عيش الدور والتدرب هو سبيلك للنجاح في مقابلة العمل

4 دقائق
النجاح في مقابلة عمل

ها قد وصلت إلى مرحلة المقابلة: الخطوة الأخيرة في الوصول إلى وظيفة أحلامك التي تتناسب مع مؤهلاتك تماماً. إن سيرتك المهنية غنية بالخبرات والمهارات وأكثر من رائعة، كما أنك بحثت بشكل مكثف عن الشركة وثقافتها وموضعك فيها، فضلاً عن معرفتك لخبرات ومهارات من سيجري معك المقابلة (شكراً موقع "لينكد إن"!) حضّرت إجاباتك والأمور التي ستجعلهم يوظفونك. لكن... حالما بدأت المقابلة، حصل خطب ما! تريد أن تبدو واثقاً، وأن يتم النجاح في مقابلة عمل.

لكن توترك يطفو على السطح، وصوتك أصبح جافاً وبالكاد تسمع نفسك. لا يوجد شيء يمكنك فعله لإيقاف ذلك. مع مضي الدقائق، تبدو إجاباتك مملة أكثر وتقليدية للغاية وتتسبب بضجر من يجري المقابلة معك. إن الوظيفة تنزلق أكثر وأكثر من بينك يديك... وهي الآن بعيدة المنال.

لماذا لم تستطع النجاح في مقابلة العمل؟

ربما تكون قد أعددت محتواك جيداً، لكنك فعلت ما يفعله معظم الناس بشكل خاطئ: لم تقم بتحضير أدائك. أجل، أداؤك، بالتعبير المسرحي. تماماً كما يتدرب الممثل على أداء شخصية في مسرحية أو عرض تلفزيوني. يمكنك قراءة بعض الحيل التي يلجأ إليها الممثلون للتدرب على أداء الشخصية التي سيلعبونها في المقابلة. لكي تنجح في المقابلة، عليك أن تكون واثقاً من نفسك ومهتماً وذا كفاءة عالية ومحبوباً ومرناً وتتمتع بصفات أخرى كثيرة. كيف ستتمكن من فعل ذلك في موقف فيه الكثير على المحك؟ كيف ستستفيد من قدرتك الطبيعية على التخيل والتظاهر وإتقان شخصيتك خلال المقابلة؟

لكن مهلاً لحظة! هل تقول: شخصية؟ تظاهر؟ ماذا عن فكرة أن تكون أصيلاً؟ يسألني كثيرون عن هذا، وهو بالفعل سؤال جيد: يطلب العديد من المدربين والخبراء في مجال العمل تقديم سلوك أصيل وقائم على القيم والتصرف بطريقة "تعبّر عن نفسك" في العمل.

ركزت شركتي طوال عقدين من الممارسة والأبحاث على ما ندعوه "التحول المبدئي" (Becoming Principle)، وفيها نستخدم أدوات الأداء المسرحية لنصبح من لسنا عليه...بعد. عندما نستخدم بوعي قدرتنا على الادعاء والأداء، يمكننا تنمية أجزاء جديدة وحقيقية من أنفسنا. (يعود أصل كلمة "التظاهر" في الإنجليزية إلى الفعل اللاتيني "tendere"، والذي يعني حرفياً "التمدد" لا التصنّع أو ارتداء قناع). تلقى هذه الفكرة صدىً نراه مع هيرمينيا إيبارا (Herminia Ibarra) في مقالها المنشور في "هارفارد بزنس ريفيو" بعنوان "إشكالية العمل وفقاً لطبيعتنا" (The Authenticity Paradox)، والذي كتبت فيه أن تمسكنا بما نقول عنه "ذاتنا الحقيقية" يمكنه أن يعقّنا عن أخذ تحديات جديدة وأدوار أكبر. بعبارة أخرى، من خلال التمسك "بذاتك"، أنت تحد من نفسك.

يتم مقابلتك حرفياً لدور جديد. بالتالي سيساعدك تطوير مهارات أدائك ليس فقط على نيل الوظيفة، بل أيضاً على النمو واكتساب مهارات جديدة مهمة جداً في مكان العمل في القرن الحادي والعشرين؛ إذ يتطلب التنقل المستمر بين الأعمال المرونة والأداء الجديد في كل وقت.

ما الشخصية التي تريدها أن تكون في هذا المشهد؟ مشهد "شخصية مقابلة العمل"؟ قم بعمل قائمة تضم صفات المرشح الناجح التي عليك إيصالها: ستعتمد هذه الصفات إلى حد كبير على الوظيفة التي ستتقدم لها. على سبيل المثال، سيحتاج مهندس البرمجيات ومدير المبيعات إلى التأكيد على سمات ريادية مختلفة فيما بينهما. في نفس الوقت، عليك أن توصل في أدائك شعورك بثقافة الشركة. على سبيل المثال، قد يدمر الشخص المتأنق الواثق من نفسه أكثر من اللازم حظوظه في العمل لشركة ذات بيئة عمل رسمية والعكس صحيح.

