في دراسة أجريت على 20,000 شخص عبر مجالات ومؤسسات مختلفة، وجدت أن أكثر ما يرغب الموظفون في الحصول عليه من القادة هو الاحترام. حيث تفوق الاحترام على التقدير، والتواصل بشأن رؤية المؤسسة، وتوفير التقييمات المفيدة، وتفوق أيضاً على فرص التعلم والنمو والتطور.
لدى كل منا رغبة شديدة في الشعور بالتقدير - من قبل القادة والزملاء والمؤسسة التي نعمل فيها. للأسف، يشعر العديد من الموظفين بعدم الاحترام في العمل؛ حيث ادّعى أكثر من نصف الموظفين (54%) أنهم لا يحظون باحترام مستمر من قادتهم. تزيد تلك النسبة بشكل حاد عندما يتضمن السؤال الزملاء والمؤسسة. وهو ما يؤثر على نجاح الموظفين في العمل.
لذا، ماذا تفعل عندما تشعر أنك حبيس ذلك الشعور؟ عليك أن ترفع هامتك. يظهر بحثي أن أفضل استجابة للشعور بعدم الاحترام هو اتخاذ خطوات لتعزيز الشعور بالنمو. في هذه الحالة النفسية يشعر الأفراد بالحيوية والتعلم. ويتولّد لديهم شعور بأنهم نشطين ويتمتعون بالحيوية وبأنهم يتحسنون باستمرار في عملهم.
في دراسات متعددة أجريت في أكثر من اثنتي عشرة مؤسسة عبر مجموعة من المجالات، وجدت أن الأشخاص الذين يشعرون بحالة النمو تلك هم أكثر صحة وأكثر مرونة وقدرة على التركيز على عملهم. لديهم ينبوع شخصي من الحيوية للاعتماد عليه يمنعهم من التشتت أو الإجهاد أو السلبية. في دراسة أجريت على 6 مؤسسات في مختلف القطاعات، أظهر الموظفون الذين يتمتعون بالتحفيز الذاتي نسبة من الإنهاك الشديد أقل بـ 1.2 مرة مقارنة بأقرانهم. وهم كذلك أكثر ثقة بأنفسهم وقدرة على التحكم بالمواقف بنسبة وصلت إلى 52%. وأكثر تركيزاً، بمقدار 1.72 مرة.
كيف يمكنك التركيز على الشعور بالنمو لتحقق النجاح في عملك؟
تحديد مجالات النمو والسعي بنشاط للتطوير في تلك المجالات
لقد قامت الباحثة تيريزا آمابيل وستيفن كرايمر بتوثيق أن الرغبة في التطور هي الدافع الأقوى في مكان العمل، متصدرة بذلك الرغبة في الحصول على التقدير والمال. تابع التعلّم أو طوّر مهارة جديدة. استثمر في نفسك، فسيجعلك هذا أكثر صموداً في مواجهة السلبية في مكان العمل.
اعمل عن قرب مع موجّه. في مقابلاتي، وجدت أيضاً أن العلاقة الوثيقة مع الموجّه ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالنمو. الموجّهون لديهم القدرة على تحدي من يقومون بتدريبهم وتوجيههم لضمان عدم ركودهم أو الوقوع في دوامة عدم الإنتاجية. يمكنهم تحفيزك للوصول إلى المزيد والتركيز على نفسك ومستقبلك.
أدر طاقتك بحكمة
يساعد النوم وممارسة الرياضة والتغذية الجيدة والتحكم في مستوى القلق على درء الآثار الضارة لشعورك بعدم الاحترام. النوم تحديداً هو من أهم تلك العوامل - تظهر الأبحاث أن نقص النوم يزيد من قابليتك للتشتت، ويسلبك التحكم في نفسك، وهو ما يعيق قدرتك على الاستجابة بشكل جيد للشعور بعدم الاحترام. وقد أظهرت الأبحاث أيضاً أن قلة النوم تجعلك تشعر بالتهديد وقلة الثقة وزيادة العدوانية لأضعف الأسباب. وبيّنت الأبحاث أن قلة النوم تزيد من السلوك غير الأخلاقي بين الموظفين. باختصار، يعد الحرمان من النوم (الذي يُعرف عادة بأقل من خمس ساعات في الليلة) سيئاً لدرجة قد تضر بحياتك المهنية.
الشعور بعدم الاحترام يسبب الغضب والخوف والحزن
أولئك الذين يمارسون الرياضة بانتظام هم أقل عرضة للتجهم وأكثر قدرة على العودة للوضع الطبيعي بعد التعاملات السلبية. كلما زاد مقدار ممارستك للرياضة، زادت قدرتك المعرفية وسرعة تخلصك من التفاهات التي تثقل كاهلك. تظهر الأبحاث أن التمرين يخفض أعراض القلق بأكثر من 50%. تعمل التمارين الرياضية على صرف انتباه الناس عن المخاوف، وتقليل توتر العضلات، وتحسين المرونة. في إحدى الدراسات، أثبت التمرين أنه أكثر فاعلية في علاج الاكتئاب من "سيرترالين" (Sertraline)، العلاج الرائد للاكتئاب.
تناول الطعام الصحي يمكنك ببراعة من الاستجابة بشكل جيد للشعور بعدم الاحترام. ما هو رد فعلك للمواقف التي تسبب شعورك بالغضب وأنت جائع؟ قد يترك الغالبية لغضبهم العنان - فهم في تلك الحالة يفتقرون إلى ضبط النفس والاستجابة بصبر. وبالمثل، فإن اليقظة الذهنية - التي هي تركيز وعيك لمعالجة المواقف بشكل أبطأ ومدروس والاستجابة بمزيد من التأمل المسبق - يمكن أن تساعدك في مواجهة الشعور بعدم الاحترام جيداً.
إيجاد المغزى أو الشعور بالهدف في عملك
في إحدى الدراسات، وجدت أنا وفريق من الباحثين الآخرين أن الأفراد الأكثر تحفيزاً لأنفسهم على النمو كانوا أكثر إنتاجية في فرق يغلب عليها الفظاظة - وتعززت قدرتهم على الصمود أكثر عندما شاركوا في عمل اعتبروه ذا مغزى. تعد صياغة العمل، وهي تقنية طورها جاستن بيرغ وجين داتون وإيمي جشنيفسكي، مورداً رائعاً لمساعدتك على استنتاج المغزى في العمل من خلال تشكيل أنشطتك حول دوافعك ونقاط قوتك واهتماماتك. هذه الممارسة تنطوي على تصور وظيفتك، ورسم خرائط عناصرها، وإعادة تنظيم تلك العناصر لتناسبك بشكل أفضل.
اعمل على بناء علاقات إيجابية
فالعلاقات الإيجابية تساعدك داخل وخارج العمل على الازدهار. أظهر البحث الذي أجريته مع أندرو باركر وألكسندرا جيرباسي أن العلاقات "المثبطة" - العلاقات السلبية التي تسبب الشعور بالتوتر - لها تأثير أكبر بأربع إلى سبع مرات على مدى شعور الموظف بالازدهار من تأثير العلاقات الإيجابية. للتخلص من آثار الأشخاص الذين يسحبونك إلى أسفل ويثبطون همتك، تحتاج إلى إحاطة نفسك بمجموعة صغيرة من العلاقات التي تنشط إيجابيتك. وليس من الصعب تحديد هؤلاء؛ هم أولئك الذين يجعلونك تبتسم وتضحك ويرفعون من روحك المعنوية. اقض المزيد من الوقت معهم!
ازدهر خارج المكتب
في الدراسات التي أجريت مع أشخاص حاصلين على ماجستير إدارة الأعمال، ومسؤولين تنفيذيين من الحاصلين على نفس الدرجة العلمية، وموظفين، وجدت علاقة طردية بين الازدهار خارج العمل والازدهار في العمل. يؤدي الازدهار في الأنشطة غير المتعلقة بالعمل إلى مضاعفة الشحن العاطفي للفرد مع غرس الشعور الإيجابي بالنمو والتعلم. في دراسة أجريت على الأشخاص الذين عانوا من عدم الاحترام [اللامبالاة]، أفاد أولئك الذين أبلغوا عن نجاحهم في الأنشطة خارج العمل أنهم بصحة أفضل بنسبة 80%، وبأنهم أكثر ازدهاراً في العمل بنسبة 89%، وأكثر ارتياحاً للتعامل مع اللامبالاة والفظاظة بنسبة 38%. فكر فيما سيجعلك أكثر سعادة خارج المكتب، وابدأ في فعل ذلك.
إذا كنت تعاني من الشعور بالإحباط أو عدم الاحترام، فأنت بحاجة إلى التفكيّر بشكل عميق وحشد الموارد لمواجهة هذا الأمر بأفضل وأقوى ما لديك، وذلك لتحقيق النجاح في عملك. وبالطبع، في الحالات القصوى، قد تفكر في تغيير الوظيفة أو الانتقال إلى مكان آخر. ولكن استثمارك في تطوير نفسك لن يعود عليك إلا بالنفع، حتى إذا قررت المغادرة إلى بيئة أكثر تحفيزاً. في مواجهتك للشعور بعدم الاحترام، تأكد من التركيز على نفسك، وغرس الشعور بالحيوية والنشاط والنمو بداخلك.