صُدم برينت بشدة عندما قرأ عبارة: “لقد قررنا العدول عن رأينا” في بريده الإلكتروني. طأطأ رأسه محاولاً استيعاب الخسارة.

برينت الذي يعمل مسؤولاً تنفيذياً عن العلاقات التجارية في إحدى شركات التكنولوجيا المالية، كان واثقاً من نجاح هذه الصفقة، لدرجة أنه وضعها في جدول توقعاته لاختتام الربع الحالي. حتى إنه خطط كيف سينفق عمولته منها. عندما تأمّل أسباب خسارته للصفقة، أدرك وجود بعض المؤشرات إلى أن العميل لم يكن متفاعلاً على نحو كامل، وسيبرم الصفقة مع شركة أخرى.

يعلم برينت أنه مضطر إلى إخبار مديره، لكنه لم يرغب في عقد اجتماع لتحليل إخفاقه. وأمِل بإبرام صفقة أخرى قبل الاجتماع وتجنب ذلك الموقف المحرج.

عندما يخفق موظفو المبيعات في إبرام صفقة، يفضّل معظمهم المضي قُدماً بدلاً من الوقوف على تفاصيل الإخفاق. وبالمثل، يسارع معظمهم إلى الاحتفال عند النجاح في إبرامها. لكن قلة قليلة منهم تأخذ الوقت الكافي لتقييم أسباب نجاحها بالعمل.

وجدنا من خلال خبرتنا في قيادة فرق المبيعات وتدريبها أدلة على أن العرض الاسترجاعي الدقيق والسريع للمبيعات، الذي يُحلل أسباب النجاح والإخفاق، يمكن أن يحسِّن معدل نجاح الفريق في المستقبل بدرجة كبيرة. ويقدم تحليل النجاحات والإخفاقات أفكاراً مهمة لفِرق المنتج والتسويق والماليات، بالإضافة إلى فوائد كبيرة يحصل عليها فريق المبيعات، مثل تحديد أفضل طرق التواصل والسلوكيات لاستخدامها مستقبلاً.

تتمثل مهمة القادة وفرق المبيعات في التعمّق بالتحليل بما يتجاوز التحليل التنافسي التقليدي المرتكز على الأسعار والميزات، كشف العوامل الدقيقة التي أسهمت في قرار الشراء لدى العميل. تُرعب فكرة المراجعة الدقيقة للعمليات السابقة موظفي المبيعات، وبخاصة في حالة الخسارة المؤلمة، لكن تخصيص أقل من 10 دقائق على عرض استرجاعي يحقق فوائد جمّة.

فيما يلي 3 أسئلة يمكن للمؤسسات والأفراد استخدامها في العرض الاسترجاعي للمبيعات. وتصلح هذه الأسئلة سواء أنجح الفريق في إبرام الصفقة أم أخفق. وهي مصممة لمساعدة الفريق على فهم العوامل الحقيقية التي تدفع العملاء إلى اتخاذ قرارات الشراء.

كيف سيعبّر العميل عن قيمة اختياره؟

بوسع القادة طرح الأسئلة على الفريق بعد النجاح في إبرام الصفقة أو الإخفاق فيها. تبدأ العملية بتحدي الفريق لمعرفة الإجابة بنفسه. وعلى القادة التركيز على طريقة تعبير العملاء عن تأثير تنفيذ الحل الذي اختاروه، سواء كان الحل الذي قدمته أو قدمه أحد منافسيك. على سبيل المثال، قد يمتد تأثير الحل إلى أقسام تتجاوز أقسام المستخدمين المباشرين لدى العميل التي تتحدث إليها فرق المبيعات تقليدياً، أو قد يساعد العميل على تحقيق أولويات داخلية إضافية. بوسع الفريق فهم تأثيره الواسع عبر النظر إلى ما أبعد من المستخدمين المباشرين للمنتج.

في حال أخفقت في إبرام الصفقة، فسيساعدك التدقيق بتلك الطريقة على صياغة موقفك على نحو يحفز العميل لإبرام صفقة معك في المرة القادمة. وفي حال نجحت في إبرامها، فستساعدك هذه المعلومات على اتخاذ إجراءات لضمان تنفيذ عالي القيمة من منظور العميل.

في شركة التكنولوجيا المالية المذكورة أعلاه، كشف عرض المبيعات الاسترجاعي إعطاء العميل قيمة عالية لبعض ميزات المنتج، التي اعتبرها ضرورية لفرق أخرى في شركته. واعتقد العميل أن عرض المنافس كان أقوى من تلك الناحية. دفع الخوض في التفاصيل خلال العرض الاسترجاعي فريق المنتج في شركة برينت إلى إجراء بعض التعديلات الطفيفة التي جعلتهم على قدم المساواة مع المنافس. حصل فريق التسويق أيضاً على معلومات حول تعديل موادهم الإعلانية لإبراز التغييرات.

يساعد تحليل الإخفاق على تحديد الفرص. ولكن ثمة فوائد أيضاً لتحليل النجاح. يؤدي سؤال فريق المبيعات عن كيف يمكن للعميل التعبير عن قيمة الحل الخاص بك إلى تحقيق نجاح مشترك للفريق بأكمله. في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، يسهم تسليط الضوء على المكاسب بدلاً من حصر التركيز على الخسائر، في تذكير فريق المبيعات لديك بأن العملاء يجدون حلك ذا قيمة وأن مستوى المبيعات جيد.

من كان له التأثير الأكبر داخل الفريق وخارجه؟

في كثير من الأحيان، لا يُكشف عن صناع القرار الرئيسيين والمؤثرين والخبراء إلا بعد اتخاذ العميل القرار بشأن الصفقة. معرفة دور هؤلاء الأشخاص في الصفقة المبرمة تجهزك لتنفيذها. ومعرفة مسبّبي الإخفاق في إبرام الصفقة يساعد فريق المبيعات على التعامل معهم في وقت مبكر من عمليات البيع المستقبلية.