يبحث القائمون بالمقابلة الماهرون عن الصفات التي يعرفون أنها ترتبط بالنجاح في العمل، مثل الثقة، والطاقة، ولغة الجسد الإيجابية. كيف تعبر جسدياً عن هذه الصفات؟ هناك الكثير من الكتب التي تتحدث عن لغة الجسد الواثقة وكيف يمكن لحركات محددة مثل الوقوف واللهجة والمصافحة والتواصل البصري إيصال السلطة والبساطة. إذا لم تكن متأكداً من كيفية إبراز هذه الصفات، فابحث عمن تراهم يجسدونها، ثم راقبهم عن كثب لترى كيفية فعلهم لذلك. لا تقلدهم حرفياً، بل قم بمحاكاة خلّاقة. جرّب ذلك وقم به وحاول معرفة ما يصلح لك.

أما العامل الأهم فهو التدرب، تحتاج – مثل أي أداء جيد – إلى التدريب المسبق. إذا كنت تميل إلى الخجل، وسّع مجال تعبيرك (والأمور المريحة لك) من خلال ممارسة ما قد يشعرك بالراحة (مثل استخدام الإيماءات والعاطفة). إذا كنت تتحدث كثيراً باستخدام جمل طويلة دون توقف (وهو ما ما يفعله الكثير منا عندما نكون متوترين)، فتدرب على التوقف، وقسِّم أفكارك إلى جمل أقصر.

حتى مع التدريب والاستعداد، قد نصاب بالتوتر والجهد في الأوضاع الجديدة، لا سيما عندما نكون في مركز الاهتمام وتحت التدقيق. لهذا السبب، أقترح أنه بالإضافة إلى ما ذكرته أعلاه، تقديم شخصية مقابلة عمل جديدة: بدلاً من الأداء كشخص يحاول جاهداً الحصول على وظيفة، قم بالأداء كشخص يريد إجراء محادثة رائعة مع من يقابله.

ليكن هذا موقفك: قمتُ ببعض الأشياء الرائعة والمثيرة للاهتمام في حياتي، وقمتُ بأعمال مهمة أود مشاركتها معكم، وأنا مهتم جداً بسماعكم ومعرفة المزيد عن شركتكم.

كيفية إجراء محادثة جيدة في مقابلات العمل

بعبارة أخرى، عليك لعب دور "إجراء محادثة جيدة"؛ وفيما يلي كيفية فعل ذلك:

• كن فضولياً

يتحدث معظم الناس كثيراً خلال المقابلة. بدلاً من ذلك، كن فضولياً، واطرح أسئلة مفتوحة (ليست إجاباتها "نعم" أو "لا") مرتبطة بما سمعته للتو. سيساعدك ذلك على اكتشاف أرضية مشتركة مع الشخص الذي يجري المقابلة معك، وهو أمر أساسي لجعل الانطباع الأول رائعاً.

• ركّز على التواصل

بالطبع تحتاج إلى إعداد "نقاط حديث" لمقابلتك. ولكن أن تكون في محادثة (بدلاً من تقديم خطاب) يعني التواصل في اتجاهين. يعني هذا القيام بما يفعله المرتجلون، والتعامل مع كل ما يقوله القائم بالمقابلة على أنه "عرض" عليك تقبّله والبناء عليه (بدلاً من انتظاره لإنهاء الفكرة حتى تتمكن من بدء ما تريد قوله). يمكنك ممارسة هذا النوع من الاستماع عبر بدء كل جملة بعبارة "نعم، و ...". إن مهارات الارتجال مطلوبة للغاية في مكان العمل. في المقابلة، ستجعلك مهارة الارتجال هذه أقل تركيزاً على إثبات نفسك، وأكثر انسجاماً مع الشخص الآخر.

• الاستعداد لسرد القصص

قد يكون هذا أحد أقوى العناصر في أداء محادثة مميزة. يملك فن رواية القصص تأثيراً قوياً على إثارة العواطف والتعاطف وزيادة نسبة الإعجاب بك. على سبيل المثال، إذا سألك القائم بالمقابلة عن امتلاكك أي خبرة في قيادة المشاريع، بدل السرد التقليدي، يمكنك سرد قصة بطريقة درامية تتحدث عن أحدث مشروع قمت بقيادته واصفاً بدايته وما فعلته والعقبات التي واجهتك وكيف تغلبت عليها. تملك القصص الجيدة بداية ومنتصفاً ونهاية. اجعلها قصيرة، ولكن معبّرة.

قد لا تشعر في بعض هذه التقنيات أنك "أنت"، لكن هذه هي النقطة الأساسية من أجل النجاح في مقابلة عمل. من خلال الاستفادة من قدرتك الطبيعية على الأداء بطرق جديدة، ستوسع منطقة راحتك وتزيد من جعبتك بطريقة تشعر فيها فعلياً أنك طبيعي. إنها الطريقة التي تنمو فيها من ناحية، ومن ناحية أخرى تتمكن فيها من الحصول على عمل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي