتهم؛ لذلك لا يعترفون بنقص خبرتهم أو فهمهم للعمل، بل يعوضون نقص ثقتهم بأنفسهم بإظهار الثقة الزائدة. لكن في الحقيقة هم لا يخادعون أحداً، فلا أحد يتوقع منك أصلاً أن تعرف كل شيء وأنت ما تزال موظفاً جديداً! ولن تتعلم وتنمي مهاراتك إلا بأن تسأل الأسئلة وتبحث عن المعلومة وتطلب المساعدة، فلا تتظاهر بمعرفة كل شيء من أجل أن تنجح، بل أتقن عملك عبر التعلم من خبرات زملائك في العمل ومهاراتهم، وانظر إلى فرصة التدريب أو الوظيفة الأولى على أنها فرصة تعلم قبل أن تكون فرصة لعرض المواهب!
2. لا تنعزل عن زملائك في العمل
من أفضل الفوائد التي تقدمها الوظيفة الجديدة تجربةُ التعلم الفريدة. فكل موظف تُعامله -من الرئيس التنفيذي إلى موظف الاستقبال- لديه خبرة ثمينة يمكنك الإفادة منها، وكل واحد منهم مرشح لأن يكون صديقك ومرشداً لك في مسيرتك المهنية. ويتميز أسعد الموظفين وأنجحهم بإصراره على طرح الأسئلة والتماس النصيحة من جميع زملائهم، بل إن الأبحاث تظهر أن الموظفين الذين يحظون بشبكة علاقات اجتماعية قوية يعيشون عمراً مديداً. فإذا كانت مؤسستك مليئة بالموظفين ذوي الخبرة والأفكار النيرة والذكاء الحادّ، فتعرف إليهم، وعاملهم بلطف، واسأل الأسئلة، وتعلم منهم، واستمتع بكل ذلك.
3. ضع حدوداً لكي تتجنب الاحتراق الوظيفي
ثمة مثل شعبي يقول "ينتهي العمر ولا ينتهي العمل". ففي الجامعة مثلاً ثمة مواعيد نهائية محددة لاختباراتك وواجباتك المنزلية ومشاريعك الجماعية، ويساعدك والداك ومدرسوك على موازنة حياتك، ولديك إجازات منتظمة لتنال قسطاً من الراحة. أمّا العمل فليس بهذه الصورة إطلاقاً؛ إذ من الصعب أن تنجز مهماتك كافةً بإتقان لا يشوبه شائبة. وستنتابك الرغبة بتقديم أداء يفوق قدراتك، ولن يمانع معظم المدراء بأن يعمل موظفوهم الجدد ساعات إضافية إن رغبوا في ذلك. وأكيدٌ أنه ثمة فوائد للاجتهاد في العمل، لكنك بحاجة إلى أن تتعلم باكراً كيف تضع حدوداً تحافظ بها على التوازن في حياتك وتحميك من الاحتراق الوظيفي؛ لأن الاحتراق الوظيفي سيُضعف إنتاجيتك ويحد من سعادتك في نهاية المطاف. وفي مجتمع لا يحرص على رفاهك الشخصي، عليك أن تضع تلك الحدود بنفسك؛ فقرر ما هو نمط حياتك مقدّماً، وخصِّص نفسك باستراحات وجيزة من العمل في جدولك، وتعلم باكراً كيف تحافظ على التوازن بين عملك وحياتك.
4. قدم الخدمات لزملائك وعملائك
ثمة نظرة شائعة ترى أن جيل الألفية نرجسيون ويشعرون بأنهم مميزون عن غيرهم. والخطأ الذي يقع فيه معظم الشباب هو منافسة زملائهم لصعود السلم الوظيفي بدلاً من تقديم الخدمات بتواضع لزملائهم وعملائهم. وفي حال رغبت في كسب احترام زملائك وتحطيم الصورة النمطية عن جيلك، عليك إضفاء طابع حب المساعدة على عملك. فابحث عن طرق تقدم المساعدة فيها لزملائك قبل أن يطلبوها منك، وفكر كيف يمكنك أن تسعد عملاءك مقدّماً. ويحسن في هذا السياق أن تقرأ ما كتبه جيم كولينز عن كيف يجمع القادة العظماء بين التواضع والعزيمة الصلبة، وكيف يمكن أن يكون تقديم الخدمات بتواضع والاهتمام بالآخرين طريقة عظيمة لتنمية مهارات القيادة ولحشد الدعم من الزملاء.
5. اجتهد في عملك ولا تتأخر عن مواعيد العمل
أثبت مالكولم غلادويل وآخرون أن أهمية الاجتهاد في العمل تضاهي أهمية الموهبة لتحقيق النجاح المهني. وتشير قاعدة الـ 10,000 ساعة، على سبيل المثال، إلى أنك تحتاج إلى 10,000 ساعة من الممارسة المدروسة لتتقن إحدى المهارات. ولا شيء يضاهي الدقة في المواعيد والإصرار والتفاني في إثبات إخلاصك في العمل للشركة التي تعمل فيها. وسيكسبك اجتهادُك احترام زملائك على المدى الطويل، بل سيتيح لك إتقان عملك والقدرة على ضبط الذات لكي تحقق النجاح في المستقبل. فالقاعدة سهلة التطبيق والنسيان في آن واحد؛ لذا اجتهد في عملك ولا تتأخر عن مواعيد العمل.
إنّ اتباعك لهذه النصائح سيثري تجربتك ويجعلك توازن بين ضغوط بيئة العمل الجديدة كلياً وتحدياتها، فما الذي تخشاه عند البدء بوظيفتك الأولى أو تدريبك الأول؟ وما النصيحة التي توجهها للموظفين الجدد؟