يسهم تحليل الإخفاق الشامل المرتكز على التفكير في الأطراف الفاعلة وقيمة المنتج لدى العميل في مساعدة فريق المبيعات على تجاوز حسرة رفض الصفقة. من الجدير بالذكر أن الجو المليء بالعار واللوم لا يُنتِج أفكاراً عظيمة، ويجب التركيز على ما يمكن فعله على نحو مختلف في المرة القادمة.

عندما نظرت شركة التكنولوجيا المالية من كثب إلى صنّاع القرار، كان من الواضح أن الرئيس التنفيذي للمعلومات قد اتخذ القرار النهائي. على الرغم من أن معظم مكالمات المبيعات أُجريت مع مجموعة المستخدمين، حدد الرئيس التنفيذي للمعلومات لدى العميل الميزات الضرورية التي تسببت في فشل الفريق في إبرام الصفقة. شجعت معرفة ذلك فريق تمكين المبيعات على تصميم تدريب إضافي لمساعدة فريق المبيعات على أن يصبح أكثر مهارة في التواصل مع الرؤساء التنفيذيين للمعلومات لدى العملاء. كما طور فريق التسويق مجموعة جديدة تعرض كيف تعاملت عروضهم مع التحديات النموذجية للرؤساء التنفيذيين للمعلومات، وطور فريق التمويل نماذج لعرض تأثيرهم الإيجابي الصافي بمرور الوقت.

ما العوامل الرئيسية الحاسمة في قرار العميل، ما عدا عامل السعر؟

من السهل إلقاء اللوم على الأسعار عندما يخفق فريق في إبرام صفقة. مطالبة الفريق بالتفكير في أسباب اتخاذ العميل للقرارات بعيداً عن السعر سيسمح لهم بالتفكير في القيمة الكاملة للحل. كما سيسمح لهم بإلقاء نظرة أوسع على كيفية مقارنة عروضهم في الساحة الشديدة التنافس. عندما تفشل في إبرام صفقة، سيساعد هذا الطلب فريقك على الارتقاء بمهاراتهم لتكون أكثر انسجاماً مع الفروق الدقيقة في المستقبل. وعندما تنجح في إبرامها، فإن تحليل سبب فوزك بما يتجاوز التسعير يعزز ثقة الفريق، ما يساعدك على الاحتفاظ بهامش الربح في المستقبل.

من المفيد أيضاً أن تسأل المشترين أنفسهم عن العوامل الأخرى التي أسهمت في اتخاذ القرار. قد لا يكونون على دراية بالأشياء الدقيقة التي دفعت تفكيرهم حتى يُطلب منهم تحليلها.

بعد الخسارة، عاد فريق شركة التكنولوجيا المالية إلى عملائهم ليسألوا عن سبب اختيارهم للمنافس، ما سمح للفريق بالحصول على معلومات أكثر تفصيلاً حول الاختلافات الملحوظة في المنتج. شكّل الحفاظ على حياد المحادثة دون محاولة إعادة ترويج عملية البيع بيئة كان العميل على استعداد للمشاركة فيها. ما تزال الخسارة مؤلمة، لكن الرؤى العميقة التي اكتسبوها من العميل مباشرة ساعدت الفريق على تعديل عروضهم والمضي قدماً.

بينما تبدو فوائد العرض الاسترجاعي لعملية البيع واضحة، يكمن التحدي في تحديد متى ينبغي استخدامها. قد تحظى المؤسسات بمئات أو آلاف الصفقات في الربع الواحد، وليس كل صفقة تستدعي التأمل والتقييم الذاتي. تميل المؤسسات إلى قصر العرض الاسترجاعي على الصفقات الكبيرة التي لم تتم في نهاية الربع. بحسب خبرتنا، تشتد الحماسة لإجراء العرض الاسترجاعي في ذلك الوقت، لكن فائدته تكون منخفضة.

نرى أنه من المفيد لقادة المبيعات أن يكون لديهم عرض استرجاعي واحد على الأقل مع كل مسؤول تنفيذي عن العلاقات التجارية في الربع الواحد. يمكّن ذلك الفريق من جمع معلومات مهمة لأقسام عدة في الشركة. والأهم من ذلك، من شأن هذا النهج أن يدرب فريق المبيعات على التفكير في أسباب النجاح أو الإخفاق فعلياً على نحو مستقل عن العرض الاسترجاعي.

وبغضّ النظر عن الصفقات التي يختارها القائد لمناقشتها، فإن الانتقال من عدم إجراء عرض استرجاعي إلى عدد قليل سيكون إنجازاً كبيراً ويقدم رؤى قد تغير استراتيجية دخول السوق. تمكنت شركة التكنولوجيا المالية من تعديل عروضها، وتحسين مهارات فريق المبيعات لديها، وخلق حضور أقوى مع مجموعة رئيسية من المشترين، وذلك من خلال إجراء عروض استرجاعية أعمق للمبيعات.

بالنسبة إلى معظم القادة، سيستغرق الأمر وقتاً لإحداث تأثير مشابه لما أُحدث في دراسة الحالة التي ذكرناها، ولكن مع مرور الزمن، سيشعر المسؤولون التنفيذيون عن العلاقات التجارية بأن صوتهم مسموع، وستكون المبيعات أكثر فعالية، وستكون فرق دخول السوق قادرة على دعم المبيعات على نحو أفضل. سيمكّن ذلك القادة من تحويل الخسائر الصغيرة إلى مكاسب كبيرة في النهاية المطاف.